|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 10/3/ 2013                                   مسلم السرداح                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المرأة بين مطرقة العشائرية وسندان الدين

مسلم السرداح
 

المرأة نصف المجتمع والمرأة هي النصف الجميل في المجتمع والمرأة هي الام والاخت والزوجة والبنت وغير ذلك من الجمل المكرورة التي بتنا لا نميز بين من يقولها هل هو رجل علماني ، يساري تقدمي ام انه من بقايا الافكار القديمة من السلفيين الذين يتخذون من اسوأ ما في التاريخ العربي من تقاليد وحكايات لتحجيم دور المرأة واهانتها ، والكل في ذلك سواسية كلاميا . والادهى من ذلك ان كلا الطرفين التقدمي والرجعي يعطي الاطروحات التي تبين صحة افكاره . وانا بالنسبة لي ولاني من الضفة الاولى وبنيتُ عقلي على الافكار اليسارية التي كنا نسميها الافكار التقدمية فانا سأناقش الجانب الاخر الذي كنا نعتبره – ولا ازال – الطرف الرجعي الذي كنا نكرهه ولا ازال من طريقة الهندام . جبة من القماش السميك وحجابا وكفوفا تمنع الاتصال الجسدي اثناء المصافحة . والبنات انذاك لا يصافحن الاّ من ينتمي لنفس افكارهن الرجعية ولا يسلمن علينا اصلا ، يبدو انهن كن يكن جانب الشك والريبة – ولا اقول الكراهية تجاهنا – كن يبدون سمينات مترهلات وغير ودودات ويشبهن الرجال في تصرفاتهن الخشنة وشواربهن الغليضة – التي يبدو انهن يتعمدن عدم حلاقتها للحصول على مزيد من الثواب من ربهن تجاه القبح الذي يحملنه – كان ذلك ايام الجامعة عندما كان المجتمع قد اعتاد لباس الهيبيز والبنات – كانوا يسمونهن اناثا مفردها انثى ، ونسميهن نساء ومفردها امرأة – كن يلبسن ملابس الميني جوب القصيرة وكانوا يشتركون مع النظام البعثي بمكافحة كل ما هو جديد من الازياء والافكار . المشكلة ليست في هذا فالملابس رغبة واختلافها لا يفسد للود قضية . ولكن هذا الطرف يدعي ايضا انه من انصار تحرر المرأة وانهم يدّعون ان افكارهم تحررية تجاه المرأة اكثر حتى من الاوربيين . وهذه المسألة محيرة حقا فهم سيجبرونك على التصديق بنواياهم اذا كنت ساذجا بمجموعة من الايات القرآنية والاحاديث النبوية او السكوت منصاعا حين لا تصدق كلامهم ولا تؤمن بنواياهم التي تحاربها – اتذكر مرات ومرات حين يحتدم النقاش حول مسألة وجود الجن باعتبار اننا كنا طلاب فيزياء والفيزياء تؤمن بالملموس ولا تؤمن بالغيبيات كانوا يقطعون النزاع كما قطع الاسكندر عقدة الحبل بدلا من حلها ، والحكاية المعروفة التي باتت مثلا "عقدة الاسكندر" اقول يقطعونها بقولهم ان ذكر الجن جاء في القر{ن وتحار عند ذلك ماذا تقول لهم . وتسكت على مضض لا قناعة بل خوفا وتقيّة، على رأيهم .

حين ينبري الرجل يدافع عن المرأة وتقول له المرأة بلسانها مدعية الثقافة انها انما تلبس ملابس القرآن وتنزوي في عزلتها لتقول لك انها تتصرف تصرف السنة النبوية فماذا سيكون موقفك ؟ وهل ستكون ملكيا اكثر من الملك نفسه ؟

انا هنا اتكلم عن العراق – البلد الاكثر محنة – اعرف كثيرات لبسن البرقع بعد الزواج بضغط من ازواجهن . ان الزواج في العراق صار مشكلة معقدة من مشاكل المجتمع . فالمرأة تخشى ان يفوتها قطار الزواج وهي فتاة صغيرة وان تزوجت تخاف الطلاق وتوسم بوسم اللاشرعية وتسمى " مطلّقة " ولذلك يختلط حابل الاجبار بنابل الاختيار . ولقد رأيت خريجات كليات يتزوجن عاطلين عن العمل خوفا من العنوسة لتبدأ بعدها رحلة حياة شاقة تبدأ من لحظة الزواج الاولى ان لم نقل منذ الولادة والمحافظة على غشاء العذرية الذي يعتبر عندنا مثل سور الصين العظيم الذي لا يخترقه الا المغول وذلك ليلة الزواج امام الزوج الغازي الفارس .

ان مشكلة المرأة معقدة وذات شقين الشق الاول يتعلق بالرجل والشق الثاني يتعلق بالمرأة المرأة . بالنسبة للشق الاول كانت الماركسية قد اكدته منذ تأسيسها على انه مرهون اقتصاديا على اعتبار ان المرأة لن تتحرر اجتماعيا ما لم تتحرر اقتصاديا ولكني اراها في العراق اعقد من ذلك بكثير ، فكثير من الرجال عاطلين عن العمل والنساء هن من يقمن باعالتهم واعالة افراد الاسرة وكثير من هؤلاء الرجال متزوجون باكثر من واحدة او اكثر من ذلك حسب الشريعة الاسلامية ّ!!! والمرأة هي المرأة والاضطهاد هو الاضطهاد .

ان مشكلة المرأة مرتبطة بطبيعة المجتمع العشائري الذي يأخذ من الدين وسيلة له لفرض افكاره . ان العشائرية مخيفة اكثر من الدين . انها تقولب الدين بحسب طبيعتها المتخلفة عن ركب الحياة . وحين يقوم رجل الدين بتفسير القرآن والاحاديث النبوية وما يسمونه بفقه اهل البيت تفسيرا ينطلق من الانتماء العشائري والبيئة الداخلية للمفسر عند ذلك يكون الانتصار الحتمي والمؤكد للعشائرية المتزمتة كانتصار ابن تيمية صاحب مبدأ الكراهية على الشيخ ابن عربي علما بان كلاهما قد فسر القرآن نفسه .

ان نظرة رجال الدين والعشائريين كلاهما للمرأة تنطلق من كون المرأة كائن ضعيف العقل والجسد وعاطفي وانها لا تستطيع اخذ زمام امورها الا بقيادة الرجل لان الرجال قوامون على النساء . ولهذا انقض رجال الدين في العراق على قانون الاحوال الشخصية اول حكمهم للعراق .

هذا الواقع المخيف للمرأة هو مايحصل الان في العراق تحت سلطة ما يسمونه بالايادي المتوضئة والحديث يطول .
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter