|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 4  / 10 / 2012                                منعم الفقير                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مختارات شعرية جديدة
للشاعر منعم الفقير

منعم الفقير
(موقع الناس) 


الشاعرة نينا مالينوفسكي: البعض يختارون الشعر ليكونوا شعراء، لكن الشعر أختار منعم الفقير ليكون شاعراً.

النظر إلى الماء
مختارات شعرية جديدة
للشاعر منعم الفقير

دار الفضاء الحر، الجزائر 2012

عن دار النشر الجزائرية الفضاء الحر التي تشرف عليها الشاعرة زينب الأعوج صدرت مختارات شعرية جديدة للشاعر منعم الفقير بعنوان: "النظر إلى الماء". وتضم منتخبات من شعره على مر مراحل مختلفة.

اختيرت القصائد من المجموعات الشعرية التالية: "بعيداً عنهم 1983، المختلف 1986، كتاب أسئلة العقل 1990، أثر على ماء،ء 1991، لا جسد في الثوب 1995، حواس خاسرة 1996، كتاب الرؤيا 1997، معاً 1998، نادراً 2000، و "أنا الذي رآكِ فكان". بالإضافة إلى قصائد جديدة، خص بها الشاعر منعم الفقير الإصدار الجديد.

وقد كتبت عن النظر إلى الماء الشاعرة الدنماركية نينا مالينوفسكي نقيب فناني الدراما في الدنمارك :

(البعض يختارون الشعر ليكونوا شعراء، لكن الشعر أختار منعم الفقير ليكون شاعره.)

أنا نجمة ضالة

آوتها الأرض

وألقت

عليها الأسمال

أنا

من أنا

أنا

أثر على ماء

بهذه البساطة والدقة يقدم منعم الفقير عراقي الأصل ودانماركي الجنسية بداية مساره الشعري، وتكاد أن تكون هذه الصفة المميزة هي الغالبة على كل إبداعه. وإبداعه الشعري له أهمية كبيرة بالنسبة للتطور الأدبي في الدنمارك، فمنذ التسعينات وحتى يومنا هذا، فهو شاعر يستطيع أن يتحدّث إلى أولئك المقيمين في الدنمارك عن العالم الكبير، ويروي لهم عن المهاجر والمنافي، يتحدث عن الحنين، عن الفقدان وعن الشعور بالإقامة في الذات وفي العالم في آن واحد.

مثلما

لا ينفصل

الضوء

عن النار

لن أنفصل

عن العالم

ولد الشاعر منعم الفقير في العراق، غير انه اضطر إلى مغادرة وطنه في سن مبكرة، بسبب اضطهاد الأنظمة الحاكمة وقمعها للذين لديهم آراء مناوئة لها.

انتقل إلى الدانمارك في العام 1986 بعد إقامة قصيرة في المغرب وأطول منها قليلاً في لبنان وفي سورية.

ومن ثم هنا في الدانمارك، حيث ثابر بإخلاص في عمله الإبداعي في كتابة الشعر، الدراما والنثر. بالإضافة إلى ذلك قدم عملاً مهماً و بنكران ذات عبر تجمع السنونو الثقافي، من خلال تنظيم فعاليات للتبادل الثقافي بين الدنمارك والعالم العربي وتعزيز أواصر التفاهم بين عالمين.

ليس لي

إلاّ أنا

يقول هذا الشاعر الذي اضطر لترك وطنه، "جسدي بيتي". قلة من الشعراء الدانماركيين الذين استطاعوا التعبير عن الحزن والحنين عند مغادرة بلد، أسرة أو ثقافة وكذلك يصعب عليهم التعبير عن الإحساس بالغربة في بلد جديد. ومن هذا المنطلق كانت قصائد منعم الفقير مهمة بالنسبة للقادمين الجدد إلى الدنمارك وللذين اختاروا الدنمارك كوطن جديد لسبب ما. في منظور شاعر كمنعم الفقير تكون الغربة هكذا:

العين وطن الدمعة

الدمعة

التي تغادر العين

لا تعود أبداً

يعيش منعم الفقير في العالم ويتعلق به، كما يتعلق المولود الجديد بصدر أمه. لكن إدراك الصوفي الزاهد موجود في ذات الوقت: لا نور ولا ظلمة دوني، وفي هذا التناقض يحضر شعر منعم الفقير بقوته وبإلهامه.

أنا

ضرورة

مؤسفة

أنا المستولي

أنا الخاسر

يتضح، كما لو أن التناقض ساحة للعب المتضادات المفاجئة، هذا هو الجوهر في شعر منعم الفقير، كما القلق وعدم الاستقرار، وهذه محاور أساسية يعود إليها. يقول الشاعر: أنا والقلق من معدن واحد.  في مناخ دوي التناقض والتأمل يقوم تميّز شعره.

قلت لي:

الصحيح منْ يقدر

على تصحيح نفسه

ثم اعتذرت قائلاً

منْ صحح نفسه فقدها

ان تكون إنساناً هذا ليس خياراً بل قدراً. ولكن كينونة الإنسان تفرض خيارات عديدة. أن تختار أن تكون شاعراً ربما يكون ذلك أحد الخيارات، هذا إن كان بمقدور المرء أن يختار أن يكون شاعراً، وبالأحرى إن لم يختر الشعر شاعره. أما أن تكون أنت الآخر فهذا خيار آخر يتعذر على الآخرين.

أنا إنسان دائم

منعم الفقير لم يختر أن يكون شاعراً، لكن ظروف الحياة اختارت له أن يكون شاعراً. اختار مبكراً أن يكون إنسانياً، خيار كهذا انعكس بالفائدة على المحيطين به، من أصدقائه وأسرته والمجتمع المحظوظ بوجوده كفرد فيه. يقول الفقير لأبيه في قصيدة تدور حول حزن الابن البعيد والمنفي.

يا أبي

كم شمعة أطفأت

وكم شمعة لم تطفئ

أي ضوء خان وجهك

فأسلمك إلى العتمة الأبدية

أنا أبنك المشرد

ورثت عنك

بشرتك الصفراء

آمالك المغدورة


أنا الحاضر

وسط

من غابوا

بالرغم من الجوانب المظلمة في الحياة التي عاشها منعم الفقير كإنسان وكشاعر لكنه لم ينس الفرح كشريك وجودي في الحياة هذه. الفرح والحزن يعيشان معا، ولا وجود لأي منهما دون الآخر.

يا فرحي

مهما

بعدت أو دونت

لن أنساك أبداً

من أجلك فقط

حزنت

كل هذا الحزن

 

هل

أكسو الشجرة المقابلة

بقميصك البنفسجي

ثم أصرخ:

ارفعيه

لأرى سرتك الجميلة

 

 

- نينا مالينوسكي شاعرة وكاتبة دراما وهي تشغل الآن منصب نقيب فناني الدراما في الدانمارك   

- القصائد الواردة أخذت من مجموعتي "كتاب أسئلة العقل" كوبنهاجن 1990، أثر على ماء  كوبنهاجن 1991. صدرتا عن دار النشر الدانماركية: بوليتسك ريفي. 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter