| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الخميس 29/12/ 2011                                                                                                   

 

"العراقية" و ورقة التشهير الإعلامي
(2/3)

مصطفى الأدهم *

ستتناول هذه القراءة الثلاثية موضوعا مهما وحساسا وهو ملف "التشهير الاعلامي" من زاوية أتهام ائتلاف "العراقية" لخصومه في السياسة بممارسته ضده. وهو الإتهام الذي تكرر في أكثر من مرة ومناسبة على لسان زعيم "العراقية" الدكتور اياد علاوي، وقيادات قائمته ومن ينطق بأسمها، وليس اخرهم طارق الهاشمي.
الحلقة الأولى؛ ستتناول ادعاء "العراقية" وقاداتها ب "لا دستورية" عرض الإتهامات عبر وسائل الاعلام. والحلقة الثانية؛ ستتناول المقالة / الرسالة لقادة العراقية (علاوي. النجيفي. العيساوي) والمنشورة بتاريخ (27.12.2011) في صحيفة "النيو يورك تايمز" الأمريكية. أما الحلقة الثالثة؛ فستعيد أحياء حادثة مهمة حدثت في عهد حكومة الدكتور علاوي، كمثال مع سؤال تختتم به هذه الثلاثية.

الحلقة الثانية .. من يمارس التشهير الإعلامي ؟

هذه الحلقة ستناول المقالة / الرسالة التي نشرت في صحيفة "النيو يورك تايمز" الأمريكية في زاوية الرأي، بتاريخ (27.12.2011) المعنونة ب "كيف ننقذ العراق من الحرب الأهلية" والموقعة بأسماء اياد علاوي رئيس ائتلاف "العراقية"، واسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب، ورافع العيساوي، وزير المالية. كما هو معلوم ثلاثتهم من قيادات "العراقية".
أن هذه المقالة؛ هي أقرب إلى شكل الرسالة منها الى المقال. قد أعيد نشرها بالعربية في أكثر من موقع عراقي وبعدها عربي.
لا يخفى، أن الرسالة من قادة "العراقية" مرسلة إلى الإدارة الأمريكية وعلى رأسها رئيسها، باراك اوباما، ومن ثم طاقمه من نائبه، المكلف بالملف العراقي، جوزيف بايدن، مرورا بهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، وبانيتا، وزير الدفاع، والجنرال ديفيد بيترايوس، رئيس وكالة الإستخبارات (CIA)، القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق. هذا على مستوى القمة. لكن، لا يمكن اغفال أن الغرض من هذه الرسالة أيضا هو ايصال محتواها إلى دوائر التأثير على مطبخ صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، منها على سبيل المثال "الكونغرس"؛ بما يمثله من أعضاء يختلفون مع اوباما في سياسته؛ الإنسحاب من العراق والإلتزام بالإتفاقية معه، وهم على الأعم من خصومه في الحزب "الجمهوري"، الذين دخلوا باكرا حفلة المزايدات حول موضوع الإنسحاب الأمريكي من العراق، بأدخاله في خانة "الخطأ الإستراتيجي ضد أمن ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة". كما سوف تستفاد بعض المراكز البحثية المتحزبة والمؤدلجة (اليمين المتطرف) في واشنطن من الإستعارة من هذه المقالة / الرسالة في تقييمها للوضع العراقي والإنسحاب الأمريكي منه. أنظر إلى السطر الأول من الرسالة:
"حافظ الرئيس اوباما على وعده أثناء الحملة الإنتخابية بإنهاء الحرب هنا، ولكنها انتهت بطريقة لم يكن أحد في واشنطن يرغب بها"
هنا نلاحظ القصد واضحا في التحريض على قرار اوباما عبر الجزم بأن "أحدا في واشنطن لم يرغب بطريقة هذا الإنسحاب"! - السؤال هو من هو / هم هذا الأحد؟
الجواب، خصوم اوباما ومعارضوه من الداخل "الديمقراطي" و الخارج "الجمهوري".
لذلك، فأن القاريء يرى وضوح الإستجداء في الرسالة، دونما خجل من ابرازه. والتشديد على أستجلاب التدخل الأمريكي بشكل رسمي وحازم عبر مطالبة واشنطن ابداء الرأي الصريح في الكيفية التي تراها مناسبة لنظام الحكم وشكل الحكومة التي يجب على العراق الإلتزام بها ! - الأمر الذي يشكل مفارقة من قائمة وساسة لطالما تنطعوا بمعاداة "الإحتلال" الأمريكي وغنوا "يا كاع ترابج كافوري" ! - متهمين خصومهم في العملية السياسية والجغرافية الطائفية بأنهم "عملاء الأحتلال" !

 بشكل عام يمكن تلخيص رسالة قيادات "العراقية" بالتالي:
• استجداء التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي العراقي، بشكل واضح ومباشر، لا يحتاج إلى تحليل ولا يمكن أنكاره. لأنه جاء بأوضح العبارات.
• محاولة تثبت مسؤولية أدارة العراق كدولة على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية. بتصوير أنها مسؤولة عنه وعن أمنه وانها فشلت في هدفها، عليه، يتوجب تصحيح الخطأ.
• أدخال العراق ضمن صلاحيات عمل الإدارة الأمريكية "الراعية". فتقول الأخيرة تصورها وعلى الأول السمع والطاعة.
• التحريض على القوات المسلحة العراقية من الجيش والقوى الأمنية بعدم تجهيزها وتسليحها امريكيا وان لم يكن ببلاش بل من فلوس العراق. وهو ما يجعلها فريسة للإرهاب وبعدها، تنوح "العراقية" على الخلل الأمني وضعف الأجهزة الأمنية وعدم تسليحها !
• اهانة القضاء العراقي كسلطة مستقلة. وتقزيمه وجعله تابع لمكتب رئيس الوزراء. مع عدم اغفال لازمة "عدم حياده واستقلاله وتسيسه".
• تشويه الواقع من خلال الإغفال المتعمد لعدم ذكر خلفية قضية الهاشمي وقضية المطلك والعيساوي.
• التهديد المباشر بتحويل الخلاف السياسي والمسائل القضائية إلى حرب أهلية. وهو تهدد دأبت عليه العراقية في كل مرة تنكسر فيها لها جرة !
• الإشادة بشجاعة الجنود الأمريكيان - الذين لطالما أسمتهم "العراقية" والناطقين بأسمها بأنهم جنود المحتل الواجب مقاومتهم! وانها تتفهم المقاومة "الشريفة" التي تقاتل جنود المحتل! فما الذي استجد على قاموس "العراقية" الكلامي؟

المحصلة هي، أن رسالة قادة "العراقية" هي فضيحة بجلاجل بحق القائمة وقادتها، لأنها اسقطت ورقة التوت عن عورة استجدائهم التدخل الأمريكية الرسمي والمباشر في الشؤون الداخلية العراقية، بشكل صريح و واضح ينتهك السيادة العراقية، وكأن العراق معسكر أمريكي خاضع لسلطات أدارتها ويقع ضمن نطاق مسؤولياتها.
كما لا يخفى، مدى التشهير الذي مارسه كتاب الرسالة بحق العراق كوطن لهم، وكبلد، وبالعملية السياسية، والتسقيط بحق القضاء ودور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، الأمر الذي لم يوفر خصومهم في السياسة.
أن رسم صورة للعراق أسوء من واقع بلدان "الربيع العربي" وهي تعاني ما تعانيه رغم مساعدة العالم لها ودعم "الأشقاء العرب" لهم بلا مفخخات ولا "مجاهدين" له غلو مقزز في قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة".

كان الأولى بقائمة تدعي ممارسة التشهر الاعلامي بحقها من قبل خصومها أن لا تنحدر هي في عمق مستنقع "التشهير الإعلامي" ضد بلدها، وسيادته، وقواته المسلحة وأجهزته الأمنية، وقضائه، بالإضافة إلى خصومها في السياسة.
أن تكون المعركة السياسية والإعلامية في بغداد أو حتى في أي جزء من أرض العراق لا يقارن مع نقلها من طرف واحد إلى التدويل ومحاولة ادخلها أروقة "البيت الأبيض" واستجداء التدخل الأجنبي واستجلاب نفوذه في وقت رحل أخر جنوده عن أرض الوطن!
• أنه التماهي مع رعاة "العراقية" في الإقليم، الذين كفروا أهل العراق بحجة مقاومة الإحتلال وها هم يقبلون أحذية الجندي الأمريكي الخارج من العراق بأردة أهله كي يدخل لهم فاتحا. في مفارقة طائفية لا تجيد رسمها ألا ريشة القرضاوي المذهبية.

لا يفوت هنا الإشارة إلى كلمة رئيس "العراقية" قبل أشهر والتي تناول فيها خصومه في السياسة (رئيس الوزراء وتحالفه وحزبه) بأبشع الأوصاف واقذع الألفاظ هابطا بمستوى لغة الإختلاف السياسي إلى دركها الأسفل، وهو ما انتقد عليه حتى من قبل حلفائه. يضاف عليها ما صرح به رفيقه صالح المطلك لل (سي أن أن) عن "دكتاتورية رئيسه الهدامة الأسوء في التاريخ العراقي من ديكتاتورية صدام "الإنسانية" البناءة"!! وما سبقها وما لحقها من تصريحات ومؤتمرات وبيانات كلها تناولت الشريك / السياسي بأشبع الأوصاف.

أ فلا يعد هذا تشهيرا اعلاميا منظما بحق الشركاء / الخصوم ؟
ولماذا تطالب العراقية خصومها بعدم ممارسة ما تمارسه هي بحقهم بكل الوسائل المتاحة داخليا، اقليميا ودوليا ؟ - مع الأخذ بعين الإعتبار أن حلقة الأمس اثبتت أن لا صحة لإدعاء "العراقية" بأن "التشهير الإعلامي مورس ضدها في قضية الهاشمي". للإستزادة راجع الحلقة الأولى.

في الختام نطرح السؤال التالي :
من الذي يمارس التشهير الإعلامي المنظم بحق العراق كدولة، وبحق سيادة العراق، ودستوره، والعملية السياسية، واستقلالية القضاء، ودور الجيش والقوى الأمنية ولا يوفر خصومه في السياسة ؟

الجواب متروك لكم ..

ملاحظة على الطريق:
• نشرت جريدة "الشرق الأوسط" السعودية مقالة (علاوي. النجيفي. العيساوي) مترجمة إلى العربية، نقلا عن جريدة "النيو يورك تايمز" الأمريكية. نشرتها في زاوية المقالات. واعادت نشرها بصيغة مختلفة كخبر "مبهر" في زاوية الأخبار، مسلطة الضوء على "ابعادها" بطريقة ايجابية دفاعية منحازة كالعادة.
لكن، السؤال هو ما لو أن حزب الدعوة أو المجلس الأعلى أو التيار الصدري كان قد نشر أحد قادته مقالة بهذا الشكل وهذه الصراحة وهذا الإستجداء وهذا الإرتماء في الاحضان الأجنبية.
كيف كانت "الشرق الأوسط" واخواتها في الطائفية سيغطون الخبر وكيف سينقلونه للقاريء ؟ - أليس بأبشع صورة طائفية ممكنة تظهر "عمالة الروافض الصفوية للمحتل الأمريكي وتثبت أنهم أحفاد أبن العلقمي".
سؤال بريء أترك اجابته لذكائكم..

غدا الحلقة الثالثة والأخيرة.


29.12.2011

• المقالة / الرسالة ل (علاوي. النجيفي. العيساوي) مترجمة ومنشورة في جريدة "الشرق الأوسط" السعودية:
http://aawsat.com/leader.asp?section=3&article=656551&issueno=12084

• أعادة نشر المقال بصيغة خبر "مبهر" في نفس الجريدة:
http://aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12084&article=656518&feature =

 

"العراقية" و ورقة التشهير الإعلامي (1/3)

 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter