| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الثلاثاء 15/3/ 2011                                                                                                   

 

ما حذرنا منه حصل .. السعودية تغزو شعب البحرين.

مصطفى الأدهم *

كنا قد حذرنا في مقالنا السابق الموسوم (البحرين والتخريب السعودي) والمنشور بتاريخ 11.03.2011, من مضمون ما جاء في مقال رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة في لندن والمعنون (يا خسارة .. ولكن الحذر!) وقلنا ما نصه :
"وبما إن رئيس تحرير "الشرق الأوسط" لا ينطق عن بنات أفكاره، بل إنه ينسخ ما يطلب منه، فهو عبد مأمور، ومضمون سطوره صدر من الرياض وليس من لندن، أذن هي رسالة لمن يهمه ويعنيه الأمر مفادها إن كل الإحتمالات ما زالت على الطاولة."
واستلهينا المقال السابق بالقول "تخوض السعودية معركة شرسة بالشراكة مع أو حتى بالنيابة عن النظام الحاكم في البحرين رغما عن أرادة غالبية شعبها. وهذه المعركة الجديدة القديمة اكتسبت أبعادا جديدة هذه المرة، فتحولت من المستور إلى المفضوح، ومن تحت الطاولة إلى ما فوقها، وتزامن هذا التحول مع الإنتفاضة الشعبية الأخيرة والمستمرة للبحارنة ضد نظام التمييز الطائفي الحاكم.".

واضفنا "واتخذ الهجوم السعودي ضد شعب البحرين وانتفاضته الشعبية ذات الأهداف الوطنية التي تدعمها كل الشرائع  السماوية والإنسانية، اتخذ أشكالا متعددة لكنها كانت متوازية ومكملة لبعضها البعض، فمن التعتيم الإعلامي المقصود، إلى التشويه الإعلامي المفضوح، إلى السلاح الذي تجيد السعودية استخدامه وهو التكفير، حيث خرج شيوخ الوهابية بفتوى التكفير ضد المنتفضين سلميا في البحرين، إلى التلويح بالدعم الأمني والتدخل العسكري، إلى الجهوزية الأمنية والعسكرية ثم إلى التدخل الفعلي عبر ارسال قوات إلى المنامة".

 كتبنا هذا يوم الجمعة الماضية وقلنا بشكل واضح إن السعودية وصلت إلى مرحلة ارسال القوات العسكرية إلى البحرين، وكان هذا استقراء سليم لتسلسل الأحداث حيث كانت الصورة لدى كاتب السطور واضحة ومكتملة ما أدى إلى إن يكون مضمون المقال سابقا للحدث، الذي جرى يوم أمس الأثنين المصادف 14/3/ 2011  والمتمثل بدخول القوات السعودية العسكرية غازية لشعب البحرين على رأس القوة المسماة "درع الجزيرة" "تلبية" لدعوة نظام التمييز الطائفي في البحرين في "فزعة" خليجية ذات بعد طائفي واضح ومقيت. من أجل قمع الإنتفاضة الشعبية السلمية للشعب البحرين والتي تطالب بوقف التمييز الطائفي والتجنيس الطائفي لتغيير التركيبة الديمغرافية للبحرين و افساح المجال للجميع مع تكافؤ الفرق بين أبناء البلد الواحد بدل سياسة الإستئثار بالسلطة والثروة الذي يمارسه نظام القائممقام السعودي في البحرين تجاه أهل البلد وسكانه الأصلاء انتماءا لا تجنيسا.

إن دعوة نظام القائممقام السعودي في البحرين لإستقدام قوات خليجية غازية بقيادة وكثافة سعودية من أجل غزو البحارنة وترهيبهم بأضافة إلى كل ما يمتلكه هذا النظام الطائفي من قوة أمنية وعسكرية قمعية لم يتوانا عن استخدامها تجاه الشعب الثائر وغالبيته المحرومة من أبسط حقوق الإنسان لهو دليل صارخ يؤيد ما قلناه في مقالنا السابق من إنه، أي هذا النظام، يستورد قواته الأمنية والعسكرية، فلم يكتفي بجيشه وامنه المكون جله من اقلية ذات ولاء طائفي يضاف لها جحافل المجنسين بل استقدم عتاة الإرهاب الطائفي والتكفيري كي تكتمل "حفلة الشواء" من قمع وتقتيل التي يقوم بها تجاه الشعب الأعزل.

إن دخول قوات "درع الخليج" يعد عملية غزو واضحة المعالم لشعب أعزل تظاهر بشكل سلمي لنيل أبسط الحقوق الإنسانية التي هدرها ويهدرها بشكل منظم وممنهج نظام القائممقام السعودي في البحرين، كون إن هذا النظام لديه من الدبابات والمدرعات والرصاص ما يكفيه لإبادة شعب البحرين، وهو مع ذلك لم يتوانا عن استخدامها، حيث رأينا مشاهد القتل بالرصاص الحي والقمع وانتشار الأليات العسكرية في شوارع البلد، كأنه في حالة حرب حقيقة مع دولة وجيش نظامي وليس انتفاضة سلمية شعبية تمت دون تخريب أو حرق أو تكسير بل وزعت الورود على أفراد الأمن الذي قام بقتلهم وقمعهم بشكل بربري سافر. لكنه أي نظام البحرين أراد وبالتزامن مع النظام السعودي الحاضن له أن يوصل رسالة أشد ارهابا وذات بعد طائفي للغالبية الشعبية مفادها "اننا لسنا وحدنا هنا لقمعكم، بل معنا كل دول الجوار وعلى رأسها "الشقيقة الكبرى" السعودية، وتعلمون ما تكنه لكم السعودية من كره ايدولوجي يبيح لها ولجنودها وفقا لفتاوي مشايخ الوهابية اباحة دمكم ومالكم وعرضكم وبشكل مجاني، فاما إن تركنوا للذلة أوهي السلة أذن" لكنه أي نظام القائممقامية السعودية في البحرين نسى أو تناسى أنه يتعامل مع شعب حر، له عقيدته الحرة التي مفادها (هيهات منا الذلة).

إن ما قام ويقوم به نظام القائممقامية هو محاولات مستميتة لتحويل الموضوع عن الخط الوطني العام إلى مسألة طائفية بحتة، وقطعا عندما يظلم أي شعب في العالم على أساس طائفي ويمارس ضده التمييز الطائفي الممنهج، ستكون ردة فعله موازية للفعل الموجه ضده، وفقا للقاعدة الفيزيائية المعروفة. ولا خجل في هذه المسألة، لأن من يخجل من المطالبة بحقوقه خوفا من البعبع الطائفي الذي يمارس ضده، يكون غير مؤهل لنيل تلك الحقوق، وهو بذلك يعطي لمن يقمعه الفرصة للإستمرار بقمعه. حيث أن من يقمعه لم يخجل من استخدام الهجوم الطائفي وعليه أن يتوقع دفاعا تلقائيا طائفيا لكنه وطني كونه أتى كردة فعل على فعل، ولم يكن هو الأصل، بعد أن كان الأصل هو الدفاع الوطني الذي قمع ويقمع بشكل طائفي مقزز ينتهك كل شرائع حقوق الإنسان وحريته في المعتقد والدين بالإضافة إلى حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي والمشاركة السياسية العادلة في نظام ديمقراطي يحترم رأي الأغلبية ويصون حقوق الأقلية.

لكن المخزي هنا هو رد الفعل الدولي الفاتر، حيث أنه لا يمكن التعويل على رد فعل عربي غير التعاطي الطائفي المتوقع، لكن رد الفعل الدولي أتى والحالة هذه بشكل يثير الإستغراب لا يواكب الحدث ولا يتقاطع مع ما يفترض أنها ثوابت دولية تشمل دعم الحريات والمطالب الديمقراطية وحق الشعوب بتقرير مصيرها ورفض القمع والظلم والتمييز.

إن ما جرى ويجري في البحرين لا يختلف عما جرى ويجري في مصر وتونس وليبيا واليمن. لكن الفارق الوحيد هنا هو إن الغالبية الشعبية وغالبية المنتفضين سلميا هم من الشيعة لا أكثر ولا أقل. فما هو سر هذا الخذلان الدولي والتمييز في التعاطي وفق سياسة الكيل بمكيالين!

على الدول الديمقراطية أن تكون ذات مصداقية في تعاملها مع الأحداث المتشابه وان لا يكون تعاطيها بشكل انتقائي. ففي مصر وتونس تؤيد مطالب الشعب الثائر، وفي ليبيا نصف تأييد متردد وفي البحرين تخاذل متعمد!
صداقة الشعوب هي الدائمة والشراكة مع الأنظمة القمعية مؤقتة، لأنها تزول وبشكل تلقائي مع زوال تلك الأنظمة. أما الشعوب فمن خصائصها ألإستمرار عكس الأنظمة والحكومات. 

والسؤال المحرج هنا، هو، إلى متى سيظل العالم والمجتمع الدولي يتفرج - مؤيدا ذبح شعب البحرين بشكل طائفي لا إنساني من النظام هناك والغزو السعودي بعيد اعلان حالة الطواريء في المنامة اليوم ولمدة ثلاثة أشهر قادمة؟

إن مصداقية المجتمع الدولي اليوم على المحك. فذاكرة الشعوب حية والتاريخ شاهد ونحن نشاهد والمشهد مستمر، لكن يمكن إن تكون النهاية سعيدة اذا ما قرأت الرسالة بشكل صحيح...


مواضيع ذات صلة:
البحرين والتخريب السعودي
http://al-nnas.com/ARTICLE/MalAdham/11t71.htm
 

15.03.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter