|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
		الخميس  27 / 8 / 2015                                 مالزم أبو رغيف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
		الجسر والوليّة تحية مالوم أبو رغيف الجسر مسرحية مصرية قديمة لعبت الفنانة الراحلة تحية كاريوكا دور البطولة فيها. تدور احداثها في قرية مصرية معزولة على الضفة الاخرى من النهر. جسر القرية الذي يربطها بضفة النهر الثانية له اهمية خاصة، لذلك ولمرور سنة على بناءه يقرر وجهاء القرية وعلى رأسهم العمدة الاحتفال بالحدث الكبير. في خطبته القصيرة يشير العمدة الى صبر الجسر وقوة تجلده وتحمله، فلقد سار عليه المئات من حمير وكلاب ورجال ونساء عابرين الى الضفة الاخرى ليعودوا بعد ذلك الى قريتهم عبر الجسر. سأل العمدة سكان القرية ما نحن لولا الجسر، وماذا سيكون حالنا، وكيف لنا ان نرتبط بالضفة الاخرى. ماذا لو ان احداً من الحساد حاول تخريبه او تفجيره، ان الجسر رمزنا وفخر قريتنا؟ لابد من حراسة الجسر!! صاح القرويون لكن من يحرسه والفلاحون منهكون بكد الشغل في حقولهم وبالكاد يجدون وقتا لمعاشرة نسائهم او للعب مع اطفالهم؟!! كما ان اهل القرية غير موسورين لا يمكنهم دفع راتبا يغري احدا للعمل كحارس للجسر. لكن رجل الدين ابو عمامة ولحية طويلة وبعد ان سبح بحمد الله وصلى على نبيه وعلى صحبه وآله قال بان المشكلة المالية محلولة باذن الله، اذ انه سيكتب للحكومة عن اهمية الجسر وضرورة حراسته ويرجو منها تخصيص اموالا لحراسته. لقد وجدتها!! صاح احدهم دارت اليه اعناق القرويين ورؤوسهم وارتسمت علائم الدهشة على وجوهم. قال صوته الجهوري بان انسب واحد لحراسة الجسر هي الولية تحية. وتحية امراة تعدت اربعينياتها اعتادت على الجلوس عند رأس الجسر لتكسب قوتها اليومي من بيع السجائر الرخيصة التي تضعها في سلة صغيرة. وبعد ان وافقت الحكومة على تمويل الحراسة، عرضوا الامر على الولية تحية التي وافقت لقاء بضعة ملاميم، فهي على اية حال تجلس عند رأس الجسر منذ الصباح حتى المساء، اما بقية الاموال المخصصة للحراسة فقد نزلت في جيوب العمدة وشيخ الخفر ورجل الدين المعمم. لم تمر الا بضعة ايام على التعيين حتى طرق اذن العمدة خبر يقول ان تحية لا تلتزم بالدوام الرسمي وانها تغادر مكان الحراسة، فيقرر العمدة تعيين حارس تكون مهمته الوحيدة مراقبة الولية تحية. كثرت الاقاويل عن عدم التزام الحارس الجديد مراقبة الولية تحية فهو يكثر التبول والتغوط تهربا من العمل، لذلك عينوا حارسا يراقب الحارس ويحسب عليه مرات تغوطه وتبوله، ثم عينوا حارسا اخرا يراقب الاثنين حتى وصل الامر الى انشاء مركز للحراسة مهمته الاساسية مراقبة الحراس لانفسهم. نسوا الجسر ونسوا الولية تحية. ولانها لم تعد ذات اهمية قرروا الاستغناء عنها وعن خدماتها ومنعوها من الجلوس عند رأس الجسر ، وابقوا على جميع الحراس الذين يراقب بعضهم البعض الاخر. صاحت تحية غاضبة بالعمدة وشيخ الخفر وشيخ الدين ابو عمامة قائلة : انتو يزبالة، يا رمة، ترفدوني وانا اللي امشغلتكم دنتوا متسون نكلة تفو عليكم وعلى اللي مشغلكم يا غجر يا حمير. احزاب الحكومة كانت تدّعي انها الاكثر حرصا على حراسة ثروات العراق والاكفأ في اسعاد شعب العراق، لكنها لم تكتف بالتفريط، بل سرقت الاثنين، الوطن والشعب، واستولت على ثروات وقصور وممتلكات وكنوز ومناصب النظام السابق، وهرّبت مليارات الدولارات لاستثمارها في الدول الاجنبية وابقيت العراقي المسكين ينتظر ظهور المهدي لا يملأ الكون قسطا وعدلا بل ليجد له فرصة عمل، حتى لو كان العمل حارسا عند رأس الجسر.
	Since 17/01/05.  web counter