|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  24 / 8 / 2015                                 مالزم أبو رغيف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



ترقيع ام اصلاح تلك هي المسألة

مالوم أبو رغيف

غالبا ما تحاول السلطات الحكومية في بلاد العالم الثالث تقديم الترقيع على انه اصلاح، مراهنة على ان الناس لا تدرك الفارق العميق بين الاثنين.

فاذا كان الترقيع يشبه انقلابا صوريا يستبدل وجوه بوجوه اخرى مع الابقاء على نفس الصلاحيات والامتيازات، فان الاصلاح هو عملية ثورية لا تكتفي بتغيير الوجوه انما تهدف الى دراسة وتشخيص اسباب الخلل اكان في القوانين او في التشريعات لتغييرها او لتعديلها بما يضمن الخلاص من ضررها.

في الانظمة المبنية على المحاصصة، لا تعترض الاحزاب والكتل المتنفذه على الترقيع، بل قد تنادي به وتصبح من دعاته، اذ انها تستفيد منه ماليا واداريا. ذلك ان بعض من كوادرها المتهمين بالفساد والذين قد يسببون لها الحرج، سيحالون على التقاعد او يجبرون على الاستقالة مع ضمان الحصول على كافة المكافآت والمستحقات، كذلك فان هذه الاحزاب والكتل ستشغل اعضاء اخرين ليشغروا مكان المقالين او المستقيلين وليحصلوا على ميزات المناصب المحالة عليهم محاصصة.

الترقيع لا يختلف مضمنونه عن النظام الذي يسير عليه مجلس النواب العراقي، فان استقال نائب او ترقى واصبح وزيرا او سفيرا او استقال، فسيحصل على كافة مخصصاته وامتيازاته و 80% من راتبه وسيشغل مقعده النيابي شخص من نفس الحزب او الكتلة. وقد استفادت الاحزاب كثيرا من هذه الالية الفاسدة التي اتبعتها للمتاجرة بالمقاعد النيابية ولسرقة المال العام بصورة مشروعة.

فاحمد راضي لاعب الكرة، لم يشتغل في السياسة ولم يهتم بها طول حياته، وقد ترك العراق بعد سقوط النظام وسكن في الاردن، لكنه اصبح نائبا في البرلمان العراق عن جبهة التوافق المنقرضة ليشغل مقعد احمد الدايني بعد صدور امر بالقاء القبض عليه، وغدا عندما سيحصل محمد الدايني على براءته، ستدفع له  كافة حقوقه التقاعدية وتعويضات اخرى عن ايام هربه واتهامه، بينما يبقى احد راضي متمتعا بكل امتيازات النائب المتقاعد مع انه لم يحظر الا جلسات معدودات في البرلمان غير الموقر.

لقد كان صالح المطلگ صادقا عندما قال ان الغاء مناصبنا لا يحل المشكلة، فنحن سنحصل على 80% من رواتبنا بالاضافة لمخصصات الحراسة والسكن ومكافآت الخدمة وغيرها. فرئيس الستة شهور غازي الياور لا زال يستلم راتبا تقاعديا اضخم من رؤساء جمهوريات وهم في الخدمة، اضافة لمخصصات وحراسات رئاسية مع انه يعيش في الاردن وجنسيته سعودية.

الترقيع في حقيقته عملية دعائية يلتجئ اليها الرؤساء غير المحبوبين او المكروهين لكسب ود وعطف الجمهورعندما يكون الجمهور غير واع سياسيا.

فهل سيختلف حال مجلس النواب او يخف تأثيره السيء لو تبدل اغلب اعضاؤه مع الابقاء على نفس عدده وعلى نفس امتيازاته الامبراطورية.؟

ان المطلوب في العراق عملية اصلاح ثورية تستدعي اجراء دراسات وبحوث كاملة لمعرفة اليات الافساد في تشريعات الانظمة والقوانين الجديدة التي سنتها حكومات ما بعد عهد البعث الفاسدة.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter