|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  21 / 8 / 2015                                 مالزم أبو رغيف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

تحذير وتدبير

مالوم أبو رغيف

كل ما نخشاه ان يكون الامر جعجة بلا طحين، ذلك ان السيد العبادي وان اعرب عن رغبته في الاصلاح، لكنه نوّه ايضا الى الالتزام بالقانون وبالدستور، وهي اشارة تحذير تستوجب الوقوف عندها، ذلك ان مطالبات الناس لم تكن متعارضة لا مع القانون ولا مع الدستور، فما هو المغزى الذي قصده السيد العبادي بالالتزام بالقانون وبالدستور؟

ان تحذير العبادي، وان كانت صياغة وطريقة تلفظه لما اسميناه بالتحذير، منسجمة مع شخصيته المسالمة، الا ان بواطنه تعكس مخاوفا وتضع حدودا لما يجب ان تتوقف مطالبات الاصلاح عنده. انه يقول ايها المتظاهرون هذه هي حدودكم المسموح لكم بها.

لكننا نشير هنا ايضا، الى ان التنويه او التحذير الذي ورد على لسان السيد رئيس الوزراء، بقوله بانه لا يصلح باكثر من ما يسمح به القانون والدستور، انما جاء انعكاسا لضغوط تمارس عليه للتقليل من الاقبال الشعبي المتزايد على التظاهر، ذلك بان دعوة العبادي المستمرة للاصلاح، قد تخرج المارد الشعبي من القمم، وهو مارد يختلف عن مارد ابراهيم الاشيقر النوعي الذي يهتم بالصلح ما بين الفاسدين والمفدسين، انه مارد الشعب الذي لا يكتفي بتحطيم الزجاجة، بل يحطم عروش الفساد ويردم مستنقعاته الآسنة.

لكن من الذي يضغط على رئيس الوزراء كي يقلل من حجم اندفاعه نحو الاصلاح، ومن الذي يستشعر بان عملية الاصلاح تهديدا لكيانه وتقليلا من صلاحياته؟

في المقام الاول تأتي الاحزاب الاسلامية التي تؤسس لولاية الفقيه او الى شكل مشابه لهذه الولاية ، تلك الاحزاب التي تجد ان شعار الدولة المدنية يتعارض مع هدفها التي تسعى اليه بتحويل العراق الى دولة دينية ظلامية.

وفي المقام الثاني هو لفيف الاحزاب المؤتلفة في الحكومة، الذي لا يخشى الاصلاحات بقدر ما يخشى ضياع زمام السلطة من بين يديه نتيجة للغضب الشعبي المتعاظم والجريء الذي بدأ بخلق وعي شعبي يرفض حالته المزرية.

ان ما يقلق هذا الجمع هو ان الاقبال على المظاهرات يزداد زخما يوما بعد الاخر، وان الشعارات والهتافات في المحافظات لم تعد عامة تحوم حول الاكمة، بل تستطلع ما وراءها وتشير بالاسماء الى المفسدين والمتلاعبين بمصير الشعب، وتعلن بوضوح ان تجربة حكم الاحزاب الاسلامية قد باءت بالفشل الذريع ، اكان من ناحية الفشل في الأمن والحفاظ على ارواح الناس او من ناحية بناء العراق الحديث والحفاظ على ثرواته وتحقيق الرفاهية لشعبه.

نعتقد ان السيد العبادي يدرك، ان هذه التظاهرات التي شملت اغلب مدن العراق واكثرها تضررا من اهمال الحكومات المتعاقبة، ما كانت لتحدث لولا سلسلة الفشل والفساد المتواصلة والتي بدأت بحكم الاشيقر ابراهيم ثم عهد المالكي نوري الى عهد العبادي حيدر حتى اصبحت وكأنها الحبل الذي اعتصم به كل اهل الفساد والغش.

على السيد العبادي، بدلا من اطلاق التنويهات والتحذيرات للمتظاهرين، ان ينوه لاصحابه ورفاقه من مغبة العاقبة اذا ما تمادوا في غيهم وفي نزقهم وغباء احكامهم.

فان كان الصراخ على قدر الالم ، فلا نعتقد بان صراخ الشعب قد تساوى مع الآمه واوجاعه ، فلا زال حبل الصبر يلجمه وظروف الصراع ضد الارهاب تعطله عن ما يجب عمله لوضع حدا لهذا الاستهتار غير المسبوق بالانفس وكرامة الانسان والمال العام.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter