|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  14 / 9 / 2015                                 مالزم أبو رغيف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



سگف وكسرة خبز

مالوم أبو رغيف

كثيرة هي التصريحات الحكومية والدينية التي تذم وتقدح بهجرة الشباب العراقي وترك الوطن ورائهم بعد ان تخلصوا من المظلمة الصدامية. لكن لا احد من مطلقي هذه التصريحات تطرق الى ذكر الاسباب الحقيقية لهذا الفرار الجماعي اللافت والمحفوف بالمخاطر.

فان كان صدام هو المشكلة لهجرة العراقيين في السابق فما هي اسباب هجرتهم اليوم.؟

ولماذا بعدما تطوع الاف الشباب في الحشد الشعبي لقتال الارهاب والتضحية بحياتهم لكي ينعم غيرهم بالحياة ، يحزم اخرون عزيمتهم قبل حقائبهم  ليغادروا الى الخارج!!.

لقد كانت تحليلات رجال الدين ورجال الحكومة، ليست فقط ساذجة وغبية ، انما تدل على انانية مفرطة وعدمية ولامبالاة, ويمكننا اجمال ما قاله هؤلاء الفطاحل بما يلي:ـ

يقول المحللون السياسيون المحسوبون على رجال الدين والسياسة المتنفذين بان اوربا تحتاج الى ايدي عاملة فتشجع الشباب العربي والمسلم بالهجرة اليها.

اما وزير الخارجية، ابراهيم الاشيقر الجعفري وهو المعني بعلاقات الصداقة والتعاون وشؤون العراقيين في الخارج فيقول بانها مؤامرة الهدف منها امتصاص طاقات وخبرات الشباب العراقي.

اما جلال الصغير العضو المتنفذ في حزب عمار الحكيم فقد عزا الهجرة الى سببين :

- الاول هو بعثرة واضعاف الحشد الشعبي ذلك ان الاروبيين يمنحون 10 الاف دولار لاي شاب يحمل هوية الحشد ويقرر الهجرة من العراق.

- اما السبب الثاني حسب هذا الفطحل، فهو ان الاوربيين لا يتناسلون بكثرة لضعف جنسي عندهم، لذلك قلت نسبة العمال خاصة عمال تنظيف الفنادق والمطاعم والحدائق العامة والتواليتات.

ان اغلب هؤلاء الفطاحل يحمل الجنسيات الاجنبية، ورغم انهم قد احتلوا وظائف ومناصب من الدرجة الاولى، الا ان احد منهم لم يتنازل عن جنسيته المكتسبة، كما ان عوائلهم تعيش في بلدان اللجوء والهجرة، وان قررت المجيء للعراق، فانها تأتي على سبيل زيارة الاهل والاقارب وعلى متن طائرات خاصة تتكفل الدولة دفع تكاليفها ذهابا وايابا. أليس الاولى ان يتخلوا عن جنسياتهم الاجنبية ويأتوا بعوائلهم وابناءهم الى العراق بدلا من ان ينتقدوا الشباب لانه يبحث عن مستقبل قد يكون افضل من مستقبل في وطن موشك على الخراب ان بقى هؤلاء على سدة الحكم؟

فطاحل السياسة والدين لا يتحدثون لماذا يترك العراقيون وطنهم ولماذا يخاطرون بحياتهم وحياة اولادهم ويفضلون الاغتراب في البلدان البعيدة الباردة.؟

وهو الاولى بالاجابة وليس لماذا تفتح اوربا باب الهجرة للمهاجرين.!!

بالطبع لن يترجى احد من هذه الطفيلات التي تعيش على امتصاص كل شيء حي في العراق ولا تتركه الا معلولا على وشك الهلاك، ذلك ان كل الاسباب التي تدفع بالشباب الى الهجرة تفضح فسادهم وتقصيرهم واهمالهم للوطن وللانسان.

ان الاباء والامهات يدركون بما تبقى من فطرتهم السليمة، تلك التي لم يفسدها المعممون ولا السياسيون، بان الشباب ليس هم وحدهم الذين لا مستقبل زاهي امامهم، انما الاطفال ايضا سيكون مستقبلهم لا يختلف عن حاضرهم الرمادي القاتم. فحاضر المدارس العراقية البائس لا ينبئ الا بتعاسة المستقبل.

جلال الصغير عضو المجلس الاسلامي الاعلى، يقول بان بقاء الشباب في العراق افضل، ذلك ان لهم (شلون ما چان سگف فوگ رؤسهم)، واما (الخبزة فتتدبر)..

هكذا ينظر هؤلاء الذين يعدون الناس بالجنة الى المستقبل الموعود، سقف چينكو فوق الرأس وكسرة خبز يابس..

يجهل هذا الشيخ بان الانسان لا يحيا بالخبز وحده، وان قرص الخبز كان متوفراُ عندما قرر الاوربيون ترك اوربا والهجرة الى العالم الجديد في القرون الماضية. الناس كانت تبحث عن مستقبل افضل، الملايين تركوا المانيا وهنغاريا وبريطانيا وراء ظهورهم وهاجروا الى العالم الجديد، الى امريكا وكندا واستراليا، حيث بنوا فيها مستقبلا جديدا وحضارة كان من نتائجها الانفاق على الشيخ الصغير وعلى غيره من المعممين ليس خبزا فقط، بل دواء وغذاء ومالا ومستقبل افضل. بينما هو الذي ان عطس، استقل طيارة خاصة ليتعالج في دول الحضارة الغربية، يعد الناس بـ سگف وكسرة خبز ويقرعهم ان هم ارادوا الهجرة ليأس واحباط بعد ان تحولت الجنة الموعودة الى جهنم المستعرة.



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter