|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  11 / 9 / 2015                                 مالزم أبو رغيف                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



الوعد والكمون

مالوم أبو رغيف

خبز حرية دولة مدنية، هو الشعار الذي يرفعه المتظاهرون ويرددونه في كل يوم جمعة ويتناقلونه عبر شبكات التواصل الاجتماعي ويضمنونه في مقالاتهم ويتحدثون حوله في اجتماعاتهم الخاصة.

هذا الشعار في اصله هو استحقاق من استحقاقات الديمقراطية، بل احد شروطها الرئيسة، فبدون الخبز ودون الحرية ودون الدولة المدنية ستولد ديمقراطية كسيحة كهذه التي نراها في العراق، حيث جوقات الفساد تعبث في المال والحياة والثقافة والاعلام والدين.

الشعار لا يغضب احد، فهو لا يتطرق لا الى الكهرباء ولا الى الماء ولا الى الدواء، تلك التي تظهر تقصير الحكومة والوزراء وتثير غضبهم، انه ينادي بالخبز، الذي هو رمز الحياة، ليس عند العراقيين وحدهم، بل عند جميع العالم. ان المطالبة بالخبز تشير الى مفارقة غير موجودة الا في البلدان الاكثر فسادا، حيث الناس التي لا تستطيع توفير قرص الخبز، بينما حفنة من الاسلاميين والسياسين يستحلون الممتلكات والثروات مثلما يستحل الغزاة فروج النساء بملك اليمين.

ابو ذر الغفاري قال مرة، عجبت من لم يجد الطعام في بيته كيف لا يخرج الى الحاكم شاهرا سيفه، لكن العراقيون خرجوا لا يحملون سيوفا ولا سكاكينا، خرجو بصدروهم العارية لمواجهة عنف السلطة واحتمالات البطش، على امل ان تستجيب الحكومة لبعض من مطالبهم البسيطة السهلة التحقيق.

وعلى نهج اواعدك بالوعد واسقيك يا كمون سار العبادي في التلاعب بعواطف الناس والاستخفاف بآحلامهم. فقد مررت 6 اسابيع منذ انطلاق الاحتجاجات في اغلب مناطق العراق، ولم يجر العبادي الا اصلاحات وهمية، اضطر اليها تفاديا لغضب الشارع وكذلك لان الميزانية خاوية وانخفاض اسعار النفط تنذر بكارثة اقتصادية وشيكة.

ان الناس تريد ان ترى اثر الاصلاحات على حياتها. ان ترى ان هناك تحسن قد طرأ على ظروف معيشتها، ان ترى اهتماما في بيئتها وفي مدارس اطفالها وفي الخدمات المقدمة لها، ان تحس ان هناك تحسن في نوعية غذائها. ان ينتهي اهمال المسؤلين لاحاسيسها ولمشاعرها، وان ترى محاسبة المتسببين بمعاناتها.

فاي اصلاح هذا الذي لا ترى الناس منه الا ثرثرة الخطابات الرسمية والمواعظ الدينية ونفاق مذيعي الفضائية الرسمية ومقالات الصحف الحكومية.

يحكى ان رجل وعد اطفال اخته ببعض الهدايا عندما ياتي لزيارتهم، وعندما اتى استقبله الاطفال وهم متلهفون للحصول على الهديا التي وعدهم بها، لكنه جاء خالي الوفاض، ولتفادي احراجات نظرات الاطفال ولتلافي العتب والملامة على وجه اخته قال :

لقد عزمت على شراء الزلابيا والبقلاة ومن السماء والحلقوم والجكليت والفستق والبندق والفواكه واستمر بسرد هداياه الوهمية، ولم يسكت الا على صوت اخته الساخر: وليش معذب نفسك هلگد.

فرد عليها بكل قباحة وكانه فعلا قد اشترى ما تبجح به: يمعودة دي خل ياكلون بسلامة خالهم.



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter