|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  20  / 5 / 2016                                 ميسون نعيم الرومي                                  كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

طائـرٌ يـسْـتــَـغـيـث

ميسون نعيم الرّومي
(موقع الناس)

ثمان ساعات من عمل مضن ليوم مـَـرَّ ثـقيلاً ، مملاً ، متعباً ، بـَدأ بصداعٍ منذ باكورته الأولى ، وها هي (ارجوان) تتنفس الصعداء ، مستقلةً باص نقل الركاب لمدة ساعة كاملة في طريق عودتها الى البيت ، تــُمـَـني النفس بحمام دافئ ، يغسل تعب ذلك اليوم المضني ، الكئيب ، الذي لا يشبه اي يوم مضى ...

واخيراً غادرت (ارجوان) الباص ، لتقطع الغابة الى بيتها الجميل ، وابنتها التي تنتظرها لكي يتناولا وجبة العشاء سويةً .

وفجأة وعلى بعد امتار معدودة من البيت .. استرعى سمعها ضجة غير معهودة لطيورٍ تضرب بأجنحتها ، وتزقزق بطريقة غريبة ..

رفعت بصرها لترى شجرة تحتضن عشا لصغار طيور تصرخ وكأنها تطلب النجدة ، وامهم تهوى على الأرض ، لتعود راجعة الى صغارها ..

كانت ارجوان منهكة الى حد لم تستطع التوقف واستطلاع الأمر، نظرت بلا مبالاة وواصت السير... لكنها توقفت وكأنها تسمع تلك الطيور وهي تستغيث وتتوسل اليها ، عادت الى تلك الشجرة ، نظرت حولها لترى احد هذه الأفراخ مستلقيا على ظهره ، يرفس برجليه الصغيرتين ، ويرفرف باحد جناحيه ، والآخر قد انكسر وتهدل دون حراك ، وامه تقترب منه وتصرخ طالبة النجدة لصغيرها الذي كما يبدو قد تعرض لضربة سيارة مسرعة .

اقتربت ارجوان من الطير البائس ... نظر إليها بعين تبكي دما اثارت حزنها ، رفعته بحذر ، وضعته على كفها وهو يرتجف الما ، وقلبه الصغير يضرب بقوة ، وعينه السليمة تستجدي عطفها لإنقاذه ومساعدته .

كان موقفا حزينا انساها كل شيء الا التفكير بكيفية مساعدة هذا المسكين المصاب

حملته الى بيتها القريب ، وسقته ماءاً ليستعيد وعيه ، نظر اليها بعينه الدامية بطريقة اوجعت قلبها العطوف ، حارت في الأمر، وأخيرا قررت ان تطلب المساعدة والنصيحة من الطواريء ، الذين بدورهم اعطوها رقم تلفون طوارئ الحيوانات .

اتصلت بهم ، وشرحت الحالة ، اسعفوها خلال حوالي نصف ساعة بإرسال سيارة اسعاف ، اقلت الطائر الجريح لمعالجته ، بعد ان عينوا موقع الشجرة والعش ، لإرجاعه الى عائلته حال شفائه.

وانا اشاهد الفيديو، الذي صورته (ارجوان) لذلك الطائر الجريح ، اعتراني حزنا قاتلا اذ كنت قد شاهدت لتوي في التلفزيون ، المشاهد المروعة للتفجير الجبان في مدينة الصدر المنكوبة ، وكيف تتعامل الحكومة العراقية واجهزتها الفاسدة مع شعب اصبحت ايام اسبوعه كلها يوما داميا.

ان كانت الحكومة العراقية الغارقة في الفساد ، والسارقة لقوت الشعب ، والمتشبثة بكرسي الحكم ، من ساهم بشكل مباشر او بطريقة غير مباشرة بالتفجيرات الدامية فهذه مصيبة... اما اذا كانت الحكومة ورجالاتها وقواتها الأمنية لا يستطيعون حماية الوطن والشعب وهذه من اولويات مهامهم ، فالمصيبة اعظم..

وا أسفي على شعب له تأريخ عظيم ، اعتاد لملمة اشلاء ابنائه ، وغسل دماء الأعزة ، ونصب الخيام لتقبل التعازي كل يوم ، ومنذ اربعة عشر عاما ، مصدقين ادعاءات السياسيين .. من كان منهم ، مدنيا ، او من يتستر بعمامته ويلتف بعباءة الدين ، وهدفهم واحد هو النهب ، والسرقة ، والحصول على المكاسب السياسية ، والتشبث بالسلطة ، مستخدمين اشلاء الشعب سلما للوصول الى غاياتهم الدنيئة .

ترى... الى متى ؟ والى اين نحن سائرون..... ؟

 

20 / آيار / 2016
ســــــــتوكهولم

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter