|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  13  / 3 / 2015                                 محمد ناجي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



شكراً ستوكهولم ... وصلت الرسالة !

محمد ناجي

استدعت السعودية أول أمس سفيرها في السويد إلى الرياض في تصعيد لموقف الاحتجاج على تصريح وزيرة الخارجية السويدية (مارغوت فالستروم) عن انتهاكات حقوق الإنسان ، والديمقراطية في السعودية ، وإيقاف السويد للعمل بالاتفاق العسكري بين البلدين. وبينما لقي الحدث / الأزمة صداه في الصحافة العالمية ، حيث كتبت عنه صحف الغارديان ، والفايننشال تايمس ، مثلا فان العالم العربي يخيم عليه صمت القبور .

من الطبيعي أن يكون هذا الحدث موضوع الساعة في السويد ، وان يحظى بنقاش واسع في وسائل الإعلام ، ولكل حزب وطرف ومحلل رأيه وحساباته وأولوياته والنتائج المتوقعة وتأثيرها على السياسة والاقتصاد السويدي .
 
شخصيا انظر للحدث من زاوية اهتمامي بحالة حقوق الإنسان والديمقراطية والأحداث في البلاد العربية ومنطقة الشرق الأوسط ، وأعتقد بأن الرسالة التي تضمنها تصريح وزيرة الخارجية السويدية قد وصلت وأصابت الهدف وحققت المراد منه . لقد أعطت مثالا وأكدت بوضوح على ما يلي :

1- أهمية الكلمة ودورها وتأثيرها وقدرتها على التغيير ، وإن الأنظمة القمعية أكثر إدراكا من ضحاياها لهذا الدور ، وإن ما رسخته هذه الأنظمة القمعية لدى المواطن بـ( أن الكلام لا يفيد ولا ينفع) ، هو بذاته الهراء الأكبر ، وكلام يراد به خداع المواطن وتضليله وإسكاته طوعا ، وإذا نطق فالقوة له بالمرصاد !

2- الانتهاكات الفظة والمريعة لحقوق الإنسان في السعودية وبقية البلاد العربية ، فهي حينما تقابل تصريح لمسؤول في دولة أجنبية كالسويد ، وهو خارج سيطرة هذه الدول ، بردود فعل وإجراءات متخلفة ، فلنا أن نتصور كيف ستتصرف هذه الدول مع مواطنيها وهم تحت سلطتها وسيطرة أجهزتها القمعية !

3- من خلال صمت القبور المخيم على الساحة والمثقفين العرب إزاء الحدث ، فهو تأكيد ودليل جديد على غياب دور المثقف ، أو مساهمته في تركيع المواطن وتخديره ليغط في نوم إلهنا ، حيث لا يصحو إلاّ على وقع الكوارث ، ليملأ الدنيا حينها صراخا وزعقا : أين المدافعون عن حقوق الإنسان ؟ فيرد عليه صوت آخر : حقوق الإنسان مفهوم وثقافة غربية ومؤامرة وأكذوبة يراد بها خداعنا . وزيرة الخارجية أعطتكم مثالا ومنحتكم فرصة فأين انتم ؟

4- أن المال (الخليجي) يمكن أن يشتري كل شيء في بلاد العرب أوطاني (من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان) ، حيث إن دولة فلسطين ، التي بادرت السويد قبل عدة شهور واعترفت بها كدولة مستقلة ، وكانت أول دولة أوربية غربية تعترف بها ، وفتحت الطريق وحفزت دول أخرى للاعتراف ، وواجهت الانزعاج والغضب الأميركي والإسرائيلي ، قد وقعت على البيان الذي يستنكر تصريح وزيرة الخارجية السويدية ، التي استقبلت محمود عباس رئيس دولة فلسطين في ستوكهولم قبل أسابيع ليفتتح سفارتها هناك ، وكان بإمكان ممثل دولة فلسطين ، لو ابتعد ولو قليلا عن حساب الربح والخسارة المالية – كما فعلت السويد - أن يتحفظ على البيان ... أقول لو !

من الواضح أن هذا النهج السياسي للحكومة السويدية ، الذي يعتمد مبادئ العدالة وحقوق الإنسان في العلاقات الدولية واجه ويواجه صعوبات جمة على الصعيد الداخلي والخارجي ، ولكن للسويد ، حكومة وشعبا ، خاصة في زمن (اولوف بالمه) - رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، والحكومة 1969 – 1976 ، وأعيد انتخابه سنة 1982 ، واغتيل في 28 فبراير/شباط 1986 – تقاليد وحضور ومواقف وتجربة لا يستهان بها ، تضمن لها الاستمرار وتجاوز الصعوبات ..... والأزمات .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter