|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  20  / 10 / 2019                                 محمد النهر                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من الإصلاح إلى التغيير

محمد النهر
(موقع الناس)

لقد نقلت انتفاضة الأول من تشرين الأول بقوتها وجماهيريتها وتضحياتها وما قوبلت به من قمع وحشي ، الحركة الجماهيرية الى مستويات عليا وتخطت المطالبة بالحقوق المعاشية والخدمية الى مستوى المطالبة بالإصلاح الشامل للعملية السياسية ، وهذه النتيجة ولدها الإستمرار في النهج السياسي للأحزاب الحاكمة وقضمهم المستمر للحريات الديمقراطية والشخصية والدستور وخزينة الدولة ، وتجاهل حقوق المواطنين ومطالباتهم والتفريط بسيادة العراق .

يقابل ذلك اتساع التذمر من هذه الأوضاع وخاصة عند الشباب وتزايد وترسخ ثقافة وتجربة الإحتجاجات الجماهيرية والمطلبية بحيث شملت وفي فترات مختلفة مدن العراق كافة وكذلك المطالب لجميع مجالات العمل ولو بشكل متفرق . لذلك فان الإنتفاضة الأخيرة لم تأت من فراغ ، كانت هناك الإحتجاجات العامة 2011 وكذلك 2015 (لاحظ إذا أخذنا الإنتفاضة الأخيرة 2019 هذا يعني ان الإحتجاجات العامة تكررت كل أربع سنوات) وأعطت العناصر اليسارية والديمقراطية من الشيوعيين والقوى المدنية وهي تواصل احتجاجات ساحة التحرير الاسبوعية ، زخم وثقافة عامة لهذه الإحتجاجات ، ولهذا نرى قوة هذه الإنتفاضة الأخيرة وسعتها وقوة مساهمة الشباب فيها ، وبرغم من عفويتها والدعوة لها أن تكون مستقلة عن الأحزاب وعدم تسييسها ولكنها موضوعيا تقف على أرضية تجربة الإحتجاجات العامة السابقة ومن تجربة احتجاجات ساحة التحرير .

إن الحرص على نجاح هذه الإنتفاضة وما بعدها تدعونا أن ندقق بمنطلقاتها ، فكونها عفوية فهذا حال جميع الثورات والإنتفاضات في التاريخ ، كان يطلق على ذلك شرارة الثورة أو الإنتفاضة ولكنها ليست بدون مقدمات تاريخية لذلك ، أما الآن فإن نضوج الظروف الموضوعية للإنتفاضة ترصد من قبل أدوات التواصل الإجتماعي لتحديد موعد لإنطلاق المظاهرات وهذه ميزة قوة جديدة للنضال الجماهيري .

إن المناداة بعدم تسييس المظاهرات له جوانب عدة ، فهو عندما ينطلق من المتظاهرين فمنبع ذلك تجربتهم مع بعض الأحزاب والقوى المساهمة في المظاهرات السابقة والتي هي في مد وجزر وتغيير مواقف ، ومن جانب آخر فإن عدم التسييس يصدر أيضا من قبل السلطة وأحزابها والغرض قطع الطريق على المظاهرات ومواقفها السياسية التي تمس السلطة وأحزابها ، ومن جانب أخر فإن أي حراك جماهيري والمطالب التي ينادي بها ومساسها بالسلطة ورد السلطة على ذلك بالقمع فإن ذلك سياسة ، وتجربة الإنتفاضة الأخيرة من المطالب السلمية وتطورها الى تغيير النظام ، لذلك من الضروري عدم ارباك الحراك الجماهيري بطروحات أهدافها مختلفة والتأكيد على الإلتزام بالشعارات المطروحة والترحيب بأي قوى تلتزم بذلك .
أما شعار إبعاد التظاهرات عن الأحزاب السياسية ففيه خلط بين الأحزاب السياسية المناضلة من أجل تغيير العملية السياسية وساهمت في جميع الإحتجاجات السابقة وبين أحزاب ذات مصالح ضيقة وموسمية لها شعارات محددة ولها امتداد داخل السلطة ، وكذلك أحزاب السلطة . إن تعميم هذا الشعار يفقد الحركات الجماهيرية قوى غير قليلة ويحرمها من خبرات نضالية ، في وقت الحاجة ماسة لأي قوى لها تأثير جماهيري فذلك يوحد صفوف المناضلين ويقوي عزائمهم ، خاصة وقد شاهدنا موقف السلطة وإجراءاتها القمعية ومن يقف معها في الداخل والخارج .

لقد ساهم الشيوعيون واصدقاؤهم منذ اليوم الأول في هذه الإنتفاضة ، سواء كان هناك توجيها بذلك أم لا ، مدفوعين بالحرص على المساهمة وإنجاح النضال الجماهيري ، كما ان تجربتهم في الإحتجاجات السابقة وقسم منها كانوا هم المبادرين لها وفي الطليعة تجعلهم أن لا يتأخروا عن المساهمة أو خذلان زملاءهم المنتفضين الذين كانوا معهم كتفا بكتف في الإحتجاجات السابقة ، لقد قدموا في اليوم الأول والثاني العديد من الجرحى واستشهد الرفيق أياد عباس علي في ساحة التحرير ظهر يوم 2/10 ،وأتى بيان اللجنة المركزية ليعزز هذه المساهمات .

إن الإنتفاضة الأخيرة وقوتها وما قوبلت به وما رافقها من حراك سياسي تفرض على الجميع فحص مواقع أقدامهم ، وهذا يشملنا كشيوعيين ويساريين ومدنيين ، فبالنسبة لنا كشيوعيين طرحت هذه التطورات سؤالا مهما ، لماذا تأخر موقف الحزب الرسمي من هذا الغضب الجماهيري والاستعداد للتظاهر ؟ ! برأيي ان الإجابة على هذا السؤال نجدها في موقف الحزب وتكريس جهده الى العمل والتنظير لتحالف سائرون وبرنامجها على حساب اضعاف الجهد لساحة التحرير والحركات الإحتجاجية ، في وقت صوّت حلفاؤنا الصدريون في البرلمان على أهم دعامتين تولدان النظام السياسي الحالي وتوفران استمراريته وهي التصويت على محاصصة مفوضية الإنتخابات وكذلك التصويت لتعديل سانت ليغو الأخير . وكشيوعيين لفحص موقع أقدامنا لازالت قرارات المؤتمر العاشر هي المرجعية لكل الحزب وهناك ضرورة للتذكير بها .

(التغيير ضرورة
وازاء ذلك فإن المطلوب بالحاح من الشيوعيين والديمقراطيين وأنصار الدولة المدنية الديمقراطية العصرية وسائر أنصار الديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، ومن تنسيقيات الحراك المدني الشعبي ، العمل على جمع وتوحيد الصف ، والمزيد من المبادرات والحراك في اتجاه تغيير موازين القوى لمصلحة المشروع الوطني الديمقراطي ولن يمكن تحقيق ذلك من دون استنهاض العامل الشعبي والجماهيري ليتحول الى عامل مؤثر قادر على فرض الإصلاح والتغيير المنشود
) .

تحية مجد وإكبار الى شهداء الإنتفاضة والشفاء العاجل للجرحى الأبطال والصبر والتكريم لعوائلهم ، والنصر للإنتفاضة وجماهيرها.



 





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter