|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  11  / 8 / 2008                                 محمد النهر                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

طباخات التمر

محمد النهر

عرض البرنامج المنوع (صباح العربية ) الذي تبثه فضائية (العربية ) صوراً لنخلة بذات رأسين ، وأكدت إن هذه الظاهرة موجودة فقط في الجزائر والسعودية ، حيث توجد نخلة واحدة في كل منهما . وصادف أن سافرت إلى العراق حيث شاهدت مثل هذه النخلة ذات الرأسين في أحد بيوت مدينتي الصويرة ، في وقت إن بساتين النخيل في المدينة والتي تمتد على ضفاف نهر دجلة لعدة كيلومترات تضم عددا من هذا النوع من النخيل والتي هي من فصيلة ( التبرزل ) .


( صورة النخلة ذات الرأسين في مدينة الصويرة )

وهذه الظاهرة ليست جديدة فقد تناولها الأستاذ كامل الدباغ مقدم البرنامج التلفزيوني الشهير ( العلم للجميع ) في السبعينات من القرن الماضي ، حيث تناول بحثه أحد بساتين بغداد والتي لاحظ فيها أكثر من عشرين نخلة ذات الرأسين من فصيلة ( التبرزل ) .
وتمتاز أشجار النخيل في العراق وخاصة في الوسط باستقامة جذوعها وسعفها الباسق واليانع الخضرة وإنتاجها الوفير ، وتزرع أسفلها أشجار الحمضيات والفاكهة مستفيدة من ظلال النخيل والتي تستفيد هي بدورها من السماد الذي يعطى إلى الحمضيات والفاكهة .


بساتين النخيل في الصويرة

ويعجل شهر تموز ( العربي ) والذي يبدأ في 12 تموز ( الإفرنجي ) والذي يمتاز بحرارته الشديدة بنضوج التمر ، وتدعى هذه الفترة ب( طباخات التمر) . و (طباخات التمر) تسمية مأخوذة من كلمة ( طبخ ) ، وهي تعبر عن ظاهرة جوية فريدة في العراق ترافق نضوج التمر . فالقانون الطبيعي عن التيارات الحارة الصاعدة والتيارات الباردة النازلة يتوقف في فترة ( طباخات التمر) ، هنا فقط السكون للهواء والتسخين المستمر وتصاعد التسخين له من قبل أشعة الشمس الحارقة ، وحتى عندما تتنفس هذا الهواء الحارق للرئتين فان الزفير لا يبتعد عن محيط انفك كثيرا بحيث يتضمن الشهيق التالي جزءا من هذا الزفير . وقد أثرت هذه الظاهرة والصيف الحار الطويل في العراق على نفسية العراقيين ومزاجهم .

ول(طباخات التمر) نادرة مأساوية في تاريخ العراق يتندر بها العراقيون لحد الآن تعكس انعزال الحكام و المسؤولين منذ أزمان بعيدة عن الشعب وعدم فهمهم لواقع العراق . ففي القرن التاسع تم تعيين والي عثماني جديد على ولاية بغداد , وحانت فترة ( طباخات التمر) مما أثار غضب الوالي الجديد فسأل مستشاريه عن سبب هذا الحر الشديد فقالوا له انه بسبب ( طباخات التمر) فما كان من الوالي اللبيب إلا وأمر بقطع أشجار النخيل ليعتدل الجو حسب اعتقاده . و تدحرجت رؤوس أشجار الخيل غير إن ( طباخات التمر) استمرت باقية واستمر معها سكون الهواء وتسخينه ، واستمر كذلك تندر العراقيين من مأساة علاقتهم بحكامهم .


 


 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter