|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  23  / 11 / 2015                             د. مزاحم مبارك مال الله                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لقاء مع عضو المكتب التنفيذي للتيار المدني الديمقراطي السيد جاسم الحلفي

د. مزاحم مبارك مال الله

البلد مأزوم وللأسباب المعلومة التي آلت الى المشهد المتفكك والى الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي بمجموعها تعكس صورة الآزَمة العامة حيث ألقت بظلالها على الوطن والشعب، وكانت السبب المباشر في حصول الحراك الجماهيري الذي تشهده البلاد، الحراك الذي اشتركت فيه الكثير من القوى والتي يبدو أن محركها ولولبها التيار المدني.

حول هذا الموضوع وتفاصيل عديدة كان لنا هذا اللقاء مع السيد جاسم الحلفي عضو المكتب التنفيذي للتيار المدني الديمقراطي وأحد أبرز المشاركين الميدانيين في تظاهرات الجمع المتتالية.

حدثنا عن الحراك، من هي قواه، من معه ومن ضده، ما هي أهدافه ؟

- الأسباب التي تقف خلف الحراك او التي فجرته تستند الى النظام السياسي الذي بُني على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية التي أوهنت البلد وأضعفته ووفرت مناخاً ملائماً لغير الكفوئين والفاسدين ووفرت جو لقوى الإرهاب كي تعبث بالبلاد.

فعموم الشعب من مفكرين وسياسيين وأكاديميين وإعلاميين بدؤا يتحدثون بشكل واضح وواسع عن المحاصصة وما جلبت من ويلات.
المتنفذون قسموا الناس الى طوائف، واختصروا الطوائف بتحالفات سياسية واختصروا التحالفات السياسية بحزب معين والحزب أصبح المهيمن وهو الأخر تم اختصاره بشخص أو أثنين، النتيجة أن مجموعة من الشخصيات استحوذوا على كل مقدرات البلد، اغتنوا من الامتيازات والصفقات وأفقروا الشعب ولم يتمكنوا من بناء مؤسسات سياسية أو دستورية، لا صناعة ولا تجارة، لذلك فالناس أدركت أهمية "التغيير".

أما السبب المباشر لهذا الحراك أو رأس حربته، هو النقص الشديد والمزمن في الخدمات، وهذا ناتج عن سوء الإدارة التي يقف ورائها الفساد، فبدأت الاحتجاجات.

الحراك رفع ثلاث مطالب:
المطلب الأول ـ
أصلاح النظام السياسي/ ونقصد به أصلاح السلطة التنفيذية (الحكومة) ، وإصلاح السلطة التشريعية (البرلمان) ، وإصلاح السلطة القضائية.
هذه السلطات وصلت اليها المحاصصة وتمترس في مفاصلها الفساد، وذلك أصبحت عاجزة عن قيادة البلد الى شاطئ الأمان بل ما حصل هو العكس تماماً فالبلد يعيش أزمة خانقة.

هناك عجز بالحكومة وبالبرلمان جراء المحاصصة، فلم تعد تعبر عن مصالح وهموم وقضايا الشعب، ناهيك عن عدم تأديتها لدورها، فالبرلمان لم يؤدِ دوره التشريعي ولا الرقابي ولا حتى السياسي، والصراع بدلاً من أن يكون صراعاً بين برامج البناء والتقدم أصبح صراعاً على السلطة، صراع على المال والنفوذ.

المطلب الثاني ـ فتح ملفات الفساد/ سيما ملفات الفساد الكبرى مثل قضية الموصل، مجزرة سبايكر، صفقة الأسلحة الروسية، صفقة أجهزة كشف المتفجرات، صفقة بناء المدارس وكذلك الحسابات الختامية لميزانية 2014.

المطلب الثالث ـ الخدمات وتوفيرها للشعب/ وهناك من يسأل: احتجاجاتكم بدأت بالخدمات، لماذا رفعتم مطالب بإصلاح النظام السياسي؟

الخدمات تحتاج أموال، والفساد يمتص هذه الأموال كون الفساد متمترس في كل مفاصل الدولة والفساد تحميه المحاصصة، فلأجل توفير الخدمات للمواطنين يجب أن تكون الإدارة نزيهة وناجحة لا محاصصة فيها ولا فساد، فهذا هو الترابط الجدلي بين المطالب الثلاث.
حراك بهذه الصورة، ويرفع هكذا مطالب، تكونت لديه خصائص أو أبعاد، وهي:
• البعد الوطن/ فالحراك ليس طائفياً ولا مناطقياً، وإنما يمتلك مقومات المفهوم الوطني، فالحراك شمل كل مناطق العراق عدا تلك التي تحت سيطرة نفوذ داعش، فالحراك أمتد حتى الى مناطق كردستان.

• البعد الشعبي/ المحتجون من جميع طبقات وفئات وشرائح المجتمع، وما يشار اليه ويشاد به هو مشاركة الشباب والنساء الواضحة.

• محتواه الاجتماعي/ أصبح مطلب العدالة الاجتماعية وتضييق الفجوة بين الطبقات التي اغتنت على حساب الناس البسطاء وبين طبقة همشت وتعيش تحت مستوى خط الفقر.

• مشروعية المطالب ودستوريتها/ فالمطالب أعلاه من حق المواطنين، وهي قابلة للتحقيق وليست تعجيزية.

• سلمية التظاهرات/ فالحفاظ على سلمية التظاهرات وأبعادها من العنف، وممارسة الكفاح اللا عنفي، رغم محاولات حثيثة من قبل القوى المتنفذة وشخصيات الفساد التي تمتلك عصابات منظمة، حاولت مرة في مجابهة مباشرة مع المتظاهرين ومرة محاولة الدخول من أجل استفزاز القوات الأمنية لجر التظاهرات نحو العنف. نعم حصلت مظاهر من العنف في بعض المحافظات ولكنها كانت محدودة والتظاهرات صمدت من أجل الحفاظ على سلميتها، الأجهزة الأمنية قدمت الحماية وحمت المتظاهرين ووفرت مساحات مناسبة للاحتجاجات، ولكن كل هذا لا يخلو من حصول اعتقالات، وأخذ تعهدات، بعض الاستفزازات والتجاوزات حتى الى حد استخدام كلمات بذيئة ضد المتظاهرات.

الحراك عمل استقطاب، معه كل القوى والشخصيات والناس الخيرة التي تحارب الفساد وتطالب بالإصلاح وتريد الخدمات، وضده رؤوس الفساد وعصاباتهم وأتباعهم وهي معركة استقطاب حقيقية.

هل في نظركم أن هذا الحراك سيؤسس لأصطفافات جديدة وبالاتجاهين؟

-
نعم بالتأكيد وإذا أردت أن أحدد الاصطفاف الأول هندسياً، فسيتكون شكل هندسي من ثلاثة أضلاع :
الضلع الأول يمثل الناس المحتجين، وأحب أن أوضح نقطة مهمة هنا، هو أن هذا المفهوم لا يمثل الناس الذين يخرجون في الاحتجاج فقط أو مقتصراً عليهم وحسب، وإنما هم يمثلون المواطنين فكل المواطنين هم مع هذه المطالب.

الضلع الثاني يمثل المرجعية الدينية ،والتي أكدت في خطبها المتتالية أنها مع الإصلاح ، ضد الفساد، مع مطالب الناس.

الثالث ويمثل، رئيس الحكومة ولكنه للأسف الشديد هو الضلع الضعف في هذه التشكيلة، ولأجل أن يكون ضلعاً فعالاً، فيجب أن تكون لديه :

** رؤية واضحة للإصلاح لا تراجع عنه.
** برنامج عمل شامل، لجميع أوجه ومواضع الصلاح.
** يعتمد منهج علمي رصين وفق قياس.
** فريق عمل شجاع كفوء، متمكن، مقتدر يجنب الإصلاح كل المشاكل والإشكاليات.
** أن يحوّل الحكومة من (فرد) يطالب بالإصلاح ، الى حكومة أصلاحية، من خلال الاستقطاب.

هنا نؤكد على ما يلي:
يجب أن تتكون كتلة أصلاحية برلمانية واضحة، ما حصل من موقف برلماني بعد إعلان حزم الإصلاح ، هو بالحقيقة أجماع جاء تحت ضغط اللحظة ولأجل أن يكون الإجماع حقيقي فيجب أن يحصل فرز، مع و ضد.

تشكيل جبهة سياسية للإصلاح، (جبهة الإصلاح)، من قوى أنفرزت من أحزاب المتنفذين ومن قوى خارج السلطة، وفي القلب منها الناشطين في الحراك المدني، أما القوى التي تقف وتعمل ضد الإصلاح فهم حيتان الفساد.

مزايا وخصال الضلع الثالث، والمقصود به رئيس مجلس الوزراء كيف يمكن له ذلك وهو رجل حزبي، متحزب، كيف يتم ذلك وهو أشار الى فساد من داخل حزبه؟

- نعم لذلك أنا أشرت الى أمكانية حصول فرز، بين حزبه أو أحزاب أخرى، ناس إصلاحيين وناس لا يرغبون بالإصلاح، ويصبح الأمر واضح أمام الشعب والشعب هو الذي يميز من هو الأجدر، علماً أن بعض الإصلاحات التي اطلقها السيد العبادي ليست أساسية أو ليس من الأولويات، وبعضها لا نطلق عليها صفة الإصلاح فهي إجراءات تقشفية.

هل تنسيقية بغداد أو التنسيقيات الأخرى تشكل القيادة الموحدة للتظاهرات؟

- الحراك المدني الشعبي والحركة الاحتجاجية، منذ اللحظة الأولى لم تكن لها قيادة وليس بالضرورة أن تكون لها قيادة منذ اللحظة الأولى، قيادتها أهدافها، كل إنسان مشارك فيها وفعال، ولكن في أطار ديمومتها وأستمراريتها تبرز شخصيات مؤثرة، تبرز تنسيقيات مهمة، هذه الشخصيات والتنسيقيات، تنسق فيما بينها، توحد المطالب والرؤى وتخلق آليات عمل وتحافظ على زخم المظاهرة وهي ظل أستمراريتها ستخلق ديمومتها وقوتها، ستخلق قواعد سلوك عامة، وهي تلك الخصائص التي تحدثنا عنها، الاستمرار من اجل نيل مطالبها، رفع العلم العراقي، عدم رفع صور طائفية أو رموز دينية أو رمز مناطقية.

المعلوم حصل لقاء بين تنسيقية بغداد وبين التيار الصدري وكان اللقاء مع قمة هرم هذا التيار والمتمثلة بسماحة السيد مقتدى، حدثنا بالتفصيل عن هذا اللقاء؟

- أسمح اعدّل معلومة، اللقاء حصل بين مجموعة من المنسقين، من الناشطين، مجموعة من منظمي التظاهرات، التقوا السيد الصدر وعبروا عن نفسهم وأرائهم وأراء الشخصيات الناشطة معهم وحولهم.  

اللقاء كان مهم جداً ،حيث تم عرض وجهة المظاهرات، وجهتها، خصائصها، أبعادها، اسلوبها، أهدافها، مطالبها، أمكانية استمرارها، تم عرضه بالتفصيل، الحديث كان صريح وشفاف ومسؤول، السيد الصدر كان واضحاً جداً، مؤيداً للمظاهرات وداعماً لها، وقال بالحرف: "أنتم بدأتم المظاهرات، وأنتم الأساس بها ونحن داعمون ومؤيدون ومساندون ومدافعون عنها".

التيار الصدري له ثلاثة أبعاد، فله مريدون وأتباع يتجاوزون المليونين، وجلهم من المناطق الفقيرة والكادحة وهؤلاء يعانون الأمرين من نقص الخدمات والتمييز والبطالة، وهؤلاء يخرجون الى التظاهرات مجاميع وفرادى، كونهم متضررين جداً، فمن الأمر الطبيعي يأتون الى ساحة التظاهرات ويعبرون عن مطامحهم ويشجبون الظلم، أفليس من الأجدر أن ننسق مع هؤلاء المتضررين، أم نكون جبهتين متعارضتين، جبهة مدنية وجبهة صدرية؟، فالحكمة تقول علينا أن نوحد صوتنا، ننسق مطالبنا، ننسق رؤانا، ونتعاون ونضغط معاً من أجل الإصلاح.

للأسف الشديد بعض الأوساط تنظر الى التيار الصدري كونه عبارة عن 6 وزراء و40 نائب، وهو في حقيقة الأمر ليس كذلك، التيار الصدري هو الجماهير الواسعة التي يجب أن نتعاون معها وندافع عنها ونناصرها، يجب التلاحم معهم في مصيرية ضد الفساد، أما الوزراء والنواب، فقال سماحته: "أي معلومات جدية وحقيقية عن أي واحد عنهم، فمرحَبٌ بها ، وهو شخصياً ـ اي السيد مقتدى ـ سيكون متصدياً ومحاسباً لأي فاسد بينهم".

قلنا، هؤلاء يجب أن يكونوا ضمن الإصلاح، فالوزراء عليهم أن يشكلوا ويساهموا في الفرز من أجل تحويل الحكومة الى حكومة أصلاح وليست حكومة فرد يحاول الإصلاح.

أما البرلمانيون فعليهم أن يشكلوا كتلة برلمانية للصلاح، تقدم مشاريع قوانين تمس مصلحة الناس وعيشهم وكرامتهم ولقمة العيش وأن يكونوا مبادرين الى فتح ملفات فساد الحيتان.

وهناك حقيقة مهمة جداً، السيد مقتدى هو أبن المرجعية الدينية، علاقاته وتأثيره مع المرجعية، وهذا ما ذكرناه، أنه يشكل الضلع الثاني في المثلث الهيكلي أنف الذكر، المؤثر في الوعي وأحد الأدوات المهمة جداً في الضغط على الحكومة، هذا هو سر اللقاء، تمت التفاهمات انطلاقاً من حساب هذه الإمكانيات وعلى أسس التعاون والاستمرار حتى الخلاص من طغمة الفساد من أجل خلق الاعتدال في المجتمع.

من وجهة نظر المعترضين على هذا اللقاء ربما تنطلق من وجود الفاسيدين من أتباع التيار الصدري سواء في الحكومة أو في البرلمان.

نحن لا ندافع عن فاسد، ولسنا مسؤولين عن اي فاسد، ولكن نقول، على كل من يمتلك (مواطن أو ناشط) معلومات أو معطيات فليقولها ويكشفها بشجاعة، نحن نتصدى لكل فاسد ولكل الفساد، وسنكون في مقدمة المعركة هذه.

هل لقائكم مع سماحة السيد، من أجل التحالف أم التنسيق؟

- للأسف، قسم تصور أن لقائنا هو تحالفاً سياسياً، بل اختلطت عليهم الأوراق بحيث تصور وكأنه تحالف بين حزبين (كما حصل في الجبهة الوطنية 1973)، الذي حصل بين الشيوعي والبعث، كان التعامل مع حزب وحيد في السلطة، بينما هنا تيار، ونتحدث عن متظاهرين، نحن لم نتحدث عن أحزاب.

في لقائنا كنا نمثل المتظاهرين، من أجل التنسيق للغايات التي ذكرتها، ليس لها أي بعد أخر.

ما هي ردود أفعال أتباع التيار الصدري تجاه اللقاء الذي تم؟

- الناس العقلاء والمتضررين وهم الأكثرية، بالتأكيد أيدوا هذا اللقاء، سواء من أتباع التيار أم خارج هذا التيار، شريحة واسعة من المدنيين رحبوا باللقاء.

أما المعترضين أو المنتقدين، فلا استبعد وجود تطرف فكري أو سياسي لديهم، أو متقوقعين، ولكن الذي يهمه المصلحة العليا ولديه اعتراض فبالحوار ستتوضح الأمور أمامه، ولكن المعترض الأكبر على هذا اللقاء هم حيتان الفساد وأتباعهم الذين جهزوا جيش الكتروني للهجوم علينا وعلى هذا اللقاء، ومن الناحية العملية فمنتقدو اللقاء والمعترضين عليه من الطرفين (الوطنيين والفاسدين) هم عملياً قد التقوا مع بعضهم، وهذا ليس بغريب، فالتطرف اليميني يلتقي مع التطرف اليساري.

المنتقدون لم يطرحوا البديل، ما سمعته أو قرأته عبث ليس الاّ.

كما حققتم لقاءً مع السيد رئيس الوزراء.

- قدمنا مطالبنا وهمومنا وعرضنا ما تعرض له المتظاهرون من مضايقات واعتداءات وغيرها، ثم كان أحد أسباب اللقاء هو لأجل التعرف عل وجهة السيد العبادي، أين ذاهب بالصلاح، هل هو جاد بالإصلاحات، ما هي تصوراته، من معه من ضده، ما هو رأيه ما هي رؤيته.

هل طرحتم أمامه الشروط التي ذكرتها أنفاً؟

- نعم وبكل تأكيد، هذه وغيرها، شرحنا له كل ما له علاقة بالتظاهرات.

هناك من ينظر نظرة عدَمية للتظاهرات، هناك من فاقد الأمل وغيرها من المواقف، كيف تقيمون ذلك؟

- هناك ثلاث اتجاهات :
اتجاه عدَمي، يقول: "لا جدوى من التظاهر(ما كو فائدة) ،الوضع باقٍ كما هو!"، هذا الاتجاه، فيه ناس طيبين، لديهم نوايا حسنة، ولكنهم بلا رؤيا واضحة ليس لديهم ثقة بالشعب، ويصطف مع هذا الاتجاه وللأسف كبار الفاسدين من أجل جعل الناس يائسة والحيلولة دون حركتهم.
الاتجاه الأخر، يقول: "كله غلط ، الكل حرامية، ما كو أصلاح، أسقاط النظام السياسي".
والطيبون منهم من حيث لا يدري فهو متطرف ثوري، يصطف مع أعداء العملية السياسية ويفسح المجال واسعاً أمام داعش، لأنهم يريدوا أن يسقطوا كل شئ.
الاتجاه الثالث، الواقعي العقلاني المعتدل، يؤمن بالتظاهرات، وحققت أشياء وستحقق، ولا مناص من حركة الشعوب التي تنتزع حقوقها، الشعوب تنطلق بقوة وشجاعة ووضوح الى أن تحقق أهدافها، وعلى هذا الاتجاه هو الرهان الأكبر.

هناك من يقول أنكم في الحراك المدني، توجهتم الى المرجعية الشيعية، ولم تتوجهوا الى المرجعية السنية.

- زرنا المرجعيتين، مرجعية النجف ومرجعية المجمع الفقهي، وهو من كبار علماء السنة ، طرحنا وجهات نظرنا واستمعنا الى طروحاتهم، طروحات المرجعيتين، تنتهي بك الى نفس المعنى، طروحات من الجانبين اتسمت بالعقلانية وحب الشعب والوطن والدعم، وملخص حديث الطرفين، (استمروا، مطالبكم مشروعة ودستورية وحافظوا على سلمية التظاهرات وليكن صدركم رحب وواسع، ونحن كرجال دين معكم).

علماً أنه في برنامجنا اللقاء مع مرجعيات كل الطوائف والأقليات التي يتكون منها الموزائيك العراقي.

هل يمكن أن تشكل قيادة بعد أن كانت التظاهرات عفوية؟

-
نحن لا نتحدث عن قيادة، بل شخصيات تميزت وبرزت من خلال العمل الفعلي بالساحة، تصدت لهذا العمل الوطني ونسقت المواقف، والكثير من هذه الشخصيات لها مقبولية بين الأوساط الشعبية.

ونحن نعتقد أن ما حصل بعد لقائنا مع سماحة السيد مقتدى الصدر قد حركت الأجواء بالاتجاه الايجابي ، وهنا هو الفعل السياسي الرصين، اذا كان الهدف هو الإسقاط، فلا لقاء ولا تلاقي مع أي من الأطراف، اما أذا كان أصلاح، فالمطلوب أن تلتقي، قوى يجب أن تسندك وتدعمك، قوى تدافع عنك وتتحاور معها.

المعترضون يخطأون ذهابكم الى السيد مقتدى!

- أنا أجبت في معرض حديثي، الخطأ أن تبقى ملازماً مكانك دون حركة، الخطأ أن نتقوقع، الخطأ حينما لا نمتلك الجرأة في عدم إيصال الرسالة، يجب أن ننطلق من القاعدة الجماهيرية الواسعة صاحبة المصلحة في كل الذي يجري، وما أنجزتاه هو ربح للحراك المدني.

الجمعة التي تلت لقائكم بالسيد مقتدى شهدت قلّة الحاضرين.

- هم ليسوا قليلين، كان حضور جيد واستمرار وتواصل، وبنفس هذه الجمعة جرت ثمان تظاهرات في أماكن متفرقة من بغداد، وكذلك جرت في المحافظات، ألاّ أن الأعاصير والأمطار الهائلة التي هطلت، قطعت الأوصال، (وما حصل غرق الشوارع) هو جزء من فساد الحكومة، ثم لا نتصور التظاهر في ساحة التحرير فقط رغم أهميتها الجغرافية والرمزية، فالتظاهرات حصلت في أماكن متعددة.

ما بشأن التنسيق مع التيار الصدري في المحافظات؟

-
ستتم بالمستقبل القريب.

ما رأيكم بقرار البرلمان الذي صدر يوم 3/11/2015 بسحب التفويض من السيد العبادي؟

- ما حصل هو ما نبهت عنه في حديثي، القرار الذي اتخذه مجلس النواب بسحب التفويض الممنوح الى رئيس مجلس الوزراء لتنفيذ الإصلاحات المقترحة، هو في الواقع انقلاب في وضح النهار على وجهة الاصلاح، وهو انما جاء ليمنح حيتان الفساد غطاء يحميهم.

فالتحجج بالدستور الذي انطلق منه القرار، ليس إلا ذريعة لعرقلة وإجهاض أي تحرك في اتجاه الإصلاح. وان كلمة الحق التي يتضمنها بان تحتفظ كل سلطة بصلاحياتها، يراد بها باطل. انه الإلتفاف على فكرة الإصلاح، وغايته دفنها قبل أن تنطلق بتطبيقها العملي والفعال.

وقد تمت صياغة القرار بدهاء كي يبدو في شكله بريئاً، دستورياً مجرداً، وبما يغطي على محتواه الانقلابي. وان من غير الممكن فهم حقيقته من خلال كلماته، بل لا بد من العودة الى خلفياته.

حيث شهدت الساحة السياسية سلسلة من الصراعات والمناكفات والتصريحات المضادة للحزم الإصلاحية، التي لا نخفي نحن ايضا ملاحظاتنا في شأنها. والكل يعلم ان حيتان الفساد أفادت من تلكؤ رئيس الوزراء في تنفيذها وتردده وتباطؤه، ولجوئه الى إجراءات تقشفية انتهت بمشروع سلم الرواتب، الذي اصطدم برفض واسع.

حددنا موقفنا من كل قرار وإجراء وفقا لمدى اقترابه من هدف الإصلاح او ابتعاده عنه. وان من غير الممكن تلمس جدية مجلس النواب في الإصلاح، الا من خلال ما أنجزه فعلا لدفع عملية الإصلاح قدماً وتعميق منهجها، وجعلها وجهة حقيقية له. لكننا لم نلحظ في مجلس النواب في الأسابيع القليلة الماضية، انشغالا بموضوع الإصلاحات، او متابعة تذكر لها، ولا معالجة لمكامن الخلل فيها، او سعياً الى تشريع ما ينبغي تشريعه من فقراتها.

ثم ان المحك الصادق هنا هو ما فعله المجلس لتنفيذ حزمته الإصلاحية، التي احتوت على 24 نقطة، والتي لم يسمع احد شيئا عنها بعد يوم إعلانها، ولا يعرف ماذا حل بها.

إننا ندرك ان حيتان الفساد استوعبوا اليوم الصدمة، التي هزتهم بخروج مظاهرة الأسبوع الأول، وها هم يعيدون تنظيم نفسهم، ويتأهبون للهجوم المضاد.

والحقيقة هي أنهم ما كانوا ليجرؤوا على ذلك لولا تردد رئيس الوزراء، الذي غابت عنه الرؤية الواضحة للإصلاح، ولم يطرح برنامجا متكاملا لتنفيذه، ولم يعتمد منهجا علميا في التنفيذ يتضمن وحدة قياس، ولم يعلن عن تشكيل فريق عمل إصلاحي، او يحول الحكومة الى حكومة إصلاح. كما لم يسهم في تشكيل كتلة برلمانية إصلاحية، ولم يبذل أي جهد لإحداث استقطاب سياسي، يشكل من خلاله جبهة إصلاح تقابل جبهة الفساد التي توحدت ضد الشعب.

وأخيراً نقول: يتوهم من يعتقد ان الشعب سيسكت هذه المرة. فقد انطلق في طريق مناهضة الفساد، وقال كلمته القاطعة المدوية، وسيحول ما قاله الى فعل يهز عروش الفساد.

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter