|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  21  / 9 / 2007                             د. مزاحم مبارك مال الله                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الكوليرا
من أمراض الصيف


د. مزاحم مبارك مال الله

الكوليرا من الأمراض التي تنتشر جراء تغير درجة الحرارة كنتيجة لشيوع إستخدام وتناول السوائل ومنها ما يباع في العربات والمحلات...الخ ، فالبكتيريا التي تسبب المرض ستجد وسطاً سهلاً وسريع للأنتشار بين ضحاياها ألاّ وهم الناس .المرض هو من أمراض الجهاز الهضمي، حاد وخطر جداً على الحياة ،تسببه نوع من البكتيريا تسمى(فايبريو كوليرا)،موطنها الأصلي في وديان أنهار الشرق الأقصى،هذه المناطق تمتاز برطوبة عالية وكثافة سكانية عالية أيضاً ، ونتيجة لسلسلة من حالات الوباء التي عمّت تلك المناطق فقد تفشى المرض الى الشرق الأدنى ومناطق مختلفة أخرى من العالم،وأصبح متوطن في العديد من بلدان العالم ومنها وطننا العراق.(الأمراض المتوطنة تعني أمراض تسببهها ميكروبات تستمكن وتقبع في رقع جغرافية معينة جراء عوامل عديدة ولكنها تنشط وتتكاثر وتتحول الى فعالّة حالما تتوفر الظروف المناخية والبيئية المناسبة لها).
إن صنف(ال ـ تور) من أصناف بكتيريا مرض الكوليرا هو المسؤول عن حصول الحالات الوبائية في العراق. إن الجرثومة تمر في خروج المصاب وفي قيئه ، ولكن نفس الجرثومة نجدها في خروج وقئ أعداد كبيرة من أشخاص لاتظهر عليهم أعراض المرض بشكل واضح ولأيامٍ معدودات (هؤلاء الأشخاص نسميهم بحاملي المرض) وهنا مكمن الخطورة.إن الجرثومة تعيش لمدة أسبوعين في الماء الأعتيادي وتستطيع أن تبقى حيّة لمدة ثمانية أسابيع في المياه المالحة. إن إنتقال المرض عادة يتم عن طريق وبواسطة ماء الشرب الملوث ، بيوض الأسماك ، والأغذية الملوثة، ومن وسائط نقل المرض الحشرات وكذلك أيادي العاملين بأعداد الطعام .
 
ماذا يحصل عند الإصابة :
بعد دخول البكتيريا الى جوف الإنسان فإن أعدادها ستتضاعف في الأمعاء الدقيقة ولكنها لاتخترق جدار الأمعاء وإنما ستفرز مواد شديدة السميّة ، هذه المواد ستحفّز مواد بايو ـ كيمياوية معقدّة التركيب في النسيج المخاطي للأمعاء ، هذا التحفيز يؤدي الى تدفق سوائل الأمعاء الدقيقة وكذلك يؤدي الى تعطّل آلية إمتصاص السوائل ، وأزاء كل هذا فسينتج عن ذلك جفاف شديد جداً وبالنتيجة ستحصل حالة التحمض(ارتفاع حموضة الدم) وهي من الحالات الخطرة جداً ، أضافة الى نضوب الصوديوم والبوتاسيوم مؤدياً الى خلل تام بالسلسلة المتوازنة لكيميائية الجسم لتنتهي بعجز الكليتين .

الصورة المرضية :
بعد فترة حضانة (وهي الفترة المحصورة بين دخول الجرثومة الى الجسم وبين ظهور الأعراض والعلامات) تتراوح بين عدة ساعات الى خمسة أيام فالمريض يعاني من إسهال شديد جداً وبدون ألم أو مغص . إن تدفق السوائل يكون بشكل غير مسبوق من المعدة والأمعاء .بعد أن تطرح كافة المكونات الخروجية فإن المريض سيطرح بأخرجه علامة تشخيصية خاصة بالكوليرا ألا وهي ـ سوائل تشبه ماء الرز ، يسميه العراقيون بالفوح ـ إن هذه السوائل تحتوي على الغشاء المخاطي للأمعاء ، وفي حالة فقدان كميات كبيرة من السوائل والأملاح فسيؤدي ذلك الى جفاف شديد وتشنجات عضلية إنقباضية ،الجلد يكون بارد ودبق ومتجعد ، أما العينين فتكونان غائرتين ،هذا أضافة الى هبوط ضغط الدم والنبض يصبح غير محسوس مع إنقطاع البول ومع كل هذا فالمريض يبقى في حالة وعي تام .
ومالم تعوض السوائل والأملاح بسرعة فالمريض سيموت خلال ساعات نتيجة فشل الدورة الدموية بينما في المعالجة السليمة والسريعة للحالة فيمكن إنقاذه.
إن نسبة وفيات الأطفال جراء الأصابة بالكوليرا عالية إذا ما قورنت بنسبتها لدى الكبار وذلك جراء تعرضهم الى مضاعفات خطيرة جداً بسبب الأسهال .

التشخيص :
في حالات الوباء فتشخيص المرض يكون سهلاً ولكن في حالات أخرى فنحتاج الى مقارنات بكتريولوجية . إن بكتيريا الكوليرا يمكن عزلها وفحصها تحت المجهر ، إن زراعة الخروج أو أخذ خزعة من المخرج يستعملان لعزل الجرثومة.

العلاج :
إن الهدف الأساسي والرئيس هو تأمين جهاز الدوران وذلك بتعويض الماء والأملاح . وكلما كان التعويض أسرع كلما كانت النتائج أكثر ايجابية ( بالأمكان أستعمال الوريد الفخذي الكبير في التعويض الأسرع ولحين عودة النبض والضغط الى وضعهما الطبيعي ) .
إن تقييم حالة الجفاف تعتمد على الوضع العام للمريض أضافة الى ضغط الدم والنبض وحالة الجلد . في حالة عدم حصول المسعفين على أوردة للمريض أو عدم وجود عدّة السوائل الوريدية فبالأمكان إستخدام الأنبوب الأنفي ـ المِعَدي لتعويض السوائل .إن التقيؤ عادة ما يتوقف حال عودة التوازن المائي وهنا يفضّل إعطاء المريض سوائل عن طريق الفم . إن كمية السوائل بالأمكان من حسابها على ضوء كميات الأدرار والتقيؤ والأسهال .
إن مجمل السوائل التي تعطى للمصاب تقارب خمسين لتراً خلال يومين ـ خمسة أيام .إن السوائل يجب أن تحتوي على الصوديوم ، البوتاسيوم ، الكلورايد ، البايكاربونيت ، والكلوكوز ) ، إضافة الى بعض العلاجات منها مضادات التقيؤ والتتراسايكلين أو الميثبريم .

الوقاية :
المحور المركزي هو النظافة والأبتعاد عن أي مصدر من مصادر التلوث ، يجب أن يكون مصدر الماء نظيف ومعقم وربما نضطر لغلي الماء زيادة بالحيطة ، أضافة الى الأمتناع عن تناول السوائل والمرطبات والعصائر من الأسواق ، عدم تناول الأغذية المكشوفة للحشرات وخصوصاً الذباب ( الذي ينتشر بمثل هذه الأجواء )،الأبتعاد جهد الأمكان عن الأستخدام المشترك للأواني مع الغرباء أو المستطرقين وخصوصاً الأقداح التي يكثر أستعمالها بالظروف الجوية الحارة في المحلات العامة .

إن مصادر التلوث تنحصر بالأتي :ـ
1. عربات بيع العصائر والشرابت واللبن .
2. الثلج الذي يباع في الأسواق .
3. المطاعم الشعبية ومحلات وعربات الأكلات السريعة والجاهزة .
4. محلات وأماكن وعربات بيع اللحوم والأسماك المكشوفة للحشرات .
5. محلات وأماكن وعربات بيع الفاكهة والخضر المكشوفة للحشرات .
6. المشروبات الغازية المصنّعة في البيوت .
7. الأستخدام المباشر لمياه الأنهار والسواقي والترع .
8. العاملين بأعداد وطهي الطعام في الأماكن العامة والشعبية .
من المفيد جداً أن نلفت الأنتباه الى ضرورة قياس نسبة الكلور في ماء الأسالة ، إن هذه المهمة تقوم بها فرق الوقاية الصحية بأستخدام كاشف خاص متوفر لدى تلك الفرق ، علماً إن النسبة المقبولة هي 50، ـ 75، .إن هذه الفرق موجودة في كل مؤسسة صحية في العراق .
وأخيراً أحموا أنفسكم فلا يوجد لقاح ضد الكوليرا .

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter