|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس  5  / 12 / 2013                                د. مظهر محمد صالح                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الوقود الاخضر.... لماذا؟

د. مظهر محمد صالح

تظافرت ستراتيجيات المنظمة الدولية للطاقة ، كتكتل يمثل مصالح المستهلكين لمواجهة تحركات اسعار اسواق النفط وقوة سياسات منظمة الاوبك بالذات بكونها كارتل يعبر عن مصالح المنتجين.، مع الدعوات التي ضغطت بها المنظمات غير الحكومية و المعنية بالحفظ على البيئة ،والتي جميعها انتهت بحث العديد من البلدان الصناعية و الناشئة الى اصدار تشريعات تجيز انتاج الوقود المستخلص من المحاصيل الزراعية وعده كبديل عن الوقود الاحفوري اوغيره والذي سمي (بالوقود البايولوجي او الوقود الاخضر)

فالولايات المتحدة التي تستهلك يوميا حوالي 21 مليون برميل نفط ، لا تمتلك القدرة الا على انتاج حوالي 5 ملايين برميل نفط خام ونيف يومياً ، وانها تسد فرق احتياجاتها بين الاستهلاك والانتاج عن طريق استيراد نفوطها من كندا بشكل اساس والسعودية والعراق وغيرها. كما وقع الرئيس الامريكي جورج بوش الابن في العام 2007 قانوناً سمي : بقانون أمن الطاقة واستقلالها، ذلك في خضم الهوس الذي ساد الاوساط الامريكية نحو سياسة الفطام التدريجي عن النفط الخام والابتعاد عن الاعتماد على النفط الاجنبي المستورد وتحقيز انتاج بدائل الوقود المستخرج من غير النفط وتخويل المؤسسات البحثية والانتاجية في مجالات الطاقة لجعل الاقتصاد يسير بعجلة وقود افضل ما هو عليه حاليا .

إذ يلزم القانون الجديد اضافة 36 مليار غالون من الوقود الاخضر (الاثنول) الى الوقود الحالي في محطات البانزين حتى العام 2022.ويعد (الاثنول) هو الاخيار الوحيد من الوقود الاحيائي او البايولوجي لمزجه مع الكازولين(البانزين) .و(الاثنول) هو نوع من الكحول المستخلص من محصول الذرة. حيث تقول مؤسسات الابحاث الامريكية,بأن خلط البانزين بالاثنول يزيد من درجة الاوكتين في المزيج الجديد ويقلل من نسبة الانبعاثات التي تخلفها عوادم السيارات من الاكاسيد الاحادية (على حد قولهم). وبالرغم من سعة التبريرات التي تتداولها الاوساط البحثية عن فوائد الاثنول ومناقعه في الحياة الاقتصادية في القرن الحالي،الا ان البرفسور ديفيد بمينتيل من جامعة كورنيل الامريكية والمتخصص بالشؤون البيئية والزراعية،وجد انه ينبغي صرف 29% من موارد الطاقة زيادة عن المعدلاتها الحالية للحصول عل الاثنول المكاقيْ الى البانزين!! كما وجد علماء الطاقة والزراعة الاميركان ،بأنه لو تم استخدم كل كيلوغرام منتج من الحنطة والرز وحب الصويا والذرة في الولايات المتحدة وتحويلهم الى وقود، فأن اميركا لا تحصل على اكثر من 4% من استهلاكها الحالي للطاقة !!!

كما وجد الباحثين العاملين بهذا الشأن في جامعة برنستون الامريكية ،ان تحويل مساحات الاراضي الزراعية الي مزارع لانتاج الذرة حصرياً بدلاً من التنوع النباتي في المحاصيل الاخرى لغرض الحصول على وقود الاثنول فان الانبعاثات التي ستبعث بها تلك المزارع من اكاسيد ملوثة للبيئة سيعادل ضعفي ما تبعث به البيوت الزجاجية .آخذين بالاعتبار انه بحلول العام 2022 ينبغي ان تزداد زراعة الذرة في الولايات المتحدة(الذي يشكل انتاجها حوالي 42%من الانتاج العالمي من الذرة) بمقدار (ست مرات) ماعليه الوضع حالياً ،في وقت مازال فيه الطلب العالمي على الذرة يتزايد سنوياً للاغراض العلفية وبشكل متصاعد،وان مصادر وثيقة في صندوق النقد الدولي عزت (نصف) اسباب ارتفاع اسعار الذرة عالمياً في السنوات الخمس الماضية ( وبمعدلات زيادة قاربت اربع مرات معدلات اسعاره الطبييعية) نجمت عن تحويل الذرة الى وقود الاثنول في الولايات المتحدة. وبناءً على ذلك دقت الهيئات المستقلة التابعة للامم المتحدة في العام 2007 جرص الانذار بضرورة تعليق نشاطات تحويل الذرة الى وقود الاثنول لمدة لا تقل عن خمس سنوات.ولكن يبقى السؤال هل ثمة فائدة في تغير اهداف المعادلة الزراعية العالمية في انتاج المحاصيل والسعي بأتجاه الحصول على منافع طاقة حتى وإن كانت ضئيلة بديلة عن النفط الخام؟الجواب كلا لافائدة اقتصادية تستحق التغيير....ولكن النفط ما زال سلعة سياسية حاكمة في العلاقات الدولية!!

ختاماً : ادهشتني واحدة من شركات الجكليت او الشكولاتة الامريكية التي استطاعت في سبعينيات القرن الماضي من ان تنشىْ محطة لبيع وقود السيارات قرب مصنع الجوكليت العائد اليها .إذ كان الوقود المصنع هو من مخلفات الجوكليت الذي انقضت مدة صلاحيته ولم يتاح بيعه في محلات التجزئة.نعم ادهشني العقل الاقتصادي الامريكي في كيفية استغلال موارده بالشكل الامثل في هذه الحالة للحصول على الوقود الاخضر وبشكل حصري!!
 


بغداد 4 تشرين الثاني 2013

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter