|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس  28  / 11 / 2013                                د. مظهر محمد صالح                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الصين مطرقة من حديد!

د. مظهر محمد صالح

مثلما عشقت الصين واعتنت بمصنوعاتها الفولاذية من عدد واسلحة وأدوات بأشكال بدائية منذ تاريخ يعود في قدمه الى عهد سلالة (هان) التي حكمت تلك البلاد قبل اكثر من 1800سنة مضت،فأن الصين غدت اليوم تٌعرف بمصنع فولاذ الكرة الارضية. إذ تمتلك هذه البلاد حالياً اكثر من 700 مصنع لانتاج الفولاذ يرافقه اكثر من 7000 مصنع يتولى انتاج انواع مختلفة من الحديد . كما ارتفعت حصة الصين من انتاج الحديد الخام (البالغ انتاجه العالمي حالياً بأكثر من مليارين و400 مليون طن متري سنوياً) من نسبة 15% في سنة 2000 ميلادية من الانتاج العالمي الى حوالي 38% في الوقت الحاضر. وان معدلات نمو صناعة الحديد تتزايد في تلك البلاد بشكل مضطرد وعلى نحو يزيد على 20% سنوياً. وهو يتخطى بذلك حتى نمو الناتج المحلي الاجمالي السنوي للصين نفسها و الذي يعد الاعلى في العالم .علماً ان ما تنتجه الصين من حديد الفولاذ سنوياً يفوق في الوقت الحاضر اجمالي انتاج كل من:(روسيا والبرازيل وأوكرانيا والمانيا والهند وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الامريكية) مجتمعةً. كما يلحظ وعلى سبيل المفارقة، ان انتاج الصين السنوي من حديد الفولاذ (الفائض) لوحده و البالغ 100 مليون طن متري ، يفوق اجمالي انتاج الولايات المتحدة السنوي من حديد الفولاذ نفسه . ولا ننسى يوم اغلق مركز الحديد الامريكي مصانعه العملاقة في عاصمة الحديد الامريكي ة(بتسبورغ) في ثمانينيات القرن الماضي وجرى تسريح اكثر من 120الف عامل صناعي امريكي ليمسوا ضحايا منافسة الحديد الاجنبي الرخيص جداً وقت ذاك. وهكذا فأن الصين التي اضحت واحدة من اكبر بلدان العالم إنتاجاً للفولاذ ، صارت بحق تٌمثل (الحوت) الذي يلتهم لوحده اكثر من نصف صادرات العالم من خامات الحديد ، والتي تذهب بنسبة 98% الى صناعة حديد الفولاذ مباشرة.

وغدت صناعة الفولاذ اليوم العمود الفقري في الاقتصادات المعاصرة ، والذي يعد احد اهم المكونات الرئيسة في صناعة السيارات والسفن والابنية ووسائل الانتاج المختلفة.

ان العرض المستمر من خامات الحديد المنتج في العالم هو شرط الضرورة الذي يجعل افران الحديد مشتعلة باستمرار دون توقف. ومن حسن الحظ ان 5% من القشرة الارضية تحتوي صخورها على خامات الحديد، وعلى الرغم من ذلك فأن طلب الصين على خامات الحديد بهذا الشكل المتصاعد ادى الى ارتفاع اسعار الحديد في العالم. فبين العام 2002و2008 ارتفعت اسعار الحديد حوالي اربع مرات فوق معدلاته الطبيعية في مطلع القرن الحالي. وبناءً على ذلك وضعت القيادة الصينية في ذهنها فكرة شراء اسهم في صناعة انتاج خامات الحديد في العالم وامتلاك البعض الاخر في مناطق مختلفة من العالم بكونها اكبر منتج وكذلك اكبر مستهلك للحديد في العالم . وان غاية الصين من توجهاتها الجديدة نحو مناجم الحديد في العالم هو تكوين (احتكار قلة) في مجال الحديد يعمل لمصلحة الجنس الاصفر. وان استراتيجية الحديد في بناء اقتصاد الصين توازي استراتيجيتها الراهنة في البنية التحتية التي تعظم الانتاجية والنمو في الناتج المحلي الاجمالي السنوي.

ختاماً : وعلى الرغم من مرور اكثر من ستة عقود على رواية معلمنا في درس الاشياء او العلوم الحياتية يوم روى لنا حكاية عن سكان بلاد الصين الذين اعتادوا و منذ الصغر على لبس الاحذية الحديدية والتي لا تفارقهم وهم يحتذونها بشكل مستمر بغض النظر عن نموهم العمري وهي قوالب ملاصقة لارجلهم والى اجل غير مسمى!! وحتى اللحظة لم افهم السر وراء تلك الرواية و لبس ابناء الامة الصينية لذلك الحذاء الحديدي في تلك العهود ؟ لا ادري هل كان لبس الحذاء الحديدي في الصغر شفرة السير نحو القوة الاقتصادية المقبلة للصين عند الكبر؟ لا ادري!.
 


بغداد في 24 تشرين الاول 2013

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter