|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 8/4/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


ارهاب مبرمج ضد وسائل الاعلام في العراق

مصطفى محمد غريب

في هذا الزمن الذي إنقلبت فيه الكثير من الحقائق بعيداً عن أعراف الاصول  المتعارف عليه حضارياً وقانونياً وامنياً كل شيء متوقع حدوثه في العراق ولا سيما اذا اصبح البلد ( خانجخان ) واننا نعرف ان هناك من يستطيع ان يرتكب اكبر الجرائم والموبقات ولا يوجد من يستطيع محاسبته وفق القانون المُشرع، لان امكانيات التنفيذ لن يعيقها اي عائق الا اللهم من له حسابات خاصة ومصلحة لعدم التنفيذ، ولا يستغرب المواطن اذا ما اطلع على اخبار يوم الاثنين 2/4/2013 التي حملت ارهاب يختلف عما يجري او المعتاد الذي اعتاد عليه المواطن مثل التفجيرات والاغتيالات بمختلف الطرق وفي مقدمتها كاتم الصوت، والبعض من المسؤولين الكرام يعددون بين فترة واخرى انجازات عظيمة ي مجال الديمقراطية وحرية الرأي وحرية وسائل الاعلام  بما فيها الاستقرار الامني وكانهم يقولون نحن نعرف من اين تأكل الكتف، هذا الارهاب القديم المستجد هو استهداف وسائل الاعلام غير المطيعة وغير التابعة لاحزاب الاسلام السياسي او التي تقدم الخبر او الموضوع بدون التبعية انما للحقيقة والكشف عن الواقع والوقائع، وليس اعتباطاً ماجرى ويجري من تجاوزات علنية وسرية من قبل البعض من الاجهزة الامنية المرتبطة بجهات مسؤولة او من قبل مليشيات مسلحة طائفية تتوزع حسب المنظمات واحزاب الاسلام السياسي، فضلاً عن المنظمات الارهابية هذه التي تعيش على فرق تسد وتستغل اية ثغرة لتقوم محل المجزرة لتجزر رقاب المواطنين الابرياء، ولهذا اعتبر العراق من اكثر البلدان التي يغيب عنها القانون ان كان لحماية المواطن أو لحماية الصحافيين ووسائل الاعلام الحرة، ولم نسمع مثلاً منذ سنين عن اي متابعة قانونية او معاقبة لأولئك المجرمين المعروفين  الذين يرتكبوون الجرائم بالضد من وسائل الاعلام اوالصحافيين، كما ان حماية الصحافيين والاعلاميين تكاد ان تكون معدومة فقد بلغ ومنذ عام 2003 حوالي ( 261) قتيلاً ان كانوا عراقيين او عرب وسجل اختطاف ( 64 ) صحافياً ومازال مصير البعض مجهولاً، حتى ان الاجهزة الامنية أما أنها باتت شبه عاجزة أو تسبل النظرعن كشف المرتكبين لهذه الجرائم مع العلم انهم يتحركون امام انظار الجميع.
 

لقد كان يوم الاثنين بوقائعه وفي مقدمتها الهجوم الفعلي على البعض من وسائل الاعلام التي حدثت شاهداً حياً على ما يرتكب من جرائم وتجاوزات تضاف على تلك الجرائم بحق الاعلام الحر والمستقل، فقد قامت مجموعات اقل ما يقال عنها ارهابية بمهاجمة (4) صحف عراقية مستقلة وبعد ان اقتحموا مكاتبها راحوا يخربون المحتويات ولم يكتفوا بالايدي فقد استخدموا السكاكين والادوات الجارحة وقنابل مولوتوف وكأنهم يقاتلون قوى اخرى مسلحة وليس مكاتب لا تحتوي الا على الاوراق والاخبار، وكأن العاملين فيها من صحافيين ومراسلين او حراس قوى مسلحة تحمل السلاح، لانهم يعتبرون وهو صحيح كل الصحة  أن الفكر والقلم الحر والصادق سلاح يستطيع ان يجلى الضباب عن عيون المواطنين ويظهر الحقيقية وعليه يجب ان يحطم ويعاقب صاحبه بالضرب او الاغتيال، انهم فعلاً " بلطجية " ولا يختلفون عن اي بلطجية من عتاة المجرمين الذين يتحركون باصابع خفية لطالما تختفي تحت مظلة الدين وحتى القانون، والا كيف يمكن تفسير هذا الهجوم على وسائل الاعلام بدون رصد مسبق ومتابعة حثيثة حتى انطلاق ساعة الهجوم وتوقيتها في هذه الظروف الحرجة لينتقل المشهد التراجيدي من التفجير وغزارة الدم العراقي ومن القتل المبرمج بوسائل عديدة في مقدمتها كاتم الصوت الى المشهد المسرحي لتحجيم وسائل الاعلام وبخاصة الصحف ومحاولة تكميم الافواه والاقلام عن ذكر المشهد المأساوي الذي يخيم على اكثرية محافظات البلاد بدون ان نفهم دور المؤسسات الامنية وموقفها الصامت بعدم كشف المجرمين العتاة وهم يعيشون بين ظهرانيها، وحتى قد يكونوا من الذين استغلوا هذه المؤسسات للتمويه والتغطية على تحركتهم، والا لن يكون مستغرباً أيضاً عندما يتبادل الى الذهن عن التغطية الامنية لهذه الهجمات والاعتداءات وبهذا الزخم اليومي لكي يخلقوا حالة من الخوف والرعب تذكرنا بايام النظام السابق ومؤسسته الامنية التي كانت تتنوع في تكويناتها واساليبها لخلق حالة من الرعب  (حتى الحائط له اذان) وليتصور المرء عندما تعاد الفكرة : أن من لاتعرفه ولا يعرفك قد يغتالك لمجرد الشك او لمجرد الانتقاد والاعتراض السلمي، فالذين يحملون كواتم الصوت معروفين ولا يمكن كما يقال  أن " هل يخفى القمر!! " ولو عددنا ضحايا هذه الالة الجهنمية  من مثقفين واعلاميين ومسؤولين نزيهين ومواطنين محتجين وشرطة ومن الجيش لما استطعنا تفسير ظاهرة عدم الوصول الى الجهات الحقيقية المسؤولة عن كل هذه الجرائم، فكيف يتم الاغتيال؟ ولماذا لم تستطع الجهات الامنية بما فيهم المسؤول الاول في الدولة والقائد العام للقوات المسلحة وهذا الرهط الكبير من الضباط ذوى الرتب العالية وغير العالية وهذا الكم من المنتمين لهذه المؤسسات العلنية والسرية من عدم التوصل للمنابع التي تقوم بالدعم المادي واستمرار ظاهرة القتل اليومي العلني؟ كيف يستوعب المواطن  هذا القتل المبرمج لناشطين في منظمة تموز للتنمية الاجتماعية لا لسبب الا لانهم من الوطنين الديمقراطين الذين يقفون بالضد من الارهاب والتطرف؟ إن الجواب الوحيد لدى السيد المسؤول الاول ولقائد العام  ووزارتي الداخلية والدفاع والمنظومة الاستخباراتية والامنية المرتبطة مع... الله يعلم؟
 

إن الحديث عن الارهاب وتاريخه في العراق طويل وله صفحات بائسة سجلت لكي تكون شاهدة في اي وقت على ما ارتكب من جرائم بحق الشعب والقوى الوطنية الشريفة ، وان ممارسة الارهاب بشقيه الحكومي او المنظمات الارهابية والمليشيات المسلحة اصبح معروفاً ومكشوفاً مهما حاول البعض التستر عليه بحجج واهية، ولهذا فان الممارسة الارهابية ضد وسائل الاعلام من الصحف الوطنية ليس هي الاولى فقد سبقتها اعتداءات كثيرة ومتنوعة ومع ذلك تكاد ان تكون بادرة للممارسات اخرى سوف تطول صحف ووسائل اعلام وطنية تعارض الاساليب اللاديمقراطية ان كانت في دوائر الدولة أومؤسسات ينخرها الفساد، او في قضيا الاقتصاد والتجاوز على المال العام وخرق حقوق الانسان، وقد يكون الهجوم من قبل مجموعة مدربة وموجهة هو انذاراً لا يحمل بين طياته السكاكين والادوات الجارحة او الاعتداء على العاملين في مقرات الصحف الاربعة بل سوف يحمل الاسلحة النارية وكاتم الصوت للتخلص من الصحافيين غير المرغوب بهم  والذين قد سجلت اسماء اصحابها لاستكمال عمليات ارهابية اكثر اجرامية مما سبقها، واذا لم يعاقب المعتدين بتقديمهم للعدالة وكشف الحقيقة وهم معروفين كادوات او ممن خطط لهم ودفعهم لهذا العمل الاجرامي الشنيع فسوف يسهل العمليات القادمة التي ستهدف وسائل الاعلام ولهذا يجب ان يرتفع صوت الادانة والمطالبة بالكشف ليس عن هؤلاء المجرمين فحسب بل عن تلك الجرائم ومقترفيها بالضد من المثقفين الوطنين والديمقراطين وتقديمهم للعدالة لينالوا عقابهم القانوني .

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter