|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  7 / 7 / 2015                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 انتظار النتيجة والإحالة للقضاء والمحاكمة القانونية

مصطفى محمد غريب

منذ قرار تشكيل اللجنة التحقيقية البرلمانية المختصة بقضية تسليم أو سقوط الموصل ( عند القول تسليم أو سقوط لأننا ننتظر قرار اللجنة التحقيقية ) نقول منذ تشكيل اللجنة والمباشرة في التحقيق وملايين العراقيين والرأي العام ينتظر النتيجة، تحديد الأسماء المسؤولة كي يحال المتهمين للقضاء والمحاكمة القانونية ونتمنى أن تكون المحاكمة علنية مثل المحاكمات العلنية للدكتاتور والبعض من أقطاب النظام السابق، الكشف عن النتيجة والإحالة إلى القضاء ليس هي رغبة شخصية أو حزبية أو دعاية انتخابية ولا هي نوع من الانتقام السياسي بل هي مطلب عام من أكثرية المكونات والعديد من القوى السياسية والدينية ما عدا تلك التي تحمل الريبة لحماية البعض من مسؤوليها ممن كانوا على رأس الحكومة في الثمان السنوات العجاف قبل حكومة حيدر العبادي ، فالطلب بكشف النتيجة لا على أساس المحاصصة والتوافقية هي قضية تثبيت العدالة الرادعة ومحاكمة من كانوا في موقع المسؤولية وتحملهم الجزء الأكبر في إصدار القرارات الرئيسية، والإحالة هي تزكية للسلطة القضائية وعدالة القضاء العراقي بالابتعاد عن التأثيرات السياسية والتدخل في شؤون السلطة القضائية ومحاولة الهيمنة والاستئثار من أجل المصالح الضيقة، وكان الفروض أن نسمع صوت السلطة القضائية الاتحادية في هذه القضية الحيوية مثلما حدث بالنسبة لقضايا النزاهة بإصدار أوامر القبض في الحالات " الموجبة قضائياً " فقد شدد مدحت المحمود رئيس السلطة القضائية الاتحادية على "إصدار أوامر القبض والتوقيف بقضايا النزاهة" ثم تأكيده على"استقلالية عمل هذه المحاكم وعدم التأثير على أعمالها وقضاتها وأعضاء الادعاء العام العاملين فيها". من هذا الاتجاه المفروض بالسلطة القضائية ورئيسها إبداء الرأي فيما يخص المتهمين المقصرين في قضية الموصل، لكن على ما يظهر من سير التحقيقات والأحداث أن التباطؤ والمماطلة لهما أهداف مخفية قد تضر حين إظهار الحقيقة لا بل قد تكون دليلاً على نمط العلاقات والضغوط السياسية التي تمارس من داخل اللجنة البرلمانية التحقيقية بعدم إماطة اللثام عن اللئام وعن النتيجة الصحيحة وبخاصة بعد أن نشر أخباراً للأجوبة التي كتبها مسعود البرزاني رئيس الإقليم وأسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية بينما لم نسمع سوى إعلامياً عن أجوبة نوري المالكي رئيس الوزراء السابق بدون أي إشارة من قبل حاكم الزاملي رئيس اللجنة أو احد أعضاء اللجنة البرلمانية حول استلامهم أجوبة نوري المالكي بشكل رسمي، إلا أن هناك تأكيدات على وصول أجوبة المالكي للجنة البرلمانية التحقيقية.

لقد بدأت البعض من القوى السياسية ترفع عقيرتها بطلب " المحاكمة " للذين تثبت أدانتهم في قضية الموصل وجاء على لسان العديد من البرلمانيين وممثلين عن الكتل السياسية في 1 / 7 / 2015 " المطالبة بمحاكمة نوري المالكي " وقد حُددت المطالبة باتهامه في " سقوط الموصل " مما أثار حفيظة ممثلو حزب الدعوة وجرى توجيه الاتهامات من قبلهم للذين طالبوا بالمحاكمة بوصفهم كالعادة " بالمتآمرين " لكن عضو اللجنة البرلمانية التحقيقية وممثل حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني عادل نوري أكد على ضرورة محاكمة نوري المالكي " لدوره في سقوط الموصل " وتابع مؤكداً " أن قائد القوات البرية في عهد المالكي حَمّلَ خلال التحقيقات رئيس الوزراء السابق مسؤولية سقوط الموصل، بإصداره أوامر للقادة العسكريين بالانسحاب دون قتال، الأمر الذي سهل دخول التنظيم للموصل، ليتوسع بعدها إلى ديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار" .

على ما يبدو إن الاتهامات والمطالبات العديدة والمتنوعة في قضية محاكمة المسؤولين عن مأساة الموصل والمناطق الأخرى أصبحت ملازمة باعتبارها إحدى المخارج القانونية والسياسية للأزمة، فليس من المعقول أن يفلت من العقاب القانوني أولئك الذين تسببوا في قتل الالاف وتدمير البنى التحتية وسرقة الأموال العامة! وليس من المعقول أن يُترك بدون مساءلة أولئك الذين تسببوا في التهيئة لسيطرة داعش في 10 / 6 / 2014 على الموصل ومن ثم صلاح الدين ومناطق واسعة من ديالى وكركوك وحتى بغداد بدون تقديمهم للقضاء والمحاكمة القانونية! ولا يعقل أننا لا نعرف بالضبط أسمائهم بشكل واضح لا لبس فيه ولا مداهنة أو إخفاء لأسباب في مقدمتها التوافقية والتستر والطائفية! ثم هل من المعقول لا يُعرف من هو المسبب الرئيسي بوجود قائداً للقوات المسلحة الذي يقود بالإضافة إلى هذا المنصب رئاسة مجلس الوزراء ووزارتي الدفاع والداخلية وتحت إمرته العديد من القواطع العسكرية ومن الرتب العسكرية الكبيرة ( ما شاء الله توجد " أكوام " من رتب فريق ركن قل ما هي موجودة عددياً في بلدان العالم ) ووجود عشرات المستشارين العسكريين وغيرهم؟ ثم كيف لا يدفعنا التساؤل ونحن نقرأ تصريح حنين قدو عضو اللجنة التحقيقية البرلمانية وهو يؤكد عن خلفية سقوط الموصل ويعتبرها حسب تصريحه كارثية ضخمة " فيما يتعلق بالتضحيات الكبيرة في الموارد البشرية وتحديات تقسيم البلاد والتضحيات المالية ونزوح الالاف من المواطنين، وعليه ستكون نتائج التحقيق ايجابية وشفافية" وبدورنا نؤكد إذا كانت نتيجة التحقيق " ايجابية " تقع تحت هاجس المسؤولية الوطنية وشرف الموقف القضائي!

إذن من المعقول أن نقلق ونتحسس بان العد التنازلي قد يكون لصالح "الطمطمة " أو إخفاء ما هو أهم وسيكون سيد المواقف التي تتشكل منها اللجنة البرلمانية التحقيقية لأنها تشكلت تقريباً وفق التوافقية والمحاصصة وليس المهنية المستقلة والمسؤولية الوطنية عن تأثيرات الكتل والأحزاب، وتبين من خلال التصريحات المنفردة العلنية أو ممن يسربون الأخبار بدون أسماء مخافة (من الله عز وجل!! ) أن هناك تشككاً في إمكانية اللجنة البرلمانية التحقيقية أو قدرتها على الكشف بشكل واضح بدون تأثيرات ولهذا شهد شاهد من بينهم فقد أكد عدنان السراج للشرق الأوسط وهو رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية والقيادي بائتلاف دولة القانون أن " المشكلة في العراق هي أنه من الصعب تحميل أحد المسؤولية لأن كل شيء عندنا محكوم بالمحاصصة، بما في ذلك تحمل المسؤوليات، وحتى لو كانت النتيجة سقوط مدن ومحافظات" والرجل قالها بصراحة وعلى قول الأخوة السوريين (الله يعطيه العافية) وليسمح القراء والمتابعين للموضوع بنقل قوله كاملاً وقد يكون طويلاً نسبياً وهدفنا ليس بالمغرض لأننا نريد الحقيقة وكشف اللثام عن اللئام للمحاسبة القانونية، حيث أشار عدنان السراج وللمصدر نفسه بأن سقوط الموصل ومحافظة نينوى ثم مدن ومحافظات أخرى "يستلزم بالتأكيد تحميل أحد المسؤولية بصرف النظر عما إذا كان قائدا سياسيا أم عسكريا، لكن يفترض أن يتم تشخيص الخلل وتحديد المسؤولية، وهذا ما لم يتم حتى داخل لجنة التحقيق البرلمانية التي أرى أنها ليست مؤهلة لإصدار أحكام كبيرة كهذه" واسترسل الرجل مؤكداً حول مسؤولية نوري المالكي أن "هناك نوعين من المسؤولية؛ الأولى كونه قائدا عاما، وبالتالي عليه تقع مسؤولية معينة يجب تشخيصها" أما ما قاله حول "الثانية خلط الأوراق بشأنه من خلال الإيحاء بأن المالكي هو من أعطى الأوامر بالانسحاب " فهو ادعاء سياسي دفاعي كالمثال " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " وليس بالقانوني فأوامر الحرب والانسحاب أو أية قضية تهم البلاد برمتها لا يمكن أن تصدر من أشخاص ثانويين في المسؤولية وبخاصة إن ثلث البلاد سلمت بشكل ما إلى تنظيم إرهابي معروف بعدائه لجميع مكونات الشعب ولا تختصر على مكون واحد والادعاء بان داعش يمثل مكون معين ويدافع عنه ليس بالحقيقة وهو كذب وافتراء لأنه عاقب ويعاقب هذا المكون بشكل بربري دموي لا مثيل لهو ما نشاهد الآن وما شاهدناه في السابق.

وخروج الخبر المنشور يوم الخميس 2 / تموز / 2015 في الشرق الأوسط حول أن رئاسة الجمهورية " تدرس مقترحاً يمنع تولي المالكي رئاسة الحكومة مجددا" دليل على عدم الأمان والتشكك على الرغم من عدم وجود توجه قوي ومكشوف لتشخيص العلة.

نختتم قولنا بأننا لا نريد ذر الرماد في العيون لأنه إذا ما انكشفت الغمامة فسوف ترى العيون ما كان على الواقع بعد إزالة الرماد منها، وبوضوح نطالب وعندما نقول نطالب بصفة الجمع فذلك ثقتنا بان أكثرية المواطنين العراقيين الأبرياء يطالبون بمحاسبة ومحاكمة المسؤول أو المسؤولين المباشرين عن هذه الحرب المدمرة وما نتج عنها من ضحايا وخراب وخسائر تقدر بمليارات الدولارات وهي قوت الشعب الذي عانى وما زال يعاني من الحروب ومن الإرهاب وفي مقدمتها ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" ونحن مازلنا ننتظر بفارغ الصبر! وعسى أن لا يكون انتظارنا طويلاً وبدون فائدة لمعرفة النتيجة لإحالة المسؤول الأول والمسؤولين الآخرين حول المأساة إلى القضاء والمحاكمة العادلة













 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter