|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  05  / 1 / 2015                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


 أمتاز عام 2014 بالجرائم والخطف والاغتيال والحرب!

مصطفى محمد غريب

لم يكن عام 2014 إلا عاماً متميزاً ومشهوداً في الخطف والقتل والاغتيال والحرب بالنسبة للعراق ووفق ما نشر على موقع الطريق للحزب الشيوعي العراقي يوم الخميس ( 1 كانون الثاني / 2015 ) " أفادت الأرقام التي تعدها وزارات الدفاع والصحة والداخلية، عن مقتل 15 ألفا و538 شخصا خلال 2014، بينهم 12 ألفا و588 مدنيا. وتعد الحصيلة أكثر من ضعف تلك المسجلة لعام 2013 والتي كانت (6,522 شخصا".. وهذا لا يعني أن الأعوام التي سبقته كانت بريئة وطبيعية، فباعتراف منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والمنظمات والمؤسسات التي تتخصص في الإحصاء وبعالم الجريمة التي تجتاح البعض من البلدان كظاهرة بان العراق يعتبر من الدول التي تعشش فيها الجريمة بمختلف مستوياتها وأسبابها، وان معدلات حوادث الخطف والقتل امتدت إلى مناطق عديدة من البلاد وقسماً من هذه المناطق تحت سيطرة قوات الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.

إن تاريخ الجريمة وأسبابها مرتبط بقضايا عديدة، وان تنوعها لم يكن محصوراَ بأسلوب أو طريقة محددة، إلا أنها شكلت في عالمنا المعاصر حقيقة ملموسة على مدى اتساعها وبشاعتها وحتى بربريتها المنافية لكل الأعراف الدينية والقوانين الموضوعية، فقد انتقلت الجريمة على امتداد العصور من الاعتداء على ممتلكات الآخرين وعلى حقوقهم إلى آليات الجريمة الأكثر تنظيماً وبخاصة في عالم السياسة والسياسي الديني كما أصبحت مؤسسات داخل المؤسسات الأمنية والتنظيمات السياسية والدينية وهي اليوم تهدد بشكل مباشر وغير مباشر الأمن والسلم الاجتماعي والتجاوز في اطر غير شرعية على المؤسسات التشريعية وقد تكون محمية من قبل السلطات الحاكمة باعتبارها أحدى الآليات التي تعمل بالضد من المعارضين السياسيين للسلطات الحاكمة وتمارس أعمالها الإجرامية المنظمة تحت أمرية السلطة الحاكمة أو حتى تكون بديلاً عنها لتطابق المصالح وتداخلها.

تمارس الجريمة الاعتيادية في العراق ( المقصود الجرائم العادية التي صاحبت المجتمعات البشرية ) منذ سنين طويلة لكن أسبابها تغيرت تدريجياً وتحولت من جرائم تخص السرقة بأنواعها أو التجاوزات على ممتلكات الآخرين بطرق غير شرعية أو جرائم الثأر أو ما يسمى بجرائم الشرف ...الخ إلى جرائم تختص بها المؤسسات الأمنية الحكومية وبخاصة بعد انقلاب 1963 ثم ظهور التنظيمات السياسية التي تتبنى جرائم الاغتيال السياسي، وهنا لا ننكر أن هناك جرائماً قد حدثت في السابق إلا أنها كانت قليلة جداً ولم تنتقل إلى ظاهرة تمارس تحت سمع وأبصار السلطات الثلاث مثلما حدث ذلك أثناء حكم البعث العراقي خلال 35 عاماً حيث مورست الجريمة المنظمة كشكل منهجي مارسته السلطة أو تواطأت في التوجهات والمواقف حتى باتت لا يمكن تفرقتها عن الأجهزة والمؤسسات الأمنية أو تلك المافيا التي قد نطلق عليها مافيا حكومية ولقد شهد العراق جرائم متنوعة فاقت الكثير من التوقعات وتوقفت بسقوط النظام ألبعثي واحتلال البلاد في 2003 .

أما مرحلة ما بعد الاحتلال فقد مورست الجريمة تحت أسماء وقضايا اختلف منهجها عن المنهجية السابقة وأضيفت لها جرائم المنظمات الإرهابية التي تستغل الدين والشريعة كما امتزجت بجرائم طائفية جديدة كانت غير موجودة قبل ذلك، وهي جرائم القتل على الهوية أو الاسم أو الانتقام الطائفي، واتسمت الجرائم أيضاً بعمليات الخطف والاغتيال وطلب الفدية المالية ،وقد اعتبرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بان عام 2014 هو الأكثر " عنفاً ووحشية " بسبب الجرائم التي ارتكبتها " داعش " التي انضوت تحت جرائم ضد الإنسانية، وذكرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الثلاثاء 30/ 12 / 2014 أن " عدد الانتهاكات بلغت ثلاثة ملايين و981 ألف و597 انتهاكا ارتكبتها العصابات الإرهابية في العراق" كما أكدت المفوضية أن عام 2014 قد سجلت فيه ( 4583 ) عملية اختطاف وعلى ما يظهر أنها تضاعفت في العام المذكور وأصبحت تدار بشكل منظم من قبل مافيا الجريمة والعصابات التي انتشرت بسبب ضعف الأجهزة الأمنية أو تحت سمع وبصر ودعم البعض منها بسبب الاختراق، إضافة إلى الفساد المنتشر فيها وفي مرافق الدولة، تضاف إليها جرائم الإرهاب والميليشيات الطائفية، وممارسة أعمال العنف التي نتج عنها حسب التقارير الموثقة من قبل المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية التي تعني بإحصاءات الوفيات في العراق مثل موقع (اراك بدي كاونت) الذي نشر بان عدد ضحايا العنف الموثقة في العراق لعام 2014 بلغت حوالي( 17 ) ألف مدني وهي تعتبر الأعلى من السنوات السابقة، هذه الإحصائيات لم تشمل عمليات القصف فقد نشرت شفق نيوز يوم الثلاثاء 30 / 12 / 2014 مثلاً أن حصيلة أحداث قصف الفلوجة حوالي ( 5 ) قتيل وجريح وقد تزداد النسبة في مناطق في الانبار وصلاح الدين وبسبب التفجيرات الإرهابية في محافظات أخرى مثل ديالى أصبحت ظاهرة الخطف في أعلى معدلاتها كما صاحبتها عمليات الاغتيال على الرغم من استقرار البعض منها ووجود الأجهزة الأمنية وقد عانت هذه المناطق من إرهاب داعش الأمرين وقد عقب محمود الصميدعي على الأوضاع بالقول " بعدما استباح داعش كل الحرمات جاءت الميليشيات لتستكمل هذا المسلسل الخطير ولتجهز على المدنيين وتستهدف عشرات المساجد حرقاً وتدميراً ".

لقد أصبح عام 2014 موسوماً بالجرائم الإرهابية وجرائم المافيا والميليشيات الطائفية وهو ما اعترفت به رئاسة الجمهورية والحكومة العراقية والعديد من النواب والمسؤولين لا بل حتى جمهرة كبيرة من المثقفين والمواطنين، واليوم ونحن ندخل عام 2015 فان أهم مهمة أمام الحكومة الحالية والسيد حيدر العبادي السعي لوضع حداً للجرائم مهما كانت خلفيتها وتخليص العراق من القوى الإرهابية والميليشيات الطائفية المسلحة ومن عصابات المافيا التي تستغل تدهور الأوضاع الأمنية وتتحرك باتجاه ترويع المواطنين واستغلالهم، على الحكومة الحالية العمل لحل المشاكل التي خلفتها الفترة السابقة وفي مقدمتها التخلص من داعش والمليشيات الطائفية وحصر السلاح بيد الدولة لعودة الاستقرار للبلاد وان يعم فيها الأمان والسلام في عام 2015.



 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter