|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 4/9/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل مصالح الأحزاب والكتل السياسية فوق مصلحة الشعب أم العكس؟

مصطفى محمد غريب

في العراق ومع شديد الأسف بقت النظرة الضيقة لمفهوم المصالح تحدد لمصلحة الحزب والكتل السياسية ذات التوجه الطائفي والديني وليس عموم الشعب، وبهذا اختزلت مفاهيم الوطنية والمصلحة العامة وأصبحت لا تخرج من هيمنة الحزب أو التكتل وهذا ما كان واضحاً في الأحزاب الملكية التي قادت الوزارات مثل حزب نوري السعيد أو حزب صالح جبر وغيرهم، هذا النهج تجلى في مفهوم البعث العراقي الذي كان ينظر لمصلحته الحزبية ونهجه القومي المتطرف بالرغم من شعاراته الديماغوغية عندما استولى على الحكم في انقلابين عسكريين الأول في 8 شباط 1963 والثاني في 17 تموز 1968 ، وبهذا حصر كل المفاهيم الوطنية والسياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية في بودقة هذا الحزب وصولاً إلى حصرها بيد القائد الملهم الذي يفكر بدلاً عن الجميع، واستمرت عقد القائد والحزب الواحد ومصلحة الحزب بامتلاك الثروة والثورة ( على حد قول القائد ) والشعب طوال أكثر من 35 عاماً حتى أدى بالتالي إلى احتلال العراق وإسقاط مفهوم مصلحة حزب البعث التي ليس أفضل من مصلحة الشعب.، وقد يسأل سائلاً

ـــ ما هو الرابط بين تغليب مصلحة الحزب على مصلحة الشعب في قضية احتلال العراق ؟

الجواب ليس معقداً ولا هو نظرية رياضية أو مقولة فلسفية، نقول لو " ولو إذا زرعت لما خضرت " لو أن الحكم في زمن البعثفاشي على الأقل يشبه أي حكم عادي مثل أي دولة عادية لما تجرأت الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها لاحتلال العراق تحت طائلة من الحجج بما فيها أسلحة الدمار الشامل وفعلاً كانت موجودة والشاهد حلبجة والأنفال في الإقليم، ولولا الهيمنة الحزبية المطلقة لحزب البعث العراقي لما غيب الشعب وأكثرية مصالحه بما فيها تلك السياسة المتطرفة الرعناء وفي مقدمتها السجون والمعتقلات والإعدامات والتهجير والهجرة القسرية والحروب الداخلية والخارجية وآخرها احتلال الكويت الذي أدى بالتالي إلى الحظر الجوي والعقوبات الاقتصادية ثم العودة بعدما رفض القائد الضرورة التعاون مع وكالة الطاقة الدولية لاحتلال كل العراق، من هذا المنطلق ننطلق لمفهوم مصلحة الحزب أو مصالح الأحزاب في قيادة العباد بطريقة قيادة القطيع واستخدام كل أدوات القهر والتعسف لتغييب صوت الشعب.

بعد تلك المرحلة التي نسميها المرحلة الحزبية السوداء المطلقة وإلغاء الآخر بدأت مرحلة أخرى بعد قيام الحكومات العراقية إن كان بواسطة المعونة الأمريكية الخالدة أو من خلال صناديق الاقتراع التي ظهرت عمليات التزوير فيها بشكل سافر وبخاصة انتخابات عام 2010 التشريعية فقد أكد مصدر مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن التزوير التي حدت فيها فضلاً عن الجهات المتلاعبة وأكد هذا المصدر من خلال منصبه الحساس أن " القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون ومسؤولين كبار في مكتب بعثة الأمم المتحدة بالعراق المسؤولين عن أكبر عملية تزوير في الانتخابات وعملية استبدال الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 / 3 / 2010 ".. هذه المرحلة فيما بعد السقوط وخروج القوات الأمريكية بموافقة الإدارة الأمريكية في عهد اوباما التي كنا نأمل أنها لن تعيد مصلحة الحزب أو التكتل السياسي ليكون القانون السري الذي يبسط ظله بآليات جديدة لكن أملنا خاب فإذا الدورة تعود والحزبية تطغي فوق المصلحة العامة ولو أردنا التفتيش عن الأدلة لوجدناها في أكثرية الوزارات منذ العهد الوزاري لأياد علاوي إلى العهد الوزاري نوري المالكي اللهم ما عدا وزارتين كانتا مثالين رائعين في الابتعاد عن مفهوم مصلحة حزبهم الضيقة فوق مصلحة المجموع، وزارة في عهد وزارة إياد علاوي وهي وزارة الثقافة بقيادة مفيد الجزائري القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، والثانية في عهد نوري المالكي وهي وزارة العلوم والتكنلوجيا بقيادة رائد فهمي أيضاً القيادي في الحزب الشيوعي العراقي ولم يؤشر أي اتهام سلبي لا في تغليب مصلحة الحزب على مصلحة الشعب ولا وجود فساد مالي وإداري فيهما،، فالأكثرية من تلك الوزارات قامت بانتهاج مصلحة الحزب آو الكتلة السياسية التي رشحت وزيرها فإذا به ووفق المفهوم السابق يجري تعيين في الوظائف الاقربون والحزبيون ويُبعد الكثير من غير الموالين أو تحييدهم وكذلك حتى قضايا المراجعات أن لم تكن بتوصيات فان إنجازها لا يتم حسب الأصول المتعارف عليها فيحكمها الروتين القاتل والرشوة نفعل فعلها المباشر ونشير إلى حالات أخرى وهي حالات السياسيين المفصولين فهؤلاء لن تشفع لهم تضحياتهم الجسيمة بل تشفع التزكيات الحزبية والطائفية وتنجز المعاملات حسب هذا المبدأ والذي ليس له احد فالله في عونه والزمن كفيل بحل قضيته، وتنسحب الحزبية السياسية الطائفية في الكثير من المجالات الوظيفية وتحكمها المحاصصة كما هو الحال في الحكومة ولكل حزب أو تكتل حصة لا يمكن التجاوز عليها أو المساس بها وخير مثال المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الجديدة والصراع الجاري على جعلها خاضعة للمحاصصة الطائفية والحزبية كي تُؤمن كل جهة وضعها في الانتخابات القادمة، مع العلم أن الدستور والقوانين أكدت بما لا يقبل الجدل على ضرورة استقلالية وحيادية المفوضية العليا من اجل أن تشرف على الانتخابات بدون تحيز أو تمييز.

إن المصلحة الحزبية الضيقة تقف مرة أخرى بالمرصاد ضد من يحاول على الأقل جعل مفهوم المواطنة قبل كل شيء ولا يؤثر عليها لا الانتماء الديني أو القومي أو العرقي، لكن الأمر لم يكن هيناً مثلما تصوره البعض وارتفعت مفاهيم سحق الشعور بالمسؤولية الوطنية لصالح المصلحة الحزبية السياسية والطائفية وبهذا الصدد عدنا تقريباً إلى المربع الأول وطغت هذه المصلحة الضيقة على مصلحة الشعب، حتى السياسة الخارجية راحت تتأثر بالعلاقات الطائفية والمصلحة السياسية الضيقة مع دول الجوار ونشاهد بالملموس قصف الطائرات الحربية والقصف المدفعي الإيراني و التركي داخل الحدود العراقية في الإقليم وحجب المياه وإقامة السدود وغلق منابع الأنهار وتحويلها مما أدى إلى التصحر وزيادة الملوحة في المياه وتقليص الأراضي الزراعية فضلاً عن التدخلات المختلفة والملموسة، فدلونا عن أي تكتل أو حزب منحاز إلى تركيا انتقدوها بشكل علني وانتقدت سياستها وعدوانيتها وطالبوها فقط وفقط بالحصة المائية للعراق من نهري دجلة والفرات وفق القوانين الدولية، أو تلك الأحزاب والكتل التي تنحاز إلى إيران مَنْ منهم وجه نقداً وطالب بشكل صريح وعلني بعدم العدوان والكف عن قصف المناطق الحدودية في الإقليم وعدم حجب المياه وتحويل مجاري الأنهار والجداول وفي مقدمتها نهر كارون والوند وغيرهما والتدخل في شؤون الداخلية، ألا يدل ذلك الولاء على تغليب المصالح الحزبية والطائفية على مصلحة البلاد والشعب العراقي! إلا يتضح من خلال هذا الذي ذكرناه وغير ذلك بان مصلحة الشعب العراقي تعتبر ثانوية على الرغم من الادعاءات والتصريحات التي تتاجر به وتتغنى بأمجاده وتدعي أنها تضع المواطنة والوطنية فوق كل الاعتبارات وكل العلاقات! كيف يمكن أن يثق المواطن العراقي بعد الإطلاع على ما يجري وما آلت إليه العلاقات بين الأطراف السياسية وتأزمها وبخاصة التي تقود السلطة التي كانت وبقيت أياديها ملوثة بالتزوير وعلى ما يبدو ليست انتخابات عام 2010 فحسب بل الأخريات على الرغم من تلك الثقة التي منحت من قبل القوى الوطنية الشريفة والمواطنين العراقيين لهم ولم تطالب بأي شيء سوى النزاهة والوطنية وعدم الولاء إلا للوطن وللشعب وليس لدول أخرى.

 

                    

 

 



 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter