|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 3/2/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تداعيات فضيحة وزير العلوم والأبحاث التقنية الإيراني

هل الفضيحة الشخصية تستطيع إسقاط أنظمة شمولية دكتاتورية أو دينية متطرفة؟

مصطفى محمد غريب

نشر في العديد من المواقع الالكترونية فيديو إباحي في احد المصاعد الكهربائية هكذا كتب عليه " الوزير الإيراني بطل الفيديو الإباحي " كما أرسل الفيديو إلى العشرات إذا لم اقل المئات عن طريق العناوين الالكترونية، يُظهر الوزير وهو يقبل امرأة إيرانية محجبة وتلبس الجادور الإيراني، وأشير إلى أن اسمها ووظيفتها الكبيرة ( ..........! ) وأنها مسؤولة إيرانية ، كما أشارت البعض من وسائل الإعلام بأن وزير العلوم والأبحاث التقنية وهذه المسؤولة ينتظرهم الموت الحتمي بعد فضيحة المصعد... والذي أطلع على الفيديو سيجد أن الرجل يقبل المرأة وهما بكامل ملابسهم والمرأة بكامل حجابها وكانا يحتالان مرة بالنزول وأخرى بالصعود أو صعود أشخاص ونزولهم وفي كل مرة يعودان للقبل وكانت المسؤولة تمسح بين قبلة واستراحة شفتيه و شاربه ولحيته لكي لا تظهر عليهم حمرة الشفاه، المنظر تكرر ولم تكن هناك أي صورة إباحية أو ممارسة جنسية...الخ ولو كان الأمر غير هذه التصيد أو التجسس لظهر الأمر عادياً، لكن الأمر على ما يظهر له أبعاد أخرى واحتمال وجهة سياسية وفي مقدمتها فضح النظام الإيراني والمؤسسة الدينية وعلى رأسها مرشد الثورة خامنئي وكذلك رئيس الجمهورية أحمدي نجاد اللذان يتعكزان على أخلاقية النظام الملتزم بالشريعة ويستغلان الدين الإسلامي لأغراض سياسية ودينية، أو أن التسقيط والفضح للوزير نفسه وكذلك المسؤولة للتخلص منهما، وفي كلا الحالتين يفسر الموضوع أيضاً وكأنه عمل مرصود من قبل القوى المعارضة الإيرانية لمسؤولين كبار في النظام الإيراني ، وهذا أمر غريب بعض الشيء إذا كان فعلاً كذلك، لأن المعارضة أية كانت والتي لا تعتمد على العمل الجماهيري وتعبئتها وتعتمد على هذا النوع من التسقيط والتشهير بالفضائح الشخصية البحتة هي معارضة مفلسة لا تستطيع العمل بين الجماهير وليس لها الاسلوب الوطني الثوري الذي لا يعتمد على مثل هذه القضايا اللاأخلاقية، ثم لا يمكن الوثوق فيها إذا ما مثلاً أسقطت النظام الإيراني الحالي " ( وهو صعب بواسطة الصور الإباحية!!) أي بفصيح الكلام أنها لا تمانع أن تفعل الاتعس منه في المستقبل، وبدورنا نشك بهذه الطريقة النشاز التي تعتبر غير مؤهلة لا سياسياً ولا أخلاقياً كما نشك أن المعارضة الوطنية والديمقراطية الإيرانية تتبع مثل هكذا أساليب لما لديها من تاريخ مجيد في صراعها مع دكتاتورية الشاه ودكتاتورية الحكام الإيرانيين الحاليين..

ولهذا ننتقل إلى احتمال آخر أكثر قرباً من الواقع، بما أن النظام الإيراني نظام بوليسي بحق استخدم الكثير من الوسائل الغريبة الوحشية واللاانسانية والمنافية للوائح حقوق الإنسان وحتى الشرائع السماوية بالضد من معارضيه فلماذا أجهزته الأمنية وبخاصة الخاصة منها لا تستخدم أسلوب الترصد والمراقبة وإتقان أساليب الفضائح والتشهير والتلفيق والترغيب والترهيب ولا سيما إذا المكان يخضع بسهولة للأجهزة الأمنية وممكن استخدامه بالسهولة نفسها، فآلة التصوير التي رصدت وزير العلوم والمسؤولة ربما لم تكن مخصصة لهما بالذات وقد تكون موجودة أصلاً لمراقبة الجميع، ولماذا لا توجد مثل هذه الوسائل في أكثرية الوزارات والدوائر الحكومية والفنادق الضخمة التي لا يرتادها فقراء إيران ويرتادها كبار المسؤولين وأصحاب السطوة والجاه، وعلى ما يبدو أن المصعد وآلة التصوير رصدت ومن سوء حظهما هذا الوزير والمسؤولة، فالمعروف أن الأجهزة الأمنية في أي دولة بوليسية وليس في إيران فحسب هي للمراقبة والمتابعة والبحث عن أي هفوة وللتسقيط السياسي والاجتماعي والتصيد وتسجيل الفضائح أياً كانت مالية أو جنسية أو مُعارِضة حتى لكبار وزرائها أو مسؤوليها وقد تكون المادة للتهديد وليس للنشر إلا حينما تضطر هذه الأجهزة لاستغلالها أو تضعف قدرتها على التأثير على من تريد منهم للعمل معها أو الخضوع لأساليبها وتوجهاتها، ولهذا مثلما نشروا وعمموا " فضيحة وزير العلوم الإيراني في المصعد " ونقول من سوء حظه وحظ المسؤولة أنهما كانا صيداً ولكن ليس بالثمين الذي يؤثر، فإذا كان التوجه لعزل الوزير انتقاماً لخلاف معين وكذلك الانتقام من المسؤولة وحسب الصورة كانت المسؤولة جميلة المحيا، فذلك أسهل ما يكون وهناك عشرات الطرق غير الفضيحة بالامكان استعمالها بالضد منهما، فكيف مع هذا الفيديو وإذا كانت المعارضة خلف " ونشك بذلك " فهذا الصيد لن يسقط النظام الإيراني لان النظام سوف يتخلص من الوزير بسهولة أيضاً وبهذا سوف يثبت انه حامى حمى الأخلاق الإسلامية وسوف يعاقب الوزير حتى وان كان وزيراً أو المسؤولة حتى لو كانت مسؤولة كبيرة وقد يكون الرمي بالحجارة أو الجلد للزاني والزانية حتى الموت بانتظارهما كما فعل النظام الإيراني بالعشرات قبلهما وهو أمر معروف حيث تم نشر للعديد ممن رجموا وبخاصة النساء بالحجارة حتى الموت بعدما دفنت نصف أجسادهن بالتراب، المنطلق لهذه الفضيحة شيء آخر ظهر على السطح حيث نشر موقع ( مصريون ) انه حصل على وثائق " تفيد تحول " الوزير الإيراني الدكتور كامران دانشجو إلى النصرانية عام 1978 في اليونان وجرى تعميده هناك بسبب زواجه من طالبة يونانية مسيحية تدعى ( إلجا !!) تحت أسم (جورجيوس كامران دانشجو ) وتشير الأخبار بان الوزير قريب جداً من رئيس الجمهورية أحمدي نجاد لأنه كان المشرف التنظيمي على الانتخابات الأخيرة التي اعتبرتها المعارضة مزورة، إضافة إلى وجود علامات استفهام حول حصوله على الدكتوراه واتهامه بسرقة أبحاث لكوريين جنوبيين! كل ذاك وهذا يعني بالتأكيد أن أسلوب التسقيط الأخلاقي بالفضائح ليس له إلا تداعيات شخصية تضر أصحابها وهي حرب للإزاحة عن الموقع الحكومي المسؤول أو الحزبي وهي طريقة للتخلص من المخالفين أو المعترضين أو يكمن خلفها طموح للحصول على المكان أو المنصب وقد يكون دالة أيضاً على جوهر النظام السياسي وتعرية مواقفه العامة العلنية التي يدعي فيها الالتزام بالأخلاق والدين والشريعة وبالمثل والتقاليد والتراث وكل ذلك لكي يخفي جوهره المعادي للحريات وللديمقراطية وهناك البعض من الدول تحاول أن تحتمي بواجهات الحرية والديمقراطية ولكن في حقيقتها تعتبر من اشد الدول التي تعمل بالضد مما تدعي لكنها في توجهها العلني هكذا تريد خداع الرأي العام متصورة أنها ستبقى إلى الأبد بمنأى عن محاسبة شعوبها بعدما تتعرى الحقائق وتكشف الألاعيب السياسية الهادفة إلى استغلال السلطة لمآرب طائفية أو دينية أو حزبية ضيقة أو شخصية.

إن قضية الوزير الإيراني أو أية قضية مشابهة لا يمكن اعتبارها نضالاً بالضد من الدكتاتورية أو الحكومات التي تدعي الديمقراطية كذباً، وهذا التوجه إن يخدم بشكل ضيق لا يمكن أن يخدم بشكل عام وقد يكون لأحقاد أو خلافات شخصية منها الغيرة أو بسبب المسؤولة التي قد تكون مرغوبة من مسؤول حكومي آخر، وعلى العموم ومثل ما قلنا فنحن نشك أنها من تدبير المعارضة الإيرانية المعروفة بمواقفها الوطنية والطبقية لكن الأقرب للواقع هي من تدبير الأجهزة الأمنية الإيرانية أو البعض من المسؤولين الأمنيين الإيرانيين ولأغراض سياسية أو قد تكون غير معروفة للجميع أو من تدبير البعض من الحاقدين الفرديين ليس لهم اسلوب آخر سوى اسلوب الفضيحة والتشهير للانتقام، أما خبر انتقال وزير العلوم إلى الديانة النصرانية من اجل ( إلجا اليونانية!!) فهي دلالة عن سذاجة سياسية وأمنية فالرجل معروف وله معارف كثيرين حتماً ومنهم في المعارضة أو من قبل رجال الحكم في إيران وقضية شهادة الدكتوراه المشوك بها أو المزورة عبارة عن فضح سياسي ساذج وبسيط ، أما السذاجة الأمنية فهل من المعقول مثل هكذا نظام بوليسي متعدد المواهب في ملاحقة معارضة أن تفوته قضية مثل قضية الوزير ؟ ولزيادة التمعن للوصول إلى حقيقة أن وضع آلات تصوير للمراقبة حتى في المصاعد الكهربائية تدل على أن الأكثرية مراقبة بطرق قد تكون أكثر تطوراً من الناحية التكنيكية.

وأخيراً نجيب لا يمكن أن تسقط أنظمة شمولية دكتاتورية أو دينية متطرفة بالفضيحة الشخصية وبدون مشاركة أكثرية الجماهير التي تخرج للشارع العام للاحتجاج والعصيان









 

 

 


 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter