|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 27/8/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مراكز ثقافية حكومية عراقية في الدول الاسكندنافية

مصطفى محمد غريب

منذ فترة قصيرة أعلن في استكهولم عن تشكيل مركز ثقافي عراقي في السويد باتجاه الانطلاق لتكوين نواة في الدول الاسكندنافية لاستكمال تكوين مراكز أخرى للتعاون والتنسيق للحراك الثقافي في الدول الاسكندنافية وقد حصرت المهمة كما يبدو وظهر بعد ذلك بمديرالمركز في السويد والذي كان مستشاراً كما ذكر وهذا يعني الاهتمام حسب تصريحاته وآخرون بشؤون الثقافة والمثقفين في الدول الاسكندنافية انطلاقاً من العاصمة استكهولم نحو دولة الدنمارك ودولة النرويج ما عدا دولة فلندا التي تعتبر من دول الشمال، وذلك لتشخيص نواة من المثقفين بهدف استكمال هيكلية وعمل المراكز الثقافية العراقية الحكومية ولإيجاد صلة لمواصلة التشاور في الأمور التي تخص قضايا المثقفين العراقيين في هذه البلدان وبخاصة أن هؤلاء المثقفين لا يتلقون دعماً كافياً لنشر انتاجاتهم وابتعاد وزارة الثقافة العراقية عنهم وتكليف السفارات بالاتصال ببعضهم دون المجموع وإجراء لقاءات واجتماعات من خلال دعوات يدعو فيها السفير لمن يرغب به أو من يمثله دون أن يطلع أكثرية المثقفين على هذه التحركات واللقاءات ومحتوياتها أو أهدافها ولماذا تتدخل السفارات بهذا الشأن بدلاً من الملحقيات الثقافية وإذا لا توجد ملحقيات فان وزارة الثقافة هي الجهة الممكنة أن تتعامل مع هذه الجمهرة المثقفة للإطلاع على أوضاعهم ومعرفة مشاكلهم ومتطلباتهم بعد سنين الغربة والملاحقة من قبل النظام العراقي السابق وأجهزته القمعية بشرط احترام انتماءاتهم الفكرية ومعتقداتهم الدينية، وفعلاً عقد اجتماع موسع في العاصمة السويدية حضره مسؤولين حكوميين من وزارة الثقافة العراقية وموظفين في السفارة العراقية حسبما نشرته وسائل الإعلام أو الذين حضروا هذا الاجتماع ، وافتتح الاجتماع بهالة من باقات الزهور ومن الخطابات التي تشع بالآمال العريضة والمستقبل الباهر للمثقفين في هذه الدول وهم كثر حسب الإحصائيات الرسمية تقريباً، كما كان الاجتماع في الظاهر عبارة عن تظاهرة ثقافية حضرها العديد من العراقيين في السويد، لكننا لم نعرف هل وجهت الدعوات خارج دائرة العلاقات الشخصية أو المعرفية إلى مثقفين عراقيين معروفين على الساحة العراقية والعربية والأجنبية ولديهم العديد من المطبوعات الثقافية والأدبية بالعربية أو بلغات هذه البلدان موجودين في النرويج و الدنمارك؟ ولكن بعد انفضاض الاجتماع سرب أن الدعوات خصصت حسب التوصيات أو المعرفة الشخصية ومَنْ حضر منهم كان لا يمثل الآخرين بل يمثل نفسه فقط!! وكان الأفضل أن يتم الإطلاع على أهداف وبرنامج المركز الثقافي الموعود بشكل واضح وشفاف وحراكه اللاحق في الدول الأخرى كي يتواصلوا إذا وجدوا انه مشروع يلبي الدعوة لنشر مفاهيم الثقافة الوطنية وذو استقلالية نسبية عن الجهات الرسمية الحكومية، أو يرفضوا إذا كان بعيداً عن تطلعاتهم الثقافية الوطنية، كما أننا لم نطلع بشكل جيد على ما دار في اجتماع استكهولم بشكل مفصل إلا ما نشر في وسائل الإعلام أو في كواليس الاتصالات واللقاءات التي ساهمت بالتهيئة وتوجيه الدعوات، وقد اختتم الاجتماع على أساس مواصلة الحراك الثقافي والاتصال بالمثقفين في تلك الدول هكذا قيل! ومن خلال هذه اللقاءات يجري المفاتحة والاهتمام بالمثقفين وكذلك انتاجاتهم الثقافية وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمطبوع وحسب الإمكانيات، إلا أن ما سرب عن تشكيل المركز ومديره أن تعيين الموظفين الرئيسين يجري من بغداد ووفق المحاصصة ومن قبل الحكومة العراقية وبالذات وزارة الثقافة وما أدراك ما وزارة الثقافة والأفضل توجه الاستفسار للجابري الوكيل السابق بينما تبقى تعيينات الحراس أو البوابين أو العاملين في الحديقة من قبل المركز نفسه في الدولة المعينة وهو أمر غاية في الغرابة ودليل على نية وزارة الثقافة والحكومة الهيمنة وكيفية التصرف ورسم سياسة هذه المراكز، وتبقى أهم مسالة في هذا المضمارعدم معرفة كمية المخصصات المالية التي تتمتع بها وما هي آليات صرفها وهل هي تحت رقابة المثقفين أم من دونهم؟ وفي هذا الصدد قرأنا في البعض من المواقع الالكترونية البعض من المتابعات لمن حضر هذا الاجتماع مع باقات من الدعوات لأن يكون المركز الثقافي في السويد هو من يدير الحراك الثقافي وتشخيص البعض من المعارف أو التوصيات الشخصية بالأشخاص، دون الرجوع إلى المجموع والمنتديات الثقافية لكي يكون بحق مركزاً جامعاً للمثقفين ومدافعاً عن حقوقهم والاهتمام بتطوير مفاهيم الثقافة الوطنية وليس ثقافة المحاصصات التي تعتمد على التقسيم والتوافق حتى في تعيين الكادر لهذه المؤسسة الثقافية، لكن من خلال سير الأحداث المتلاحقة ونشاطات مدير المركز المعين توضحت صورة هذا النشاط باتجاه تجميع المثقفين ليكون بديلاً للمنتديات والتجمعات والنوادي والبيوت الثقافية أو على الأقل أن يأخذ مكانهم للاتصال بأكبر عدد ممكن وانضوائهم وبالتالي تفريغ هذه المنتديات من محتوياتها الثقافية الإبداعية وإخضاع نشاطاتها وفعالياتها الثقافية التي لا تخضع لتوجيه الحكومة وبالذات وزارة الثقافة أو ارتباطهم بالسفارات لكي تملى عليهم ما يراد تمريره من توجهات وخطط من خلال الإشارة المغرية وهي المساهمة في دعم المثقف الذي يريد طبع إنتاجه مادياً.

لقد كانت هناك مفاجأة في النرويج عندما عرف الكثير من المثقفين العراقيين دعوة السفارة العراقية والسفير السيدة سندس عمر علي وبحضور البعض من العاملين في السفارة للبعض من المثقفين وقد حضر منهم عدداً محدداً وبحضور مدير المركز الثقافي في السويد، وعندما نقول مفاجأة لا لأن المثقفين العراقيين المتواجدين على الساحة النرويجية بالضد من مبدأ عقد لقاء أو عدم احترام دعوة السفارة والسفيرة لكنها لم تكن دعوة عامة أو دعوة تتضمن أسماء مثقفة معروفة ولها مساحة كبيرة في الساحة الثقافية وهذا ما أثار استياء البعض لهذا التغاضي غير المبرر وبخاصة عندما وضعت المهمة على عاتق مدير المركز في السويد الذي ليس له إلمام دقيق بواقع المثقفين المتواجدين في هذه الدولة إلا اللهم من بعض المعارف والعلاقات الشخصية وفي هذا المضمار فإن مدير المركز الثقافي في السويد قد أهمل التشاور مع المنتدى الثقافي في النرويج وعدم التنسيق مما أثار استغراب المثقفين.

للعلم أن هذه اللقاءات والاجتماعات التي عقدت في الدنمارك تكاد أن تكون مشابهة لما جرى في السويد والنرويج ولا نريد تكرار الحديث عنها بشكل مفصل وما وصل إلينا من بعض الأخوة المثقفين انه لم يجر إعلام الكثيرين حول المشاركين وقد وجه لهم عتاب على شكل نقد بخصوص ذلك وتم تشخيص ثلاثة أسماء ليكونوا نواة لتشكيل المركز في المستقبل ومع ذلك ومثلما أكدنا سوف نبتعد عن التفاصيل لكن الذي نؤكده هو وجود عدم الرضا لإهمال الكثير ومحاولة التفرد بدون المشاورة الجماعية مع وجود اختلاف بالرأي في الدول الثلاث مع طريقة اللقاءات والتكليف وقد برز هذا الاختلاف بشكل واضح في

أولاً: الاستقلالية والتعينات الرسمية وربط المراكز بوزارة الثقافة

وثانياً: تدخل السفارات بشخص السفير أو كبار الموظفين في الشؤون الداخلية من خلال الدعوة للاجتماعات واللقاءات وفرض بعض الأشخاص بدون التشاور في أمور المثقفين وهو أمر غريب على المراكز والمنتديات والبيوت الثقافية المستقلة

وثالثاً: المنهاجية في اعتماد الخطاب الثقافي الوطني وإبعاد المحاصصة عن هذه المراكز

ورابعاً: التعاون مع المنتديات والبيوت الثقافية التي سبقت هذه المراكز على أساس توحيد النشاطات الثقافية من اجل نشر الثقافة الوطنية التنويرية وليس الحزبية أو الطائفية أو القومية الضيقة ..

لابد أن نسجل رأياً واضحاً فيما يخص الحراك الثقافي وتشكيل مراكز ثقافية بهذه الصورة وتبعيتها لوزارة الثقافة وبالتالي تأخذ الصفة الرسمية كأي دائرة من دوائر الدولة فذلك مرفوض جملة وتفصيلاً لأن المراكز الثقافية في هذه الحالة تملى عليها أملاءات سياسية وتخضع للتبعية المطلقة للحكومة بسبب رسميتها وتعيين الموظفين وربما فصلهم بقرارات وبخاصة أن شرط تعيين الموظفين الأساسيين ودفع الرواتب مثلما أعلن يجري من قبل الحكومة وفي نهاية الأمر سوف تخضع للمحاصصة حتماً، أما تعيين المثقفين الثانويين كحراس وبوابين "وحدقجية " فله تفسير واحد عدم احترام المثقف وإبداعه الثقافي الذي يختلف عن الكثير من الأعمال مع احترامنا لهذه المهن والعاملين فيها، كما أن هذه المراكز ومنذ البداية ظهرت خضوعها إلى السفارات المتواجدة في بلدانها وتدخلات العاملين في شؤون المثقفين وفرض منهجية سياسية وثقافية تعتمد على الدعم المادي للبعض دون غيرهم وحسب الأهواء والعلاقات المعرفية والشخصية وقد تكون وفق المحاصصة المعمول بها من قبل الحكومة.

كلمة لابد منها

المراكز الثقافية باعتقادنا ومعنا عشرات المثقفين العراقيين الوطنيين يجب أن تكون مستقلة تماماً عن النهج الرسمي الحكومي والمحاصصة الطائفية والحزبية لأنها تمتلك مؤهلات من قبل العاملين والمتعاونين معها ثقافية إبداعية ذات اتجاه وطني لا يخضع للأهواء السياسية والمطامح التي تريد منها أبواقاً لجهة دون غيرها، إن مخاطر مد اذرع هذا الإخطبوط الحكومي الرسمي المادي أولاً وبالطريقة التي رأيناها وسمعنا عنها لن تكون عوناً للثقافة والمثقفين بل تتجلى فيها الدائرة التي تنفذ القرارات والتوصيات حيث تفقد الاستقلالية وعند ذلك نقول على الثقافة والمثقفين السلام، لا بد من التخلص من احتلال مواقع الثقافة بواسطة الأحزاب والتكتلات السياسية لاستغلالها وتوجيههاً حسب مشيئة هذا التكتل السياسي أو ذلك وبالتالي القيام بفرض أجندة تكون عوناً لتمرير الثقافة الانتقائية والرجعية الظلامية باتجاه تعزيز قيام الدولة الدينية وبالضد من الدولة المدنية، والساحة الثقافية هي محور أساسي لخلق وعي ثقافي تنويري وطني حر بدون أملاءات وأوامر فوقية ومن أي جهة سياسية كانت.. الثقافة ملك الجماهير وسندها في التنوير وتعميق الوعي الاجتماعي، والمراكز الثقافية في الدول الاسكندانافية يجب أن تبتعد عن القرارات الحكومية الرسمية وليس من الخطأ أو المعيب أن تقوم الدولة بتقديم الدعم المادي والمعنوي بدون الضغوط وفرض أملاءات معينة واحترام استقلاليتها الثقافية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهذا الدعم حق من حقوق المثقفين الوطنين العراقيين في الخارج والداخل ومراكزهم الثقافية وليس منّة من احد لا بل هم الأجدر بالدعم والتشجيع لأنهم الوجه الثقافي الناصح للوطن

 

 

 



 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter