|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 26/2/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


آليات النعرة الطائفية هي القوى الإرهابية وميليشيات الأحزاب

مصطفى محمد غريب

1
إن جرائم النظام السابق لا تزال حية وسوف تبقى محفورة في ذاكرة الأجيال ولا يمكن أن تنسى أو تطويها السنين لكن تلك الجرائم التي لن تنسى بسقوط النظام أضيفت لها جرائم جديدة لا تقل بشاعة عنها، جرائم الاحتلال والإرهاب السلفي والأصولي اللذان يحاول البعض التدليس وإخفاء الحقائق عنها بالادعاء ومحاولات تشويه الواقع على الأرض واتهام طرف دون الآخر، لكن ذلك لا يمكن أن يبقى مخفياً ويخادع وعي أكثرية المواطنين، لأن التكرار المبرمج والمنظم للعمليات الإرهابية الإجرامية من تفجيرات واغتيالات وعدم الحد منها وبخاصة هذا الكم الهائل من الشرطة والجيش والمؤسسات الأمنية المختلفة دليل آخر على مدى سوء إدارة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي والفشل الذريع في قيادة وزارتي الدفاع والداخلية وليس كما يدعيه ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة أن مسؤولية تفجيرات بغدادليوم الأحد 17 / 2 / 2013 تقع على عاتق المتظاهرين والقادة السياسيين ، وكم تضر الوحدة الوطنية التصريحات غير الدقيقة والطائفية والمزاجية في بعض الأحيان مثل تصريح النائب كاظم الصيادي بخصوص التظاهرات أنها " حاضنة للإرهاب " إلا يجعل المرء يفكر ألف مرة كيف يمكن لنائب في البرلمان أن يصرح مثل هكذا تصريح وهو يعرف قبل غيره أن الإرهاب وأدواته ليس موجوداً في مكان واحد بل هو يعم كل العراق ما عدا الإقليم، فهل العراق " حاضن الإرهاب " وعليه يجب معاقبته؟ لماذا لا يطالب هذا النائب على الأقل بضرورة تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين وحل الإشكال بما فيها الأزمة التي تمر بها البلاد؟ هذه الأزمة التي يتحمل أوزارها كل القوى المتنفذة في الحكومة بما فيهم رئيس الوزراء.

لان هذه التفجيرات ليست الوحيدة والأرقام المعلنة عن ضحاياها أل ( 152 ) بين قتيل ومصاب حسب مصدر في وزارة الداخلية والناتج عن (11) سيارة مفخخة تضاف إلى الكم الهائل من الضحايا المواطنين وهي سلسلة مترابطة لا يمكن تقسيمها أو تقطيعها تخف طوراً لكي تتصاعد طوراً وعلى امتداد ولاية أياد علاوي وكذلك إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وهناك اتهامات صريحة لسوء إدارة المؤسسات الأمنية، أما تحميل المتظاهرين ووضع اللوم عليهم دليل على فشل لا يمكن أن يصدقه المواطن الذي يعيش حالة الموت الزؤام في كل الحالات، فالذي يتحمل هذه المأساة الدموية وغيرها من المآسي على امتداد سنين هو غفلة أو التغاضي من قبل البعض من الأجهزة الأمنية والتي تمكنت بعض الميليشيات المسلحة من اختراقها مثل حزب الله أو عصائب الحق وغيرها من التشكيلات المسلحة السرية، فهؤلاء هم من يسهلون تكرار مثل هذه الجرائم التي تلاحق المواطن البريء، والقوى الإرهابية على مختلف مشاربها وفي مقدمتهم فلول البعث التي بذلت كل ما بوسعها على استمرار تردي الوضع الأمني، وهي كما ظهر للجميع أنها اليد الطويلة في هذه الجرائم التي يندى لها جبين كل إنسان مسلم أو غير مسلم، وها هي ما يسمى بدولة العراق الإسلامية المرتبطة بالقاعدة تعترف بلسانها بسلسلة التفجيرات والهجمات بالقنابل التي استهدفت مناطق معينة وذلك في سبيل تأجيج الفتنة الطائفية وغداً أو ربما بعد أيام سوف تقوم بهجمات وتفجيرات في مناطق مختلفة لتظهر أن هناك حرب طائفية في العراق وبهذا تهدف إلى جر الجميع إلى محرقة الحرب الأهلية البغيضة بدعوى تكفيرية مجرمة " إن الهجمات تأتي للثأر من الجرائم المرتكبة من الحكومة التي يترأسها الشيعة بحق الأحياء السنية من بغداد " عن أي سنة يتمشدق هؤلاء ؟ ومن يستطيع أن يحصى الأسواق الشعبية بمذاهبهم وطوائفهم وأديانهم ومعتقداتهم؟ لكنها بدعة بالضد من الدين وبالضد من كل القيم الإنسانية والأخلاقية.

2
لم نكن نبالغ عندما تحدثنا عن الميليشيات المسلحة التي شكلت كأحزاب دينية سياسية يكمن نشاطها السياسي في ممارسة العنف الطائفي وهي لا تقل خطورة وعنفاً عن القوى الإرهابية الأخرى لا بل هي مختفية تحت جناح الطائفية وبحجة أنها تريد الدفاع عن الحكومة وحماية الشيعة من الإرهاب، إلا أنها تتوعد وتهدد الجانب الثاني، وهذا التهديد هو الدليل القطعي على أن هذه التنظيمات وميليشياتها المسلحة غائبة عن عيون المؤسسات الأمنية لكنها قد تكون مدعومة من بعضها بطريقة ما، وهي كانت وما تزال آليات لتحريك الفتنة الطائفية في ممارستها السابقة والحالية في الوقت الراهن حيث تمارس القتل على الهوية واستهداف المكون الأخر واستخدام الكاتم المعروف الذي ظهر فعلا وبعد الاغتيالات الأخيرة في السيدية ومناطق معينة أنه بيد هذه الميليشيات الطائفية، وعلى الرغم من دعوة نوري المالكي المواطنين للمساعدة لإلقاء القبض على واثق البطاط الأمين العام لحزب الله النهضة الإسلامية وهي دعوة تبدو وكأن الأجهزة الأمنية غافية!! وغير قادرة على ممارسة عملها الأمني فضلا على أنها تكيل بمكيالين، والا كيف يمكن تبرير موقف رئيس الوزراء من استعراض عسكري علني قامت به عصائب الحق وهي إحدى تنظيمات الميليشيات المسلحة قبل فترة قليلة ولم يتحرك رئيس الوزراء نوري المالكي ولا الأجهزة الأمنية على الأقل لإيقافه، أو صدور أوامر قضائية بالاعتقال للتحقيق مثلما فعلها مع حماية طارق الهاشمي وحماية العيساوي! ولا ندري لماذا لا يدعو رئيس الوزراء بشكل علني القضاء العراقي لإصدار أوامر بالقبض على واثق البطاط وكل من يسعى لتأجيج الفتنة الطائفية وبالضد من الميليشيات الطائفية المسلحة غير القانونية التي تعيث فساداً في قضايا أمن المواطنين وسلامتهم وتعتبر تهديداً حقيقياً للسلم الاجتماعي؟ .

على الرغم من الأنباء المتضاربة حول علاقة واثق البطاط بحزب الله وتشكيل ما يسمى " جيش المختار " أو سفره ثم التأكيد بوجوده في النجف فقد صرح البطاط قبل ذلك انه في محافظة بغداد " وجيش المختار تجاوز 800 ألف متطوع " وفي مقابلته الصحفية مع المدى برس ذكر أن أعدادا " كبيرة " من جيش المهدي التابع للتيار الصدري قد انظموا إلى جيش المختار، هذه التصريحات وغيرها من التصريحات الميليشياوية الطائفية تهدف إلى تكرار مآسي أعوام 2006 و 2007 و 2008، تلك الأعوام التي راح ضحيتها العشرات من أبناء شعبنا في حرب العصابات المافيوية تحت يافطات طائفية ولم نسمع لحد هذه اللحظة أن الأجهزة الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع وكذلك المؤسسات الأمنية الأخرى أنها ألقت القبض على القتلة وقدمتهم إلى القضاء لينالوا القصاص العادل وكأن هذه العصابات والميليشيات طلسم غائب لا تستطيع الأعين رؤيته مع العلم انه يعيش بين ظهرانينا ويتواجد في الأجهزة الأمنية نفسها، كما أننا نسأل ــ أين أصبحت دعوة رئيس الوزراء بإلقاء القبض على واثق البطاط المعروف وتصريحاته حول تشكيل قوى مسلحة باسم " جيش المختار " خارج إطار القوات المسلحة؟ ورئيس الوزراء بالتأكيد اطلع على تصريحاته الطائفية وتصريحه المعروف " أن الشيعة هم المهمشون في العراق وأن الحكومة الحالية مع أنها شيعية لم تعطِ لهم كل حقوقهم" أم أن رئيس الوزراء سيقول وكذلك الأجهزة الأمنية التابعة له أنهم لا يعرفون مكانه، بينما أمير الكناني القيادي في كتلة الأحرار يعلن " البطاط الذي يسكن محافظة ميسان يعرف أيضًا بأنه شخص غير متزن وتصريحاته ليست مسؤولة كما أن ادعاءاته غير صحيحة". فكيف بالله أن نصدق أن هذا الرجل هو من مؤسسي حزب الله وأمينه العام وله أعوان ينشدون الأناشيد باسمه أنه إنسان غير سوي ولا متزن ولا توجد له ارتباطات خارجية يأتمر بها مثل حالات جميع الميليشيات التي تؤدي أدواراً مختلفة لكن جوهرها واحد وهو تفتيت الوحدة الوطنية، ومرة ثانية كيف يفهم كلما ازدادت الخلافات بسبب المصالح الحزبية والطائفية الضيقة؟ تتقاسم الأدوار في التفجيرات والاغتيالات بكاتم الصوت ما بين منطقة وأخرى لكي تثبت أن الخلاف الطائفي هو سيد الأزمة المفتعلة للتغطية، بينما الحقيقة التي لا يريد البعض في الحكومة قولها أن السبب الرئيسي في استمرار تدهور الوضع الأمني هي الخلافات السياسية بين القوى المهيمنة على القرار والتي لها باع طويل في تشكيل الحكومة الحالية ومكامن الخطورة في استغلالها وسط موجة من الاتهامات المتبادلة المقصودة وكل واحد يكيل التهم ويفضح ما تحت السطور فبينما يتهم جانب بالعلاقات مع ممن يخضع للمساءلة والعدالة فان عشرات الضباط والضباط الكبار الذين كانوا بمختلف الصفات الحزبية في النظام السابق تمت إعادتهم وهم يشكلون الستار الحديدي لنوري المالكي، وتستمر هذه التداعيات وغيرها بينما القوى الإرهابية والميليشيات المسلحة تحصد أرواح المواطنين من جميع الأديان والقوميات والمذاهب.




 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter