|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  25 / 2 / 2016                    مصطفى محمد غريب                        كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 
 



 الحشد والوضع الأمني بين الترشيق والتضخيم

مصطفى محمد غريب
(موقع الناس)

هل استغل الحشد الشعبي؟ عندما أعلنت المرجعية الشيعية وفي المقدمة السيد علي السيستاني الجهاد الكفائي في (13 تموز 2014) كان الهدف أن يُحمل السلاح تطوعاً في صفوف القوات الأمنية من الجيش والشرطة للتصدي للإرهاب ولا تختصر مهمة مكافحة الإرهاب على طائفة دون غيرها أو طرف سياسي دون غيره، والجهاد الكفائي كواجب مهمته الدفاع عن الوطن وجاء على لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجعية خلال خطبة الجمعة وأكدتها وكالة عراق القانون في ( 13 / 6 / 2014 ) إن " العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً، وان الإرهابيين لا يستهدفون السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات لاسيما بغداد وكربلاء والنجف فهم يستهدفون كل العراقيين" موضحاً دون أي تحفظ أو رياء أن " مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم مسؤولية الجميع ولا تختص بطائفة دون أخرى أو طرف دون آخر"، ومن هذا المنطلق المهم والواضح لم يكن بخلد المرجعية ولا السيد علي السيستاني انضمام الميليشيات المسلحة للحشد الشعبي بهذه الطريقة التعبوية وهي المتكونة منذ زمن وقبل دعوة المرجعية كقوى مستقلة لها حدودها العسكرية والتنظيمية وقياداتها التي لا تؤتمر بقرارات القوات الأمنية إلا بالشكل والإعلام، ونشير للبعض منها كي يدرك المواطن والقوى السياسية حجم المشكلة والإشكاليات التي نتجت وسوف تنتج مستقبلاً عن هذا الكم من التنظيمات المسلحة وهي كالتالي ( 1ـــ سرايا السلام 2 ـــ منظمة بدر (الجناح العسكري) 3 ـــ كتائب حزب الله العراق 4 ـــ عصائب أهل الحق 5 ـــ حركة حزب الله النجباء 6 ـــ كتائب سيد الشهداء 7 ـــ سرايا الجهاد والبناء 8ـــ التيار الرسالي 9 ـــ سرايا الخراساني 10ـــ سرايا عاشوراء 11 ـــ سرايا العتبات.. وهناك فصائل صغيرة كثيرة منها فيلق الوعد الصادق ولواء أسد الله الغالب وكتائب أنصار الحجة و لواء القارعة، وسرايا الزهراء وسرايا أنصار العقيدة وكتائب الغضب وحركة الأبدال ولواء المنتظر وكتائب درع الشيعة وجيش المختار وحزب الله الثائرون وغيرهم ) من الأسماء القليلة العدد التي تحمل السلاح بشكل خارج عن إرادة وإدارة الدولة والقوات الأمنية المسلحة والتي تستطيع التحرك في الشارع بدون خوف وخشية لا من القانون ولا من الدولة، هذا الحشد من التنظيمات التي تخص مكون واحد دون غيره وهذه الطريقة في الانضمام للحشد الشعبي جعل الأمر أكثر صعوبة لمعرفة التحركات المؤذية التي لا تخدم لا دعوة المرجعية التي تنص على الدفاع عن الوطن ولا الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وكلنا يعرف ويتذكر أن المرجعية حينها لم تذكر اسم " الحشد الشعبي " الذي أسس على أساس مساندة القوات المسلحة النظامية وبخاصة الجيش العراقي في حربه بالضد مما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " ولم يكن في خلد المواطن ولا القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية أن ينقلب الوضع إلى هذا الكم الضخم الهائل الذي يكلف الدول ترليونات من الدنانير مما يجعلها تترنح بالأزمة المالية التي احد أسبابها تدني أسعار النفط والاقتصاد الريعي المعتمد عليه أساسا في كل شيء، لقد أدى تضخم أعداد الحشد الشعبي ومشاكل تمويله ودفع رواتب المنتسبين من المستقلين عن الميليشيات أو التنظيمات المسلحة العديدة التي كانت لا تمول من خزينة الدولة وتعتمد في تمويلها على طرق خاصة بها بما فيها التمويل الخارجي، وهذا الكم الذي أصبح حجر عثرة حتى أمام إصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي وأصبح من الصعوبة بمكان معرفة تحركاتهم ونشاطاتهم السرية الأمنية منها والعسكرية، مما جعل القوى السياسية الوطنية في داخل العراق إضافة إلى القوى الخارجية التي تدعم العراق في حربه ضد داعش والإرهاب تتخوف من التنامي الهائل بألافراد والسلاح الموجود تحت إدارة هذه التنظيمات المسلحة التي لا يمكن تحييد تحركاتها ومسؤولياتها غير المشروعة أمام القانون والدولة، وحسب الإحصائيات الرسمية المتعارف عليها فقد بلغ تعداد الحشد الشعبي أرقام غير عادية باعتراف الحكومة العراقية التي تواجه هذه المعضلة بتقشف مرير وعليها أن تدفع رواتب لــ ( 140 ) ألف عنصر منهم وهو كم كبير إذا ما قورن بالقوات المسلحة حتى في بعض البلدان المجاورة، وقد تسبب هذا الكم الكبير إلى مشكلة جديدة منها العجز في الميزانية الخاصة بالحشد نفسه التي بلغت ( 3 ترليونات دينار في عام 2016 ) ولهذا أخذت الحكومة العراقية تعيد التفكير في تخفيض الرواتب لمنتسبي الحشد حوالي ( 30 % ) وتسريح ( 30% ) من المتطوعين وقد قوبل هذا الأمر بالرفض من قبل البعض الذين أكدوا أن الزيادة ظهرت بعد إقرار الموازنة لعام 2016 هذه الزيادة غير الطبيعية ارتفعت حسبما أشار القيادي في الحشد الشعبي فالح الخزعلي أن "أعداد منتسبي الحشد الشعبي ارتفعت من 110 - 142 ألف عنصر منذ آب 2015 " وتزامنت مع هذه التغييرات تعيينات ضباط معينين وهذا التوسع مثلما لم يقف عند حدود معينة سوف يستمر وتتزايد أفواج المتطوعين لأسباب عديدة في مقدمتها، الرواتب التي تسد رمق البعض منهم وهو حافز على توجه العاطلين عن العمل أو أصحاب الدخول الضعيفة وليس بالبعيد وبخاصة فقدان المراقبة ظهور الفضائيين أيضا وتبقى الأسباب الأخرى تقريباً ثانوية ما عدا المنتمين للعديد من الميليشيات التي ذكرتها الدوائر الرسمية ووسائل الإعلام، وإلقاء نظرة سريعة على العدد غير الطبيعي  من التنظيمات المسلحة العلنية منها والسرية يجعل المرء في ذهول عن مقدار وكميات الأسلحة المنفلتة ومقدار القرارات المستقلة عن القوات الأمنية وعن الحكومة والدولة، ولهذا عندما يٌخطف المواطن العراقي أو العشرات من دول الجوار مثلما حدث لبعض مواطنين من أقطار الخليج أو الأمريكان المدنيين مثلما ذُكر أو أفرادا من حراس رئيس الجمهورية فهذا لا يثير العجب حسبما نشر وأذيع ان إحدى الميليشيات المسلحة الشيعية لها يد بالخطف على الرغم من الإنكار وتكذيب الأخبار، ثم ألا يثير العجب وجود الالاف من الحمايات العسكرية والمدنية للمسؤولين الحكوميين؟ ـــ وكم هي المبالغ التي تصرف ما بين رواتب ومخصصات ؟ والله يعلم فقط كم هي المصاريف الباطنية التي لها أسرارها الخاصة! ويبقى الخطف مستمراً أمام قوات الجيش والشرطة .

لقد أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي أخيراً بعد ان طفح الكيل على الرغم من ان إعلانها كان خجولاً بخصوص رواتب الحشد الشعبي غير الطبيعية ( وقد تكون للإعلان فقط ) فالرجل قال " إما الترشيق أو خفض الرواتب " ولهذا أعلن عن نسبة التخفيض ونسبة التسريح التي يجب أن تحدث ما عدى مسالة الفساد التي جاءت على لسان رئيس الوزراء حيدر العبادي أثناء مقابلة مع التلفزيون الرسمي " العراقية " في الأسبوع السابق أن "الحشد يعاني فسادا كبيرا ووجود مقاتلين فضائيين في صفوفه" وأضاف نافياً الشائعات التي انتشرت لحل الحشد الشعبي لكنه أشار إلى أنه "بحاجة إلى هيكلته وحمايته من التدخلات السياسية" وخص الفساد والفضائيين أيضاً وزير الخارجية هوشيار زيباري الذي صرح ونشرتها الشرق الأوسط أن "العراق يواجه أزمة مالية كبيرة بسبب تراجع أسعار النفط مما دعى الحكومة إلى اتخاذ سياسة علنية لمحاربة الفساد" ثم تابع القول "، إن "واحدة من ابرز قضايا الفساد في البلاد هي قضية الجنود الوهميين"، لان رواتبهم توضع في جيوب مسؤولين " في الجيش والحكومة " حسب قوله، وللتأكيد حول هذا الفساد فقد أطلقت أوامر من قبل كبار مسؤولي الحشد من بينهم نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس " باعتقال المنتحلين وإغلاق جميع المقرات الوهمية " بينما هناك أخباراً تسربت وتداولتها وسائل الإعلام وغيرها أكدت أن أبو مهدي المهندس نفسه مشمول بالإقالة من منصبه كنائب رئيس الهيئة وتعيين الفريق محسن الكعبي رئيساً للهيئة.

ان التوسع الكبير الذي طرأ على الحشد الشعبي والأخبار التي تغطي مساحتها على فاعليات الجيش العراقي والشرطة العراقية ليس له إلا غرض واضح وهو اعتماد الحشد الشعبي في تنفيذ واجهات سياسية وجعله بمثابة قوة عسكرية تستطيع ان تلعب دوراً غير قليل في قضية السلطة والانحياز نحو أهداف ومهمات هي من مهمات القوات الأمنية المسلحة الحكومية، وفي هذا المجال تبرز العديد من الأسئلة والاستفسارات منها عندما أعلن عن الجهاد الكفائي هل كان المعني ضم هذا الكم الهائل من الميليشيات الشيعية لقيام هذا الجسد المتناقض الذي له وجهات وأهداف وخطط متناقضة حتى داخلياً ويبقى المتطوعين غير المحسوبين على هذه الميليشيات مهمشين لا حول لهم ولا قوة إلا فقط التضحية بالروح وحمل السلاح بوجدانية وطنية والقتال ضد داعش الإرهاب..

ــــ هل بدأت قناعات رئيس الوزراء وكل المخلصين في التحالف الوطني الشيعي تدرك ان الوجهة الحقيقية للجهاد الكفائي استغلت من قبل الميليشيات الشيعية بصورة الاستحواذ على قرارات وأهداف الحشد الشعبي النظيفة لأغراض وأهداف بعيدة عما طرحته المرجعية الشيعية ولهذا نجد انكفاء المرجعية عن النصيحة السياسية ؟ طبعاً هناك العديد من الأسئلة والاستفسارات يصل البعض منها إلى حد التشكك بوجود تطاول على رواتب الكثير من المتطوعين المستقلين وقد أشار لهم رئيس الوزراء حيدر العبادي بصراحة أثناء اللقاء بالعراقية وسماهم "بالفضائيين".. لقد سبق وان حذرنا منذ سنين وأثناء عهد نوري المالكي ومازلنا نحذر بضرورة الانتباه لخطورة الميليشيات المسلحة الشيعية التي لم تقل خطورة عن حزب البعث العراقي والميليشيات التي شكلت في الكيان الآخر والتي تبنت الإرهاب والقتل والتفجير منذ بداية التأسيس، نحذر ان لا نستيقظ يوما لنجد ان هذه الميليشيات الخارجة عن إدارة الدولة ان تكون الدولة نفسها، وتحديد الوضع العراقي بكل مقوماته وجغرافيته إلى مناطق تشتعل فيها الحرب الطائفية والأهلية وبهذا تمنح الفرصة لأعداء العراق والشعب العراقي للتقسيم، انه إنذار حقيقي مثل كل الإنذارات التي ذكرناها في السابق والتي أصبحت حقيقة نلمسها في كل ثانية ودقيقة بمساوئها وعدائها لوحدة البلاد وفي مقدمتها الفساد والإرهاب والحرب وعدم الاستقرار وتردي الأوضاع المعيشية والخدمية .




 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter