|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 24/1/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المطالب الجماهيرية المشروعة ومسؤولية رئيس الوزراء نوري المالكي

مصطفى محمد غريب

العودة للأول من شهور الولاية الثانية لرئيس الوزراء نوري المالكي يلمس المرء تراجعاً عن ما قيل بعد اللقاءات والتوافقات حول حكومة الشراكة الوطنية وهي تسمية أطلقها الذين تقاسموا كعكة السلطة فيما بينهم ( هذا لك وهذا لي وتلك لفلان... الخ ) إلا أن ذلك لم يثبت ولم يترجم في الواقع ما اتفق عليه وبخاصة اتفاقية اربيل لأن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وعلى ما ظهر بعد ذلك أراد أن يتغذى بهم ظهراً قبل أن يتعشوا به مساء فقبض بيد من حديد على وزارتي الداخلية والدفاع والقوات المسلحة واخذ يفصل ويخيط على مقاييس " منو يكدر حتى يأخذها " لكن الموضوع على ما ظهر أيضاً اكبر مما كان يتصور رئيس الوزراء واللقمة الكبيرة التي كان التصور بأنها بسيطة لا يمكن أن تبتلع بسهولة، والخلاصة هي مسألة لا بد أن يستفيد منها أي حاكم إذ لا يمكن للأساليب القديمة مهما جرى تجميلها حتى بالديمقراطية إلى إعادة إنتاج أسلوب الاستبداد والقهر والهيمنة والتفرد أو دولة على غرار دولة البعث أو أية دولة لا تحترم مواطنيها، وكما صار فخطوة اثر خطوة بدأت الأمور تتعقد وبدأت الأزمات تظهر الواحدة تلو الأخرى بما فيها الأزمات الاقتصادية والخدمات العامة وغيرها، وبدلاً من نصف العدالة الاجتماعية تصاعدت وتيرة الملاحقات البوليسية والاعتقالات الكيفية بحجة الإرهاب وبدلاً من وضع حد للاستهتار والتجاوز على الحقوق ومحاربة الفساد الذي انتشر بدون أية رقابة وغض النظر عن عظام الرقبة، كما استعملت عصى الطائفية تحت غطاء الوطنية وصار الاعتقال الكيفي واستعمال التعذيب نهج اتخذه البعض ولم تسلم أي قطاعات شعبية منه لا جنوباً لا وسطاً ولا غرباً، المعتقل أمامه طريقان أما الاعتراف بجريمة لم يقترفها أو التعذيب الوحشي اللاانساني والبقاء سنين عديدة تحت طائلة الاحتجاز غير القانوني، أما الإقصاء والتهميش فقد أصبحا وسيلة للهيمنة وبسط النفوذ وحسب لجنة الشهرستاني ونشرها في (المدى بريس بغداد) فقد أشارت بان وزارة الداخلية أقصت (35) ألف سني منذ 2010 (مع الأسف فالكلمة سني جاءت في سياق الإشارة) بينما أصبح حزب رئيس الوزراء الدعوة يهيمن على (90%) من مفاصل وزارة الداخلية وقد علق على الموضوع من قبل احد المصادر في التحالف الوطني أن "لجنة الشهرستاني أكدت خلال اجتماع عقده التحالف الوطني قبل يومين أن هؤلاء الذين تم إقصاؤهم من قبل الداخلية هم من الذين حاربوا تنظيم القاعدة والعديد منهم تعرضوا إلى إصابات وإعاقات وتشوهات ". أما لجنة الأمن والدفاع النيابية فقد أشارت إضافة لذلك " إن العدد يصل إلى نصف مليون منتسب، ويشمل التهميش أيضاً الكرد والشيعة غير الموالين للسلطة".

لقد كانت مظاهرات واحتجاجات شباط 2011 البداية التي حددت الموقف من سياسة رئيس الوزراء والحكومة العراقية وكانت هذه الاحتجاجات تطالب بإصلاح النظام السياسي وضد الفساد وجشع المسؤولين، مطالبة بتحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع العراقي وإيجاد فرص عمل ومن اجل تحسين الخدمات العامة ومعالجة قضايا الكهرباء والماء والحد من ظاهرة الفقر والبطالة فضلاً عن عدم التمييز على أساس طائفي أو قومي أو عرقي ، وشملت تلك المظاهرات والاحتجاجات أكثرية المحافظات العراقية وحسب إحصاءات رسمية نشرت في أكثر من وسيلة إعلامية فقد قتل حوالي ( 29 ) مواطناً عراقيا وأصيب حوالي ( 150 ) مواطناً برصاص القوات الأمنية ليس لأنهم إرهابيين كما ادعت الحكومة وأجهزتها الأمنية حينذاك واعتقلت العديد منهم بتهم الإرهاب وحسب المادة ( 4 ) من قانون مكافحة الإرهاب لكنهم كانوا متظاهرين سلميين يطالبون بعلاج للتدهور الذي أصاب جميع مرافق الدولة والتخلص من الترهل والانتظار في مواجهة القوى الإرهابية والميليشيات المسلحة الطائفية التي تعيث بالوضع الأمني كيفما تشاء وكان من نتائجها عشرات الآلاف من الضحايا سقطوا قتلى ومصابين ولم تسلم البنى التحية من الدمار والتخريب، وقد طالت التفجيرات والعبوات الناسفة عشرات المناطق السكنية والأسواق الشعبية والدوائر الحكومية، وبدلاً من أن يستمع رئيس الوزراء لصوت المعارضة الوطنية التي كان هدفها إصلاح الأوضاع السياسية وليس إسقاط الحكومة أغلق أذنيه واستمع للبعض ممن يريدون جر البلاد للحرب الطائفية الأهلية وركب رأسه بدون الشعور بمسؤوليته كونه رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة، من طرف آخر وعلى الرغم من الوعود التي اطلقها وحاشيته بالعمل على تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية فقد سارت الأوضاع من سيء إلى أسوأ، بل ظهرت على الساحة السياسية تداعيات خطرة غير مسبوقة وبخاصة مع الإقليم وتصاعدت مع من اتفق معهم باسم حكومة الشراكة الوطنية وأصبحت الأوضاع المتردية خبز يومي لأكثرية الشعب بينما تصاعدت التهديدات والدخول في أزمات وضعت البلاد على شفى حفرة نتائجها ستكون من الخطر الذي لا يمكن معرفة نتائجه والذي قد يعصف بمستقبل العراق ووحدته الوطنية.

لقد كان لاعتقال حماية وزير المالية عبارة عن قدح الشرارة لتصبح بعد ذلك سعيراً في المناطق الغربية وقد يكون الأمر صحيحاً لكن طريقة الاعتقال والاتهام فوراً بالإرهاب والمادة ( 4 ) بدون تحقيق وتمحيص دفعت عشرات الآلاف ومن مختلف مكونات الشعب للشك وبخاصة أن قضية اعتقال حماية طارق الهاشمي وملاحقته قضائياً لا تكاد أن تختلف بالكثير عن طريقة حماية وزير المالية، وبما أن التراكمات والاحتقان الشعبي وصل حدود الانفجار وهي مسألة طبيعية فقد خرج الآلاف محتجين ومعترضين ومطالبين لبعض المطالب المشروعة وبدلاً من التأني ومعالجة الموقف بشكل سليم وقانوني خرج نوري المالكي ليهاجمهم ويعتبرهم " فقاعة نتنة أو" لديهم أجندات أجنبية أو يكفي حتى لا تتعقد الأمور"وعودوا إلى منازلكم وكأنهم أطفال يحركهم كما يرغب أو يشاء وليس جماهير تعد بعشرات الآلاف ولهم مطالب يجب أن يدرسها على الأقل"، مما زاد الطين بلّة فأثار بذلك غضب حتى أولئك الذين كانوا ينتظرون منه أن يقف كرجل دولة متفهم ويطلع عن كثب على المطالب وإيجاد حلول تخدم مصلحة البلاد والوحدة الوطنية، والرجل مع احترامنا بدلاً من أن يذهب إلى الحل الموضوعي حاول وحزبه والبعض من ائتلافه أن يتصدى عن طريق المظاهرات المضادة المؤيدة فجاءت مفتعلة مما زاد سخط حتى المتحالفين معه في التحالف الوطني ومنهم التيار الصدري حيث أعلنت كتلة الأحرار النيابية أن المظاهرات التي خرجت في بغداد مدفوعة الثمن وقال بهاء الاعرجي " إن "المظاهرات التي خرجت اليوم في بغداد غير عفوية ومدفوعة الثمن". ولم تقتصر المظاهرات المؤيدة لرئيس الوزراء على بغداد فقد خرجت في البعض من مدن الجنوب والوسط وكانت حسبما أشارت له البعض من المرجعيات والمراقبين أنها كانت بتوجيهات وبضغط من ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء وحزب الدعوة وقد تساءل الكثير من المتتبعين عن معنى هذه المظاهرات التي هاجمت المظاهرات المطلبية التي تشهدها المحافظات الغربية تأييداً لإبقاء قانون المسألة والمادة ( 4 ) اللتان باقيتان وتحتاجان إلى قرارا من مجلس النواب وقو يكون الاعتراض على كيفية التطبيق وان تكون مهماتها واضحة وغير مشعبة وليس اتهام كل من هب ودب بالإرهاب والمادة المذكورة، فضلاً عن القضايا المطلبية الأخرى تخص أكثرية مرافق البلاد أما قضية التهميش والإقصاء فهي معترف بها حتى من المقربين من رئيس الوزراء ومن التحالف الوطني، بما فيها قضية إنشاء الأقاليم لم يطرحها المعتصمون بل هم يؤكدون على العراق الواحد غير المقسم، وهذه المسائل لا تحتاج إلى دعم مظاهراتي مصطنع أو تظاهر العشرات تحت اسم " فرسان أنصار القانون " في ساحة التحرير / بغداد وبحماية القوات الأمنية التي أغلقت جميع الجسور والمنافذ للحماية والتشجيع، وهذه وغيرها من التمثيليات إن دلت رغب رئيس الوزراء نوري المالكي أم لم يرغب أنها بدفع ممن حول رئيس الوزراء أو ليس بالبعيد منه مباشرةً، وهذه المظاهرات المؤيدة ليس لها مطالب سوى إظهار الأمر وكأنه بين الشيعة والسنة وبالضد من تحديد الولايات الرئاسية وبالذات ولاية نوري المالكي، فماذا يريد هؤلاء ـــ أن يبقى نوري المالكي إلى الأبد أو يريد إعادة مفهوم القائد الموحد الوحيد الذي لا يضاهيه احد من العراقيين؟.

ان المظاهرات والاعتصامات في المحافظات الغربية لم تكن وحدها بل هناك العشرات من المظاهرات خرجت على امتداد الولاية الثانية لا بل حتى الأولى لرئيس الوزراء نوري المالكي في المناطق الجنوبية والوسط ومازالت أكثرها مطلبية تخص الخدمات العامة وغيرها من المطالب وبهذا نستطيع القول أن أكثرية الشارع العراقي مستاء من أداء الحكومة ورئيس الوزراء نوري المالكي ولمجرد ان يسمع أي مسؤول حكومي نبرة الشارع الآن سوف يجد ان هناك انتقادات واسعة واتهامات مباشرة وبالأسماء، واحتجاجات علنية وأمام عدسات وكاميرات وسائل الإعلام، أليس هؤلاء مواطنين يجب الاستماع إلى شكواهم ومعرفة همومهم ؟ ولهذا صدر بيان لشباب نصب الحرية يدعو المواطنين للتظاهر والاحتجاج يوم 24 / 1 / 2013 ضد العنف الطائفي مطالبين الجماهير المحتجة والمتظاهرة في كل العراق" لا تنخدعوا بمن يجيء بالحلول الترقيعية بإطلاق سراح مجموعة من المعتقلين الأبرياء وكأننا نعيش في مجتمع ما قبل التاريخ تتقاسم فيه القبائل غنائمها وتتصالح بدفع الديات وينتهي الأمر" وطالب البيان ان تكون جمعة الغضب في ساحة التحرير جمعة للشعارات السلمية والشعبية من اجل تحقيق المطالب المشروعة وحذر البيان من المخبرين والمندسين ورفع شعارات تشوه الوجه الحقيقي لمطالب الجماهير في كل أنحاء العراق.

نختتم قولنا كما اشرنا في الكثير من المقالات والدعوات وأشار العشرات من الكتاب والمثقفين: ان الحل بيد رئيس الوزراء نوري المالكي وبخاصة إذا اعتمد روحية الحوار الشفاف الديمقراطي وتلبية المطالب المشروعة وليس الخطابات والتصريحات الاستهجانية والتهديدية، عليه ان ينزل بنفسه إلى المعتصمين والمتظاهرين ويعرف ماذا يريد المواطنون وليس عن طريق من يريد استمرار الأزمة وتعميق الهوة والاستفادة من الخلاف والانشقاق، وليعرف رئيس الوزراء نوري المالكي مع احترامنا وحزبه حزب الدعوة ان الشعب العراقي اكبر من أي حزب أو أي ائتلاف أو تحالف سياسي وتبقى مصالحه ومصلحة البلاد فوق مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية ولعلها تنفع..

 

 

 

 


 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter