|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 23/5/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


الأيزيديون وجرائم القتل المبرمج

مصطفى محمد غريب

ان جريمة الابادة المنظمة التي تلاحق أبناء وطننا من الأيزيديين هي عبارة عن استهداف عرقي وديني تحت واجهة من التطرف الذي هدفه ملاحقة ومحاربة مكونات الشعب العراقي عرقياً أو دينياً أو طائفياً، ومن هنا فقد برزت ثقافة الاتهامات المبنية على روح التطرف الديني الطائفي في أساليب الردع والتجاوز على حقوق وحياة المواطنين مستندة على أصولية أو سلفية لها من الماضي السلبي قاعدة للانطلاق وتعريف النصوص حسبما تقتضي المصالح التي تخضع للحزبية والتنظيم الذي بدأ يشق طريقه بقوة منذ 2003 وليس له أي ارتباط بمفاهيم الدين السمحة ونظرة التعايش السلمي بين مكونات الشعب التي عاشت مئات السنين وفق منهجية علاقة المواطنة التي لا تعتمد على القتل والتطرف بل على التعايش السلمي، لقد عانت المكونات الأصغر من ملاحقات وجرائم منظمة

1 ـــ أما تهجيرها وترك وطنها واللجوء إلى بلدان أخرى

2 ــ أو استخدام وسائل العنف والاغتيال والتصفيات للإبادة البشرية لتحجيمها وجعلها غير قادرة على التحرك من اجل نيل حقوقها .

أما الأهداف التي يسعى إليها التطرف الديني والطائفي ـــ دفع الاتوات " الجزية " أو ـــ التسليم بالدين الإسلامي الجديد الذي ابتدعه البعض من تنظيمات وأحزاب الإسلام السياسي المتطرفة والبعض من الفتاوى التي يطلقها بين الحين والآخر البعض من رجال الدين وخير مثال عندما حرض المرجع الشيخ محمد اليعقوبي بدفع القوات الأمنية للوقوف بوجه الأمور " المخالفة للإسلام " مبينا إننا " نواجه مسالة إشاعة الخمور في بلاد المسلمين وعلينا التفكير بتجفيف الحواضن التي تحتضن مثل هذه الأمور ونقوم بسد الخطوط الاقتصادية " إلا أن الشيخ محمد اليعقوبي يتغاضى عن سبقٍ وإصرار عن الفساد المالي الذي يتجاوز المليارات والذي يعتبر من أهم حواضن الإرهاب واتساعها .

ان الهجمات الإرهابية المتكررة بالضد من الأيزيديين تعتبر جرائم بالضد من الإنسانية وليست جرائم عادية وتعد من الجرائم التي تسعى للتصفيات العرقية والدينية والجرائم الأخيرة الذي راح ضحيتها ( 15 ) أيزيدياً خلال أسبوع وأدت إلى جرح العديد منهم في بغداد هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ومثلما كانت الجرائم الإرهابية بالضد من المسيحيين والصابئة المندائيين والتصفيات والاغتيالات الطائفية تعد بجانب المحاولات التي تهدف إلى خلق الفتنة والاقتتال فان الاغتيالات والتفجيرات بالضد من الأيزيديين هي سلسلة مترابطة مع كل الجرائم التي تعد أما سياسية طائفية أو دينية أو عرقية، حتى استهداف محلات المشروبات الروحية بحجج دينية تعتبر جرائم إرهابية لأنها تستغل اسم الدين أو الشريعة الإسلامية والطائفية بتفسيرات لا يمكن أن تتماشى مع مجريات التطور والحقوق المدنية وليس لها صلة بالتسامح الديني واحترام الأديان غير الإسلامية، ثم من جهة أخرى تعتبر من المخططات التي تستهدف مكونات أما دينية أو عرقية أو قومية... الخ وعلى الرغم من اختلافنا مع المدير العام لأوقاف الأيزيديين بتجريد الهجوم على محلات الخمور وكأنها مجرد محلات للخمور وليس هدفاً لأصحابها الأيزيديين، لكننا نتفق مع ما قاله أثناء حديثه مع المدى بريس أن هناك "مخططاً خارجياً تنفذه أياد وسخة تعمل على استهداف المكونات والطوائف العراقية كافة وليس الأيزيديين وحدهم". ونضيف على المخططات الخارجية مخططات داخلية تجند قوى دينية متطرفة لزرع الفتنة بين مكونات الشعب العراقي، لقد قامت هذه القوى باغتيال حوالي ( 1000 ) مواطن أيزيدي منذ ( 2003 ) وفي مناطق متعددة بما فيها العاصمة بغداد، وقد قضى على البعض منهم إما عن طريق الشاحنات المفخخة أو إلقاء القنابل اليدوية وغيرها.

ان الذي يثير العجب كون الأجهزة الأمنية تبدو عاجزة كل العجز عن اكتشاف جرائم استهداف ليس الأيزيديين فحسب بل الجرائم الأخرى التي تخص المكونات وكذلك بالضد من المثقفين والصحافيين والذين يدعون إلى رفض زج الدين والطائفية في السياسة، ولم نسمع أو نقرأ ان هذه الأجهزة الأمنية استطاعت الوصول للفاعلين ومن يقف خلفهم من قوى أحزاب الإسلام السياسي التي تمتلك الميليشيات المسلحة وتعتبر نفسها بمثابة دولة مستقلة ولها الحق السماوي في عقاب من لم يتمثل لأوامرهم ومعتقداتهم ومنهجهم، وباعتقادنا أنهم معروفين بتنظيماتهم وقادتهم لدى هذه الأجهزة، بينما نسمع يومياً عن إلقاء القبض على العشرات تحت طائلة من الاتهامات بالإرهاب .

- لماذا هذا الإهمال والتقاعس في قضية لها أبعاد تنطوي على جرائم يحاسب عليها القانون وتطبق بحقها أحكامه بالقصاص من المجرمين؟ سؤال نحيله إلى وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية لكي نحصل على جواب لكن هل سيكون الجواب مثلما الحال لعشرات الأسئلة في مهب الريح!، لابد من الاعتراف بالحقيقة على الرغم من علقمها المر بأن الجهات التي تكمن خلف استهداف المكونات الدينية والعرقية والقومية عبارة عن مافيا إرهابية تعيث فساداً بالآمن وتجعل من قضايا محلات بيع المشروبات الروحية وكأنها قضية دينية يستوجب الدفاع عنها ، والبعض من هذه المافيات كما ينقل العديد من المواطنين العراقيين عنها أنها تحمي الذين يقومون بتوزيع الخمور بمختلف أنواعها وتداولها في السوق السوداء مقابل اخذ المعلوم ، وهؤلاء وحسب ما نقل عنهم أنهم حتى ليسوا بالمسيحيين أو الأيزيديين بل أنهم مسلمون يتاجرون في السوق السوداء ويربحون ملايين الدنانير، والذين يتابعون قضايا محلات بيع الخمور المحدود تواجدها بشكل ضيق يجد بعد إغلاقها والتضييق عليها أن تداولها وانتشار توزيعها بالسوق السوداء بشكل واسع لا بل أن العديد من البيوت السرية يجري من خلالها بيع وتوزيع الخمور تحت سمع وبصر هذه المافيا الدينية والطائفية والبعض من الأجهزة الأمنية، وهكذا ينكشف رياء وخداع هذه القوى بأنها ليس من اجل الدين الإسلامي بل من اجل الاستفادة أكثر كما تجدها بين فترة وأخرى تنشط في مجال مهاجمة محلات بيعها واغتيال أصحابها والافتراء عليهم كونهم غير مسلمين وهو حجر يصيب هدفين الأول: الدعاية كونهم يحمون الإسلام من هذه الموبقات!! والثاني: غلق المحلات العلنية لبيع الخمور بواسطة التفجير والاغتيال والتهديد ليتسنى التوزيع على نطاق واسع وبرفع الأسعار في السوق السوداء.

ان التردي الأمني الملازم للفترة الأخيرة من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي سببه الأزمة التي تعصف بالبلاد والخلافات بين القوى المتنفذة وهو أمر لا يمكن السكوت عنه، وعودة النشاطات للقوى الإرهابية بشقيها دليل على أن هذه القوى تتمتع بالمساندة والدعم من قبل البعض من القوى السياسية التي تحاول تعميق الأزمة وتوسيعها ليتسنى لها الكسب السياسي على حساب حياة ومعيشة المواطنين، وليس العودة لحيثيات ما قاله شهود يوم الأربعاء 15 / 5 / 2013 إلا دليل على ضعف أو على اختراق الأجهزة الأمنية فقد سيطر مسلحون على حركة الشرطة المتواجدين قرب المحلات بأسلحتهم وأشير أن "مسلحين مجهولين يستقلون ثلاثة سيارات صالون حديثة، وسيارة رابعة باص لنقل الركاب نوع (كوستر)، نفذوا هجوما يوم أمس مستهدفين أصحاب محلات بيع المشروبات الكحولية، في تقاطع الربيعي، شرقي بغداد" وحسب شهود العيان على الحادثة فان هذه القوة المسلحة قامت بجريمتها بتأني دون أي إرباك حيث قطعت الشارع بشكل تام ثم بدأت بإعدام أصحاب المحلات الأيزيديين بإطلاق الرصاص على رؤوسهم أمام ذهول وفزع المواطنين المتواجدين بالقرب من هذه المحلات وانسحب القَتلة بهدوء وبدون أي مقاومة تذكر لا من الشرطة أو غيرهم، إن هذه الممارسة الإجرامية وغيرها عبارة عن استهتار بمصالح المواطنين الذين يجب أن تحميهم الحكومة وأجهزتها الأمنية لأن تكرار الجريمة وعدم ملاحقة المجرمين الذين يرتكبونها دليل آخر على التساهل وعدم الجدية في ملاحقة الجريمة التي تخطط بالضد من المكونات الأصغر في المجتمع العراقي، إنها جرائم ضد الإنسانية وليس ضد محلات المشروبات الروحية لأنها تحمل طابع العنف المسلح والأفكار الظلامية التي تعتبر القتل مفتاح الفرج المادي ثم المعنوي






 

 

 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter