|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 23/2/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


القصاص من قتلة الزعيم عبد الكريم قاسم والشهداء الآخرين

مصطفى محمد غريب

1
قبل أيام من جريمة انقلاب ( 8 ) شباط ثم بعدها بأسابيع لم يتسن لي قراءة مقال يدعو فيها الكاتب إلى إقامة دعوى قضائية ولو معنوية ضد الانقلاب والبعض من قيادته العسكرية والحزبية وهذا أمر مؤسف حقا،، وهذا لا يعني أن عدم وجود مثل هذا الرأي البتة خلال سنين سابقة وعلى ما اعتقد أن الكثير منها كانت مطالبات غير جدية وهشة فسرعان ما ينتهي شهر شباط حتى يتناسى البعض ما كتب وما طلب من خلالها، أي لم تقدم طلبات إقامة الدعاوى بشكل رسمي مع حملة تضامنية وجمع تواقيع الآلاف لتثبت هذا الحق وجعله قضية ليس عراقية فحسب بل إنما على المستوى القطري والدولي وتكليف محاميين بالسعي على نجاح هذه الدعاوى وتحميل الإعلام مسؤولية النشر وفضح تلك الجرائم بحق الإنسانية والخوض فيها من قبل قانونيين عراقيين وعرب ودوليين لتكون قضايا لا تقل أهمية من المحاكمات الدولية ضد رموز الشر الذين ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية.

2
خمسون عاماً مرت على مأساة الشعب العراقي بسبب انقلاب ( 8 شباط الدموي في عام 1963) الذي قامت به القوى القومية وفي المقدمة حزب البعث العراقي وساندته البعض من القوى الإسلامية والبعض من رجال الدين والرجعية ودعمته القوى الخارجية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وغيرهما، هذه القوى التي مارست الجريمة المنظمة قبل وبعد الانقلاب حيث اغتالت عشرات المواطنين والديمقراطيين والشيوعيين، واكبر وصمة عار في جبينها بيان رقم (13) لإبادة الشيوعيين الصادر من قبل الحاكم العسكري رشيد مصلح الذي اعدم بعد انقلاب 17 تموز ألبعثي تحت طائلة عمالته للمخابرات الأمريكية حسب إعلانهم، لقد كشف الانقلابيون في 8 شباط عن وجههم الحقيقي وعن محتوى رسالتهم التي استندت على القومية والإسلام كذباً ورياء واعتبرت عبد الكريم قاسم وكل من يقف مع الجمهورية الفتية ويدافع عنها أعداء للعروبة والإسلام، لكن هؤلاء لم يلتزموا بأبسط مفاهيم الشيم العربية والوصايا الإسلامية فيما يخص على الأقل بدفن الموتى وعدم التمثيل بأجسادهم، يحضرني في هذا الأمر قضايا عديدة على الرغم من اختلاف الجوهر بينهما وبين اغتيال عبد الكريم قاسم ومحو أي اثر جسدي له، الأول إعدام صدام حسين الذي حكم العراق وقتل ابن لادن في باكستان من قبل الجيش الأمريكي، وقتل معمر ألقذافي، الحالة الأولى فقد دفن صدام حسين على الطريقة الإسلامية صدام المجرم القاتل أو المسبب في قتل عشرات الآلاف من العراقيين وغير العراقيين، والثانية دفن ابن لادن ( مكانه غير معروف ) وادعت الإدارة الأمريكية انه دفن على الطريقة الإسلامية، أما الثالثة فقد دفن معمر ألقذافي بالطريقة نفسها حسب تصريحات البعض من القادة الليبيين الجدد ومكان دفنه غير معروف، وهناك عدداً غير قليل من الأمثال حول دفن الميت بمراسيم دينية إسلامية إن كانت أو من أديان أخرى، وكما هو معروف لا يجوز في الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات حتى لو كانوا من أديان أخرى ولا يجوز عدم دفن الميت حسب الأصول إلا من تعذر ذلك وفي ظروف قاهرة ، إلا أن الجريمة المزدوجة في اغتيال ودفن عبد الكريم قاسم هو قانوني وديني فالأول أن عبد الكريم قاسم قتل بنذالة ووفق مراسيم احتفالية لا إنسانية فخلال دقائق عقد المتآمرون محكمة ليس لها ارتباطاً لا بالقوانين الوضعية ولا بأصول المحاكمات العراقية وبدون أي سند قانون وتقرر إعدامه وتنفيذ الحكم مباشرة به مع العلم أن جميع المحاكمات التي جرت في عهده كانت أما علنية أو غير علنية وبوجود حق الدفاع ووجود المحامين الذين دافعوا عن المتهمين وبعد ذلك دفن من حكم بالإعدام بالطريقة الأصولية، وكان القانون الشخصي " عفا الله عما سلف " من قبل عبد الكريم قاسم هو الذي أنقذ حتى أولئك الأنذال الذين حاولوا اغتياله في شارع الرشيد، الجريمة النكراء الأخرى فهي دينية فقادة الانقلاب من البعثيين والقوميين والإسلاميين هم الذين قرروا اغتيال الرجل الوطني النظيف ثم دفنه في منطقة المعامل غرب بغداد لكنهم عادوا ونبشوا القبر واخرجوا الجثة بطريقة بربرية خوفاً من معرفة المواطنين وربما يجري نقل جثته إلى مكان آخر يكون رمزاً وشاهداً حياً على جريمتهم، وهذا الأمر ليس لها أية صلة مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تؤكد على احترام الميت ودفنه وفق الشريعة وأية مخالفة لها تدل على عدم الالتزام ليس بها فحسب بل حتى بالدين الإسلامي، وهذا ما حصل لهذا الشهيد الذي وضعوا في أقدامه " بلوكات كونكريتية " (*) والقوه في نهر دجلة كأنهم يعيدون تراث أسلافهم المغول عندما احتلوا بغداد بخيانة ابن العلقمي الوزير وما أكثر ما ألقي في نهر دجلة من كتب وجثث القتلى أدى لتغيير لون الماء حسب الروايات، القوا الرجل بدون أي وخزة ضمير إسلامي حسبما كانوا يدعون وعلى رأسهم الحاج عبد السلام عارف والحاج احمد حسن البكر وقادة حزب البعث حينذاك أمثال فؤاد ألركابي وصالح السعدي وكذلك من القوميين الذين رفعوا راية الإسلام كذباً بالضد من الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين العراقيين

ـــ فأي شريعة إسلامية هذه ؟ وهذا السؤال يوجه للمرجعيات الدينية الإسلامية جميعها وسؤال آخر

ـــ لماذا سكتم ودعمتم هذه الجريمة المخالفة للشريعة والدين الإسلامي وانتم تدعون المرجعية والإسلام التي قام بها أولئك الذين يدعون التمسك بالدين الإسلامي؟؟ ـــ لماذ سكتم عن استشهاد زعيم وطني لا ذنب له سوى حب العراق وإخلاصه له؟

اليوم وبعد ( 50 ) عاماً على تلك الجريمة والجرائم التي اقترفت بحق المواطنين العراقيين جميعهم يجب إن يقوم أهالي الشهداء وفي مقدمتهم ما تبقى من عائلة الشهيد عبد الكريم قاسم والمهداوي ووصفي طاهر وجلال الاوقاتي وطه الشيخ أحمد وخليل كنعان والشهداء سلام عادل والحيدري والعبلي وعبد الجبار وهبي وغيرهم من الشهداء ضحايا الانقلاب الفاشي بإقامة دعوى قضائية تحتوي على مطلبين للقصاص من القتلة المجرمين حتى بعد موتهم

الأول: عدم شرعية المحاكمات الصورية والاغتيالات المباشرة التي خالفت القوانين المرعية وقصاص كل من اشترك في جريمة الإعدام والاغتيال وفي تعذيب الشهداء

ثانياً : بالنسبة للشهيد عبد الكريم قاسم وإذا وجد غيره بعدم دفنهم بشكل أصولي وعلى الشريعة الإسلامية لإدانة أولئك المجرمين أحفاد المغول دينياً واعتبارهم مارقين مخالفين للدين.

يوم بعد آخر تظهر الحقائق عن ذلك الانقلاب الدموي وعن بيان رقم ( 13 ) وعن إعدامات واغتيالات نالت الوطنيين والديمقراطيين والشيوعيين المخلصين، ظهرت كذبة الادعاء بالأخلاق الإسلامية وهو إدانة بحق لأولئك الذين حللوا سبي وقتل الشيوعيين العراقيين أن كانوا في المرجعيات الدينية أو البعض من السلطة الانقلابية الفاشية ، الحق القانوني والشرعي إذا كانوا فعلاً يلتزمون بالشرع الإسلامي (واشك بذلك) إدانة لكل من صمت منهم صمت القبور لكنهم نطقوا بالشر قبل ذلك وبتحليل قتل المناضلين وفي مقدمتهم الشيوعيين العراقيين وسبيهم وسبي أعراضهم وأموالهم.

اليوم وبعد تلك الحقب السوداء لا نعرف لماذا لا يتحرك أهالي الشهداء ويطالبوا بالقصاص حتى لو كان معنويا، ولو تابعوا قضايا المطالبة بمحاكمة المجرمين والطغاة حتى بعد نفقهم لإنصاف الشهداء وإدانة الجريمة لوجدوا الكثير منها ، القصاص من القتلة والقصاص لمن ساندهم من شخصيات سياسية ودينية، القصاص المعنوي من تلك الدول التي وقفت معهم وقدمت الدعم المادي والإعلامي وهم أكثر من علمٌ فوقه نارُ، القصاص المعنوي لنشر أسماء المجرمين ومناصبهم الحكومية بكل صراحة وعلنية وتجريمهم وفق القانون العراقي أو حتى القانون الدولي.. فهل من يسمع ويتحرك ويقيم الدعوى القضائية؟ أم نبقى نبكي ونستذكر كما لو أن الشهداء هم المذنبين!



(*) قطع صلبة كبيرة نسبياً من الإسمنت لكي لا تطفو جثته لسطح الماء





 

 

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter