|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  20 / 9 / 2013                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


التحالف الذي أزاح حزب العمل النرويجي وحلفائه من السلطة

مصطفى محمد غريب

لقد جرت الانتخابات البرلمانية النرويجية في أجواء ايجابية حيث خصص للتصويت يومي الأحد والاثنين المصادفين يوم 8 و 9 / 9 / 2013 ،حيث توجه عشرات الآلاف منهم وأدلوا بأصواتهم بشكل عادي وبممارسة ديمقراطية كما هو حال الانتخابات السابقة إلا أن ما ميز هذه الانتخابات عن سابقاتها فوز تحالف اليمين، وخاصة إذا ما عرفنا أن الدورتين السابقتين فاز فيهما حزب العمل وحلفائه حزب الوسط الفلاحي وحزب اليسار الاشتراكي فقلد كانت هناك توقعات ملموسة لخسارتهم وفوز حزب اليمين وحلفائه المتمثلين ب (FRP) حزب المستقبل وهذا الحزب ذو التوجهات اليمينية يقف بالضد من الجاليات الأجنبية التي تقيم في دولة النرويج منذ عشرات السنين تقريباً، وحزب يسار الوسط ( V ) وهو حزب قريب إلى اليمين منه إلى اليسار لأنه يتحالف معه دائماً، و الحزب المسيحي الذي كان في تحالف سابق مع اليمين وأصبح رئيس الحزب رئيساً للوزراء قبل ( 8 ) سنوات، التوقعات بفوز اليمين في الانتخابات كانت على قاعدة التخلخل في سياسية حزب اليسار الاشتراكي ( SV ) التي كانت رئيسته وزيرة للمالية وبسبب سياسة التشدد والتضييق ونظرية زيادة الرصيد الاحتياطي لخدمة الأجيال القادمة وضعف التوجه في الخدمات والصحة والتعليم فضلاً عن السياسة الضريبية، فلهذا خسر حزبها حوالي ( 16 ) مقعداً في البرلمان ليحصل على ( 7 ) مقاعد في هذه الدورة بينما كان في الدورة السابقة قد حصل على ( 23 ) مقعداً، ولأول مرة في تاريخ النرويج استطاع حزب المستقبل ( FRP ) الوصول إلى الحكومة بتحالفه مع حزب اليمين وكانت الفرحة قد عقدت لسان رئيسته سيف ينسين ( Siv Jensen ) عندما أعلنت النتائج فقالت " Siv Jensen: Jeg tok et par slurker vin før «morna, Jens»-talen لقد أخذت عدة رشفات من النبيذ للمتعة " وتشفياً برئيس الوزراء السابق.

إن التحالف اليميني الذي فاز في الانتخابات البرلمانية في النرويج إشارة مهمة خرجت لتعلن أن الوقت أصبح إلى جانبه ومن أسباب نجاحه تدني جماهيرية الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية وسياساتها المتذبذبة تجاه راس المال حيث ومنذ الحرب العالمية الثانية ظلت تراوح في مكانها على الرغم من التعديلات والإصلاحات غير الكافية فيما يخص المساعدات الاجتماعية والخدمات والصحة والتعليم والجانب الضريبي الذي يستولي على أكثر من ربع الأجور... الخ لكنها لم تستطع مثلاً التخلص من البطالة وارتفاع نسبة المليارديرية وارتفاع الأسعار ثم توسع رقعة الفقر الظاهرة التي بدأت تبرز خلال نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، أما الأحزاب اليمينية وبالذات حزب اليمين فهي مخادعة في طروحاتها لكنها لا تخفي وفق برامجها توجهاتها في خدمة الطبقة الرأسمالية وتوجهات نحو تقليص المساعدات الاجتماعية لصالح ارتفاع الفوائد على العقارات تحت حجة تخفيض الضرائب وهي سياسة تمويهية لخداع العمال والموظفين الصغار الذين يعانون من المستوى المرتفع للضرائب على رواتبهم لكنها تهدف في الوقت نفسه إلى تخفيضها عن كاهل الأغنياء الرأسماليين الذين يحولون رؤوس أموالهم التي تعد بمئات الملايين من الكرونات إلى مناطق في شرق أسيا والبعض من دول أمريكا اللاتينية وغيرها من المناطق والدول، وأن جزء من رؤوس الأموال بعيدة عن أعين الضرائب .

على مستوى الأحزاب فقد حظي حزب العمل بأعلى نسبة من المقاعد في البرلمان وهي ( 55 ) مقعد مقارنة مع حزب اليمين الذي حصل على ( 48 ) مقعدا إلا أن الحصيلة النهائية للتحالفات التي تكونت قبل الانتخابات فقد حصل تحالف اليمين وحلفائه على( 96 ) مقعد بينما حصل حزب العمل وحلفائه على ( 72 ) مقعد فضلاً على أن حزب الخضر حصل على مقعد واحد.. أما الحزب الشيوعي النرويجي فلم يحصل على أي مقعد وكذلك حزب ( RV ) اليساري مع العلم وحسب الإحصائيات الموثقة أنهما حصلا على أصوات أعلى من السابق وبخاصة في الشمال والغرب أما العاصمة اوسلو فقد كانت التصويت للحزب الشيوعي النرويجي ضعيفاً..

الانتخابات التي جرت في النرويج تكاد أن تكون وفق الدائرة الواحدة حيث تنال القائمة الأصوات التي تم التصويت لها في كافة أنحاء النرويج، وقد ظهر الاختلاف الكبير في التحالفات التي تشكلت قبل الانتخابات وليس بعدها وهذه الطريقة أكثر ديمقراطية فيما يخص الفائز فيها ولو كانت الانتخابات بدون هذه التحالفات وعلى أساس الأحزاب لفاز حزب العمل لأنه حصل على أكثر المقاعد البرلمانية من حزب اليمين.

بينما لاحظنا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق فقد تشكل التحالف الوطني بين الأحزاب الشيعية تقريباً وعلى رأسها حزب الدعوة بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي ً فيما بعد الانتخابات بينما تحالف العراقية كانت له نسبة اكبر في المقاعد البرلمانية وبهذا شذ عن القاعدة المتعارف عليها في مثل هذه الحالة فضلاً من الاستيلاء على أصوات أكثر من مليوني صوت انتخابي حسب قانون الانتخابات غير العادل الذي جرى على أساس الدوائر المتعددة وليست الدائرة الواحدة ، أما فيما يخص تحالف اليمين في النرويج فهناك توقعات على عدم استمراره لما يعيشه من تناقضات سياسية ومنهجية بين أحزابه ولا سيما بين حزب المستقبل ( FRP ) ذو التوجهات العدائية للجاليات الأجنبية وبين حزب اليسار ( V ) والحزب المسيحي ففي السابق رفض هذان الحزبان التحالف وحتى التعاون الحكومي مع حزب المستقبل ( FRP ) فضلاً على مسألة أخرى ذات أهمية كبيرة وهي أن النقابات العمالية النرويجية تمتلك قوة غير قليلة في النرويج مع وجود ولأول مرة حزب الخضر في البرلمان إضافة إلى قوة المعارضة في البرلمان التي تمثل بالضبط تقريباً يسار الوسط.



 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter