|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 1/1/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الأمطار والمياه الثقيلة أغرقت بغداد يا حضرة رئيس الوزراء

مصطفى محمد غريب

ولأن فيضانات بغداد والعديد من مدن العراق كشفت المستور عن المعمول وفضحت ما خلف الستار فقد هاجت الذكرى وماجت وتذكرنا تلك السابقة الغريبة التي قام بها رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي ومجلسها الموقر!! خلال عام 2012 بالاعتداء على النوادي الثقافية والاجتماعية وفي مقدمتها الاتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق عدة مرات وبررت وغيرها من الذين أغلقوا عيونهم وضمائرهم من قول الحق وسكتوا على تصرفاته الهوجاء المدعية بحماية الأخلاق والدين الإسلامي والمواطنين من بيع وشرب الخمر، لكن هذا المجلس وعلى رأسه المسؤولين لم يفكروا بسوء الخدمات ولا بصحة المواطنين وبخاصة في الأحياء الشعبية الكادحة، ولعل عنجهية البعض منهم راحت تكيل التهم للمنتقدين الذين انتقدوا تصرفات البعض من المسؤولين الأساسيين في مجلس المحافظة وعلى رأسهم كامل الزيدي وذكروهم بأن بغداد تحتاج إلى عشرات من المشاريع التي تساهم في تحسين الخدمات وتخليص المناطق الشعبية من آفات المجاري السطحية ورمي المياه الثقيلة بدلاً من إقامة مرسى مطاعم العطيفية الذي افتتحه محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق برفقة رئيس مجلس المحافظة كامل الزيدي السياحي الذي أعلن أن كلفته حوالي ( أربعة ملايين دولار.. أربعة مليارات دينار ونصف ) وبدلاً من محاربة الاتحادات الثقافية والنوادي الاجتماعية ومنع المشروبات الروحية بالطريقة البوليسية التي استعملتْ لم ولن تجدي نفعاً لان ذلك سوف يجعلها أكثر انتشاراً وقد تدار بشكل مافيوي سري وواسع والطريقة ألأجدرهي التوعية بالمضار التي تحدثها هذه المشروبات الكحولية صحياً قبل كل شيء ومادياً، ولم تمر فترة إلا قصيرة على غلق البعض من المحلات التي تبيع الخمور حتى انتشرت العشرات من الأماكن بديلاً عنها وإذا كانت مختصرة على الإخوة المسيحيين فأنها أصبحت تجارة لغيرهم، وبالعكس فقد انتشر بيع المشروبات الروحية غير الصحية لأن الرقابة ضاعت بين طيات الفساد المالي والإداري وانشغل المجلس بالدعاية للأعمال التي لم تنفذ ومنها مجاري بغداد التي أظهرت عار الحرامية والمفسدين الذين يتلاعبون بمصير المواطنين ويسرقون حتى اللقمة من فمهم باسم الدين والشريعة والطائفية، لقد تداول المواطنون بالقول " بأمر من رئيس مجلس محافظة بغداد والبعض من المسؤولين في المحافظة أغلقت النوادي والمسارح الثقافية ثم أخيرا تم إغلاق المجاري فغرقت بغداد بالأمطار والمياه الثقيلة "

لقد كان يوم الحساب الثلاثاء في 25/12/2012 الذي قامت به الطبيعة فَعَرّفت هذا المحافظ والمجلس ومن خلفه ورأى المواطنون أية نكبة عاشوها لمجرد أن زادت الأمطار عن حدها وقارن المواطنين بين بلدان تمطر عندهم لأيام لا لأسابيع ولم يصبهم ما أصابهم من دمار وتدمير وضحايا ( وفاة تسعة أشخاص بينهم ستة أطفال) بينما خرج علينا نوري المالكي والبعض من أعضاء الأمانة العامة ليزور زيونة وكان الأفضل به أن يزور الزعفرانية ويرى بأم عينيه ما حل بالدور وبالعباد، يرى الفقراء والكادحين حيث انهارت عليهم دورهم وفقدوا أثاث بيوتهم وملابسهم التي هي بالأساس عبارة عن أسمال قديمة لا تصلح للحيوانات وليس للمواطن العراقي صاحب بحيرات النفط والخيرات الهائلة، أن يزور الثورة " الصدر" ويتجول بين قطاعاتها ويرى مئات الآلاف وهم يخوضون في المياه المختلطة بالمياه الثقيلة وغيرها من المياه الملوثة، وان يزور الشعلة فيرى كيف اختلط الحابل بالنابل وكيف أصبحت وكأنها مستنقعات بينما أكثرية شوارع بغداد قد تحولت إلى جداول وانهار تمخر فيها القوارب الخشبية التي صنعوها أهل بغداد، ولكن الأفظع والمحزن والمبكي أنهم استعملوا سفينة صغيرة حقيقية لتمخر المياه وقد تناقلتها أكثرية وسائل الإعلام المرئية ونشرت صورها في الفيس بوك وصحف عديدة، كان الأفضل برئيس الحكومة أن يقول لمجلس محافظة بغداد عليكم أن تخجلوا من أنفسكم وان تحاسبوا ضمائركم وان يقدم المسؤول منهم إلى القضاء ليأخذ القانون مجراه لكي يسألوا ـــ أين المليارات التي كان المفروض أن تجعل من بغداد من المدن المتقدمة خدمياً وليس اعتبارها أسوأ ثالث عاصمة في العالم، لكن كيف يستطيع وجميعهم من حزبه وهو الذي رشحهم ووضعهم في هذه المناصب، أما المواطنون في بغداد وغيرها وهم عاشوا هذه المأساة فعليهم أن يتعظوا ويتعلموا ويفكروا لمن ينتخبوا! لمن يمنحوا أصواتهم بدون أية تأثيرات مهما كانت ومن أين مصدرها، وان يرددوا مثلما طالب النائب المستقل عن التحالف الوطني صباح السعدي بمحاسبة نوري المالكي لأنه المسؤول الأول، لأنه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ووزير الدفاع ورئيس حزب الدعوة الحاكم أما المناصب الأخرى فنحن لا نعرفها، نقولها بصراحة أن نوري المالكي المسؤول الأول وقد اعترف بذلك أثناء ما يسمى ( مهرجان السيادة والمصالحة الوطنية ) على الرغم من انه حاول فبركة الموضوع حيث أكد " الكل يرمي المسؤولية على الآخر، بل الكل يرميها على رئيس الوزراء، وأنا أتحمل المسؤولية ومستعد لكل شيء" فإذا كنت تقصد شركاؤك فأنت وحزبك من اتفق معهم وتقاسمتم الأدوار والكراسي والسلطة وراح الآخر ينكل بالآخر وبأسم الدستور والقانون، وإذا قصدت المسؤولين الذين يقودون فأنت من عينتهم ووفق المحاصصة التي كنت احد أفرادها الرئيسيين، ولطالما قلنا لك أن تضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وأن تحاسب دون هوادة الفاسدين والمفسدين من خلال أحالتهم للقضاء الذي يجب أن يكون مستقلاً، لا أن تكيل بمكيالين يا حضرة رئيس الوزراء، بغداد وغيرها غرقت بسبب واحد هو الفساد المستشري في حكومتكم والمفسدين الذين ينهبون المال العام بدون ذرة من ضمير يحاسبهم ولطالما فر البعض منهم كباراً وصغاراً وأنت تعرفهم ولا نريد أن نذكر أسمائهم، المواطنون يطالبون ونحن معهم فقط القيام بزيارة الدوائر بشكل سري أو تكليف أناس شرفاء مخلصين فسوف ترى الرشوة والفساد يشكلان 90% إذا لم نقل لك أكثر، فكيف تريد بناء البلد بهذا الكم السيئ والأسوأ من ذلك أن تستمع لما يرضيك وان تحارب من ينتقد الأخطاء والنواقص بهدف إصلاح العملية السياسية.

ان الاحتجاجات بالضد من سوء الخدمات في بغداد ومناطق أخرى من البلاد دليل على مدى رفض المواطنين لسوء إدارة البلاد وهذه الاحتجاجات جاءت بسبب تراكم المشاكل المعيشية والخدمية وإهمال شكاوى المواطنين، والاحتجاجات هي نتيجة طبيعية فقد رأى العالم وليس العراقيين فحسب كيف هي شبكات المجاري وأوضاعها السيئة وكيف هي الخدمات المتدنية في المناطق الشعبية إلا ان البعض من المسؤولين يبررون ويغطون عن سوء الإدارة لاستغفال المواطنين ومن هؤلاء السيد حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، فبينما المواطنين يدفعون الثمن مادياً ومعنوياً فهو يُنَظر ويشرح بان المجاري " والخطوط تستوعب ستة ملايين متر مكعب في اليوم وان الأمطار التي هطلت كانت كبيرة وغير متوقعة وقدرت بستة وثلاثين مليون متر مكعب " يا حضرة حسين الشهرستاني في كل دول العالم يضعون خطط استراتيجية حتى للمجاري وأنت سيد العارفين لأنك عشت في أمريكا كما نعتقد، و أنت تشيد بجهود أمانة بغداد ولكن بعد المصيبة وليس قبلها، ونحن نسأل السيد حسين الشهرستاني

ـــ أولاً: هل فاتك تصريح رئيس هيئة الخدمات في مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي الذي قال وبكل صراحة وعلنية " أُحمل أمانة بغداد مسؤولية سوء الخدمات " وان الخلل لم تستطع إصلاحه " خلال السنوات الماضية لأنها لم تتمكن من تقديم الخدمات وتنفيذ مشاريع البنى التحتية المتعلقة وخاصة في مجال الصرف الصحي، فضلاً عن أن هناك إهمال متعمد و يتحمل مسؤولية تردي الخدمات أيضا محافظ بغداد شخصيا لأن هناك بعض المناطق تقع ضمن قاطع مسؤوليته"

ـــ وثانياً: أن حوالي أكثر من 85% من المناطق السكنية بدون مجاري ويسكنها الملايين من المواطنين، وكيف عن المجاري السطحية التي ترى بأم عينيك ما تحمله من قاذورات وأوساخ، وكيف يمكن ان نقارن مدحك لأمانة بغداد بدون رؤية المستنقعات الآسنة التي تمتد في أكثرية المناطق الشعبية، هل سنتحدث معك عن مئات الشوارع الترابية التي تنقلب إلى برك من الطين لمجرد ان تدر السماء مطراً حتى لو كان قليلاً، نقول مدحك واستغفال المواطنين لن يحل المشكلة، بل الذي يحل المشكلة محاسبة المقصرين والإسراع في تنفيذ المشاريع الخدمية، محاسبة من يضحك على الشعب ويعده بالخير والرفاهية لكنه يسقط لأول امتحان حتى لو كان من قبل الطبيعة، نقول لك اتق الله وغيرك من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية وهو راقد على فراش المرض ونائب رئيس الجمهورية وأنتم تشاهدون الصور عن الفيضان وآلاف المواطنين يغادرون بيوتهم ومناطقهم وبعضهم سقطت دورهم على رؤوسهم ، وليس ان تقوم بزيارة على متن سيارات الدفع الرباعي الحديثة جداً لتعود إلى الخضراء وتنسى وعشرات من الحماية معك.

ان المعالجة الحقيقية هي الإقرار بالخطأ وهو فضيلة والاعتذار للشعب وهو شجاعة ثم تبقى الأعمال الفعلية بالمباشرة في المحاسبة والتنفيذ كي لا نقول غداً مبررين إذا ما مرت العاصمة أو أي منطقة بالمثل " لقد تفاجئنا " عليكم وضع استراتيجية عامة وليس الاعتماد على الأعمال والمشاريع الارتجالية وبعد ذلك تقولون " المقاول الفلاني المدعوم أو الشركة الفلانية ما كادت أن تبدأ حتى شمعت الخيط بعدما قبضت القسط الأول والفاهم يدرك قولنا " وعلى المواطنين ان يدركوا الحقيقة ـــ من يمثلهم ومن يضحك ويضحك عليهم.



 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter