|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 18/5/ 2013                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


مَنْ يتحمل مسؤولية أجهزة كشف المتفجرات الفاسدة ؟

مصطفى محمد غريب

يبدو أن صمت رئاسة الوزراء والبعض من المسؤولين في البداية وفترة من الزمن الذي يلف فضيحة أجهزة الكشف عن المتفجرات بدأ يتلاشى وتخرج للعلن بعض التصريحات والتي بدأت وسائل الإعلام تتحدث عنها فضلاً عن تصريحات خجلة من قبل البعض من المسؤولين، أما الكتل السياسية صاحبة القرار فهي تكاد تغلق أفواهها وأذانها عن هذه الفضيحة التي مست بشكل مباشر أمن البلاد وأدت إلى زهق عشرات الآلاف من أرواح المواطنين الأبرياء بسبب فشلها ونتائج استعمالها الذي أثبتت أنها عبارة عن صفقة الفضيحة التي لمسها حتى المواطنين العاديين على الرغم من عمليات الشراء التي كلفت الدولة أموالاً طائلة من خلال صفقات مشبوهة سيطر عليها الفساد، فلو كانت هذه الأجهزة فعالة وناجحة لكان بالامكان المساعدة في كشف العجلات المفخخة أو الأسلحة المهربة إلى داخل المدن وتجنيب المواطنين والممتلكات من الإعاقات والقتل والدمار والخراب، والمشكلة أن هذا الصمت أو التصريحات الخجلة بخصوص هذه الأجهزة لو قورنت بما يفعلونه في قضايا تكاد أن تكون صغيرة بالنسبة لها وكيف يجري تضخيمها والصراخ من أجلها لَتيقّن كل إنسان أن هناك أمر ما يدار في الخفاء يدل أما عن المشاركة أو الاتفاق ضمناً عن تمرير الصفقة الفضيحة بدون إعارة حياة المواطنين أي اهتمام ومسؤولية، والا كيف يفسر عدم إجراء تحقيق سريع للكشف عن المسؤولين الحقيقيين وتقديمهم للقضاء على ما اقترفت أيديهم من جرائم مباشرة أو غير مباشرة أدت إلى آلاف الضحايا، ومن يستطيع تعويض هؤلاء الأبرياء بعدما فقدتهم عائلاتهم أو أصبحوا معوقين بسبب الإصابات جراء التفجيرات أو أي عمل إرهابي استطاع الإفلات بالرغم من هذه الأجهزة الفاشلة منتشرة في أكثر السيطرات ومداخل المحافظات والمدن، وكيف يمكن التغاضي عن أسماء لمسؤولين حكوميين مهمين تم تداول أسمائهم وهذا ما أكدته مؤخراً وزارة الداخلية عن تورط مسؤولين وعلاقتهم مع رجل الأعمال البريطاني ( جيمس موكورنك ) المورد لهذه الأجهزة وقد أشير لا عن تورط مسؤولين فحسب بل عن ضباط كبار وهناك أصابع اتهام لوزير الداخلية الأسبق (جواد بولاني ).

لا يمكن أن تمر هذه القضية الجريمة مثل القضايا الأخرى دون المحاسبة القانونية ومعرفة من هم الأساسيين الذين تعاقدوا على شرائها بملايين الدولارات، لقد اتضحت العديد من الحقائق بعدما سجن رجل الأعمال البريطاني وكشفت هيئة النزاهة في إعلانها حول الموضوع ضلوع البعض من مدراء الشركات المجهزة وحسب تأكيد هيئة النزاهة أن " هناك تطور مهم في قضية جهاز كشف المتفجرات حيث تم إصدار ( 5 ) أوامر قبض على مدراء الشركات المجهزة والبريطاني المدان ( موكورنك )" كما أن هيئة النزاهة كشفت عن مسؤولين حكوميين كبار متورطين بقضية الأجهزة المزيفة.

إن الاستهتار بحياة المواطنين العراقيين لا يمكن أن يمر مرور الكرام وان آلاف الضحايا الذين لا ذنب لهم إلا اللهم وجودهم مصادفة أو لعمل ما في أماكن التفجيرات لا يمكن أن يكون حادثاً طارئاً، بل نعتقد انه مدبراً بفعل الفساد والسرقة والاستيلاء على المال العام ومثلما اشرنا أن هذه الأجهزة ومن اتفق على عقد الصفقات المشبوهة ودفع ملايين الدولارات يجب أن تعرى وتكشف ويقدم من قام بها للعدالة والا ستبقى الأمور على وضعها وفي كل صفقة فساد يعلو الكلام وتطلق التصريحات والاتهامات ثم تهبط رويداً رويداً حتى يلفها النسيان مثلما حدث للعديد من قضايا الفساد وأصحابها المسؤولين لا بل ساهم الصمت والمداراة على هروب أكثرهم محملين بما لذ وطاب إلى خارج الحدود وهم يعيشون مترفين وسعداء بما في حوزتهم من أموال تعود للمواطنين قبل غيرهم، لقد أشار النائب جواد الشهيلي عضو لجنة النزاهة النيابية في مؤتمره الصحفي على وجود موافقات من مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وهو الذي " أعطى الإيعاز للوزارات والمحافظات لشراء هذا الجهاز " وطالب بوضوح وعلنية بعدم محاسبة شخص دون المفسدين الآخرين ، ونحن معه فليس من المعقول أن يقوم شخص واحد بهذه المهمة التي تحتاج إلى مجموعة من المافيا المفسدين، وعلى ما يبدو أن خلف الكواليس من يريد تلبيس القضية لشخص دون سواه ولهذا هناك مؤشرات على محاسبة مدير شعبة المتفجرات في وزارة الداخلية ( جهاد الجابري ) ومن ناحية غض النظر عن المسؤولين الذين لديهم اليد الطويلة في الصفقة وتساءل جواد الشهيلي " لماذا تمت محاسبة شخص واحد هو جهاد الجابري مدير شعبة المتفجرات في وزارة الداخلية وجرى غض النظر عن الباقين " مع العمل وأثناء عقد الصفقة فإن احد مستشاري وزارة الداخلية المدعو ( العقيد باول ) وهو بريطاني الجنسية قد ابلغ الحكومة العراقية " برداءة جهاز السونار " وحسب ما نقله جواد الشهيلي بأنه قد شخص عجز هذه الأجهزة وأنها غير صالحة لهذه المهمة أنما صلاحيتها لبعض " الصناعات المنزلية والشخصية ، لكنه لا يكشف المتفجرات " وأضاف جواد الشهيلي أن "أهم الأسماء المسؤولة عن هذه الصفقة وزير الداخلية السابق جواد البولاني والوكيل الأقدم لوزير الداخلية ومكتب القائد العام ومدير مكتب رئيس الوزراء وفق الكتب الموجودة في لجنة النزاهة"، مشيرا إلى "عدد الأشخاص الذين قتلوا بسبب استمرار التفجيرات المفخخة وعجز الجهاز عن كشفها في نقاط التفتيش"، هذه التصريحات وغيرها أجبرت البعض من المسؤولين التخلي عن الصمت لا بل جعلت وزارة الداخلية في موقع حرج لكونها تتحمل المسؤولية الأمنية ولهذا أعلنت أنها " أقامت دعوى قضائية ضد الشركات والأشخاص المتورطين" وأكدت وزارة الداخلية أن هذا التحرك جاء بتوجيه من رئيس الوزراء نوري المالكي، ونعتقد أنها خطوة ايجابية لان الصمت والسكوت يعني المشاركة مهما قيل عنها وهي تعتبر جريمة كما هي جريمة كذبة الأجهزة المزعومة.

إن المحاسبة القانونية والمباشرة فيها وكشف جميع الأسماء وعدم التمييع ولفلفة الموضوع سوف تكون حافزاً لمحاسبة أي قضايا فساد سابقة أو لاحقة، وعدم اللجوء للمراوغة والتسويف مهما كان شأن الأشخاص المسؤولين ومواقعهم في الدولة والحكومة، وهو الطريق الصحيح للجم القوى الشريرة الفاسدة التي تسعى إلى الحط من هيبة الدولة وسرقة قوت الشعب تحت طائلة من الحجج والادعاءات، لابد من أن يكون العدل هو أساس الملك وأساس للدفاع عن الحقوق المدنية وحياة المواطنين العراقيين وقوتهم اليومي.








 

 

 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter