|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 14/9/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نزيف الدم في يوم 9/9 امتداداً لمسرحية عرس الدم

مصطفى محمد غريب

أنها مسرحية عرس الدم بفصولها الدرامية المتتابعة تبدو وكأنها لن تنتهي، تتجدد وتتمدد بفن مسبوقٍ كقاعدة للميلودراما وعلى الرغم من بكائية فروعها لكنها أحياناً تلبس لباس التراجيكوميدي الذي يريد الضحك على الذقون وينقل مشاهد الألم والحزن إلى مقاطع من قهقهات مصطنعة غير حقيقية كمشهد الصدمة التي لا تجد إلا بالقهقهة دواء لجروحها، ما العمل؟ كما استفسر لينين وهؤلاء الذين يقودون البلاد هم ليسوا بالصم والبكم يعرفون كل شيء وعن أي شيء يعرفون أنهم يساهمون ببقاء البلاد في هذه المسرحية الدموية لكنهم يصورون للمواطنين أنهم لا يعرفون ويخدعونهم بالأمل ولكن أي أمل مضني! يخدعونهم في كل ما يستطيعون إليه سبيلا حتى وان كان الدين الإسلامي !، هذه المؤسسات الأمنية المنتشرة والتي صرفت عليها من دماء قلوب الشعب وخيراته والتي تعد بمئات الآلاف من الذين يقبضون أعلى الرواتب وكأنها غير موجودة لا بل في الكثير من الأحيان نجد أن البعض منها يسهل استمرار المسرحية أو البعض من فصولها ومقطعها أو من يتغاضى لأنه اخترقها بفن " توبة ابن آوى" لكن أيها السادة يا أبناء هذا الشعب الذي صوت لهم في العديد من المرات وسوف يفعل تحت طائلة المرجعيات الدينية والأئمة والصالحين والجنة والنار والطلاق والقسم بالقرآن و بالعباس والحسين وغيرهما والالتزام بروح الطائفية ندعوكم إلى التفكير ولو لثانية فقط واسألوا أنفسكم واسألوهم

ـــ لماذا مسرحية عرس الدم تبدو لانهاية لها؟ ـــ لماذا تصرون على أنكم أفضل وطنية وأكثر أخلاصاً من الذين يقولون لكم إذا لم تستطيعوا فتنحوا وأفسحوا المجال لغيركم لعلهم يستطيعوا مثلما فعلها العشرات في العالم المتحضر بدون مسرحيات لعرس الدم؟ أين الشرطة الاتحادية؟ ـــ أين الجيش؟ ـــ أين المخابرات والاستخبارات وكل من يقبض بالملايين؟ ـــ أين فاروق الاعرجي وجماعته الضباط ولوائه المرتبط بمكتب رئيس الوزراء من التفجيرات الجديدة وكأن العراق عاد إلى سنوات النزيف المعروفة؟ وكأن مليارات الدولارات التي صرفت على الأجهزة الأمنية تبخرت في الجيوب دون أن تؤدي إلى نتائج على اقل ما يقال وجود هذه الأجهزة وفعاليتها في المحافظة على أرواح المواطنين، ليس من العجيب والغريب أو من باب الكذب لخداع الرأي العام عندما يصدر تنظيم ما يسمى " دولة العراق الإسلامية " تقريراً أكد فيه تبني ( 131 ) عملية خلال شهر رمضان لوحده وفصل التقرير بين الاعتداء والتفجير بعبوات ناسفة وتفجير سيارات مفخخة وهجوماً مسلحاً وكل ذلك في العاصمة بغداد ومحافظة ديالى، لسنا الآن بصدد هذا التقرير لكن لو يطلع عليه أي عاقل ومحايد نسبياً وتابع التفجيرات هذا اليوم 9/9 ومساءً لصدقهم حتى وان كَذّبوا هذا التقرير، التفجيرات اليوم 9/9 وقبلها هي تحصيل حاصل لأسباب كثيرة في مقدمتها استمرار النهج الطائفي في قيادة الدولة وهو سبب لا يمكن اعتباره ثانوياً، وسياسة الاستحواذ والتعنت وإلغاء الآخر والعمل على تأجيج العداء والانشقاق والابتعاد عن المصالحة الحقيقية التي سوف تجنب البلاد كوارث كثيرة.

تزداد الانفجارات والاغتيالات وزرع العبوات الناسفة في كل يوم وتقل في أيام وتتصاعد في أيام معينة وهذا دليل على تذبذب إمكانيات الأجهزة الأمنية ما بين الضعف أو اختراقها وهي كما نرى أنها لا تستطيع مجارات قدرة وإمكانيات التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة الموجودة لدى جميع الأحزاب الدينية السياسية، وأثبتت الوقائع والأيام عن عدم قدرتها على الأقل في التقليل من الهجمات الإرهابية فهناك في البصرة وقضاء تلعفر ونينوى وكركوك وطوزخورماتو والحويجة والناصرية وصلاح الدين وفي ميسان تم العثور على (25 ) ناسفة في المحافظة أما مهاجمة الثكنة العسكرية في تكريت فقد بلغت ضحاياها حوالي 19 قتيل وجريح

بالله عليكم أين الأجهزة الأمنية؟ لا نعرف الجواب بالتحديد لكن والحق يقال أثبتت وبشكل مثير للإعجاب عندما تصدت للمتظاهرين المسالمين الذين تواجدوا في ساحة التحرير يطالبون تحسين الخدمات ومحاربة الفساد وإجراء إصلاحات لخير العملية السياسية وليس هذا وحسب بل جمعت مجاميع من المحافظات الأخرى وزودتها بكل ما يلزم للوقوف ضد تلك الاحتجاجات السلمية، كما أثبتت يوم بعد آخر كفاءات عالية في مهاجمة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين وكذلك البعض من منظمات المجتمع المدني وأبدت غيرة غير محدودة عندما دخلت أكثرية مقراتهم وقامت بتحطيم الموجودات وتكسير الطاولات وتميزت بكل جدارة في توجيه السباب والشتائم السوقية مع ضرب الموجودين بطرق فنية وتهديد أصحاب المحلات بالويل والثبور إذا حاولوا فتح محلاتهم وأعظم من كل ذلك بُثت التصريحات الكاذبة حول فتح البارات والمحلات لبيع الخمور في المناطق السكنية الذين اشتكوا ساكنيها وطالبوا بغلقها وحماية الهوية الإسلامية التي ضاعت ما بين أروقة منظمات المجتمع المدني حسب تصريح السيد صدر الدين القبنجي، هل هناك أكثر قهراً وحزناً والمرء يتابع ويسمع يومياً لا في كل ساعة عن تلك الجرائم التي تنال حياة المواطنين العراقيين الأبرياء في أكثر من (10) تفجيرات راح ضحيتها بين قتيل ومصاب حوالي أكثر من ( 300 ) مواطنا أما تفجيرات المساء من اليوم نفسه فهي قمة المأساة فبعد تلك التفجيرات التي ضربت مدن العراق والعاصمة كان المؤمل أن تفتح الشرطة والجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى أعينها وتكون أكثر حذراً ويقظة وانتشاراً فإذا بها أكثر سباتاً ولا مبالاة فقد عادت مساء اليوم نفسه لضرب بغداد في مناطق الحرية وناحية الوحدة والشعلة والوشاش وجميع هذه الانفجارات تقريباً نفذت بسيارات مفخخة ملغومة كما صحب هذه الانفجارات هجوم بقنبلة داخل سوق شعبي في منطقة الحرية وبالطبع هؤلاء أو أكثريتهم من العمال والموظفين والكادحين والفقراء وحتى البعض من منتسبي القوات المسلحة وغيرهم، هذا النزيف المستمر بدون أن يتحرك المسؤولين في الحكومة أو تحملهم المسؤولية فيما يحدث أو التحقيق في الأجهزة الأمنية المكلفة والبحث عن مسببات هذا التراخي أو الاختراقات الأمنية والتدهور في أوضاعها بشكل يثير السخط والريبة والشك بالبعض منهم مشروع لأن العالم كله يعرف ويفهم أن أي فشل يصيب عمل أي جهة حكومية أو أي مسؤول في الدولة من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وغيرهم فذلك يعني تحملهم الشخصي والوظيفي ويجب أن يحاسبوا عن فشلهم لأنهم يتحملوا المسؤولية أمام المواطنين وعندما تعتبر لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب بعد سلسلة الانفجارات الأخيرة بأنه ضعف الأجهزة الاستخبارية فذلك يعني محاسبة المقصرين المسؤولين عن سبب بقاء هذا الضعف وبهذا الشكل المريب، هذه الجريمة كانت حصيلتها مثلما أشارت دوائر معنية ووسائل إعلام عديدة حوالي ( الأربعمائة ) بين قتيل ومصاب فمن يتحمل مسؤولية ؟ رئيس الوزراء لأنه قائد القوات المسلحة أم وزارة الداخلية والدفاع أو القادة والمسؤولين الكبار، أم الفساد المستشري في المؤسسات الأمنية وقد أشار له النائب المستقل صباح الساعدي ونقل عنه بالصوت والصورة من قبل العديد من الفضائيات بالقول الصريح والإدانة الواضحة لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي " أن الفساد الكبير في المنظومة الأمنية سبب رئيس لهذه الخروقات" وشدد فاضحاً وهذا لا يمكن السكوت عنه " إذا نرى نصف منتسبي الفرقة العسكرية يدفعون نصف رواتبهم ويجلسون في منازلهم إضافة إلى أن المناصب العليا في القيادات الأمنية تباع وتشترى بمئات الآلاف من الدولارات " كيف يمكن تفسير هذا الاتهام الذي سمعه المواطنين ورأوه بأم أعينهم ؟ إلا يعني أن الساكت عن الحق شيطان أخر؟

لقد أدانت تكرار الجرائم وضعف واختراق الأجهزة الأمنية الكثير من الجهات والشخصيات الوطنية السياسية وأدانها العشرات من المثقفين العراقيين وغيرهم وطالبوا محاسبة المسؤولين في أعلى قمة المسؤولية وكذلك القادة العسكريين والأمنيين وتقديم من تثبت إدانتهم إلى القضاء ليحاسبوا وفق القانون وعدم السكوت عنهم وإلا لن تبقى مسرحية عرس الدم تتبضع في دم العراقيين ويبقى المسؤول أو المسؤولين الأساسيين عنها بعيدين عن الحساب القانوني.






 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter