|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  2 / 10 / 2020                             متي كلو                               كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نوري السعيد وسوق مريدي والشهادات العليا !!

متي كلو
(موقع الناس)

نشر على صفحات احد مواقع التواصل الاجتماعي خبرا ننقله نصاً اوردت رسالة ماجستير تقدم بها الطالب بهاء حسين الشيباني في عام 2017 لمجلس كلية التربية بجامعة القادسية تحت عنوان "مسيحيو العراق 1958-1968 دراسة تاريخية" عددا من الاخطاء حول الاعياد التي يحتفل بها المسيحيون وكانت الرسالة قد اجيزت ليحصل من خلالها الطالب على درجة جيد جداً عالي حيث تألفت لجنة المناقشة من كل من الدكتورة ناهدة حسين علي رئيساً وعضوية كلا من الدكتور حسين محسن هاشم والدكتور غانم نجيب عباس والدكتور حيدر جاسم عبد عضواً ومشرفاً ..

وبما يتعلق بالاعياد فقد اورد الشباني جملة من الاخطاء حولها يأتي في مقدمتها ابرازه لاحتفال الكلدان وحدهم بكل من عيدي الميلاد والدنح وعيد القيامة فضلاً عن اخطاء سواء بإيراد توارخ الاحتفال بها حيث اشار الى ان عيد القيامة يحتفل به في 16 نيسان من كل عام ومدة العيد اربعة ايام بالاضافة لايراده لعيد الورد وهو العيد الذي اسمه بركة العذراء حافظة الزروع ويحتفل به منتصف ايار من كل عام كما يذكر الى جانب ذلك عيد الفصح ملتبساً بايراد معلومات عن خميس الفصح الذي يحتفل به من ضمن طقوس الالام كما يختلط عليه الامر بذكر عيد الصليب فيشير الى انه يسمى ايضا بعيد ارتفاع الصليب والاصح اكتشافه من قبل الملكة هيلانة "

لا اعتقد ان هذا الخبر يكفي الاطلاع عليه فقط ونمر عليه مرور الكرام، ولكن لابد من التوقف عنده والتمعن لما جاء فيه من معلومات خاطئة وجهل الطالب ولجنة الاشراف و نضع امام اعيننا ما آلت عليه الدراسة في الجامعات العراقية من فوضى وفساد والتدني في البحث العلمي والمستوى الذي وصل الاشراف على اطروحات الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراه في جامعات عراقية معتمدة عند وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، و اولى علامات الاستفهام من ان المشرفين على رسالة الاطروحة ليسوا من الاختصاصيين ليؤهلهم ليناقشوا اطروحة الطالب بهاء حسين الشيباني ومنحه شهادة الماجستير بدون تقييم او تحميص او تدقيق، مع العلم بان اكثرية الجامعات في العالم من شروطها بان من يشارك في الاشراف او مناقشة الاطروحة يكون حاصلاً على الدكتوراه في تخصصه ولديه خبرة لا تقل عن 5 سنوات في هذا المجال، ولسنا هنا بأن نطلب من اللجنة الافصاح عن شهاداتهم ولكن مجرد الموافقة على اطروحة الطالب يثبت لنا عدم اختصاص اللجنة ورئيستها بموضوع الاطروحة ولكن الظاهر بان بعض الجامعات العراقية اصبحت فرعاً من فروع سوق ميردي ! *

ان ما جاء بأطروحة الطالب يعتبر تزويراً لحقائق وان جريمة التزوير تعتبر من الجرائم في القوانين العالمية ، ونعتقد هذه ليست حالة في الجامعات العراقية ما دام اسناد المناصب العلمية في الجامعات وفق المحاصصة والا كان على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي احالة رئيسة اللجنة واعضائها الى المحاكم المختصة وسحب شهاداتهم والغاء الدرجة العلمية عنهم، ولكن الظاهر بأن عدوى الجامعات الوهمية وشهادتها التي تمنح الى من هب ودب انتقلت الى الجامعات العراقية ومنها جامعة القادسية في العراق ونرى الى اين وصل الفساد في العراق، ونورد هنا حكاية في عهد نوري باشا السعيد رئيس الوزراء في العهد الملكي عندما دخل على مكتبه احد المسؤولين الامنيين ضجراً وفي حالة من اليأس حيث حدثه عن حالة خطرة في البلاد وعندما سأله الباشا عن الحالة ! اجابه المسؤول الامني بان بعض منتسبي الشرطة تفشت بينهم ظاهرة الرشوة حيث اصبح يطلق على الشرطي ابو الواشر ** ،استغرب رئيس الوزراء من هذه الحالة ولكن سأل المسؤول وهل هذه العدوى انتقلت الى المعلم ! اجاب المسؤول على الفور كلا .. كلا يا باشا ، وهنا نهض الباشا من مكتبه ليرتب على كتف المسؤول الامني قائلاً : اذن نحن بخير يا ولدي . فكيف اذا وصلت الرشوة والفساد الى المربي!! واليوم تفشى الفساد والرشوة في التعليم حاله حال مفاصل الدولة كافة!

الجميع يعلم بأن التعليم الجامعي في العراق في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان يعتبر من الافضل في الشرق الاوسط وكانت الجامعات تستقطب الكثير من الطلاب من الدول العربية، وكانت نتائجها تعتبر من اعلى المستويات، ولكن بعد 2003 كما دخل الفساد كافة مفاصل الدولة كذلك دخل الى التعليم وانخفض مستوى التعليم بشكل كبير عندما دخلت السياسة والمحاصصة اروقتها واستفحال الكتل السياسية في وزارة التعليم والبحث العلمي ، فكل رئيس جامعة يمثل كياناً سياسياً ويتبع كتلته او حزبه بعيداً عن الاستحقاق الاكاديمي ويذكر منذ الايام الاولى للاحتلال، صدرت قوائم بأسماء 15500 عالماً وباحثاً وأستاذاً جامعياً وسرحتهم من الخدمة بدعوى علاقتهم بحزب البعث كما غادر العراق اكثر من 7 الاف من ذوي الاختصاص واغلبهم من الاساتذة الاكفاء كما قتل الكثير منهم وهو احد الاسباب لتردي التعليم في الجامعات واصبحت المنافسة بين المتقدمين للحصول على الشهادات العلمية يتم عن طريق الانتماء الحزبي وليس لدرجة الطالب المتقدم ، ويشمل ذلك الطلاب المتقدمين للدراسة خارج العراق كما حدث في عهد الوزير علي الاديب القيادي في حزب الدعوة!

ان حصول الطالب بهاء حسين الشيباني على شهادة الماجستير والالاف مثله يعتبر مؤشراً خطيراً في حقل التعليم، وتزويراً والتزوير يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون ولا نستبعد لجنة الاشراف منح شهادة الماجستير الى الطالب الذي لا يستحقها عن هذه الجريمة، لاحتمالات منها بأن اللجنة لم تناقش الطالب بصورة اكاديمية او منحت وفق المحاصصة الحزبية او المذهبية او لقاء "رشوة"، ونقول مع الاسف الشديد بأن هذا جزء بسيط من الكثير،لان هناك العدد غير المكتشف اكبر بكبير مما نسمع به او نشاهده ونقولها اسفين بمرارة بأن التزوير والرشوة اصبحت مهنة يمارسها البعض من رؤوساء واساتذة الجامعات العراقية، وبعضهم غادر العراق و افتتح جامعات وهمية في الشتات تمنح لمنتسبيها عن بعد شهادات عليا بدرجة جيد جداً او بامتياز! وبأسعار زهيدة باليورو او الدولار!! مع القبعة والروب وحرف الدال!!

في الختام اسرد جزءاً مما كتبته احدى الحاصلات على شهادة الدكتوراه (في السنة الثالثة من دراستي للدكتوراه تعقدت أمور إنجازي للأطروحة. شعرت أني ورطت نفسي في موضوع طويل وشائك ومتفرع، مع مشرف «جليل وفاضل» غير متساهل في قبول ما أقدمه له. وبالصدفة يقترح عليّ أحد الأصدقاء أن «أهون عليّ» وأن أطلب من أي من أساتذة الجامعة ان يتمم لي إنجاز أطروحة الدكتوراه مقابل «3000» دولار) ... !!!


*
سوق مريدي وهو سوق شعبي يقع في مدينة الثورة في بغداد ويختص بالمواد المستعملة القديمة ومنها المسروقة والممنوعة وكذلك تزوير كافة انواع المستمسكات.
** ابو الواشر - الشرطي الفاسد والمرتشي



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter