|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  21 / 2 / 2014                                محمد كمال                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



الطائفية هي الطائفية رغم الأطياف

محمد كمال
(موقع الناس)

(3)
في أول مقالة تحت عنوان «الإقطاعية الدينية» كتبتها لجريدة الأيام ونشرت بتاريخ ٤ فبراير ٢٠١٤، وردتني ملاحظات عديدة، كوني أكتب لأول مرة، أكثرها تشيد بالمقالة والقليل منها تنبهني إلى أنَّ المقالة تعبر عن موقف منحاز كونها أسهبت في تشخيص مفاصل طائفة دون أخرى، وبالكلام الصريح والمباح بمعنى أن المقالة سلطت الضوء على البنية الهيكلية لدى الطائفة الشيعية وتغافلت وأهملت أي ذكر للطائفة السنية رغم أنها طائفية التوجه والأهداف.

وقبل الخوض في هذا المضمار الشائك والمتعرج، فانه واجب عليَّ أن أزيل الغمامة التي سببتها قراءة سريعة للمقالة؛ هذه المقالة التي لا تفرق بين طائفية طائفة عن طائفية طائفة أخرى إلّا فيما اختلفتا فيه من حيث البنى الهيكلية والمؤسسية والمواقع حسب ميلان القوى على ساحة الحراك السياسي، فالمقالة في سطورها الاولى تقول: «الطائفة السنية لم تستطع أن تبني مؤسسة دينية بمكوناتها الروحية والاقتصادية»، وهذا الامر له أسبابه الذاتية والموضوعية والذي يستدعي دراسة مقارنة ومعمقة.

وفي السطور الأخيرة من المقالة تعرضت لموضوع الحوار الذي كان بمبادرة من سمو ولي العهد لتخطي المأزق الذي نتج عن مجريات الحوار السابق، وذكرت بكل وضوح بأنَّ ساحة الحوار القادم «ستشهد تجاذبات بين تحالف تقوده الطائفية الشيعية وائتلاف تقوده الطائفية السنية بينما القوى الوطنية الديمقراطية غائبة....».

هاتان الفقرتان توضحان بجلاء حقيقتين بالنسبة للجانب الطائفي السني بمختلف أطيافه وهي أولاً أن الطائفية السنية لا ترتكز على بنية مؤسساتية لها هيكلتها الهرمية وطبقاتها الاجتماعية التي تبني علاقات متبادلة ملزمة بالمقارنة مع الطائفية الشيعية ذات البنية المؤسسية المتكاملة، وهذا يُحْتَسَبُ ميزة للطائفية الشيعية في إطار المفهوم المؤسسي؛ وهذه المقارنة لا تعني أبداً الحكم على أي طرف، بينما هي تشخيص لواقع من منظور الكاتب الذي يكن كل الاحترام لجميع الطوائف، ولكن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.

وثانياً عندما تطرقت إلى موضوع الحوار فإنَّ المعادلة السياسية كانت واضحة وهي وضع الطائفية السنية والطائفية الشيعية تحت سقف واحد دون تفريق فيما قد يسوغ لهما من حلول مبنية على قاعدة المحاصصة الطائفية، خاصة وأن صوتاً قيادياً في جانب الطائفية السنية عبرت بصريح العبارة عن أنها تمثل الثلث الغائب، وهذا تعبير مقتبس من العراك السياسي الطائفي في لبنان.

الطائفية مهما تعددت وتعاركت واختلفت ألوانها فإنها تعبر عن مصالح طبقية، فالطائفية السنية والطائفية الشيعية شرغم اختلاف البُنَى المؤسسية واختلاف الاستنباطات الفكرية والتفسيرية بينهما إلّا أن كليهما على التزام مع الفكر الطائفي الذي يسوغ لهما تجزئة البنية السياسية في الوطن الواحد إلى محاصصات طائفية من أجل المحافظة على مواقع الوصاية على الطائفة وبالنتيجة صيانة وحماية المصالح الطبقية للبرجوازية وطبعاً على حساب الأغلبية العاملة؛ في الوقت الذي نشهد فيه أنَّ القوى الوطنية الديمقراطية والعلمانية غائبة عن الساحة، بل وأنَّ الأنكى من ذلك أنها أخذت تنزوي دون استحياء تحت عباءة الوصاية الطائفية؛ ولم يبقَ أمام هذا التحدي والحالة هذه إلّا الوعي البعيد المدى للسلطة القائمة وحكمتها، وهذا يعني بكل جلاء أنَّ الكرة في يد السلطة بمشروعها الإصلاحي لإنقاذ الوطن من المحاصصة الطائفية.

ولا يمكن الوصول إلى هذا الهدف إلّا من خلال منظور موضوعي عميق يضع في الاعتبار مصالح جميع أطياف الوطن دون استثناء، اعتماداً على استبصارات مستقبلية تقتضي إحداث تغييرات واتخاذ قرارات جوهرية قابلة للتنفيذ يمكنها تأمين المصالح العامة وبالتالي الأمن الاجتماعي والوحدة الوطنية.

 

الأيام
العدد 9080 الثلاثاء 18 فبراير 2014


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter