|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  17  / 4 / 2015                                 د. محمود قبطان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الى كوريا

د. محمود القبطان

كان حمادة ,هكذا يلقبونه اهله منذ طفولته وليومنا هذا,التقاها في سبعينيات القرن الماضي في احدى الدول الاشتراكية حيث كان هو يدرس في الجامعة وهي اتت مع ثلة من رفاقها للتدريب, ربما,على الطباعة,كان لقاء عابرا وتعرف على اصدقائها في ذلك الوقت,ثم تمضي الاعوام وقد رأها قادمة الى بيت احدى الرفيقات بالقرب من بيته عندما عاد للوطن لكنه لم يكلمها بسبب السرية في العمل وكان يعلم انها قادمة لغرض حزبي.ولم يلقاها الا بعد اعوام عدة حيث تزوجت لكن هذه المرة التقاها في بلد عربي حيث كانوا يعملون.زوجها,كان زميلا لها, في وقت الدورة التدريبية كان رائعا ومساعدا لحمادة عندما حلّت كارثة سياسية في اليمن الديمقراطي حيث ساعده بالاتصال تلفونيا ولعدة مرات بالاهل وقتها. حمادة وهو يسير في شارع الجمهورية في عام 1976 كان قد التقى هادي وهو يحضّر نفسه لفحوصات طبية حيث يسافر مرة اخرى لدورة تدريبية,حيّاه بحرارة وقد ارشده الى احد زملاءه لغرض الاسراع بالاجراءات الطبية.وهكذا شاء القدر ان لا يلتقيا بعقود...يعلم حمادة عن تواجدهما في مدينة قريبة منه في بلد اللجوء لكن لم يلتقيا بسبب سوء العلاقات مع البعض المغرض,يقول احد معارفه:حمادة ,ولك هذا حسد عيشة.يجيب حمادة لست الوحيد الذي يعمل في هذا المجال,يقول صاحبه:ولو.. فهم,البعض, هكذا لا شغل ولا عمل..ويبدأ حمادة فترة جديدة من حياته بعيدا عن القال والقيل ويبقى مخلصا لما كان يعتقد به وقريبا الى من تغرّب من اجله ليبقى نقيا كالمئات لابل الألوف من اقرانه,سعى حمادة ان يقدم ما استطاع لمن استحق المساعدة,لكنه بقى بعيدا عن الاجواء المسمومة حفاظا على مبادئه لاغير.تشيئ الصدف ان يحضر في الوطن حفل اقامه الحزب بمناسبة رحيل قوى الاحتلال الامريكي عن ارض الوطن ويرى كوريا مرة اخرى.ظلّ ثواني يفكر قبل ان يذهب اليها ويلقي التحية وبنفس الوقت قال في نفسه المرأة لم تتغير كثيرا بالرغم من الكارثة التي حلّت بها باستشهاد زوجها على ايادي الارهاب البعثي الفاشي لكنها بقت قوية كالحديد.لملم افكاره وذهب اليها وحيّاها,كوريا :مرحبا,كيف حالِك,انتَ ما اخبارك وكيف حالك...كوريا ترد شكرا..وقد عرفته مباشرة وكأن اللقاء الاول قبل ايام وليس عقود..اضافت كوريا,منغصة اللقاء,سمعت انت كان عندك هوية مغتربين!!يفاجأ حمادة بهذا الكلام,اختلط عليه السلام مع الخبر الذي نشره احد المغرضين عنه بسبب خلاف مع صديق له كان قد انكشف امره بعلاقاته المريبة مع النظام السابق...حمادة حاول ان يجّمع بعض من شجاعته فقال لها :عيوني انت كنت معي عندما استلمت تلك الهوية ام سمعت بذلك فقط.. تضيف.لا..سمعت بس.شكرا قال لها وتركها,لكن الالم كاد يعصر قلب حمادة وهو يقول في نفسه اية حقارة ودناءة تصل بالبعض ان ينشروا مثل تلك الاخبار التي لا اساس لها,اين القيم,تقول زوجته واكثر من صديق له وبعدك مچلب بيهم..يرد حمادة ..ما اعوفهم لاني اعرف نفسي ونقاوتي....آني مچلب بكيان وفكر ومو بأشخاص تقاعد حمادة عن عمله بسبب سنه واراد ان يرجع للوطن وتحقق ما اراده ويعتبر رجوعه الى الوطن هو نفس رجوعه الى الحزب وان لم يكن رجوعا تاما لكن سوف يبقى اكثر فصول السنة فيه.صادف ان ذهب الى مهرجان طريق الشعب الثالث وكان اول حضور لحمادة في هذا المهرجان وشاءت الصدف ان يرى تلك السيدة مرة اخرى ومن قبل ذلك في قيصرية المتنبي لكنه في كل الحالات كان يحاول ان يتجنبها وان لا يلتقي بها مباشرة ابعادا للاحراج وهما في مهرجان محترم لكن في اليوم التالي وقبيل انتهاء المراسيم وكان الظلام قد حلّ واذا بكوريته الطيبة تفاجأه بتحيته وتقبيله وكانت مع احد زملائها ولم يجد حمادة مفرا من ان يرد التقبيل الاخوي بمثله واكثر بل قبل رأسها احتراما لها وللشهيد الذي فارقها ابديا على ايدي الاجرام البعثي المتأسلم .حمادة لم يفوّت الفرصة حيث قال لها ارأيت صفاء الشيوعين الحقيقين وتفاهة البعض ,المخلصون يأتون للوطن والمغرضون الفاشلون يبقون في دول بعيدة للراحة والكسل ولجلسات الدعايات...قالت نعم.

يرجع حمادة الى بيته يتذكر هذا اللقاء الحميمي الاخوي مع كوريا ويسترجع الذكريات من اول لقاء بها الى ذاك اليوم في نهاية مهرجان طريق الشعب ويقول ربما سوف التقيها مرة اخرى وفي كل الاحوال انها اخت ورفيقة رائعة..وفي النهاية لا تحق الا الحقيقة وتسطع شمسها,يقول مع نفسه وقد غلبه النعاس..



20150416

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter