|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  14  / 2 / 2016                                 د. محمود قبطان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حدث في شباط الأسوَد

د. محمود القبطان
(موقع الناس)

احداث دامية حدثت في شباط الأسود بين 1949 و 1963 وهي في الإولى إعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي الشهداء فهد وصارم وحازم ورفاق آخرين وفي الثانية اعدم بعث العراق خيرة أبناء شعب العراق وفي مقدمتهم قادة الحزب الشيوعي العراقي وقادة ثورة تموز وآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين بطريقة تذكرنا اليوم بطريقة داعش الارهابي.

اليوم ونحن نتذكر تلك الايام العصيبة التي مرت على الشعب العراقي لابد وان نتعرف على بعض ألأسباب التي ادت الى انكسار ثورة تموز والتي جاءت لتحطم أوكار الملكية ونظامها المستبد وتحرير العراق من الاستعمار البريطاني ومن الأحلاف وارجاع ثروات العراق النفطية المنهوبة وانهاء الاقطاع وتوفير السكن للفقراء وانتعاش الصناعة والزراعة. ربما تكون هذه الحقبة والتي عرفتها عن قرب بحكم الوضع العائلي آنذاك القريب من الأحداث بالرغم من صغر سني.

كان عمري بضعة أشهر عندما زُج بأخي بالسجن وحكم عليه 11 عاما في العهد الملكي وظلت التحقيقات الجنائية "زائرا" دائميا لبيتنا بين الحين والآخر الى أن أعتقل أخي الآخر في احداث العدوان الثلاثي على مصر1956.

وجاء الحكم الجمهوري بثورة عارمة حطمت ألأغلال التي كان فيها الشعب العراق مقيدا لاربعة عقود.ومنذ الأشهر الاولى ظهرت على السطح السياسي علامات الاختلافات بين الضباط الأحرار والتي انعكست على الشارع السياسي بين القوى اليسارية والقوى القومية.لم يكن مطروحا اي إئتلاف مع مصر وقتها ولكن القوى القومية مستندة الى عبدالناصر طالبت بالوحدة الفورية مع مصر وبالمقابل طالب الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية بالاتحاد الفدرالي.

ومن ثم تعاظمت الفرقة السياسية الى حد الاحتراب المسلح ضد اعضاء الحزب الشيوعي العراقي مستندة فيه القوى القومية الى مساندة جهات دينية لها وزن في تصرفاتها المشينة. فقتل الكثير من الشيوعيين والديمقراطيين العراقين في بغداد والموصل وكركوك كل هذا تقدمت القوى القومية بدفع من الخارج بالتأمر على الثورة منذ الاشهر الأولى واولها ربما حادثة إلإغتيال الفاشلة للزعيم عبدالكريم قاسم في 1959 في رأس القرية بشارع الرشيد وكان على رأس المحاولة الامين العام لحزب البعث فؤاد الركابي وقتها مع شلة من البلطجية حيث حُشِرَ صدام في المحاولة وقتها. ومؤامرة الشواف في الموصل.

وتوالت المحاولات بإغتيال ثورة تموز وبدأ إضراب الطلبة في عام 1962وكان شرارة لتنفيذ المؤامرة الكبرى ضد الشعب العراقي بمساعدة قادة مصر والمخابرات الامريكية في 8 شباط 1963 لتبدأ حقبة جديدة في تأريخ العراق الأسود بقتل قادة ثورة تموز الشهيد عبدالكريم قاسم ورفاقه بطريقة جبانة ودون محاكمة حقيقية بمحكمة صورية قادها المجرم عبدالغني الراوي,حسب ماذكره المجرم طالب شبيب في مذكراته ومن ثم اجهزوا على قادة الحزب الشيوعي العراقي وفي مقدمتهم الشهيد سلام عادل ورفاقه الابطال وزجوا بالسجون ومقرات الحرس القومي خيرة أبناء الشعب العراقي واستخدموا شتى انواع التعذيب والتسقيط السياسي والاغتصاب ضد النساء, في محاولة منهم إنهاء الحزب الشيوعي العراقي ولكن هيهات وبالرغم من الخسارة الكبرى في قادته بقى الحزب و برزت قيادة جديدة بعد اشهر قليلة لتقود الحزب الى رحاب جديدة...

هنا أريد ان اضع سؤالا لمن عايش تلك الفترة العصيبة من تأريخ الحزب وهو: دوما نسمع ان الحزب كان على علم بالمؤامرة والشهيد قاسم والحلقة من حوله يعلمون بالمؤامرة إذن لماذا لم يستطيعوا حماية انفسهم ومن ثم الشعب؟

في محاولة اغتيال الزعيم الفاشلة في 1959 في رأس القرية جاء أخي وقال حدثت محاولة لاغتيال الزعيم والحزب الآن في حالة انذار قصوى . بسرعة البرق انتشر الخبر والحزبيون ذهبوا الى الاجتماعات ووقتها كانت المقاومة الشعبية موجودة ومسلحة بأسلحة اقرب الى لعب الأطفال مسدسات صغيرة وبعضها صوتية.... بالاضافة الى بعض الاسلحة الشخصية,لكن ماذا يعني الحزب في حالة انذار قصوى ؟ كيف سوف يدافع عن الثورة فيما لو نجحت محاولة الاغتيال وربما الانقلاب ؟

قبل 1963 في انقلاب البعث المشؤوم كان الحزب يعلم بالمؤامرة وقادة الثورة يعلمون بها ايضا ,كما نقرأ ونعرف, وقد احال على التقاعد الشهيد قاسم ثلة من الضباط القوميين والبعثيين من الجيش تحسبا لتحرك معلوم وقادم , وفي المقابل كان هناك اكثر من 5000 ضابط شيوعي في الجيش ما عدا ضباط الصف والجنود.

وقد حدث الانقلاب ونجح وسقطت ثورة تموز ,والتي يسميها البعض بالانقلاب,وسقط الألاف من ابناء الشعب العراقي غدرا على ايادي البعث ولكن لماذا لم يتخذ الحزب الشيوعي العراقي الحيطة والحذر لمواجهة الانقلاب والحفاظ على قادته وكوادره واعضاءه ؟ هل كان للحزب اسلحة للدفاع عن نفسه ؟ هل الضباط المحسوبين على الحزب كانوا يعلمون بما كانت قيادة الحزب تعلم ؟ لقد نزلت الجماهير للدفاع عن الثورة بالعصي والهتافات وقد حدثت بعض مظاهر المقاومة في بغداد وفي المحافظات الأخرى لبضعة ايام ثم نجح الانقلاب وغرق العراق ببحر من الدماء على ايدي البعث الفاشي.

لماذا كان الضباط القوميون على أهبة الاستعداد والشيوعيون اخذ على أمرهم بغفلة منذ الدقائق الاولى وكانت ساعة الصفر في اغتيال الشهيد جلال الاوقاتي والذي كان قائدا للقوة الجوية ومن اين نفذَ منذر الونداوي ليقوم بضرب وزارة الدفاع؟

أسئلة تؤرقني في كل عام من شباط الأسود ولم أجد جوابا عليها ليومنا هذا. لقد قدم الشيوعيون أمثلة رائعة في التضحيات وقدموا ارواحهم فداءا للوطن وللحزب وللشعب لكن لماذا كل هذه الخسارة والحزب يعرف حق المعرفة بالمؤامرة الخبيثة؟

في تموز 1963 قاد ضباط صف أبطال تمردا بقيادة الشهيد حسن سريع كاد أن ينجح ويطيح بالبعث وقادته "وعروس ثوراته" لولا التسرع وعدم التنسيق وخيانة من كان يقود الدبابة أمام السجن رقم واحد في معسكر الرشيد حيث كان معظم قادة البعث محجوزين هناك؟

أن الحقد على القوى الخيرة من أبناء الشعب العراقي وهم يطالبون في التظاهرات السلمية بأصلاح النظام الحالي ومحاسبة الفاسدين والمقصرين والمافيات التي تدير الدولة واصلاح القضاء وتوفير الخدمات مازال هذا الحقد يدب في عروق البعث القديم - الجديد بلباس ديني لتُضرب التظاهرات في 2011 شباط في الخامس والعشرين منه وامس الثاني عشر من شباط تنزل مجاميع ملثمة جبانة(تابعين لحزب الدعوة) وباعتراف مسؤول الحزب في الناصرية مسلحة بالسكاكين والهراوات لتضرب المتظاهرين السلميين في ساحة الحبوبي في الناصرية وبعلم واما مرأى من القوات الشرطة والمفترض منها ان تحمي التظاهرات وفي لقطة لاحد الشرطة يحاول ان يهدأ احد المهاجمين دون أن يعتقله ، ما أشبه اليوم بالبارحة ؟

هل يقبل المتظاهرون اعتذارا من المحافظ فقط ؟ من أين جاءت هذه المجاميع الامية لتضرب ناس عُزّل ومن أرسلهم ؟

في مثل هكذا حوادث في بلدان ديمقراطية,مثل "العراق" وحسب الدستور والذي يحمي حرية التعبير والتظاهر, ان يُقال المحافظ فورا من قبل مجلس المحافظة... ويحاسب المعتدون لاسيما وهم موثقون بالافلام ومعروفون في المدينة.

أعتقد سوف يقدم أزلام البعث الجديد من سرايا ابو إسراء ليقوموا بنفس الفعل في بغداد وفي محافظات اخرى ما دام نحجوا في الناصرية وفي دولة اللا قانون..

وسؤال أخير اطرحه على نفسي وعلى الاخرين وهو: هل استفدنا من التجارب السابقة ؟ اتمنى أن يكون الجواب نعم...



20160213
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter