|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  12 / 5 / 2016                                موسى الخميسي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



مهرجان كان السينمائي والرهان على مستقبل السينما العالمية

موسى الخميسي - روما
(موقع الناس)

عدد كبير من النقاد، يجمع ، على ان مهرجان (كان) السينمائي الدولي في دورته الجديدة الـ 69 التي تقام في الفترة من 11 الى 22 آيار/ مايو 2016 سواء كانت الأفلام الأساسية المعروضة ،أعمالاً كبيرة وتجديدية في عالم الفن السابع، فإن هذه الدورة ستكون كبيرة، إذ يمكننا أن نقول عنها، منذ الآن، وقبل أن نشاهد أياً من أفلامها بانها لن تصيبنا بالخيبة، لعالم سينما اليوم. على الأقل من ناحية الاختيارات، في"المسابقة الرسمية" كما في عدد لا بأس به من التظاهرات الأخرى التي يحويها هذا المهرجان العالمي الكبير، فاضافة الى مجموعة من كبار السينمائيين العاملين في سينما اليوم في العالم، سيكون وجود عدد لا بأس به من مخرجين شبان في عشرينات عمرهم، يشاركون في «كان» للمرة الأولى محققين ما يفخر به، عادة، هذا المهرجان من تقديمه، عاماً بعد عام، تلك الأسماء التي ستصبح أشهر ما في عالم سينما السنوات المقبلة.

اختير الملصق الجداري الرئيسي المحمل بالرموز والمعاني والدلالات السينمائية المركبة ، ليعكس النور والبحر والسلالم والأفق الجديد وهي تبرز وتتألق بنور المتوسط الذهبي، تعكس يقينا توجهات المهرجان في دورته الجديدة نحو افق جديد، من خلال تأكيده على القيم التي تأسس عليها وأرساها وهو يستعد للاحتفال بعيد ميلاده السبعين. والملصق من تصميم الفنان الفرنسي فيليب سافوار هو عبارة عن لقطة فوتوغرافية ملتقطة لسطح بيت يسبح في ضوء البحر الابيض المتوسط من فيلم « الاحتقار «
LE MEPRIS للمخرج الفرنسي جان لوك جودار المأخوذ عن رواية للكاتب الإيطالي البرتو مورافيا تصور سلالم فيلا الكاتب الايطالي مالابارتي في مدينة كابري حيث جرى تصوير فيلم جودار الذي يعد تحفة سينمائية نادرة.

تتشكل أعضاء لجنة تحكيم هذه الدورة الجديدة من المهرجان التي يرأسها هذه السنة ، المخرج السينمائي الاسترالي جورج ميللر. ويبدو أنّ ميللر والقائمين على هذا الصرح العريق، أرادوا تشكيل لجنة تحكيم كوسموبوليتية وتؤمن أيضاً المساواة بين الجنسين، بعد اتهامات بالتحيز للرجال واجهها المهرجان على مدى سنوات عديدة .

وتتألف اللجنة هذه السنة من كيرستن دانست، ودونالد ساثرلند، وفانيسا بارادي ، وأرنو ديبليشان، وفاليريا غولينو، ومخرج "ابن شاوول" لاسلو نيميس، ومادز ميكلسن، والمنتجة الإيرانية كتايون شهابي. هؤلاء سينضمون إلى المغامرة التي هذه الايام. هكذا، تتألف اللجنة من فرنسيين، وكنديين، وإيطالييين، ودانمركيين، وإيرانيين، وأميركيين، ومنتجين، ومخرجين، وممثلين سيمضون معاً 15 يوماً من التعاون والتعايش والتشاور، ولربما التخاصم، بشأن الأفلام التي ستتوّج بالجوائز في نهاية المهرجان.

ستشهد مدينة كان ومنتجعها الساحلي الجنوبي ومركز الاحتفال الرئيسي ، حضور مكثف لقوات الجندرمة الفرنيسة بأزيائهم السوداء والمدججين بالاسلحة ، ضمن تعبئة احترازية مكثفة ومسبقة ضدّ إرهاب مُحتمل، يتيقّن من حجم هواجس الأمن وتدقيقاته وطغيانها على الدورة الجديدة، إثر هجمات باريس الاخيرة على مسرح"باتاكالان"، وقبلها الهجوم على مجلّة "شارلي إبيدو" من قبل القوى الارهابية.

ويتبيّن من هذه الهواجس أنَّ مزاج الاحتفاليّة الأكثر سطوعا في العالم، تغيّر. لا ريب، أنَ الجادة الشهيرة لن تتخلّى عن صخبها المهرجاني الذي لا مثيل له. فـ "كانّ" مملكة سينمائيّة لا تقارن بنفوذها الإعلاميّ، وسطوة سوقها، ومنارات حفلاتها الصاخبة ونجومها وصفقاتها، الا مدينة البندقية" فينيسيا" الايطالية بمهرجانها السينمائي الشهير، والذي يعتبر الاول عالميا.

وبينما تضم القائمة 54 فيلماً من أنحاء العالم فان المدير الفني لمهرجان كان هذا العام ، تييري فريمو، تفاخر بافتتاح مهرجانه بجديد المخرج والممثل الأميركي وودي ألن "مقهى سوسايتي"، وتدور احداثه، حول مراوغات هوليوود ومكر طبقتها في ثلاثينيات القرن الماضي. يعقبه المخرج الإيراني البارع، أصغر فرهادي وعمله الأخير "البائع المتجول" الذي يحكي قصة زوجين شابّين في مدينة طهران، يمثلان دورين أساسيين في مؤلف آرثر ميلر "موت بائع متجول"، تتفكك علاقتهما في تداخل درامي مع أحداث المسرحية الشهيرة.

مجلة سكرين إنترناشيونال اختارت الفيلم المصري (اشتباك) من اخراج محمد دياب، وانتاج مشترك بين فرنسا، مصر، ألمانيا والإمارات العربية المتحدة، ليكون واحداً من أكثر الأفلام الجذابة لمديري المهرجانات السينمائية في عام 2016، ، كان فيلم اشتباك هو الفيلم الوحيد الذي اختارته المجلة من العالم العربي، ليشارك ضمن قسم" نظرة ما" .يتناول هذا الفيلم حالة الاضطراب السياسي التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي . وتدور أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين، وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد مساحتها بالحقيقة عن 8 أمتار، حيث يتفاعل عدد كبير من الشخصيات ضمن دراما تتضمن لحظات من الجنون، العنف، الرومانسية والكوميديا أيضاً.

فريق التمثيل بالفيلم يضم النجمة نيللي كريم، طارق عبد العزيز، هاني عادل، أحمد مالك، محمود فارس، محمد عبد العظيم، جميل برسوم وآخرين.

وضمن المشاركات العربية في هذه الدورة التاسعة والستين لمهرجان كان السينمائي في اقسام فعالياته المتعددة، مثل "أسبوع النقاد" و"أسبوعي المخرجين" ومسابقة "نظرة ما" . فان الأفلام المعروضة تكشف عن أسماء جديدة وشابة لجيل بدأ يضخ دما جديدا في السينما العربية. ومعظم هذه الأفلام لمخرجين ولدوا في فرنسا من آباء مهاجرين أو لجؤوا الى هذا البلد في الصغر أو كبارا. ومن خلال هذه الأفلام تظهر فرنسا بمثابة بلد اللجوء الفني لخمسة مخرجين من الذين اختيرت أعمالهم للمهرجان وهي تمثل اكثر البلدان دعما لسينما دول جنوب البحر المتوسط خصوصا عبر الانتاج المشترك. وتتميز الأعمال التي اختيرت للمشاركة في هذه الفعاليات بتكاليف انتاجها المنخفضة الشبيهة بالميزانية المخصصة للافلام المستقلة.

الا ان المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في مهرجان كان هذا العام ، تخلو من أي فيلم عربي بينما يشارك فيلم تونسي قصير بمسابقة السعفة الذهبية للفيلم القصير. هذا العمل للمخرج لطفي عاشور الناشط في مجال المسرح والسينما معا يحمل عنوان "علوش". وسبق لمخرجه الفوز عن فيلمه القصير "أبونا" بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبوظبي السينمائي عام 2014. ويذكر بان السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فئة الفيلم القصير العام الماضي، كانت من نصيب فيلم اللبناني إيلي داغر "أمواج 98"، بينما حصلت السينما التونسية على جوائز رفيعة في برلين هذا العام وفي البندقية مطلع الخريف الماضي، وكلها جوائز لأفلام أولى.

وضمن مسابقة "نظرة ما" فتضم ايضا فيلم عربي فلسطيني بعنوان "أمور شخصية" لمهى حج أبو العسل، حيث يطرح هذا الفيلم مرة جديدة إشكالية التمويل الإسرائيلي لفيلم مخرجه فلسطيني من أراضي الـ 1948، والمخرجة من الناصرة وهي اختيرت لمهرجان كان في عملها الطويل الأول. الفيلم يتناول موضوع العلاقات الزوجية المركبة في أوساط ثلاثة أجيال فلسطينية منذ النكبة والى اليوم وشارك في تمثيله ميساء عبد الهادي ودريد لداوي وعامر حليحل وحنان حلو وآخرون.

تظاهرة "اسبوعي المخرجين"، كشفت بدورها عن مشاركة ثلاثة أفلام عربية- فرنسية في مسابقتها الموازية التي أعلن عنها الثلاثاء وحيث دخلت اسماء شابة حملت قصصها العربية في بلدانها الأصلية أو في فرنسا إلى الشاشة. وتقدم هذه الأعمال بجانب أعمال سينمائيين كبار مثل ماركو بيلوكيو واليخاندرو جودوروفسكي.

في عملها الأول "الهيات"، تروي المخرجة المغربية – الفرنسية هدى بنيامين حكاية من حكايات الضواحي، ساردة قصة "دنيا" التي تعيش في حي يعج بالإسلاميين وبكل أنواع التجارة غير المشروعة. وتقرر دنيا الطامحة للسلطة والنجاح اتباع خطى ريبيكا تاجرة المخدرات الأشهر. والفيلم من بطولة أولايا عمامرة ومجدولين إدريسي وتم بانتاج عربي فرنسي مشترك. وقالت هدى بنيامين لوكالة فرانس برس حول فيلمها الكوميدي الدرامي إنه يصور "التربية العاطفية لامرأة ممزقة بين فخ الربح السريع وبين مشاعرها. إنه نشيد للحب والصداقة يجمع الرقص الى الشعر في اليومي ويدخل الضحك في التراجيدي كما يتجاوز قمقم الضاحية المعتاد ليسائل الانساني والمقدس والسياسي في مجتمعنا".

هدى بنيامين كانت لفتت اليها الانظار عبر فيلمها القصير الثاني "على درب الجنة" الذي نال جوائز عدة بينها سيزار الفيلم القصير عام 2013. من ناحيته يشكل رشيد جعيداني، حالة فريدة في السينما الفرنسية اليوم وقد اختير فيلمه الثاني للمشاركة في "أسبوعي المخرجين". فهذا الفرنسي المولود لعامل بناء مهاجر من أصل جزائري، بدأ حياته ملاكما ثم صار كاتبا وبعدها أصبح ممثلا ومخرجا. وكان "أسبوع النقاد" في كان قدم له فيلمه الأول "رانغين" (2012). أما فيلمه الجديد "دورة فرنسا" فيصور قصة حب تجمع بين شاب مهاجر ومدربة سباحة في باريس حيث يقرر الشاب اتباع دروس عندها مع انه يتقن السباحة جيدا. وفي "اسبوعي المخرجين" ايضا وفي فئة الفيلم القصير، يشارك داميان أونوري بشريطه "قنديل البحر" في المسابقة. وكان هذا المخرج الشاب انجز فيلما وثائقيا بعنوان "فدائي" حول مناضل جزائري ضد الاستعمار الفرنسي.

وضمن فعاليات "أسبوع النقاد" تمكنت اللبنانية ڤاتشيه بولغورجيان عبر فيلمها الروائي الطويل الأول "ربيع" من حمل لبنان لأول مرة إلى هذه الفئة التي تقام منذ 55 عاما. هذه المخرجة تعيش وتعمل في باريس وفيلمها من انتاج عربي فرنسي مشترك، وهو يتناول مسألة البحث عن الجذور من خلال شخصية مغن أرمني كفيف.الفيلم لعب بطولته كل من: بركات جبور، جوليا قصار، ميشال اضباشي، توفيق بركات وجورج دياب ، يروي حكاية ربيع، شاب موسيقي ضرير يقوم بمعاملات السفر الى اوروبا مع فرقته فيكتشف انه ابن بالتبني. فيبدأ البحث عن اصوله ليواجه بوطن بكامله عاجز عن ابراز اي حقيقة او الغوص في الذاكرة الجماعية او الشخصية لأبنائه.

نعود الى الافلام العالمية الاخرى المشاركة في الدوورة الجديدة، حيث يعود بعد انقطاع طويل المخرج الاسباني بيدرو ألمودوفار في عمله الجديد "خولييتا" مقتبسا ثلاث قصص قصيرة للكاتبة الكندية أليس مونرو،حول محنة أمّ بعد اختفاء ابنتها. كما يعود المخرج البريطاني اليساري الشهير، كن لوتش، إلى "كانّ"، مع ما يفترض أنّه آخر أشرطته قبل تقاعده، "أنا، دانيل بليك"، متصدّياً لمرارات عائليّة تسبّبها سياسة تقشّف حكومي طالت نظام معونات تعتمد عليه ملايين الأسر الهامشيّة.، ويدين فيه جشع الرأسمالية المصرفية. أمَّا الأخوَان البلجيكيان، جان بيار ولوك داردين، فحافظا على روح سينماهما الواقعيّة مع "الفتاة المجهولة" عن طبيب يبحث عن هويّة شابة رفضت علاجها واختفت. على طرف نقيض، يشارك صاحب فيلم "الإنسانيّة" ، الفرنسي برونو دومون، بكوميديا لافتة في "ما لوت"، تدور أحداثها العام 1910 عند الشواطئ الشماليّة الفرنسية، مستعرضاً محاولات مفتّشي شرطة الكشف عن لغز اختفاء سيّاح بشكلٍ غامض. من جهته، تقصّى الأميركي، جيم جارموش، يوميّات سائق حافلة عموميّة وهوسه بكتابة الشعر . بينما يسرد مواطنه الممثّل والمخرج، شون بن، في فيله الجديد الذي اخرجه "الوجه الأخير" رهانات عصيّة تواجهها مديرة منظمة خيريّة دوليّة في بلد أفريقي تنهشه حرب أهليّة. وموضوع الفيلم ، يدور حول قصة تلك المصائر التي باتت مرسومة للشعوب الافريقية البائسة.عن اولئك الأطباء المتطوعون في أفريقيا، حيث من خلال حكاية حب وصراع.

 

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter