|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  3  /  6 / 2024                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ترجل الفارس الوطني الشيوعي باقر ابراهيم الموسوي (ابو خولة) عن صهوة جواده ، بعيدا عن الوطن

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)

شيوعيون
قلت أجلهم
حمرا بعزمهم الشعوب تحرر قالوا: شيوعيون
قلت أزاهر بأريجها هذي الدنيا تتعطر
قالوا : وهم عملاء
قلت : تأمركت لسن
وأضحت للدولار تؤجر
يا سائلي٠٠٠ لا تستهبل أمورنا
حتى يظللنا اللواء الأحمر
يا واهن القدمين دربك هين
أما أنا دربي أشق و أعسر
شتان بينهما ٠٠٠ فدرب عامر
ترنو له الدنيا و درب مقفر
أفديه من درب تقصر طوله
بالبذل و العزم الذي يتسعر
تمشي و امشي و الليالي بيننا
ستريك من يهوي و من سيظفر

للشاعر الشيوعي الفلسطيني توفيق زياد

ولد باقر ابراهيم في مدينة الكوفة في 22 تموز عام 1932 , بدأ نشاطه السياسي في سن مبكر وفي عام وثبة كانون المجيدة 1948 أنتسب إلى الحزب الشيوعي العراقي، وبسبب مشاركته في العمل الوطني ، ومن أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان، تعرض لاعتقالات لعدة مرات ، وسجن مرتين الأولى، لمدة ثلاث سنوات عام 1952 ,والثانية لمدة عامين في سنة 1957 , و لكن أطلق سراحه من السجن إثر قيام ثورة 14 تموز 1958 ٠ وتبوء بعد الثورة مركز عضو لجنة مركزية في تموز عام 1959 و عضوية المكتب السياسي عام 1962 بقيادة سلام عادل , ومسؤول عن التنظيم المركزي للحزب منذ عام 1961 و لغاية 1984 ، و كان قد عمل سابقا في منطقة الفرات الأوسط , والتي كانت تنظيماتها في المدن الحلة و كربلاء و النجف والديوانية و السماوة ، وعندما انعقد المؤتمر الرابع في كردستان عام1985 في قرية (زويكة) في محافظة اربيل و كان لديه ملاحظات على عمل الحزب في السياسة والتنظيم و الايديلوجيا تتعلق بأسلوب وطرق النضال ضد الدكتاتورية و القمع الحكومي ، بالموقف من الديمقراطية و حرية الرأي داخل الحزب و الموقف من القضايا الوطنية التي واجهت العراق ٠ و كنت اسمع عنه انه رجل المهمات الصعبة في إعادة التنظيم عندما تحدث اعتقالات في صفوف التنظيم وكما حدث في انقلاب شباط عام 1963 قام مع الرفاق زكي خيري و عدنان عباس و محمد الخضري بالعمل بأعادة الرفاق المنقطعين عن التنظيمات في الأرياف و المدن .

سمعت بأسمه عندما كنت صغير السن وفي العاشرة من عمري ، في مدينة الحلة و في محلة المهدية و فيها بيتنا عام 1957 تم كبس وكر للشيوعيين و هم باقر ابراهيم و حسين سلطان و عدنان عباس و اخرين من الرفاق وأصحاب الدار ، من قبل جهاز أمن الفرات الأوسط في الحلة بقيادة أنور ثامر وهذه المرة الأولى اسمع بأسمه ٠ عندما كنت في معتقل شرطة الخيالة في منطقة الويسية في الحلة ، و سبب الاعتقال هو طلب أمن الحلة ببراءة من الحزب الشيوعي العراقي و لكني رفضت ورغم تعرضي للتعذيب ، و في مركز شرطة الخيالة في الويسية ، التقيت مع خالد الذكر عضو اللجنة المركزية محمد حسن مبارك وكذلك جبار عباس معروف و هو من مجموعة القيادة المركزية ، و كان محمد حسن مبارك هو الأقرب لباقر ابراهيم في العمل التنظيمي للفرات الأوسط ، حدثنا عن صفات المناضل القائد باقر ابراهيم الشخصية و العمل التنظيمي و الفكري له ، اشاد بخصاله الشخصية و دماثة أخلاقه وتعامله مع الرفاق التعامل الرفاقي ، وشاءت الظروف أن التقيه بعد تعرضه لحادث سيارة مؤسف ، و ادخل إلى مشفى في ركن الدين في دمشق ، و بعدها توطدت العلاقة بيننا بزيارات عائلية ، ونقاشات حول المؤتمر الرابع وما تمخض عنه من طرد لقيادي في الحزب و كوادر مهمة من ذوي الخبرة في العمل الحزبي .

و كان الفقيد يفكر دائما حول كيفية إنقاذ الشعب العراقي المحاصر من قبل الولايات المتحدة الامريكية و الغرب ، لا غذاء ولا دواء ، و يموت الكثير من أطفال و شيوخ بسبب هذا الحصار ، و عندما ذهبنا إلى ليبيا بدعوة من الحكومة الليبية عام 1997 بوفد من الشيوعيين والديمقراطيين [ باقر ابراهيم و خالد السلام و عدنان عباس و علي الشيخ حسين وزوجته و محمد جواد فارس] لعب باقر ابراهيم دورا مهما وكلمني بأعداد قائمة للأدوية التي تحتاجها المستشفيات و طالب بإرسال مواد غذائية إلى الوطن وفعلا جرت الاستجابة من لدن السلطات الليبية و ارسلت .

كان باقر ابراهيم الموسوي امميا في توجهاته الفكرية و نشاطه في المشاركة في مؤتمرات الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية ، و إلقاء كلمات بأسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، و لقاءات بقادة شيوعيين مثل قائد حزب تودا الإيراني (رضا رادمنش) وقيادة الحزب الشيوعي المنغولي في منغوليا الشعبية و عدد اخر من قيادات الاحزاب الشيوعية و العمالية العالمية .

وكان لباقر إبراهيم موقف من القضية المركزية للأمة العربية وهي قضية فلسطين و مقاومتها الوطنية من أجل تحرير الأرض الفلسطنية من رجس الكيان الصهيوني ، وكنت ارافقه في اللقاءات مع قيادات فلسطينية حيث جرى لقاء مع الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (أبو علي مصطفى) و كان الحديث حول الوضع في العراق في ظل النظام الدكتاتوري و تحدث ابو علي مصطفى حول الوضع الفلسطيني و انتفاضة الشعب الفلسطيني و اشاد باقر ابراهيم (أبو خولة) بنضال أبطال الحجارة بتحديهم لجيش الاحتلال ، و قد شارك في اللقاء د٠ ماهر الطاهر عضو المكتب السياسي للجبهة ، و عندما التقينا بالامين العام للجبهة الديمقراطية (نايف حواتمة) إشار في البدء بالمساعدة التي تقدمها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، للشيوعيين العراقيين في مجالات متعددة و من جانبه تحدث نايف حواتمة عن نضال الجبهة داخل الأرض المحتلة و المشاركة في الانتفاضة، و كان باقر إبراهيم متفائلا بأن النصر سيكون للمقاومة الوطنية الفلسطنية ، وسينتهي الاستيطان كما انتهى في الجزائر على يد جبهة التحرير الوطني الجزائرية و كما انتهى في جنوب افريقيا على يد الحركة الوطنية بقيادة نلسن مانديلا ، اليوم نجد أن توقعاتك في ما يجري على يد المقاومة بدءاً من طوفان الاقصى 7 اكتوبر 2023 و استمرار المقاومة في غزة و الضفة ، حفزت الشعوب في العالم من أجل التضامن و الحرية لفلسطين ، و اثمرت في اعتراف أغلب حكومات العالم بمقعد فلسطين في الأمم المتحدة و اعتراف أيرلندا و النروج وإسبانيا في دولة فلسطين .

كنت عربيا بمواقفك في المؤتمر القومي العربي هذا المؤتمر الذي يضم مثقفين عرب من كل البلدان العربية ومن مختلف الاتجاهات الفكرية ومقره مدينة بيروت ، و كان لك دور مشهود ، قدمت لعضويته في عدد من الشيوعيين و منهم الدكتور نظمي العبيدي و الدكتور منذر الاعظمي و الدكتور كاظم الموسوي و صباح الشاهر و الدكتور محمد جواد فارس .

و تسنى لهؤلاء الشيوعيين طرح ارائهم في داخل المؤتمر ولعبوا دورا في قراراته ، اما في المجال الفكري و التنظيمي :كنت دائما تفكر على أهمية أن تقوية تنظيم الحزب و الحركة الوطنية ، و كنت تعد النشرة الداخلية (مناضل الحزب) بأمور تنشط العمل التنظيمي وتعزز قوى الحزب بعناصر من منشأ الطبقة العاملة و كذلك الفلاحين و المثقفين الثوريين ، وتحذر من عملية الاندساس من العناصر الانتهازية والوصولية ، و كنت تعمل بطريقة الحرص و التخفي في أحلك الظروف التي مر بها الحزب ، و ما العمل الذي أقدمت عليه ، في وضع خارطة طريق بعد انقلاب شباط و بدء الهجمة الشرسة على تنظيمات الحزب ، كانت الخطة و انت في ريف الفرات الأوسط، تتضمن البحث عن الهيئات الحزبية التي تقطعت بها السبل على إثر الضربة التي المت بالحزب من القيادة و الكوادر و القواعد ، وعملت فعلا انت وبعض الرفاق المتواجدين بالقرب منك ، بربط هذه التنظيمات بالحزب ، و أستحقيت بحق كما أسموك بلقب (رجل المهمات الصعبة) .

وبعد انفراط عقد الجبهة الوطنية القومية التقدمية ، كنت تدير عمل الرفاق بعد أن خرج عدد من أعضاء اللجنة المركزية و المكتب السياسي ، كانت سلطة البعث تعتقل الرفاق و تنتزع الاعترافات منهم بإستخدام التعذيب ، و اخذ منهم تعهد بالتوقيع على المادة 200 والتي فيها نصوص مذلة بما فيها حكم الإعدام ، خرجت اخر الرفاق و ذهبت إلى الجبل في كردستان ، وذلك تنفيذا لقرار الحزب بتشكيل قوات الأنصار المسلحة لخوض حرب العصابات ، و كانت معك شريكة حياتك (ام خولة) وهي كانت نصيرة ، هناك لازلت تفكر ان الحزب يجب أن يكون في الداخل و فعلا نظمت الأمور مع رفاق في مكتب اطلقتم عليه : تنظيم الداخل ٠

و اريد الان ان انقل من مذكراتك الواردة في كتابك [مذكرات باقر ابراهيم و الصادرة عن دار الطليعة - بيروت] ٠ ماجاء في مداخلتك في المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي ما يلي : (أن الشعور بالمسؤولية تجاه الحزب ، هو حافزي الوحيد في تقديم الملاحظات المستمرة حول القضايا السياسية و التنظيمية ، و كذلك الرغبة المخلصة في تصحيح أوضاع الحزب و توطيد مواقعه و تعزيز و حدته ، وليس بهدف تسجيل المواقف الذي اعتبره حالة لا تتناسب و مسؤولية الشيوعي اتجاه حزبه ٠ وإلى جانب قناعتي بصواب الأفكار و المقترحات التي كنت أقدمها لهيئتي الحزبية ، فإنني لم أكن خلال هذه الفترة منزها عن الخطأ ، الأمر الذي دفعني إلى انتقاد نفسي أمام الرفاق في اللجنة المركزية).

و يكتب أيضا: (وبودي أن أذكر نقاشات جرت عام 1961 ، حول الأفكار التي ناقشناها في لجنة التنظيم المركزي التي كنت اتولى مسؤوليتها انذاك ، حول المقترحات بشأن حملة عامة لتطوير الحزب ، وقد ختم الرفيق سلام عادل رفضه لحملة التطهير بقوله ؛ أن كل رفيق تنتزعونه الان من الحزب بدون حق ، كما تقلعون شعرة من عيوني ٠ وهذا هو شعوري اليوم إزاء الحرص على كادر الحزب وأعضاء الحزب) .

وكما جاء في مذكراتك أود أن انقل هذا النص : (أن أفضل من يستطيع الكتابة عن تاريخ الحزب بصورة موضوعية هم الذين تأثروا بنبض الحزب ، ليس سياسيا و فكريا فحسب ، بل نفسيا وعاطفيا كذلك ٠ وعلى الرغم من أن المذكرات تتحدث عن بعض المحطات و الوقفات، كما أسميتها، فأنها تقع ضمن مسيرة كاملة لعدة عقود من نضال الشيوعيين ٠ اني أدرك أن تكريس الجهد الرئيسي لمن يقدر على الكتابة ، يجب أن يتجه نحو معالجة قضايا الحياة الراهنة و الجديد فيها بالدرجة الأساسية ٠ وقد سعيت في فترة حرماني من تكريم جهدي لتلك الجوانب المعاصرة ، للحصول على خلاصة مفيدة لي و للاخرين عند تسجيل ذكرياتي عن أحداث الماضي ٠ وإذا كانت هذه المسيرة غير واضحة النتائج عند البعض أو تعبر عن الاخفاقات و التعثر فقط عند آخرين، فهي عندي مسيرة الجهد البشري المضني و الخلاق الذي حقق للشعب و الوطن ، رغم العثرات و الجمود و الخيبات ، الإسهام بأهم المنجزات التي حققها نضال الوطنيين و الثوريين كلهم ، على مدى عدة أجيال، منذ قيام الدولة العراقية الحديثة حتى اليوم) .

للفقيد باقر ابراهيم انجازات عدة في مجال الكتابة : 1- مذكرات باقر ابراهيم اصدار دار الطليعة 2- الوطنية الجديدة بين الاستبداد و الخيانة 3- العراق جديد الحركة و تجديد الطلائع 4- صفحات من النضال (على طريق التصحيح و التجديد و الوحدة) .

لك المجد والخلود وطنيا شيوعيا و مخلصا لشعبك و وطنك و حزبك الشيوعي العراقي ٠

 

 * طبيب وكاتب
 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter