|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  22  / 10 / 2018                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العمل التطوعي في خدمة الانسانية
تجربة التطوع في لبنان 1982

محمد جواد فارس
(موقع الناس)

للمدرسة الوطنية وأعداد الانسان بحبه لوطنه وقوميته وللانسانية جمعاء هي مسألة مهمة في صياغة عقلية الانسان في تفكيره وسلوكه ،ومن هنا قدم المناضلون أصحاب المبادئ أرواحهم من أجل الوطن والامة والانسانية ، ولنا في التاريخ الحديث امثلة كثيرة ، وقد زرع مؤسس الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف (فهد) بذرة لدى الشيوعيين بتطوعه للذهاب الى اسبانيا لدعم الثورة هناك ، ولمواقفه الوطنية التي جسدها في مقولته : كنت وطنيا وعندما اصبحت شيوعيا اصبحت اشعر بمسؤولية اكبر تجاه وطني . وفي القضية القومية وهي القضية الفلسطينية التي كانت ملتهبة أنذاك ، ارسل يوسف سلمان (فهد) رسالته من السجن الى تنظيم الحزب في خارج السجن عام 1947 وجه الحزب نحو النضال من أجل اقامة دولة فلسطينية يتعايش فيها العربي المسلم والمسيحي واليهودي أبناء الوطن الواحد ، ولكن للأسف لم يتم ذلك ، فقد أقدم النظام الملكي السعيدي وبدفع من المستعمر الانكليزي بإعدام يوسف سلمان فهد ورفاقه محمد حسين الشبيبي - صارم وزكي بسيم - حازم ويهودا صديق و ساسون دلال ، وتم الاسراع بتنفيذ حكم الاعدام بهم بدفع من المستعمر البريطاني والصهيونية العالمية لتنفيذ مخططهم من أجل تكثيف الهجرة اليهودية من الغرب والبلدان العربية ومنها العراق الى فلسطين ومن ثم أقامة ما يسمى بدولة أسرائيل . 

بعد العودة من تطوعي من انغولا في صيف عام 1982 وصلت الى دمشق قادما من موسكو ، والتقيت برفاق في منظمة الحزب في دمشق ، جرى أسكاني في احد البيوت الحزبية مع رفاق في مساكن برزة ، وبعد أيام قليلة أقدم العدو الصهيوني بغزو جنوب لبنان وكان المخطط لشارون وحكومة العدو الصهيوني هو ضرب القاعدة الاساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية
، ومن هنا جاءت رغبتي للتطوع والذهاب الى لبنان وقدمت مقترح للرفاق بتطوعي باسم الحزب وكان الجواب ايجابا ، وفي اليوم نفسه ذهبت الى مكتب جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني بساحة عرنوص ، وطلبت منهم تسفيري الى لبنان ، وكان لديّ هوية الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، وجرى الاتفاق ان اتواجد في المكتب صباح اليوم التالي ومن ثم جرى تسفيري مع المقاتلين الى البقاع عن طريق دير العشائر ، ووصلت الى بر الياس حيث مستشفى بر الياس ، والتقيت هناك بإحد اعضاء المكتب التنفيذي لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني د. راجي مصلح عندما عرفته عن تطوعي للمشاركة مع الجمعية قال لي اننا الان بصدد ارسال أسعاف وسائقها ابو رمزي وهي الان جاهزة ومعكم بنك دم لإيصاله الى مشفى عكا ، وكان شارون وجنده على تخوم مدينة بيروت ولا توجد امكانية للذهاب عن طريق دمشق بيروت العادي ، كان لإبي رمزي معرفة جيدة بطرق أزقة بيروت ، وكنت أجب على التوجيهات من مركز بيروت للجمعية عن طريق اللاسلكي بعد ان عرفني على المصطلحات ابو رمزي ، لحين وصولنا وبسلام الى مشفى عكا في بيروت ، ذهب ابو رمزي الى مكتب الدكتور فتحي عرفات وهو الاخ الشقيق لياسر عرفات واخبره بوجودي انا المتطوع الطبيب من الحزب الشيوعي العراقي ، واذا بالدكتور يعانقني ويقول لي انت يا عراقي قدمت لنا في هذا الظرف قلت له دكتور لدينا مثل يقول الصديق يعرف بوقت الضيق ، قال لإبي رمزي خذ الدكتور الى مطعم المشفى لتناول الطعام ، وأذا بالصدفة التقي بزميلي في دراسة الاختصاص الدكتور علي عثمان وهو رئيس قسم الباطنية في المشفى ومعه زوجته نتاشا وهي أخصائية أمراض النساء والتوليد ومعهم ولدهم عمار . و بعد فترة سفر زوجته وابنه الى موسكو وبقى هو لحين دخول الاسرائيليين والمليشيات من الغربية واقدموا على تنفيذ مجزرة صبرا وشتيلا ، حيث قتل مع زميل له دكتور ايضا وقدم الشعب الفلسطيني واللبناني الاف من الشهداء .

وبعد ان جرى تنسيبي الى مستشفى ميداني في المسيطبة قمنا باعداد كل ما يلزمنا لاستقبال الجرحى و المرضى ، وهذه المشفى كانت سينما سميراميس وهي مهجورة جرى تنظيفها واعدادها ، و اذكر كان هناك عدداً من الشباب من اللجان الشعبية يساعدون في الاسعاف واعداد الطعام للمرضى . عضو تجمع اللجان الشعبية فؤاد ابو حطب والذي ذهب لجلب جرحى بعد غارة في يوم قصف شديد على بيروت ، استشهد بعد اصابته برصاصة من قناص ، ان عملنا الطبي كان موضع اعتزاز من قبل رفاق منظمة لبنان للحزب وكانوا ينقلوا لنا الجرحى ومنهم نصير الذي استشهد في عدن وهو كان جريحاً لدينا ويعاني من السكر وكذلك ابو سلام ، واتذكر مراجعة حسين جواد القمر لنا وهو المقاتل الشجاع مع طلابه وهو يعاني من ارتفاع سكر الدم ولديه فتق اربي من الجهتين ، كان معي في المشفى رفيق من الاردن الدكتور صلاح عبد اللطيف وهو شاعر ، وعندما كنا في سفر مع المقاتلين بعد اتفاق فيليب حبيب الى عدن واذا برشقة رصاص اصابت الدكتور صلاح برصاصة عكر سفرتنا وذهبت معه الى مشفى الجامعة الامريكية وكلف بدلنا الدكتور حسان عاكف بالذهاب مع المقاتلين في الباخرة الى عدن وانا خرجت مع المقاتلين من فصيل الحزب الى طرطوس ، عشنا في مخيم وبعد ذلك خرجنا وطلبوا مني العمل في الهلال انا وزوجتي وارسلنا الى حمص في مشفى تابعة الى الهلال في مخيم العائدون .

كانت مسيرة التسعون يوما التي قضيتها في بيروت الصمود المحاصرة هي متعة نضالية جسدت فيها ما تعلمته من الرفاق السوفيت في معهد الطب المسمى (الجيش الاحمر) والذي كان يضخ الى الجبهة ايام الحرب الوطنية العظمى الاطباء من مختلف التخصصات

 

 طبيب وكاتب

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter