|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  19  / 2 / 2021                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التعليم والصحة ركيزتان في بناء المجتمع
العراق مثالاً

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)

ان البناء الحضاري للشعوب ولمستقبل البشرية يعتمد بالدرجة الأساسية على ركائز مهمة ، ومن هذه الركائز لبناء القاعدة التحية للمجتمع هما التعليم لأعداد الكوادر العلمية و الثقافية في مجالات متعددة وهذا يعتمد أساسا على اللبنات الأولى في المدرسة ابتدائية لتعليم أسس اللغة أولا ومن ثم الحساب والعلوم وغيرها ، و الأخذ بنظر الاعتبار أعداد المناهج التعلمية من الكتب على يد أساتذة ومربين كبار لهم خبرة ومعتمدين على مناهج في دول أخرى ، ومن ثم الاهتمام ببناء المدارس في المدن والارياف ، وتشجيع الطلبة على الدراسة والمتابعة البيتية و الاهتمام بالكتاب المدرسي ، بعد انهاء المرحلة الابتدائية تبد أ المرحلة المتوسطة وهي مرحلة متقدمة في برامجها التعلمية من العلوم والانسانيات وبعد نجاح الطلبة في مرحلة الامتحانات الوزارية لهذه المرحلة ، ينقل الى مرحلة الثانوية وهنا الطالب يختار الفرع الذي يحبه ويرغب في اكمله ، كالفرع العلمي و الادبي و التجاري والصناعي ، كمقدمة للذهاب الى الكلية التي يرغب فيها ويؤهله معدله للانتساب لها وليعد نفسه كادر في هذا المجال او ذاك خدمة لوطنه وشعبه. وبدأ التعليم يتطور بعد انتهاء الحكم العثماني على العراق ومجيئ الانتداب البريطاني للبلد .

أهتم الحكم الملكي بعد ثورة العشرين وتنصيب الملك فيصل ملكا على العراق اهتم بتشكيل وزارة للتربية والتعليم وارسال الطلبة المتفوقين دراسيا الى المملكة المتحدة لإعداد كوادر علمية في مجالات متعددة وتم تأسيس جامعة بغداد لتضم بعض التخصصات القليلة ومن ثم جرى توسيعها على يد الأنظمة التي تلته حيث شملت كليات الطب البشري والطب البيطري وطب الاسنان والهندسة بكل تخصصاتها ، الكهرباء والعمارة و الميكانيك و الهندسة المدنية والتكنولوجيا و كلية العلوم الفيزياء والكمياء والاحياء والوراثة ، وكذلك الكليات الإنسانية مثل اللغات و الحقوق و كلية الآداب وكلية الفنون الجميلة وشملت التمثيل المسرحي و الفنون التشكيلية من الرسم والنحت .

وهنا أتذكر ما كتب على احدى الجامعات في جمهورية افريقيا الجنوبية اللافتة التالية :؛ إن تدمير بلد لا يتطلب استعمال القنابل الذرية أو الصواريخ بعيدة المدى ، يكفي تخفيض نوعية التربية والتعليم و السماح بالغش في الامتحانات ..حينها سيموت المريض بيد الطبيب.. وستنهار المباني على يد المهندسين ..و سيهدر المال على يد الاقتصاديين و المحاسبين ......وستموت الإنسانية على يد علماء الدين ...وستضيع العدالة على يد القضاة ...إن انهيار التربية والتعليم كفيل بانهيار الأمة .

وهذا ما يجري الأن في وطننا العراق ما بعد الاحتلال من تدمير للمدارس وقتل للعلماء والخريجين و تزوير للشهادات العلمية والمجيئ بهم الى مراكز حساسة في الدولة لنهب ثروة البلد واجياله لكي يطبقوا مقولة وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس بيكر بإعادة العراق الى القرون الوسطى من خلال الفوضى الخلاقة حسب تعبير كونداليزا رايس .

الصحة والبيئة
صحة الانسان من الأهمية بمكان هي كي يقوم بعمله في شتى المجالات و إطالة العمر لمواكبة ركب الحضارة الإنسانية وتقدم العلوم الطبية في مجال تشخيص الامراض وإيجاد سبل العلاج و دور تطعيم الأطفال من الامراض المعدية كشلل الأطفال و الخناق و الكزاز و الحصبة و النكاف و السعال الديكي وتطعيم ضد الانفلونزا . ودأبت منظمة الصحة العالمية و وزارات الصحة في بلدان العالم على الاهتمام باللقاحات للتلاميذ وصغار السن بمواعيدها الموسمية .

في عراقنا بعد الاحتلال البريطاني وإقامة الحكومة الملكية جرى الاهتمام بوزارة الصحة وذلك من خلال تخريج دفعات من الأطباء و الكوادر الطبية المتوسطة وبناء المستشفيات في المدن و المستوصفات في قصبات العراق ، و كان لطبيب العائلة الملكية اندرسن دوراً بارزاً ، وكما حدثونا الإباء عن مبادرة المحسن الميسور الحال في الحلة وعلى وجه التحديد في محلة المهدية انشاء مستوصف وهو الحاج هادي الخواجة لمساعد أبناء المحلة في الأمور الطبية و البيئية وذلك بالتحدث مع من يراجعهم حول أهمية النظافة الشخصية والمنزلية كذلك نظافة المحلة ومن ثم المدينة وعندما عرف الطبيب اندرسن بهذا العمل الإنساني ومبادرة هادي الخواجة قام بتطويرها من حيث الكادر والتجهيزات وفعلا ظهرت اول مستشفى سميت ب (المجيدية)، وانتشرت المستشفيات وتحسنت الخدمات الطبية في العهد الملكي ومن ثم العهود التي تلته ، ولكن بعد الاحتلال لم يكن هناك اهتمام بالخدمات الطبية والصحية بل العكس اهملت المستشفيات و تم قتل عدد غير قليل من الأطباء ذوي الاختصاصات الطبية و هاجر عدد منهم للبقاء احياء الى الدول المجاورة ومنها الى دول المهجر واستفادوا من خبراتهم و امكانياتهم العلمية ، وبقى العراقيين بدون مستشفيات و أطباء أكفاء وذوي علم وخبرة واصبحوا يذهبون الى دول الجوار والهند ، وكل الحكومات التي تناوبت في ظل الاحتلال والمحاصصة لم تقدم أي انجاز في هذا المجال ، ونشهد اليوم في ظل جائحة كورونا ازدياد في عدد الإصابات وقلة في أجهزة الاوكسجين وعدم وجود اسرة في المستشفيات و اليوم مع وجود لقاحات متعددة منها الصينية و الروسية والبريطانية والأمريكية و لم يتم وصولها الى العراق لبدء اللقاح . كل هذا نتيجة سوء إدارة وعدم وجود وزارة مخلصة تعمل لصالح الشعب ، لا يمكن التخلص من هذا الوضع الا بالخلاص من حكومة المحاصصة الطائفية والعرقية ، لكي يرتقي التعليم والصحة .

 

 * طبيب وكاتب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter