|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  16  /  7 / 2023                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سعدي يوسف الإنسان والشاعر و الشيوعي الوطني

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)


هدية صباحية

لصبّاغي جزمةِ جورج بوش، وَلِــيِّ النجفِ الذِّمِّـيّ
ولأحفادِ لصوصِ الحربِ
وأبناءِ الإقطاعيينَ العربِ الأغرابِ؛
لِـمافيـا التهريبِ
وزهرةِ لورداتِ الحربِ
وأبناءِ الإقطاعيينَ الكُـرْدِ الأغرابِ؛
لرجالِ الدين الـمُـخْتَـرَمين،
ولخرِّيجي كلّياتِ الجاسوسيةِ في واشنطنَ
أو لندنَ
أو بودابستَ ...
لأحزابٍ تشــربُ نفطاً أخضرَ
للكتّابِ المأجورينَ بدولارٍ للصفحةِ
للوزراءِ الأوباشِ
لزبانية التزويرِ، ونجّـاري كرســيّ النائبِ
للنسوةِ مـمّـنْ أدْمَـنَّ معاشــرةَ النسوةِ أو ضبّاطِ المارينز
لِـحُسينيّاتِ الطلقةِ، واحدةً، بـمؤخّــرةِ الرأس،
لمساجدِ قطْعِ الرأسِ ...
لكُمْ
لي
للناسِ جميعاً في كوكبنا الأرضيّ؛
أقولُ :
ليأخُذْ كلٌّ منكم، هذا الصُّبحَ، هديّــتَــهُ ...
رأساً، في طبَقٍ مضفورٍ من حيّاتِ جهنّــمَ .
*
أيُّ عراقٍ هذا ؟
أيُّ عراقٍ جاء َ بهِ السُّـفَهاءُ الخَـوَنــــةْ
ورجالُ الدين الـمُخْـتَـرَمون ؟
أيُّ عراقٍ جاءَ بهِ أردأُ مَن سكَـنَ البيتَ الأبيضَ ؟
أيُّ عراقٍ يخذلُــهُ، في الغــابةِ، حتى الله !

لندن 6.11.2006 سعدي يوسف من ديوان [أغنية صياد السمك و قصائد نيويورك]

نعم أن الشعر ديوان العرب ، ففي العراق ومنذ ملحمة كلكامش التي سطرت أجمل الكلمات الشعرية ، قبل سبعة الاف عام في حضارة وادي الرافدين ، وتبعها بعد فترة طويلة الشاعر العراقي المتني و بعده معروف عبد الغني الرصافي و جميل صدقي الزهاوي و محمد سعيد الحبوبي و محمد مهدي الجواهري و محمد صالح بحر العلوم و بدر شاكر السياب و نازك الملائكة و لميعة عباس عمارة و عبد الأمير الحصيري و عبد الرزاق عبد الواحد و عبد الوهاب البياتي و القائمة تطول ، سطروا بقصائدهم تاريخ العراق ، و اليوم نستذكر قامة شعرية تركت بصماتها في التاريخ المعاصر شعريا .

أنه ابن البصرة الفيحاء سعدي يوسف ، مدينة مدرسة النحو اللغوي و التي سميت بمدينة (النحو البصري) و حيث هناك مدينة الكوفة وسميت (النحو الكوفي) ، سعدي يوسف له عدة دواوين شعرية ترجمت إلى لغات عالمية كاللغة الانكليزية التي كان يجيدها و اللغة الفرنسية و حصل على جوائز عالمية و بأستحقاق لجزالة شعره و كذلك لرسمه للصورة شعرا معبرا وجميلا في محتواه ، في تصويره للمدن العراقية و خاصة ثغر العراق الباسم البصرة الفيحاء مدينة الطفولة و الصبى.

كتب الشعر عن المرأة العراقية و عن الحركة الوطنية في تاريخها المجيد ، وعن ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ، أنه سجل المأثر الوطنية للشعب العراق في انتفاضته المجيدة ، منذ وثبة كانون المجيدة عام 1948 والتي أسقطت معاهدة بورت سموث وحكومة فاضل الجمالي ، و في معركة الجسر والتي سقط فيها الشهداء ، بهيجة ، جعفر الجواهري و الالوسي و اخرين ، و كذلك ارخ لانتفاضة عام 1952 فلاحي ازيرج و انتفاضة عام 1956 التي خرجت تظاهرات في كل مدن وقصبات العراق تضامنا مع الشقيقة مصر ضد العدوان الثلاثي البريطاني الاسرائيلي الفرنسي ، وفي الحصار على العراق و ما تبعه من تدمير العراق ومن ثم احتلاله ، انفرد سعدي من بين الشعراء و المثقفين العراقيين ، بموقف مشرف بادانة الاحتلال و مناصريه و من شاركهم ، فصدر له ديوان (أغنية صياد السمك و قصائد نيويورك) ٠

كتب سعدي يوسف قصيدته في هذا الديوان (ام قصر) يستذكر صمود العراقيين الوطنيين ضد الغزو هذا الصمود الذي لقن المحتل درسا و لولا مساعدة ايران لقوات الاحتلال بالتفاف على المقاومين لما استطاعوا الدخول ٠

يكتب سعدي يوسف في قصيدته أم قصر :

أُمُّ قَـصْـر

سنُطْلِقُ من " أُمِّ قَصْـرٍ " حـمائمَـنا
في خليجِ النوارسِ والطائراتِ الـمُغِـيرةِ
نُطْـلِقُها في خليجِ البوارجِ
والعارِ
والناقةِ الذهبيّــةِ
.........................
.........................
.........................
لم يبقَ بَحّارةٌ :
قُتِلوا ،
أو توارَوا خِفافاً بسعفِ نخيلِ القرى ...
غيرَ أنّا سنُطْلِقُ من " أُمِّ قَصْــرٍ " حمائمَــنا
مثلَ ما انطلَقَ العيدُ
يومَ ركزْنا الرماحَ ، وقُلْنا لهولٍ ألَــمَّ بنا : يا هَلا !
نحن لن نُسْــلِمَ المنزلا ...
نحن نحفرُ في كلِ نسمةِ بحرٍ خنادقَنا والمقاهي العجيبةَ
نحفرُ في الماءِ أسماءَنا
ثم نأوي إلى جنّةٍ في القرار ...


لندن 11.07.2007
------------------------
أم قصر ، ميناء بحريّ عراقيّ ، قاومَ جنوده في 2003 مقاومةً مجيدةً .


سعدي يوسف كان معتدا بوطنيته و شيوعيته من خلال تاريخه النضالي و مستمدا أفكار من خلال ما كتبه مؤسس حزب الشيوعيين العراقيين يوسف سلمان يوسف (فهد) و يتذكر هذا النص لفهد : كنت وطنيا و عندما أصبحت شيوعيا أزدات وطنيتي ٠
واخترت من ديوانه هذه القصيدة :

الشيوعيّ الأخير يقرأ أشعاراً في كندا

" كان من المنطق أن تندرجَ هذه القصيدةُ
في ديوان ( الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّة )
لكنّ الرحلة الكندية كانت أوسـعَ وأبعدَ " .

ضاقت به الدنيا ،
ولكنْ لم يَضِقْ ، هذا الشيوعيُّ الأخيرُ ، بها ...
وكان يقولُ : للأشجارِ موعدُها ، وإنْ طالَ الخريفُ سنينَ أو دهراً !
وكان يقولُ أيضاً : خمسَ مرّاتٍ تَلَوتُ الشِّعرَ في وطني ، لأبتديءَ الرحيلَ ...
وكانَ ...
لكني سمعتُ بأنه قد كان في كندا
لأسبوعَينِ ؛
ماذا كان يفعلُ ؟
ليس في كندا ، شيوعيون بالمعنى القديمِ ،
وليس في فانكوفرَ امرأةٌ معيّــنةٌ ليسبقَ ظِـلَّها أنّـى مضتْ ...
بل ليس في " الروكي " نخيلٌ ، كي يقولَ اشتقتُ للشجرِ المقدّسِ ؛
قلتُ : خيرٌ أن أُسائلَ أصدقاءَ لهُ ...
أجابوني : لقد كان الشيوعيُّ الأخيرُ ، هنا ، نقولُ الحقَّ ...
بل إنّـا سهرنا ليلةً في مطعمٍ معهُ. وقد
كنا نغَـنِّــي ، والنبيذُ القبرصيّ يشعشعُ الأقداحَ والوجَناتِ .
ماذا ؟ نحن في فانكوفـــــرَ الخضــراءِ
لا بغداد ...
لكنّ الشيوعيّ الأخيرَ مضى !
إلى أينَ ؟
اشترى ، صبحاً ، بطاقــتَـه ، إلى عَبّــارةٍ تمضي به ،
هُــوناً ، إلى جُزُرِ المحيطِ الهاديءِ ...
*
الأيامُ ، في أيّــامنا ، عجَبٌ !
وأقرأُ في رسالته الأخيرةِ :
أيها المسجونُ في أوهامكَ السوداءِ ، والكتــــبِ
التي ليست بلون قمـــيصِكَ !
اسمعْــني ... ولا تقطعْ عليَّ سرابَ أسفاري .
لقد هبطتْ بيَ العَـبـــّارةُ البـيضاءُ
عند جزيرةٍ بالباسِفيكِ ... أقولُ : فِكتوريــــا !
فيندفعُ الشميمُ ، وتخرجُ الخـلجانُ
سابحةً . ستأتي عندنا الحيتانُ فجراً ، أو أسُــودُ البحـرِ .
لا تــتعجّـل الأنــباءَ ....
فِكتوريا هي الأمُّ العجيبةُ ، جَـدّةُ الهنديّ والملهوفِ ،
والأنــثى المقدّســـةُ . الطواطمُ
عندها حرسٌ ، وروحُ الدبِّ . والأسماكُ هائلةً تَقافَـزُ بينَ كفَّــيها .
..............................
..............................
..............................
وماذا كنتُ أفعلُ في الجزيرةِ ؟
أنت تعرفني . تماماً .
كنتُ ، مثلَ نضالِ أمسِ ، أُحَرِّضُ الطلاّبَ ...
كيفَ ؟
قرأتُ من أشعارِ سعدي يوسف ...
الـبَـحّــار ، صاروخ توماهوك ، إعصار كاترينا ،
وقتلى في بلاد الرافدَينِ .
ولحيةُ القدّيس والْت وِيتمان . أشجار البحيرات العميقةِ .
والبارات عــنــدَ
إجازةِ الجنديّ . تبدو بغتــةً عَـوّامةٌ في النيلِ .
يبدو النخلُ أزرقَ في البعيدِ .
النسوةُ الغرثى يَـلُـبْنَ . عُواؤنا ؟ أمْ أنها تلك القطاراتُ
التي تمضي إلـــــى
ليلِ الـمَـدافنِ في الصحارى ...
أيها الجنديّ دَعْ بلدي ، ودعْني في الجحيمِِ .
قرأتُ من أشعارِ سعدي يوسف ...
الأمرُ الغريبُ : كأنّ هذا الشاعرَ الضِـلِّيلَ يعرفُني ، ويعرفُ ما أريدُ ....
كأنه أنا !
لستُ أفهمُ ما أقول ...


لندن 31.10.2006

هكذا كان سعدي يوسف معبرا عن ما يجول بخاطره، العراقي الوطني ، عرفته منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي في دمشق العروبة دمشق المضيافة ، إنسانا دمث الأخلاق و ابتسامته تعلوا شفتيه و التقينا عام 1997 في تشييع شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في مقبرة الغرباء في السيدة زينب و جلسنا بالقرب من مرقد المفكر الماركسي هادي العلوي نتحدث و سألته عن الدكتور حيدر ولده البكر و الذي اعرفه بعد أحداث اليمن الجنوبي ، قال سعدي لي انه اليوم سيكون من ضمن مستقبلي المعزين بالجواهري الكبير ، وهو في العزاء وصله خبر وفاة حيدر و كان الخبر صاعق له ، و في لندن وقبل هجوم فيروس كرونا ، و بدعوة كريمة من الشخصية الوطنية العروبية المناضل عبد الله الركابي التقينا في بار في منطقة هامر سمث مع سعدي يوسف وزوجته إقبال كاظم و المناضل الوطني الشيوعي عدنان عباس و انا كاتب السطور وزوجتي رحيمة السلطاني في جلسة جميلة تخللتها أحاديث في الذكريات و السياسة و ما حل في وطننا بعد الاحتلال ٠

فلسعدي يوسف في ذكرى وفاته الثانية السكينة و له المجد والخلود٠




لندن تموز 2023


 * طبيب وكاتب
 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter