|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  27 / 9 / 2013                                 مثنى حميد مجيد                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



العودة إلى الباب الشرقي

مثنى حميد مجيد



حلمتُ إنني أسيرُ في الباب الشرقي بحقيبتي وأسمالي.
كان وجهُ جواد سليم يشرق في عين الشمس وسْطَ جداريته ويرمقني .
في الحق ، لم أكن أعرف إني في حلمٍ غارقٌ وسادِرْ
لكن أحد المارة رمقني هو الآخر بعينين قمريتين
مفتوحتين ، مهترئتين
فعرفت على الفورِ أن الرجل الغريب آتٍ من عالم التخاطرْ
العالم الذي به يحاذي الميِّتُ الحيْ.
لكن بلا زُحمةٍ أو تزاحمٍ أو فُرقةٍ أو نأيْ


إتخذتُ مجلسي العتيد على الرصيف ورحتُ أرسمْ
كما كنت تماماً أفعل ذاك في الزمن الجميل
الزمن الذي كانت له أجنحة مرعبةً مفروشةْ
على إمتداد دجلة والفراتْ


لم أرسمَ إنساناً على عادتي القديمة لسنوات ثمان
بل رسمتُ خروفاً أبيضاً ، بلى ، شديد البياض ،
خروفاً جميلاً دافئاً شعرت به يدفيء ورقة الرسم
وأصابيعي المرهفة بالبرد والأوجاع والألم
شعرتُ به حياً وأخذ هو الآخر يرمقني وقال:
ألا ترى الموت من حولك ياعراق؟
إسمي أنا عراق؟! وخروف يُفلسفُ الموت !
إذن أنا على الأرجح في حلمٍ من عالم التخاطرْ
العالم الذي يحاذي فيه الميِّتُ الحيْ.
وإلا ما هو المعنى من خروف ينطق كالبشرْ
ويدعوني عراق؟
وهو مرسومٌ على صفحة أوراقْ


تقدم طفلٌ كان هو الآخر يرمقني وسأل:
أُريد أن ترسم لي صورةً ياعمْ؟
فسألته ومن أنت أيها الحبيب ؟
فقال: أنا أرسلتني أمي صباحاً لشراء الخبز
فقُتلتُ في إنفجار ،
تقطعت أوصالي
وتناثرت أشلائي ،
ثم نظفوا الرصيف من دمائي.
وسارت الحياة كالعادةِ بعد موتي.


جلس الطفلُ القتيلُ أمامي ورحتُ أرسمهْ
وأُلونهُ بأجمل الألوانْ
وحين اكتمل الرسمُ
إبتدأ الحفلُ حتى صار مهرجانْ:


أخرج رجلٌ ملثَّمٌ من حزامهِ مديةً كبيرةْ
حادةً ، مرهفةَ الشفرةِ ، تلتمعُ تحت شمس الظهرْ
وتقدم صوبي فأبتسمتْ
وأحتزَّ رأسي فصحوتْ
رفع الرجلُ الملثمُ رأسي المقطوع
إلى الأعلى وصاح:
الله أكبر!
الله أكبر!
فضحكنا جميعاً أنا والله والطفلْ
ومعمع الخروف
وهو يثب رشيقاً من ورق الرسم
إلى الرصيفْ






 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter