|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  8 / 2 / 2016                      مصطفى غازي فيصل حمود                       كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حصار الامس وتقشف اليوم

مصطفى غازي فيصل
mustafaalziyyir@yahoo.com

في الامس القريب عانى الشعب العراقي ما عانى , من حصار دولي اقتصادي جائر امتد قرابة (13) عاما وشمل الغذاء والدواء وكل مستلزمات الحياة الأخرى ,حتى صارت أحوال البلاد والعباد بمعزل عن المجتمع الدولي وعما كان يحدث من تطور تكنلوجي ,وطبي وعسكري وفي مجال الاتصالات وما يدور في فُلكِها من طفرات نوعية ,وكان المتضرر الأول من هذا الحصار هو الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته. أما السياسيون والحلقة المقربة منهم لم يدخل بيوتهم شيء اسمه حصار اقتصادي أبداً أبدا. فنجدهم يرتدون أغلى الملابس وأرقاها ,ويركبون أحدث السيارات وأجملها ,ويأكلون كل ما لذ وطاب من خيرات الله ,أما نحن المستضعفون في الارض ,فباقون نضرس لأكلهم الحصرم ,ونُقلّب ياقات قمصاننا مراراً وتكراراً ,وربما يشتري بعضنا - ممن هم أفضل حالاً - اللحم بالمناسبات فقط ونخبز طحين الحنطة المخلوطة بكل أنواع الحبوب حتى صار طعمها أقرب إلى الذرة منه للحنطة ,ومع هذه المعاناة التي لم أذكر منها إلا النزر اليسير ,صبرنا وتحملنا حتى عام (2003م) فسقط الصنم واستبشرنا خيراً ومنينا النفس بأن قابل الأيام سيكون أفضل من الأيام السود التي عشناها في فترة الحصار. ولله الحمد قد عادت هيبة الموظف والوظيفة فتسابق العراقيون فرحين على تقديم طلبات التعيين لضمان عيش كريم ومستقبل زاهر, لكن للأسف لم تستمر هذه الفرحة طويلاً ,فبعد سلسلة من التخبطات السياسية والمحاصصات الطائفية - تزامناً مع انخفاض أسعار النفط عالمياً - نتج عنها انهيار حاد في الاقتصاد العراقي ,بسبب اعتماد النفط مصدرا أساسيا للدخل القومي العراقي مما أثر سلباً على الموازنة العامة.

اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات التقشفية لموازنة عام 2016م ,كتخفيض رواتب المتقاعدين والموظفين و تجميد مشاريع البنى التحتية ,مما يؤكد بأن التقشف سوف يشمل (ولد الخايبة) من أبناء الشعب ,فبعض السياسيين الفاسدين ملؤوا جيوبهم من المال السحت الحرام وحصنوا أنفسهم ومن حولهم لمثل هذا اليوم الأسود ,وقد أكدت المرجعية الدينية العليا في أكثر من مناسبة بأن إجراءات التقشف يجب ألا تستهدف المواطنيين ,ودعت إلى الاستعانة بفريق من الخبراء المحليين والدوليين لوضع خطة طوارىء لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة ,وأن يكون التقشف محصورا بشكل أساسي على المصروفات غير الضرورية في الوزارات والدوائر الحكومية ,عسى أن تجد من يسمع الصوت لتجنيب الشعب تكرار ويلات أيام الجوع لسنوات الحصار الاقتصادي الأليم.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter