|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  29 / 12 / 2014                      مصطفى غازي فيصل حمود                       كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المنجمون والعام الجديد

مصطفى غازي فيصل - البصرة
mustafaalziyyir@yahoo.com

باتت ايامه معدودةً هذا العام , اقل من اصابع اليد الواحدة حتى يدخل علينا العام الجديد , ولا نعرف ما يخبأه لنا الطالع ورأي المنجمون وصدقهم الكاذب (فكذب المنجمون ولو صدقوا , كما يقال) ,بالامس تحدثوا عن انفراجات في السياسية الداخلية و الخارجية للعراق وللازمة السورية خصوصاً وللربيع العربي عموماً,الربيع الذي اتانا كردة فعل قوية لانتحار الشاب التونسي البوعزيزي بمشهد دراماتيكي محزن حيث اضرم النار في نفسه أمام مقر الادارة المحلية لبلدته احتجاجاً منه على سلطات بلديتها التي صادرت عربة الخضار مصدر رزقه الوحيد ــ قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ــ وهكذا باتت فعلته هذه محفزاً للعديد من الشباب العربي ــ العاطلين عن العمل ومن لديهم مشاكل اجتماعية أخرى ــ لكي يتخذوها حل لمشاكلهم , فأقدم بحدود 50 شاباً على الانتحار وبالطريقة نفسها (حرقاً) ,في فترة زمنية مقاربة لحادثة البوعزيزي ,قبل ايام وانا اتصفح احدى الصحف العربية الصادرة في لندن قرأت مقال لصحفية تقول فيه أن حالات الانتحار تنتعش في الدول الغربية عند اقتراب نهاية كل عام أي في مثل هذة الايام , والدافع عندهم ليس كمشكلة البوعزيزي , القوت اليومي وشَظِف العيش ,وانما الوحدة والفراغ القاتل ,واللتان تعتبران عندنا نحن العرب من ابسط المشاكل قياساً لمشاكلنا التي لا تحصى ولا تعد والتي هي الاشد على الجنس البشري !!

كبتٌ وتقييد للحريات ,وتهجير ,وقتل على الهوية وغير الهوية ,وتكفير ,وأغتصاب ,وجوع ,وتشرد ,ونوم في العراء, و الخ فالقائمة طويلة جداً جداً . هناك عندهم (أي في الغرب) وسائل أنتحار عديدة وذات طابع تشوبه الرومانسية من جانب وقصص الافلام الهوليودية الكلاسيكية من جانب أخر حيث تقول كاتبة المقال في هولندا تكثر حالات الانتحار بواسطة أن يرمي الشخص نفسه في طريق قطار مسرع ,و ذاك لكثرة شبكات القطارات التي تمتاز بها هولندا ,وفي سويسرا يرمون بأنفسهم من أعلى قمم الجبال أو من على الجسور التي تربط بين تلك الجبال !! أما عندنا ولله الحمد ليس هناك قطارات كثيرة وليس هناك جبال وجسور بينها , فواحدنا يعيش محترقاً بمعاناته اليومية في كسب العيش ومن ثم ربما تقوده معاناته هذه الى الانتحار حرقاً كصاحبنا ,ومن ثم حسب الموروث الديني يحرق يوم القيامة في نار جهنم كعقاب على انتحاره , حيث يقول الله عزو جل في محكم كتابه الكريم (لاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا , وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ), إن الله رحيم بعباده ,ولكن العباد ترى بعضهم متسلطٌ على بعض القوي يأكل الضعيف, وكذا الجار لا يعرف بجاره الفقير هل أكل ,هل لبس, هل أمن من برد , اليوم هنا في العراق من من المسؤولين يعرف ويتابع ما حل بالعوائل النازحة والمهجرة ,والعالم كله يهيء لاستقبال عام جديد , كل الحكومات تنشر الفرحة والبسمة على محيا رعاياها , ألا عندنا فالعكس قائم ,فهل خيار المظلومين يكون الانتحار حرقاً ؟؟ أم ماذا؟؟ ايها المنجمون أخبرونا كذباً أو صدقاً ما هو الحل.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter