|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  22 / 9 / 2015                      مصطفى غازي فيصل حمود                       كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

البلاد العربية طاردة لأبنائها

مصطفى غازي فيصل
mustafaalziyyir@yahoo.com

قبل أيام أرسل لي صديق رسالة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر (الفيس بوك) تحوي رابطاً لرسالة أخيرة كتبها مهاجر غير شرعي (سوري الجنسية) وهو في زورق تتلاطمه الأمواج في طريقه للغرق ,كلماته أثارت في نفسي الكثير من الوجع وأنا أتأمل فحواها حيث يقول وهو يخاطب أمه معتذراً (أنا آسف يا أمي),لأن السفينة غرقت ولم أصل إلى وجهتي. ثم يقول لا تحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي ,فماذا ستفيدك ,ستكلفك مصاريف نقل ودفن وعزاء ,ويكرر اعتذاره لأمه فيقول ,أحلامي لم تتعدَّ توفير علبة دواء (القولون) التي تحتاجين لها ,وتصليح أسنانك. ثم يعتذر من أخيه الأصغر ,قائلاً:وعدتك بمبلغ (50) يورو شهريا ,أرسلها لك بعد وصولي إلى هناك ,لكني آسف إذ لم أوفِ بوعدي لك ,فأنا الآن بجوار ربي الكريم ,ثم يعتذر من اخته التي وعدها بجهاز هاتف حديث يعمل على الإنترنت أسوة ببنات جيلها من ميسورات الحال ,لكن للأسف لم يمهله الموت وقتا كافيا لكي يفي بوعوده لهم.

وُجِدَتْ هذه الرسالة في جيب أحد اللاجئين السوريين بعد انتشال جثته مع مجموعة من رفاقه إثر غرق مركبهم في البحر الأبيض المتوسط ,وأنا اقرأ تلك الرسالة تواردت إلى ذهني صورشبابنا العراقيين،فالكثير منهم والعوائلَ العراقيةَ أيضاً سلكوا نفس الطريق للهجرة إلى أوربا وربما واجهوا نفس المصير المحتوم دون أن نسمع أو نقرأ عن أخبارهم أيّ شيء.فقبل أكثر من شهر أرسل لي صديق صحفي سؤالا أراد إجابتي عنه ,وكما يبدو لي هو مشروع لكتابة تحقيق حول ظاهرة هجرة الشباب إلى الخارج ,وإليكم نصه كما وردني (برأيك لماذا يفكر الشباب في العالم الثالث وتحديداً اليوم في العراق بالهجرة ,غير العوامل المعروفة كالبحث عن عمل ,وفقدان الأمن ,والكبت الجنسي ,والخروج من دائرة الاستبداد؟؟) وكانت إجابتي ,كالتالي:أستاذنا ربما أنّ ما ذكرته من عوامل وأسباب قد تدفع أغلب شباب دول العالم الثالث للهجرة ,أما عندنا في العراق إضافة على ذلك وبرأيي الشخصي أنّ السبب الأهمّ والأعمق ألاهو فقدان روح المواطنة والانتماء لهذا البلد بدليل قدوم أناس عراقيين من خارج البلد (من حملة الجنسيات الأجنبية) وتسيّدهم على البلاد والعباد ،وكون هؤلاء ليس لهم انتماء ولا مواطنة لهذا البلد لعدم تخلي أيٍّ منهم عن جنسيته الأجنبية مما رسخ فكرة لدى الشاب بأنه قد يكون في يوم ما محل هذا المسؤول بجنسية أجنبية عند عودته مستقبلا من المهجر ,فضلا عن الخطابات الدينية الطائفية المقيتة التي بدأت تولد نفورا لدى الشباب من الدين إلى حد الازدراء والتعمق بقراءة الكتب التنويرية والإلحادية منها التي أدت إلى الانسلاخ من مجتمعنا الإسلامي ،وهذا يتطلب من الشاب البحث عن ملاذٍ آمنٍ لما يحمله من أفكار جديدة برأيه وهذا لايتحقق إلا بالهجرة إلى الخارج.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter