| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 30 / 3 / 2022 ماجد فيادي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
في الذكرى 88 دعونا ننقد نداء الحزب الشيوعي
ماجد فيادي
(موقع الناس)كثيرة هي مقالات الذكريات التي تكتبها رفيقات ورفاق الحزب، حتى أولئك الذين ابتعدوا عن التنظيم لكنهم لا يزالون يتمسكون بتاريخهم النضالي في صفوف الحزب، محطات من النضال في سجون البعث المحظور، او في جبال كردستان ضمن حركة الأنصار الشيوعيون، قصص من التخفي والتنظيم السري، عذابات على يد الجلاد الهمجي، اغتصاب المناضلات كتقليد حيواني لا يعرف معنى الإنسانية، أطفال يلعبون في زنزانات السجون لان امهاتهم سجينات، تحمل الاهانات بعد ترك الحزب لكن دوائر الامن لا تصدق ذلك، مصاعب الحياة في الحصول على فرصة عمل ضمن دوائر الدولة او الحفاظ على الوظيفة بدون فصل لأسباب سياسية او نقل الى مناطق نائية كنوع من العقوبة، تحمل معاناة الاعتراف في سبيل البقاء على قيد الحياة، النظرة الداخلية في كل مرة يخرج فيها الشيوعي من دائرة الامن، الرضوخ الى تافه لأنه قادر ان يكتب تقريرا يرمي بالمناضل في غياهب السجن، قسوة الرفاق تجاه من اعترف في دوائر الامن. عذرا لمن لم اذكر طريقة معاناته لأنني لم اتعرف عليها، حتى الذين صعدوا اعواد المشانق او اعدموا رميا بالرصاص او في حوض التيزاب، عذرا للأمهات والزوجات والاباء والابناء فالقائمة طويلة جدا.
مع هذا الكم الهائل من المعاناة هناك من فلت منها وتحمل المسؤولية في سبيل استمرارية التنظيم بدون توقف، في نفس الوقت هناك من ترك التنظيم الحزبي لضغوط فوق طاقة تحمله، اما بسبب جور الجلاد والأجهزة الأمنية، او بسبب خلافات في وجهات النظر او خلافات شخصية مع رفيقة او رفيق قيادي، هناك من ابتعد بسبب المعاملة التي لم يتقبلها تجاه رفاق اخرين، هناك من تحمل المسؤولية ولم يحسن ادائها فتعرض للنقد والتجريح ولم تشفع له سنين نضاله ففضل الابتعاد، هناك من خان الأمانة، بعضهم فضح ونال العقوبة وبعضهم لم يترك دليلا فنفذ، بعضهم اتهم ظلما ولم يجد من يدافع عنه فكان الضحية، هناك المزيد من الأمثلة التي يصعب الحديث عنها، لكن الصورة الكاملة لا يمكن لاحد ان يؤطرها، لأننا نتكلم عن حزب عمره ثمانية وثمانين عاماً، تعرض الى ابشع أنواع الظلم والقمع والإرهاب الفكري والجسدي، حزب عمل معظم فترات نضاله متخفياً يتجنب أجهزة الامن القمعية، اما سنوات العمل العلني فهي الاخرى لا تخلوا من الاضطهاد الفكري والحسدي، بسبب تخلف عقلية الأحزاب الحاكمة ونهجها اللاديمقراطي.
اصدر المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي نداءً الى الرفيقات والرفاق المبتعدين عن التنظيم، يدعوهم للعودة الى العمل الحزبي، لما لهم من تجارب غنية وامكانيات فكرية وخبرة تنظيمية طويلة. النداء يهدف الى رد اعتبار أولئك الرفاق احتراما لتاريخهم السياسي والاستفادة من امكانياتهم في إعادة تنظيمات الحزب الى قدراتها والوقوف على اقدامها من جديد، بعد كل سنوات العمل العلني التي لم تسعف الحزب لأسباب موضوعية وذاتية في خلق تنظيما قويا قادرا على تنفيذ سياساته الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية.
النداء نسخة مكررة لما صدر عن المؤتمر الوطني العاشر للحزب. فلماذا هذا التكرار؟ هل نجح النداء الاول فكان من المفيد تكراره؟ ام انه قوبل بالإهمال من الرفاق المبتعدين فظهرت الحاجة لتكراره، هل كانت خطة تنفيذه ليست على المستوى المطلوب، فظهرت الرغبة في إعادة الكَرَ بأداء مختلف؟ بعد المؤتمر الوطني العاشر وصلتنا كقاعدة حزبية ندائه مع توجيه في ايصاله الى أولئك الرفاق ودعوتهم للعودة الى التنظيم. لا اذكر جيدا الخطط التي وضعت لتنفيذ النداء لكن اذكر انه لم يلق صداً إيجابياً، فالكثير من الرفاق المبتعدين كان يطالب بحلول فردية تنسجم وكل حالة، ولان القاعدة الحزبية ليست صاحبة قرار في تفكيك المشاكل المتراكمة ووضع الحلول لها، كانت النتيجة غير مشجعة وغير مرضية لكلا الطرفين.
اليوم وبعد انتهاء اعمال المؤتمر الوطني الحادي عشر اختلفت الرؤية في تنفيذ النداء الموجه لنفس الرفيقات والرفاق، فقد خَولَت اللجنة المركزية المحليات ومنظمات خارج الوطن، توجيه النداء باسم اللجنة المركزية الى الرفاق المبتعدين والعمل على تفكيك المشاكل وتزويدهم بالنشرات الداخلية التي تصدر عن المكتب السياسي واللجنة المركزية مثل أي رفيقة ورفيق لا يزال يعمل بالتنظيم، رغبةً منها في وصول النداء بجوهره الحقيقي وأهدافه المرسومة الى الجميع، اهداف تعكس ان الحزب لا يتخلى عن رفاقه، ولا يستغني عن خبراتهم، ولا يوجد رفيق افضل من آخر، ولا يهمش رأي احد بسبب الارتياحات الشخصية، فهل يكفي هذا النداء لعودة الرفاق المبتعدين عن التنظيم؟
في حوارات مع عدد غير قليل من الرفاق المستمرين في التنظيم، كانت الطروحات غير مشجعة في تنفيذ النداء وتحقيق أهدافه، لانهم يرون ان المشكلة لا تزال قائمة ولا يزال العديد من الرفاق المبتعدين يطالبون برد اعتبار من اعلى مستوى في التنظيم، اغلب هؤلاء لديهم مشاكل شخصية مع رفاق قادوا الحزب لسنوات طويلة، بعضهم لا يزال في مركز القرار على مستويات مختلفة. عدد من رفاق التنظيم يطرحون حلولا مختلفة عما تطرحه اللجنة المركزية، لانهم يرون ان النداء اصبح غير جذاباً، فاغلب من يتوجه لهم النداء وصلوا اعمارا متقدمة ولم يعد العمل التنظيمي يغريهم او يجدون ان اشكال التقدير والاحترام لا بد ان تأخذ منحاً اخر. مثلا عقد مؤتمر من قبل اللجنة المركزية يقام في بغداد وتوجه الدعوة الى الرفاق المبتعدين عن التنظيم للحضور، تطرح عليهم اشكالا مختلفة من العمل التنظيمي، كتكليفهم بأدوار نضالية جديدة مثل اجراء بحوث سياسية اجتماعية ثقافية، او إقامة دورات تطوير قدرات، او الكتابة في الاعلام لدعم نضال الحزب ونشر سياساته الجديدة، او اخذ دور الوسيط مع بعض القوى المدنية، او القيام بمهام مستشارين لقيادة الحزب، خاصة وان أولئك الرفاق من العيار الثقيل في مجالات اختصاصهم، في نفس الوقت تهيئ لجان للبحث في المشاكل الشخصية وسبل تذليلها، وهنا تظهر الحاجة الماسة الى منظمات خارج الوطن في تشكل تلك اللجان لما لها من علاقات واسعة مع أولئك الرفاق المبتعدين.
في المقابل اجد تكرار النداء لا يخلو من إشارة واضحة لحاجة الحزب الى رفاق النضال، يوازيها حاجة لا تتقاطع مع الأولى ترتبط في حاجة الوطن بهذا الظرف الصعب، لتظافر الجهود من اجل التغيير، خاصة وقد جاءت وثيقة المؤتمر الوطني الحادي عشر "قدما نحو التغيير الشامل" معبرة عن توجهات الحزب السياسية والاقتصادية والثقافية على مدى الأربع سنوات القادمة، في نفس الوقت اذا ما أراد رفاق النضال ان يؤثروا في سياسة الحزب ان يكونوا اكثر قربا، خاصة وان اللجنة المركزية فيها عدد كبير من الشبيبة بعيدة عن مشاكل الماضي، ما يدعوا الى تقديم كل العون لهم حتى ينجحوا في قيادة الحزب وتوسيع قاعدته الجماهيرية، كذلك فان الرفاق المبتعدين من الذين يجدون أسلوب تنفيذ مقررات المؤتمر الحادي عشر للحزب غير مقنع بالنسبة لهم، فرصة ان يؤثروا به عن قرب وفعالية.
في عيد تأسيسه الثامن والثمانين مجدا للشهداء
مجدا لمن صان اسرار الحزب
مجدا لمن تحمل المعاناة ولا يزال على درب النضال
مجدا لمن تحمل أنواع العنف الجسدي والفكري
مجدا لمن لا يزال يعتز بانتمائه الفكري للحزب
مجدا لمن يضع اليد باليد ويتعالى على آلامه
مجدا لشبيبة الحزب التي تحمل الراية وتستمر في النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد