|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 25/9/ 2012                                 ماجد فيادي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حوارات ديمقراطية على ضفاف اللومانيته

ماجد فيادي

أن تشارك في مهرجان جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي ”اللومانيتيه“ لمرة هذا يعني أنك لن تتوقف عن المشاركة، إنه عيد يجمع كل العالم في مكان واحد، فهو يحقق المقولة”أن العالم قرية صغيرة“ في كل خيمة يقف بشر من دولة ما، يتكلمون لغة ويرتدون ملابس ولهم لون بشرة وشعر ومأكولات ومشروبات مختلفة عن الخيمة التي تجاورهم، يختلفون في كل شيئ إلا حبهم للانسانية وإيمانهم بالسلام وانتمائهم اليساري، لكن هذا التنوع لا يتوقف هنا، فقد تجده داخل الخيمة الواحدة ايضا، في خيمة طريق الشعب الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي تجد الفرنسي والفلسطيني والجزائري والسوري يعملون الى جانب العراقيين، وفود سياسية تزور الخيمة لتطلع على التجربة العراقية في مشاركة الحزب الشيوعي العراقي بالعملية السياسية أو تجربة النهوض بالتيار الديمقراطي من قبل الديمقراطيين العراقيين، لا يمكن لاحد أن يتجاهل الفعاليات الفكرية والسياسية التي تنظمها الخيمة باستضافة أسماء لا يشترط بها الانتماء للحزب الشيوعي العراقي، لتقدم آخر ما جادت به عقولها من أفكار في خدمة الانسانية، عروض أخرى لفنانين تراهم على شاشة التلفاز فقط أو مواهب شابة يتوقع لها مستقبل زاهر، اثمن ما تحصل عليه هو اللقاءات الجانبية التي تمثل كل واحدة وجبة دسمة من المعلومات، وبدون أن تخطط فانت تقف الى جانب أسماء كان ولا زال لها دور في رسم خارطة الثقافة العراقية، فقد تجد كوكب حمزة الى جانبك مبتسماً أو داوود امين محاوراً أو فيصل العيبي مداعباً بنكتة أو طالب غالي مدندناً بلحن سبعيني، ولا تتفاجئ بالرفيق مفيد الجزائري ساعياً لك قبل أن تسعى له، فتغرف ما تريد من هؤلاء قدر ما تستطيع، لكن اجمل ما في هذا العام أن الشاعر والكاتب والمسرحي صلاح الحمداني قد جاء لنا بحركة مسرحية ساحباً لمقعد بيده فيجلس الى حلقتنا التي تضم داوود امين والرفيق فؤاد من فرنسا وانا، طالباً معرفة اخبار كل منا، ليبدء حديث اقتتطف منه القليل لكم.

كنت بينهم الاصغر عمراً والاقل معرفةً بالثقافةً والافقر بالتجربة، لكن مثل هؤلاء لا يشعروك بذلك بل يرفعوك الى مكانتهم تواضعا واحتراما لمكانتك كانسان تشاركهم همومهم الثقافية والفكرية.بادر الشاعر صلاح الحمداني بطرح سؤاله فور جلوسه، أريد ان اعرف اخباركم فرداً فرداً، فبدء بالكلام داوود امين ثم تكلمت انا ثم فؤاد، فطلبت من الحمداني أن يسمعنا اخباره، وبضحكته المعهودة بادر لطرح ما انجزه خلال الفترة الماضية من كتب وقصائد وفعاليات، واخذه الحديث ليطرح فكرة التراجع الذي حصل للديمقراطيين على الساحة الاوربية بعد سقوط الصنم واحتلال العراق، مستذكراً الايام التي وقف بها الديمقراطيون نداً للدكتاتور وازلامه على ساحات العواصم الاوربية، كيف تمكنوا من كسب رأي الجماهير الى موقفنا ضد الدكتاتور وانتهاكات حقوق الانسان، التظاهرات التي ساهم بها الاوربيين الى جانب العراقيين، موقفنا الرافض للحرب في اسقاط الدكتاتور، تغلغلنا في المراكز الثقافية وطرح معاناة الشعب العراقي نتيجة السياسة الرعناء للدكتاتور، كل هذا كان بامكانيات فقيرة جداً للديمقراطيين واليساريين العراقيين المقيمين في الخارج أمام الميزانية المهولة للدكتاتور في تغذية نشاطاته السيئة أمام الرأي الاوربي، التي لم يحضرها إلا نفراً قليلاً من المرتزقة اوربيين كانوا أم عربا.

دار الحديث عن الاسباب التي أدت الى هذا التراجع في نشاط الديمقراطيين واليساريين، من سقوط الدكتاتور الى الانخراط في العملية السياسية والتحالفات التي خاضها اليسار العراقي وعودت عدد من الناشطين الى العراق ثم رغبة العديد منهم في التفرغ للحياة الشخصية بعد هذا الطريق الطويل من النضال باتمام انجازاتهم الثقافية والمالية، كل هذه الاسباب وغيرها اوصلتنا الى أن يكون تواجدنا على الساحة الاوربية موسمي وضعيف، ينشط كلما تعرضنا الى ضربة هنا أو هناك من قبل الحكومة العراقية، لكن اليوم لدينا الاسباب الكافية لكي نعود للعمل ونفضح ممارسات الاحزاب الحاكمة في بغداد لما تقوم به من اعمال تهدف الى قتل بذرة الديمقراطية في العراق.

يرى صلاح الحمداني أن الوقت حان للملمة شمل الديمقراطيين واليساريين والعلمانيين في اعمال نوعية امام الرأي الاوربي لكشف الاحزاب الطائفية، ووضعهم في الصورة التي يستحقوها.هذا الحديث ينطبق تماماً مع الهدف من اقامة التيار الديمقراطي في الخارج، فقد اسس ليكون داعماً للتيار الديمقراطي في العراق، وليس هناك من فرصة لتنشيط التيار في الخارج ولملمت الشمل أكثر مما تقوم به الحكومة العراقية من تجاوزات على الحريات، أو تقصير البرلمان العراقي في تشريع القوانين المهمة بسبب المحاصصة الطائفية العرقية، أو سرقة اصوات العراقيين عبر تشريع قانون انتخابات المحافظات سيئ الصيت، ولعل اخر هذه الانتهاكات وانا اكتب هذه الاسطر وصلت الاخبار عن اجتياح بربري لشارع المتنبي من قبل امانة بغداد، وتحطيم كل معالم الثقافة فيه، بعد ان هاجمت قوات الجيش والشرطة قبل أيام النوادي الثقافية وتهجمت على روادها بالضرب والاهانة كأننا لا نزال في عهد الدكتاتور.

 

جريدة التيار الديمقراطي العدد20

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter