| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 14 / 5 / 2022 ماجد فيادي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
كيف نحقق حلم الوطن والدولة
ماجد فيادي
(موقع الناس)الشعب العراقي ليس ثوراً يدور في ساقية، خلف مصالح فئوية ضيقة تسعى لها أحزاب السلطة، بعد ان وصلت للبرلمان بتمثيل لا يتجاوز 20% من أصوات العراقيين التي تمتلك حق الانتخاب. ولا الشعب كرةً تتراماها اقدام البرلمانيين، بين متحذلق ومدعي وفاسد وقاتل، لأجل مصالح خارجية ترعى تابعيها وهم يسيرون خلف جزرة. ومن يشاهد الفضائيات العراقية الممولة بالمال العراقي لصالح أحزاب تأتمر بأوامر خارجية، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، يجد حجم التباكي على شعب يمتلك إمكانيات بشرية وموارد طبيعية جبارة لا تتناسب وحالته المتردية، تباكي اصبح بمثابة المخدر قبل دخول عملية جراحية، تباكي مرة بعيون بنات وأبناء الشعب نفسه وأخرى بعيون التماسيح البرلمانية. هذه الحالة تجعلنا نطرح السؤال التالي:
الى متى نقبل كشعب بالأكاذيب والمخدر والتحايل والادعاء، كوسيلة لإبقاء الحال على ما هو عليه، في تربع نفس الجهات السياسية الفاسدة القاتلة على رقاب العراقيين لدورة انتخابية كاملة؟
هذا المقال لن يتوجه الى العراقيين المستفيدين من هذا الحال الاعوج، انما الى المتضررين منه (بمعنى الأغلبية)، والى قيادات المعارضة المشتتة، ومن يتمسك بمشروع التغيير الشامل، وصولا لبناء دولة مدنية ذات مؤسسات حكومية نزيهة، تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفر الحرية والديمقراطية وسبل العيش الكريم. منذ أيام قَدَمَ التيار الديمقراطي شكوى الى المحكمة الاتحادية ضد رئيس البرلمان، بدعوى عدم الالتزام بالمدد الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية، وتَسَبِبُهُ في تعطيل تكليف رئيساً للوزراء وتشكيل الحكومة. اجراء الشكوى لا غبار عليه من حيث اللجوء الى الحق المدني في اعادة الدفة الى مسارها الدستوري، وهو ممارسة يجب ان تترسخ كتقليد لدى القوى المدنية المدافعة عن حقوق الشعب العراقي. لكن هذه الشكوى جاءت متأخرة كثيرا، وبعد تراكمات أصبحت اعتيادية من الخروقات الدستورية. شكوى لم تقرع الاجراس في آذان العراقيين، ولم تحدث تأثيراً ذو وزن ومحرك للجماهير المحتجة. كان يجب ان تقام الشكوى على اقل تقدير، في خضم مساعي حشر المحكمة الاتحادية من قبل أحزاب البرلمان كطرف في العملية السياسة، وقت عملت على تعطيل البرلمان عن القيام بدوره الدستوري، عندما قررت عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور الثلثين، أيام كانت تبت بالدعاوى المقدمة لها بسرعة تتناسب والتوازنات البرلمانية، مثل شكوى السيد العامري والسيد خشان واخرون.
في كل الأحوال لا تزال القوى المدنية الديمقراطية اليسارية اللبرالية العلمانية الوطنية، خجولة في خطابها السياسي وادائها الفعلي، لتمثيل مصالح الشعب العراقي، ليس لأنها لا تتكلم وتفضح الفاسدين، انما في تأخرها بتنظيم صفوفها على المشتركات الوطنية، وترك الخلافات الجانبية على أدوار لن يهتم لها الشعب العراقي كثيرا. لا ينكر احد ان خلافات القوى المدنية وتشتتها ومواقفها الخجولة، شجعت الأحزاب الفاسدة على المضي في مخططاتها والاعيبها بسرقة المال العام والتحكم بمصير الشعب العراقي، في نفس الوقت فان حال القوى المدنية اضعفت من ثقة الشعب العراقي بالبديل الديمقراطي الذي تطرحه، وقللت من قدرتها على استنهاض الجماهير نحو الثورة العارمة التي تكنس كل الفاسدين والقتلة، وتسقط عروشهم الواهية.
مع تمادي قوى البرلمان في خرق الدستور واستعصاء انتخاب رئيس الجمهورية، ذهب عدد من أصحاب الرأي الى طرح امكانية الذهاب للانتخابات المبكرة. هذا الطرح دفع كلا طرفي البرلمان "الاطار التنسيقي وتحالف انقاذ وطن" الى اعلان رفضهما لهذا الحل، كونه سيقضي على مكاسبهما فيما لو حصل، لان الشعب لن يعود لانتخابهما، وسيظهر البديل المدني بكل ضعفه كملاذ للجماهير المتضررة، ويغيير الخارطة البرلمانية ومراكز اتخاذ القرار. ولان هذا الحل لن يتم الا بموافقة البرلمان، فانه لن يرى النور الا اذا ضغطت الجماهير على البرلمان وطرحت الحل متبنيه لشكله الكامل، على عكس المرة السابقة عندما طالبت بانتخابات مبكرة بدون ان يكون لها تصور حقيقي لها. ولأننا اصبحنا قريبين من واقعية هذا الحل، صار لزاماً علينا ان نمهد لسبل نجاحه وعدم تركه لمخططات البرلمان الحالي. القوى المدنية أصبحت ملزمة ان تثقف الجمهور بخارطة الطريق التي تراها مناسبة للخروج من حفرة الأحزاب الحاكمة، بالدعوة والتعريف بقانون انتخابات جديد يجعل من العراق دائرة انتخابية واحدة، ينهي انحياز القوانين السابقة لقوى المحاصصة والفساد والتلاعب بنتائج الانتخابات، قانون يجمع أصوات المتضررين ويرفع من وزنهم في ميزان قوى البرلمان القادم، وينهي أكاذيب حجم قوى المحاصصة وتمثيل المذهب والقومية، وحتى يأتي هذا القانون بثماره فهو بحاجة الى هيئة انتخابات مستقلة وفق معايير علمية بعيدة عن هيمنة الأحزاب الفاسدة، هيئة تضمن حقوق الأحزاب المتنافسة ولا تترك مجال للتزوير، وهذا يستدعي طرح أسماء محددة على البرلمان وعدم تركه يختار من يريد، مفوضية لا تسمح بمشاركة أحزاب تمتلك المليشيات وتحمل السلاح خارج سلطة الدولة، أحزاب رأينا كيف اثرت في النتائج، وعرقلت تنفيذها بأساليب مختلفة. هذا الحل وان لم يتحقق بكل شروطه، لكنه سيكون المرجعية التي تحرك الجماهير كلما تعطلت الحكومة في تقديم الخدمات لها.
بوجود تحالف مدني واسع، يعمل من الان على رفع الوعي الجماهيري ويقودها بالمشتركات الوطنية وبرنامج حكومي يكشف الفاسدين وقتلة ثوار تشرين ويقدم الخدمات ويوفر فرص العمل ويبعد العراق من المحاور الدولية ويطور مجال التعليم والصحة ويعيد العراق الى موقعه الحقيقي بين الدول المتطورة، حينها فقط سيعود العراقيون الى صناديق الاقتراع وينهوا حالة القطيعة مع الانتخابات التشريعية بحثا عن وطن يستوعب الجميع.