|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة 31/5/ 2013                                 موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


من يبني الديمقراطية سفينة نوح أم يوسف العاني ..؟
(2)

موسى فرج

دعوة لتأسيس : تيار المواطنة ... . قبل أيام نشرت مقالة تحت عنوان :( من يبني الديمقراطية ..سفينة نوح أم يوسف العاني ..؟) : http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=28500:aa&catid=32:mqalat&Itemid=45  .

وفي ضوء التفاعل الكبير مع ما جاء في مضمونها تأييداً وتأكيدا من قبل الأصدقاء والقراء .. أبين الآتي:
1. إن الأوضاع التي يمر بها العراق أوضاع شاذة وخطيرة للغاية وعلى كافة الصُعد السياسية والأمنية والمعاشية .. .

2. ومع أن السوء قد بلغ ذروته ، إلا أن ليست ثمة أمل يرتجى في وضع حد للتدهور الذي يدفع وبشكل محموم بالوطن إلى هاوية التمزق و بالشعب إلى الحرب الأهلية ..

3. وأيضا رغم أن الخطب الذي واجهه الشعب خلال السنوات العشر الماضية كبير جدا وجسيم للغاية وبات محنة عصية وفق كافة المقاييس متمثلا في: . ـ القتل اليومي للأبرياء من أبناء الشعب وأبشع الأساليب وأكثرها خسة من خلال استمرار الأعمال الإرهابية بشكل شامل وهمجي ويومي ودون انقطاع .. . ـ الفساد الذي فاق كل المعايير الدولية والمستشري في كافة أجهزة الدولة الحكومية والبرلمانية والمحلية وبشكل متصاعد كمياً ونوعياً ليبلغ ذروته في الجهات العليا الحكومية والبرلمانية .. ـ الفوضى السياسية والإدارية والأمنية التي باتت سمات أصيلة وحالة مستدامة للنظام السياسي القائم ، حتى بات يسمى من قبل أطرافه أنفسهم بحكومة ونظام الأزمات .. . فان المخاطر لن تقف عند هذا بل تتسارع باندفاعها المحموم إلى ما هو أكثر سوءً وأكثر عتمة وخطورة حتى بات الجميع شبه متيقن بان الخراب لا محالة قادم .. .

4. والمفارقة بل المشكلة أن كل ذي بصيرة من أبناء هذا الشعب مدرك تمام الإدراك ومنذ السنوات الأولى التي أعقبت انهيار نظام صدام أن ما يواجه العراق من مخاطر جسام حاليا وفي السنوات الماضية لم يكن حالة عرضية أو أزمة طارئة إنما كان ذلك ناجم عن الأسس التي بُني عليها النظام السياسي بما اصطلحوا على تسميته بـنظام حكم المكونات وهو نقيض صارخ للوحدة الوطنية التي تشكل حجر الزاوية في بناء وديمومة الكيان السياسي لأية دولة في العالم ، وإلغاء للمواطنة التي تضمن المساواة لجميع المواطنين في الحقوق والواجبات وتشكل المعيار الوحيد في تكافؤ الفرص .. ولو كان قد تم اعتماد المواطنة والاستقامة ودولة المؤسسات أُسسا لبناء النظام السياسي لكان ذلك أدعى للالتحام وتعميق الرابطة الوطنية بين أبناء الشعب وبناء العراق السيد المسالم المزدهر ، وما وجد سبب واحد يصلح استغلاله باعثا للتطاحن والبغضاء والقتل ولكن نظام حكم المكونات الذي تم اعتماده سبيلا لتقاسم السلطة وليس لبناء بلد ومن جراءه تقدمت بل طغت الهويات الفرعية على هوية المواطنة وتوزع الشعب العراقي إلى شيع يسيطر عليها ساسة فاسدون سمموها بتوجهاتهم الأنانية والفئوية وحقنوها بكل عوامل العداوة والانغلاق والتطرف والتناحر، واستخدموها في صراعهم على الحكم والنفوذ والثروة فكانت وسيلة بغيضة بأيديهم للاستئثار بكل شيء.. الفرص والحقوق ومن جراء ذلك كان العراق أكبر الخاسرين وكان ما اصطلحوا على تسميته بالمكون الخاسر الأكبر .. .

5. وعندما وجدوا أن ما اعتمدوه من محاصصة وشراكة ومشاركة وتسميات توفيقية قد عجزت عن أن تكون مقنعة لهم قبل غيرهم دفعوا بالعراق إلى أتون الخراب والقتل اليومي بين مرتكب للجريمة وخالق لأسبابها وبواعثها ولم يتورعوا من الارتماء في أحضان الأجنبي وبات المحيط الإقليمي موجها وولي أمر وآمر ، وبات كل منهم لولي أمره منقاد ومنفذ ، كل ذلك على حساب كرامة وسيادة العراق وعلى حساب حاضر ومستقبل الشعب العراقي ، وباتت دول وأشباه دول تُطاع وتُنفذ أجنداتها في البيت العراقي وتتحكم ليس بسياسة وتوجهات السياسة في العراق بل بدماء وأرواح أبنائه وخدماتهم ومصادر أرزاقهم .. وبات إباء الشعب العراقي وقوة شكيمته وصعوبة مراسه مجرد أساطير من الماضي .. وباتت الأصوات المرتفعة من اختصاص الفاسدين والجهلة والمتخلفين والمغمورين والمهربين والسراكيل وأشباه الرجال ، في حين باتت أصوات الوطنيين وذوي الاستقامة والعلم والقيم النبيلة تتيه في الصخب وتحجبها الفوضى ..

6. ومن بين الأسباب الجوهرية لما آلت إليه الأمور جنوح المثقفين الوطنيين عن الوقوف الموقف الحازم لمواجهة الطائفية والفساد والتخلف والشللية التي اعتمدتها الطبقة السياسية منطلقين في ذلك من منطلقين أثنين :

الأول: الترفع من العمل السياسي بعد أن أفسدته الطبقة السياسية الحالية.

والثاني: الشعور بالعجز والإحباط من جراء التشتت والتشظي الذي خلقه نظام صدام فيهم وأصاب منهم مقتلا ولم يفيقوا منه رغم مضي 10سنوات على سقوط صدام ونظامه .. ـ لكن الذي غاب عن تفكير معظمهم أن السياسة بالنسبة للوطني ليست دهاليز مظلمة لجني المنافع المادية أو الشخصية إنما واجب وطني وقبل ذلك واجب أخلاقي وبالتالي فانه لا يوجد سبب للترفع عليها ، وقد لعب بعض المثقفين دورا انهزامياً خطيراً بإشاعته الخزعبلات القائلة بان مهمة المثقف التنوير وليس التثوير..! في حين أن دور المثقف هو التنوير والتثوير وتقدم الصفوف في التصدي لمعضلات الوطن والمصائب التي تواجه الشعب.. وليس كائنا عاجزا ينتظر ما يقدمه الآخرون أو معتكفا في محراب الخواطر والأحاجي والنواح على دور يغتصبه الآخرون أو استجداء الدور في حين أنهم يعرفون بوضوح قبل غيرهم أن الأدوار تؤخذ ولا تعطى مثلما الحرية تؤخذ ولا تمنح .. وما دامت المواجهة بطرق العنف باتت غير صالحة في الوقت الحاضر ولا مشروعة ومادام التعويل على الانقلابات العسكرية لم يعد قائم ولا عقلاني فان ممارسة العمل السياسي بات فرض عين ولم يعد من متطلبات استكمال الشخصية .. وبات انغماس المثقف العراقي الوطني واكتفائه بمجرد الانتقاد والتذمر والشعور بالإحباط والولولة لحالة القتل اليومي والفساد والفوضى أمر مخجل حقيقةًً ولا يليق بالعراقي .

7. وفي ضوء ما تقدم ولكي نجب الغيبة عن أنفسنا تجاه أنفسنا أولاً وتجاه الأجيال القادمة من العراقيين فان الوقت قد آن لإنقاذ المواطنة وإعادة الاعتبار إليها من خلال الانخراط ضمن تجمع أو تيار أو حزب أو أي كان اسمه لكنه يدين بالمواطنة بوصفها فوق الميول والاتجاهات..

8. المواطنة لا تنكر الانتماء للدين أو المذهب ولا تستخف بالانتماء القومي أو القبلي ، لا تفرض لغة موحدة ولا لهجة موحدة ولا زي موحد ولا أعياد موحدة ولا رموز موحدة فلكل ما اشتهى ..كل ما هنالك فانه في مجال الحقوق والواجبات فان المواطنة تتقدم الصفوف وهي المعيار المعول عليه وفي حضورها تؤدي كل المسميات الأخرى تعظيم سلام لها ويعتبر أي تمييز بين العراقيين في الفرص والحقوق والواجبات استنادا إلى أي من المسميات الأخرى الفرعية جريمة يحاسب عليها القانون وتصرف يقابل بالاحتقار ، لضمان تكافؤ الفرص وعلى أساس المقدرة والاستقامة في التوظيف وفي تولي المناصب الرسمية وفي اختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية والمحلية . .

9. قد يتصور البعض بأنه لا يحتاج المواطنة لأن الطبقة السياسية عازمة على إقامة الأقاليم أو ربما الانفصال في عدة دول .. ولكن المواطنة هي المادة الأولية السليمة للعيش ضمن الإقليم والمحافظة وحتى القضاء أو الناحية ... .

10. ولكن الديمقراطية ودولة المواطنة لن يصلح لأن يكون من بناتها المتعصب والطائفي والعشائري والمتخلف ، إنما الذي يصلح لذلك هو المؤمن بثقافة المواطنة وليس المدعي ..

ـ في تيار المواطنة كل الرموز الدينية والمذهبية والقومية محل تقدير واحترام ولكن لن تكون معيارا للمفاضلة بين عراقي وآخر فالإنسان قائم بذاته لا يحتاج لأن ينسب كي يكون بمستطاعه المطالبة بحقوقه مادام كل شيء يبدأ به ومنه وله .. .

ـ ومن الناحية السياسية فإننا متواضعون ورموزنا عراقية محلية لا نمد أبصارنا إلى خارج خارطة العراق فـ علي الوردي و عبد الجبار عبد الله و نزيهه الدليمي و زهاء حديد و يوسف العاني و عبد الكريم قاسم و بهنام أبو الصوف وعشرات من أمثالهم رموزنا ويكفينا الفخر بهم مؤنة التعلق بغيرهم .. .

ـ وأيدلوجيتنا بسيطة للغايه فلا نظريات مستورده ولا أيدلوجيات معقده ، ولا نضمن قصورا في الدار الآخرة ولا حور العين إنما نسعى لبيوت واطئة الكلفة لكل من لا بيت له في العراق ونجتهد في إشاعة ثقافة المواطنة التي تجعل من الجميع نداً وكفؤاً لبعضهم ونمحق خرافة الدم الأزرق الذي يسري في عروق أصحاب الحسب والنسب والذي يقابله عبيطا في شرايين الآخرين ..ونستخف بالسطوة التي يمتع بها أفراد دون غيرهم تحت ذرائع المكون الأكبر أو المكون الأنقى نسباً أو الأتقى معتقدا فقيمة الأمر بما يحسنه ومحمد أبو كل تقي وكلكم من آدم وآدم من تراب ونحن لسنا العرق المختار ولكننا الأصلب وطنية والأكثر استقامة.. وتلك السجايا عُرفنا بها ثقافة وسلوكا قبل أن نقولها كلمات وعبارات .. .

ـ وساحتنا كل العراقيين باستثناء الفاسدين والطائفيين والمتخلفين والمتعصبين والجهلة والذين يجيدون التبعية لغير الشعب .. .

ـ نحن لا نسعى للزعامة حتى في عوائلنا لأننا لا نؤمن بثقافة القطيع بل نؤمن بأن الإنسان قيمة عليا وان الإنسان إن اعد بشكل جيد وأتيحت الفرصة له فانه خلّاق ومبدع وله دور أيا كان اختصاصه ومجال عمله فليس العبرة بعنوان الدور إنما العبرة بإجادته وأداءه بشكل مخلص وكفوء .. .

ـ شعارنا: المواطنة فوق الميول والاتجاهات ... .

ـ نحن لا نسألكم عليه أجراً إلا التمسك بالعراق وان تحبوا بعضكم.. ولا نثقل كاهلكم باشتراكات مالية أو واجبات و معارك حزبية إنما نلزمكم بالموقف الواضح والصريح والمترجم على أرض الواقع باعتناق المواطنة منهجا والتمسك بالعراق دون غيره من المسميات ورمي كل تميمة لا تنفعُ.. .

ونحذر من الاستسلام للقنوط أو التعالي على العراق فكلاهما يثبط الهمة ويحبط المسعى وقد لا يكون خوض الانتخابات هدفنا بل استعادة ثقافة المواطنة والدفاع عنها .. فمن وجد في نفسه الرغبة والاستعداد الصادق فليطبع بصمته جنب بصماتنا وليس دونها في التسلسل أو أهمية الدور .

 

 28 أيار 2013
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter