|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  16  / 5 / 2016                               موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دور المغتربين العراقيين في ملاحقة سارقي أموال الشعب

موسى فرج
(موقع الناس)

هل ان الفساد في العراق يختلف عن الفساد في الدول الأخرى..؟ . .
نعم وفي الأوجه الآتية :

- الفساد في الدول الأخرى هو فساد الموظف او ما يعرف بـ "الفساد الصغير" مثل الرشوة والابتزاز والاختلاس والتمييز بين المراجعين ورغم معاناة العراقيين من انتشار هذا النوع من الفساد إلا ان المعاناة الحقيقية هي من فساد الطبقة السياسية وهو ما يطلق عليه بـ "الفساد السياسي" ويعني أفعال الفساد المرتكبة من قبل النخبة الحاكمة والمتنفذة من كبار الحكوميين ورؤساء الأحزاب.

- الباعث في الفساد السياسي في العراق مختلف جذرياً عن الباعث في فساد الموظف الحكومي ففي الوقت الذي يشكل تحسين المستوى المعاشي واقتناء دار سكن او سيارة البواعث الأساسية عند الموظف الفاسد وعند حصوله عليها يبدأ بالمقارنة بين العائد وبين المخاطر المحتملة فإن الباعث عند السياسي الفاسد أمر آخر أنه شراء الحكم. وشراء الحكم في العراق يتطلب :

1. فضائيات لا تقل نفقات تشغيلها من رواتب واشتراكات بالأقمار الصناعية وإيجارات مباني ونفقات إدارية عن مبلغ يتراوح بين مليون ومليوني دولار شهرياً ومعظم أطراف الطبقة السياسية في العراق يمتلك واحدة أو أكثر من القنوات الفضائية . .

2. مقرات حزبية لا تنحصر في العاصمة او مراكز المحافظات فقط بل تلاحق العراقيين في القرى والأرياف، وفي وقت لا تملك فيه أحزاب عريقة في العراق إلا مقرات بائسة في مراكز المحافظات فإن مقرات الأحزاب المشاركة في السلطة تتفوق على دوائر الدولة في قدراتها اللوجستية من وسائط نقل واثاث وفي الغالب تصاحبها مراكز أخرى تحت واجهات دينية أو رياضية أو اجتماعية .. ووظيفتها ليست غير ربحية مثل التثقيف ونشر أفكار الحزب او الطرف السياسي وإنما شراء الذمم وهذه جميعاً تتطلب اموالاً تفوق ما يتطلبه اقتناء وتشغيل القنوات الفضائية. .

3. الحزب أو الطرف السياسي الذي لا يمتلك ميلشيا لا يعد بالغ أشدّه. ومعروف كم يتطلب ذلك من أموال. .

- تمويل هذه الأنشطة لإشباع تلك البواعث والطموحات يتم من مصدر واحد .. خزينة الدولة ، يعني الموازنة العامة يعني بؤس العراقيين . .

- لهذه الأسباب يوجد فرق شاسع بين صدق الحكومة والطبقة السياسية في العراق لمواجهة الفساد وبين ما يحصل في بقية دول العالم ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول لمناقشة تطوير آلياتها في مكافحة الفساد فإن العقبة الرئيسية في العراق هي انعدام الإرادة السياسية اصلاً لمكافحة الفساد أعني عدم توفر النية والتصميم والإيمان عند رجال الحكم لمواجهة حقيقية للفساد. .

- للإرادة السياسية لمواجهة الفساد مصدرين
الأول: حكوميون وساسة نزيهون
الثاني: ضغط شعبي يجبر القادة لاتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة الفساد .. وفي العراق وكما تبين آنفاً فإن طريق الوصول الى الحكم لا يشبه من بعيد أو قريب طريق مانديلا، والاحتفاظ بالحكم لا يشبه من بعيد او قريب طريق موخيكا ولذلك فإن المصدر الأول للإرادة السياسية لمواجهة الفساد أعني قادة نزيهون يُعد التفكير به مجرد مضيعة للوقت ، أما المصدر الثاني أعني الضغوط الشعبية فتواجهه عقبة كأداء تلك هي أنه في الأحوال الطبيعية فإن المحكومين ينظرون للدستور باعتباره المعول عليه في رسم وتحديد علاقتهم بالحاكم أو السياسي في حين ان الأمر مختلف في العراق إذ توجد أُطر أخرى ولائية تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مقدمتها الطائفة والدين والعشيرة والمنطقة والهوى وتحريك اليد (شراء الولاء بالمال). .

- هل أن الأمر يصلح مبرراً لليأس ..؟ الهواة ومن يركب الموجة لاشك يصل حد معين ويتوقف ولكن المبدئي لن يتوقف.

- في الأيام الأخيرة دعا ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الى عقد مؤتمر دولي في لندن لمواجهة الفساد وحضره رؤساء عدد من الدول وكان في صدر متبنياته : "وضع التدابير اللازمة لفضح المحتالين ومعاقبتهم أينما اختبأوا".. .

- وفي بريطانيا بالذات ناقش مجلس العموم في كانون الثاني 2016 الفساد في العراق واصدر قانوناً يقضي بإعادة الأموال المنهوبة من العراق بعد عام 2003 .. لكن العقبة التي تواجه ذلك انهم يشترطون مخاطبتهم من قبل الحكومة او المحاكم العراقية لملاحقة الأشخاص المتهمين بارتكاب فساد في العراق من البريطانيين أو المقيمون في بريطانيا. لكنهم في نفس الوقت لا يعترفون بالأحكام التي يصدرها القضاء العراقي بسبب مآخذهم عليه.

- للقضاء البريطاني موقف مشرف ضد الفساد في العراق في قضية رجل الأعمال البريطاني جيمس "ماكور ميك" الذي قام بتجهيز الحكومة العراقية بأجهزة مزيفة لكشف المتفجرات في عام 2007 والتي لم ينحصر الضرر فيها على خسارة الخزينة العراقية ملايين الدولارات فقط وانما كانت عاملا مساعداً في التسبب بفقدان مئات العراقيين لحياتهم فأصدرت إحدى المحاكم البريطانية ضده حكماً بالحبس 10سنوات وتغريمه مبلغ 50 مليون جنيه استرليني.

- معظم الفاسدين في العراق من حملة جوازات سفر وجنسيات اجنبية وهي لم تكن صادرة من بكين وهافانا مثلاً بل من بريطانيا وامريكا ودول أوربية وبالرغم من صدور أحكام قضائية بتجريم العديد منهم وبينهم وزراء ومسؤولين حكوميين شغلوا مناصب حكومية رفيعة الا أن الحكومة لم تبذل جهداً باتجاه استرداد الفاسدين أو استعادة الأموال التي نهبوها .. الأمر الذي يدفعنا الى التفكير في الحصول على موافقة الجهات الرسمية البريطانية في ملاحقتهم قضائياً لا بوصفهم عراقيين بل بريطانيين من أصول عراقية وايضاً الموافقة على تعامل القضاء البريطاني مع الإخبارات والأدلة المقدمة له مباشرة من قبل عراقيين في بريطانيا أو خارجها وايضا تلك المقدمة من ناشطين عراقيين ضد الفساد بدلاً من حصر القبول بالإخبارات الواردة من القضاء العراقي .

- في حال حصلنا على الموافقة الرسمية من بريطانيا فإن ذلك يشجع بقية الدول وخصوصاً امريكا والدول الأوربية للموافقة ايضاً وفي هذه الحالة نشدد الخناق على فساد الطبقة السياسية خصوصاً وأننا نعلم أن الدول المذكورة تشكل حالياً الملاذ الآمن للفاسدين والساحة المثلى لاستثمار الأموال العراقية المنهوبة في الشركات والمجالات العقارية .

- إن ذلك يتطلب من المغتربين العراقيين التجاوب مع هذا والمساعدة في نشر ندائنا في وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية خصوصاً تلك الصحف التي سبق وإن نشرت تقارير مطولة عن الفساد في العراق ... 

نص النداء:

السيد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء في المملكة المتحدة المحترم

في الوقت الذي ننظر فيه باحترام الى جهود المملكة المتحدة في تبني انعقاد المؤتمر الدولي المكرس لمكافحة الفساد في مايو/أيار 2016 والذي جعل من مهمة "وضع التدابير اللازمة لفضح المحتالين ومعاقبتهم أينما اختبأوا" في مقدمة متبنياته .. نبين الآتي :

1. لقد عانى العراق ومازال من استشراء الفساد والذي تسبب في تفشي الفقر والبطالة وانعدام الخدمات وإخفاق مهمة بناء الدولة على اسس سليمة الى جانب تبديد مئات المليارات من الدولارات خلال السنوات العشر الماضية . .

2. إن نسبة كبيرة من المثارة ضدهم شبهات فساد وبينهم وزراء ومسؤولين حكوميين سابقين يحملون جوازات سفر بريطانية وامريكية وأوربية الأمر الذي سهل لهم اتخاذ الدول المشار اليها ملاذاً آمناً وساحة لاستثمار الأموال العراقية المسروقة. .

3. وبالإشارة الى ما قام به مجلس العموم البريطاني بمناقشة الفساد في العراق وإصداره في يناير/ كانون الثاني 2016 قانوناً يقضي بإعادة الأموال العراقية المنهوبة بعد 2003 والى ما ينظر به العراقيون من تقدير لموقف القضاء البريطاني الذي أصدر حكمه على رجل الأعمال البريطاني جيمس "ماكور ميك" بالحبس 10سنوات وتغريمه مبلغ 50 مليون جنيه استرليني بسبب قيامه بتجهيز الحكومة العراقية بأجهزة مزيفة لكشف المتفجرات في عام 2007. .

- نطالب السلطات الرسمية في المملكة المتحدة بملاحقة حاملي الجنسية أو جواز السفر البريطاني من العراقيين الذين تولوا مناصب رسمية في العراق والمثارة ضدهم شبهات فساد أو صدرت أحكام قضائية ضدهم والذين يتخذون من الأراضي البريطانية ملاذاً آمناً وساحة لاستثمار الأموال المنهوبة ومقاضاتهم أمام القضاء البريطاني وتمكين الناشطين ضد الفساد من تقديم الأدلة مباشرة الى الجهات الرسمية البريطانية تسهيلاً لتنفيذاً ما اقره مجلس العموم البريطاني بإعادة الأموال المنهوبة الى العراق والتزاماً من الحكومة البريطانية بمضامين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتأكيدا لدورها في مناهضة الفساد. .

- إن ذلك من شأنه تشجيع الحكومات في الولايات المتحدة ودول أوربا لاتخاذ خطوات مماثلة في مساعدة الشعب العراقي في وقف الفساد في العراق ووضع حد له واستعادة ما سُرق من أمواله.
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter